الفصل 35

42.9K 1.1K 510
                                    

" كُن ذا بصيرة ، فهناك من يشدّك و تهتم بأمرهِ و يفعل كلّ ما يؤذيكَ و بقُربك من يراك الدنيا و ما فيها يحرق روحه ليُرضيك ..
قلبك ملكك فإختر ما يلائمهُ
إما أن يرفعكَ و يُغنيك
و إما كُتِبتْ عليهِ الشقاء فيفنيك .."

لا يُصدق ما قاله الطبيب لتوّهِ، كانت الكلمات قاسية على مسامعهِ، كالسهام إخترقت قلبه لينزف ألما على إبنتهِ، روحه تأبى الهدوء فأحدثت خرابا داخلهُ ،
عقلهُ لم يستوعب ما حدث قبل ساعات حتى الآن أما عن قلبه فلنرجو أن يكون بخير ،
حتى لو كان رجلا فلا يعني بأنه دون مشاعر، لربما الرجل يشعر بالألم أضعافا مما تشعرهُ المرأة و له طريقتهُ الخاصة في الحزن،

دمعة سقطت من محاجره تُعبر عن الإنهيار بداخلهِ ليشعر بيد الطبيب فوق كتفهِ يقول :

- آسف لخسارتك سيد رودريك، تفضل معي .

ذهب الطبيب أولا بإتجاه الغرفة ليستدير رودريك ببطئ ينظر من النافذة المستطيلة الكبيرة لداخل الغرفة حيث رقدت جثة ليندا و كانت الممرضات تغطيها بلحاف أبيضا و بسرعة دفع الطبيب من أمامه و دخل الغرفة ناحية إبنتهِ، مُلقيا بالغطاء بعيدا ماسكا وجهها البارد و قد هجرته الدماء بكلتا يديه و دموعه تنساب بغزارة ، فصرخ :

- ليندااا، إبنتي يا عزيزة قلبي، أرجوكي فلترحمي قلبي و تستيقظي، إفتحي أعينك و أريني إبتسامتكِ .

أسرع له الطبيب ليمسك كتفيه مبعدا إياه ليُخاطبه بهدوء :

- سيد رودريك ارجوك ابتعد .

خضع لأوامره ليبتعد و هو لا يقوى على المقاومة حتى ،

كانت ترقد فوق السرير، وجه شاحب قد إختفى لونه، أعين مغلوقة و جسد دون روحٍ، فارقته الحياة و تدفق الدماء داخل العروق، إستسلم القلب و إنتحر العقل غير آبه لأحباءها المتألمين .

و في صباح الغد، إرتدى الجميع الأسود،
كان رودريك واقفا أمام باب الفيلا مسندا ظهره على الحائط و هو في أقصى ضعفهِ، و كان أصديقائه يتوافدون عليه لتعزيته، مواسين لحزنهِ .

وقفت سيارة من نوع BMW، سوداء فخمة، لينزل هو ببدلته السوداء و نظراته السوداء التي تُخفي جمال أعينهِ أغلق بابه ليستدير للجهة الأخرى فاتحا الباب لتيفاني و التي كانت تعابير الصدمة تعتلي وجهها الشاحب، قلب مكسور و روح مفقودة،
تنهّد ليُمسك بيدها و أوقفها ثم أغلق الباب، و كانت بين يديه مرتخية لا تقوى على تحريك جسدها،
بدأت تخطو بخطواتها الثقيلة نحو الفيلا، ليُسرع إدوارد بإمساكها يُساعدها على المشي لتقول له بصوت خافت مهزوز :

جـحيـم الـجسـد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن