الفصل العاشر

2.9K 154 3
                                    

الفصل العاشر

"يافا" صوت لطيف أيقظها من نومها المزعج .. فتحت عينيها لتطالع عينانِ تفضيان رقة كانتا لوسيم الذي جاء في موعد زيارته المعتاد .. "كيف حالكِ الآن حبيبتي؟" نظرت إليه ، رمشت بعينيها تحاول أن تحدد كيف حالها؟ حسناً كيف حالها حقاً؟ مضى أسبوع على كارثة ليلة خطوبتها .. أسبوع على يدي آدم تمزقان ثوبها ومعه كل إحساس جميل تجاهه وتجاه ذاتها ، أسبوع على كلماته الحادة مثل نصل سكين تدخل في قلبها فتطعنه ليموت ، ويموت معه ذلك الحب المتلهف الذي كان يوماً له ، أسبوع على فقدانها وعيها في اللحظة الأخيرة ينقذها انهيارها العصبي من مصير أسوأ من الموت . وها هي ترقد في بيتها بعد ليلتين في المستشفى لا تخرج من سريرها ، لا تتحدث إلا نادراً ، تراقب أمها تذوي ، كان ما فعله آدم قد مس والدتها في الصميم كما مسها تماماً ،، وأحمد الذي تخفى خلف قناع التظاهر بأن شيئاً لم يحدث كانت ترى في عمق عينيه خيبة أمل ،، فقد خاب أمله بابنه الوحيد ،، داخلها كانت تشعر بالذنب لأنها كانت سبباً في تفريق شملهم ، لولا أنها لم تكن أنانية وتركت والدتها تعيش حياتها ولم تلاحقها كالشوكة تلاحق غصن وردة لما حدث ما حدث ، لكانوا الآن لا يزالون عائلة سعيدة يسودها الحب والتفاهم ، اغرورقت عيناها ، وأدارت وجهها .. امتدت أصابع وسيم برقة تمسح دموعها ، وهو يهمس بلطف "يافا ، إنه ليس خطأكْ ، وأنا لن أتخلى عنكِ مهما حصل" نظرت إليه بامتنان فهو رغم كل شئ لم يتركها وبلا وعي انخفضت أصابعها ناحية خاتم الخطوبة ، وتذكرت كيف كان يستلقي على الأرض ليلة حفلتها بينما آدم يتصارع مع وسيم ،، آدم .. ضربة ما شعرت بها تتوجه إلى المكان الخالي الذي كان يحتله قلبها في صدرها ،، لقد اختفى منذ تلك الليلة ، لم يسمع عنه أحد ، أوكل شركته لمساعده الأمين ورحل .. حتى سيلين لا تعرف عنه شيئاً فقط جاءت تتبختر ليلة البارحة تسأل عنه .. أين هو؟ هل تراه بخير؟ "توقفي ، توقفي" أمرت نفسها .. فهي لن تفكر فيه لا الآن ولا لاحقاً ، رفعت نظرها ثانية إلى وسيم وحاولت أن تبتسم وهي تقول "أنتَ نعمتي يا وسيم" غامت عيناه بتعبير مفعم بالحب وهو يضغط بأصابعه على أناملها "وأنتِ كل شئ يا يافا ، كل شئ... لا أطيق صبراً حتى الشهر القادم لتكوني في بيتي" ابتسمت وابتلعت غصتها ، الشهر القادم! موعد زواجهما .. بعد أربعة أيام سيعقدون قرانهما في المسجد ثم ينتظران للشهر القادم ليقيما العرس ،، لم العجلة؟ سألت يافا نفسها وهي تعرف الإجابة ، أرادت أن تتخلص من ذكرى آدم ، أن تمحو الليلة التي وضع أنامله القذرة فوق جلدها ، أن تضع بينها وبينه زوجاً يحول دون التفكير فيه ،، آآه كم مضت شهور عليها تتخيله ذاك الزوج ،، كم أرادته لها ليحبها بربع مقدار حبها له ،، ولكن كل شئ قد انتهى الآن ، لم يبقَ من تلك الأحلام إلا ذكرى تشهد على غبائها ، الواقع الآن سيد الموقف ، والواقع يقول أن آدم وحش وأنها يجب أن تنساه ، بعد قليل استأذن وسيم ليذهب ، دخل بعدها أحمد ليطمئن عليها ،، مدعياً رباطة الجأش ،، حاملاً بيده كتاب شعر وجلس إلى جانبها يقرأ ، كانت تستمع وهي تعيش في كل كلمة إحساساً مختلفاً حتى وصل إلى المقطع الذي يقول :
كم نتغير ! ،، عندما تنجلي لحظة الدهشة الأولى
ويخفت ذلك الضوء المشع من وجه رجل ما ، كان يوماً حبيباً
وتظهر لنا للمرة الأولى كل الندوب والتشوهات
التي تركتها أظافر امرأة سابقة على وجهه النحيل
\
أراك لأول مرة كما يجب أن تكون
مجردة من عاطفتي نحوك كامرأة ضعيفة القلب
عارية من ضلالي القديم حول كل ما يتعلق بـ 180 سنتمتراً من الأكاذيب الحلوة
منزهة من الخدر الذي يصيب عقلي لحظة هطولك المفاجئ
أراكَ كما يجب أن تكون
رجلاً بآلاف العاهات الخُلقية
وآلاف التشوهات العاطفية
وآلاف التعوقات القلبية
أراكَ كما يجب أن تكون ،، وأرهنُ خلالك وبكَ وفيك
نساؤك السابقات ماضيات في دربك المزهر شوكاً
حفاةَ القدم والقلب
كان من الممكن أن أكون ماضية أنا أيضاً
وأن أمشي كإياهن إليك
وأن أقتل في منتصف الطريق إلى قلبي
لولا أنني كنتُ أذكى
فقتلتُ قلبي ، وقتلتك
\
كم نتغير ، عندما نصير بلا قلبْ
عندما رفع أحمد نظره عن القصيدة وجد الدموع تتساقط بغزارة من عيون يافا بينما تضع يدها على فمها لتخفي شهقاتها ، عندها فهم ، و تأكد له ما كان يشكُ به ، آدم ليس وحده المجنون بيافا فيبدو أن يافا تكن لابنه عاطفة هو لا يستحقها ،، تألم قلبه لسببين الأول ذكره لابنه المختفي بعد أن سدد له ضربة في كرامته وعلى الملأ والثاني رؤية يافا ابنته الحبيبة تتألم وتعاني بسبب ابنه .. نهض من على الكرسي وجلس على حافة السرير .. نظرت إليه يافا من خلف دموعها بينما همس "إذاً تحبينه" شهقت يافا وهزت رأسها برفض قاطع "كـ .. كنت" ثم رمت بنفسها على صدر أحمد الذي احتواها وشد ذراعيه حولها وراح يهدهدها ،، وهي مستسلمة لنوبة البكاء لتخرج ما يعتمل في صدرها من عذاب ..
"أعلنكما زوجاً وزوجة" سمعت المأذون يقول بنبرة لطيفة ، وشعرت بالفراغ في صدرها يتسع ، وبموجة ألم تهدد بإنزال دموعها ، نظرت إلى وسيم بجانبها والذي طفحت السعادة من وجهه وهو يمسك بيدها ويقبل جبينها "مبروك حبيبتي" لم تكن واثقة من إمكانيتها على الرد ، فاكتفت بابتسامة وحده أحمد قرأ كم تحمل خلفها من الآلام ،، حاول أن يثنيها خلال الأربع أيام الماضية منذ انهيارها الباكي في حضنه عن فكرة زواجها من وسيم لكنها رفضت وهو يعلم تماماً لماذا أصرت على إتمام الزواج ، فقد كانت تهرب من خيبة أملها ، من أحاسيسها المريرة وكانت بطريقة ما تحاول أن تسعد وسيم ما دامت غير قادرة على إسعاد نفسها .
"انتهى كل شئ الآن" ، همست يافا بهذا لنفسها وهي تستلقي على سريرها وقد قارب الوقت الفجر ، طيلة اليوم حاولت أن تبدو سعيدة لتخفي انكسارها وألمها ، اكتفت برؤية وسيم سعيداً وعائلته وكذلك أمها التي بدت أكثر إشراقاً وأقرب إلى طبيعتها السابقة التي فقدتها في ليلة الحفلة كما فقدت هي قلبها .. وحده أحمد كان يرمقها بنظرات تجعل كل ألمها يطفو فنظراته كانت تقول لها بصراحة أنه يعلم أن سعادتها مجرد قناع تثبته على وجهها حتى لا تنهار وتنزلق نحو هوة الألم الذي لو سمحت لنفسها أن تنجرف خلفه لحطمها تماماً ،، "انتهى كل شئ" فكرت هذه المرة بصمت ، تخلصت من آدم ، هي زوجة رجلٍ آخر ، ولن تفكر فيه أبداً بعد الآن ... طيلة الوقت في المسجد كانت تترقب حضوره العاصف ، كان تتوقع أن تراه ، وتسائلت هل كانت تتوقع أم تأمل؟ نهرت نفسها بحزم بالتأكيد كانت تتوقع ! ، حتى عندما نطقت "قبلت" ليتم زواجها على وسيم كانت نظراتها مصوبة إلى باب المسجد كأنها تنتظر رؤيته يدخل مانعاً هذا الارتباط ، لكن لا شئ حدث ، تم عقد القران بكل هدوء وتلته وليمة في مطعم فاخر احتفالاً بالعروسين ، ثم عاد الجميع إلى بيتها ليحتسوا القهوة ، أخذها وسيم إلى الخارج ، تمشى معها وهو يمسك بيدها وقبل جبينها وشعر بانكماشها فعزاه إلى الخجل ولم تعرف كيف مر الوقت وهي تبتسم وتبادل الآخرين أحاديثهم بعد أن خرجت من صمتها الذي بدا ملازماً لها منذ تلك الليلة المشؤومة ،، كانت داخلياً قد قررت أن تواصل حياتها بقاعدتين أساسيتين الأولى سعادة وسيم والثانية كره آدم !
بعدها بأسبوع وجدت والدتها مرتمية على أرض المطبخ دون حراك ، هرعت إليها راكضة وجلست إلى جانبها تنادي باسمها وتتحسس نبضها ، ثم صاحت على أحمد الذي كان يعمل في مكتبه والذي أتى مسرعاً وما أن رأى زوجته على هذا الحال حتى جن جنونه حملها من فوره وخرج راكضاً حافي القدمين إلى سيارته ناسياً وراءه يافا التي حاولت اللحاق به وفي اللحظة الأخيرة استطاعت أن تصل إلى السيارة قبل أن ينطلق بها أحمد بكل سرعته .. في المستشفى أخبرهم الطبيب أنها تعاني من ضغط نفسي حاد ، وإرهاق شديد من قلة النوم .. أحمد نظر إلى يافا ،، كلاهما يعرف ما الذي حصل لها ، إنه آدم .. فهي منذ أن جر يافا من بين ذراعيها تحطمت بشكل واضح ، انزوت على نفسها رغم أنها بذلت مجهوداً في عدم إظهار ذلك ،، بدت كأنها كبرت في ظرف ثلاث أسابيع عشرة أعوام ، بانت عليها تجاعيد الإرهاق وهالاته ولكنها ادعت أنها بخير ، ولم تأتِ على ذكر آدم أبداً ، يافا تعرف كم تحب والدتها آدم ، وكم هي متعلقة به لذا فما فعله سبب لها صدمة كبيرة حاولت أن تتجاوزها برباطة جأش لكن يبدو أنها انهارت أخيراً بعد فشل محاولاتها في التماسك،، آدم .. شعرت بشئ يغلي في عروقها مع الألم المعتاد الذي يرافق تذكرها لاسمه ، شئ يشبه البركان يجري تحت جلدها ، شئ يدعى الغضب ،، خرجت من الغرفة التي ترقد فيها والدتها ومشت مسرعة في ممرات المستشفى .. استخدمت الهاتف العمومي لتتصل بشركة آدم على الرقم المباشر لمكتبه وكما توقعت تلقى مساعده أسعد الاتصال فقالت له دون مقدمات "أخبر رئيسك أنه قد تسبب مشكوراً بدخول والدتي المستشفى وأنه وبسببه مشكوراً والده سينهار خوفاً عليها" ثم أغلقت الخط دون سماع ردة فعل أسعد ، في نهار اليوم التالي .. بينما سارت عائدة من سيارة أحمد التي دفعته إليها دفعاً حتى يذهب إلى البيت ويحضر بضع حاجيات لأمها ، كانت تفكر أن والدتها هي محور حياة أحمد بلا شك ، فالإرهاق والقلق والخوف لم يفارق محياه منذ أن رأى والدتها طريحة الأرض البارحة ،، وصلت إلى باب غرفة والدتها ولم تطرقها خوف أن تكون أمها قد غفت فلم تشأ إزعاجها فأدارت مقبض الباب بهدوء وفتحتها ليطل أمامها ما جعل الفراغ في صدرها يمتلئ بالألم لتتسارع انفاسها ، وهي ترى الجسد الطويل يجلس على كرسي قرب فراش أمها بينما أمها تجلس على السرير تسند ظهرها إلى الوسائد وتمسح على الرأس الملقى في حجرها وتطبطب بيدها على الكتف التي كانت تهتز في نحيب صامت .. اتسعت عينا يافا من هول الصدمة ، آدم هنا ! .. آدم آدم آدم ،، ردد عقلها اسمه برعب ، وامتلأت روحها المتوجعة بمنظره المنهار في حجر أمها ،، لم ينتبه إليها لا هو ولا أمها فانسحبت بهدوء يناقض العواصف التي تجتاح أعماقها ،، لقد جاء ليرى أمها ! .. وهو الآن يبكي في حضنها كالطفل بينما والدتها تهدئه وتداعبه كالطفل الصغير !! يا إلهي ، دار رأسها ، هل سامحته والدتها؟ أجل بالتأكيد فعلت ، ألم يبدو هذا واضحاً ، ضرب الألم صدرها لأنها تعرف تماماً أنها لن تستطيع أن تعطيه غفرانها كما فعلت والدتها .. كانت تجلس في مكانها كالصنم عندما انفتح الباب ولم تجرؤ على رفع عينيها إليه ،، شعرت برغبة في الفرار لكن قدماها تسمرتا كأنهما من رصاص وجسدها التصق بالمقعد .. سمعت خطواته تقف قريباً منها ثم جاءها صوته العميق "يافا" كادت تهوى على الأرض ، ولولا أنها بلا قلب الآن لأقسمت أن قلبها يكاد يخرج من صدرها لدى سماعها اسمها يخرج من بين شفتيه ، والأدهى أن قلبها لم يكن ليخرج خوفاً أو كرهاً بل شوقاً مجنوناً حارقاً كرهت نفسها لأجله ،، عندما لم يسمع ردها قال لها " تهانينا .. " يتحدث وكأن شيئاً لم يكن ،، كأنه لم يكن سبباً في تخريب حفلها وتخريب روحها ! بينما واصل يقول "سأكون أول الحاضرين في الشهر القادم ، أتمنى لكِ السعادة" قال الجملة الأخيرة بصوت متكسر تقريباً نهضت ورفعت نظرها إليه بحدة لترى ما يقوله هذا المخبول ولكن عيناها اتسعتا بدهشة فهذا الرجل يبدو في أربعيناته بدل عشريناته ، لقد كبر كثيراً كأنه شاخ ،، لحيته كانت غير حليقة ، والهالات السوداء حول عينيه أنبأت بليالي سهر طويلة ، والبؤس المرسوم على شفتيه أعطاه منظراً تعيساً ،، لم يكن يقف بصلابته المعتادة ، كتفاه ارتخيا كأنه يحمل ثقلاً عليهما ، وحدها عيونه العسلية كانت تلمع ، لمعان من نوع مختلف ، كأنهما مغرورقتان بالدموع ، همست له بصوت حاولت جعله حاقداً "لا أريدك أن تأتي ، لا أريدك في حياتي ، ابتعد عني للأبد" طرف آدم بعينيه ، ملامحه البائسة تقلصت وأجاب "كما تريدين" ثم مشى مبتعداً بينما انهارت هي على المقعد باكية .
*
على الغيوم الوردية ركعت يافا ، أن تعيش كل شئ من جديد بهذهِ الواقعية يجلب لها ذات الألم الذي أحسته يومذاك ، شعرت وهي منحنية الرأس ويداها منكمشتين على كومة من الغمام الجلاتيني برعشة تمر على طول أصابعها ،، نظرت إلى يدها اليسرى وخفق قلبها ، أنها تعرف هذا الإحساس ، إنها لمسة آدم ، رغم أنها لا ترى أصابعه تغطي أصابعها لكنها تشعر بملمسها ثم فاجأها من مكان ما خلفها صوت بكاء مؤلم ، بكاء رجل ، رجل يتعذب ،، أشفقت عليه واستدارت تنظر خلفها ثم نهضت تبحثُ عن صاحب الصوت بينما اختفى إحساسها بلمسة آدم وصار صوت البكاء أضعف ،، وقفت مكانها تحاول أن ترهف السمع لعلها تحدد اتجاه الصوت الضعيف ،، لكن أنفاساً حارة ضربت رقبتها وشعرت بشئ يعتصر جسدها برفق لتسري فيه رعشة ، كان جسدها محاطاً بإحساس تعرفه ، تعرفه جيداً ، فقد قضت ليالٍ طويلة تتنعم به ، إحساس ذراعي آدم حولها ،، مرت أصابعها على خصرها لعلها تعثر على يد آدم لكنها لم تجد شيئاً ، وحده إحساس رائع من تصور عقلها يجعلها ترتعش كأنها حقاً بين ذراعيه ، ثم اختفى الإحساس بعد دقيقة ليتركها جائعة المشاعر لحضوره ،، شفتان من نار شعرت بهما فوق جبينها مما جعلها تهتز وتسقط على الغمام ، هذهِ قبلة آدم .. هذهِ شفاه آدم ،، أين هو ؟ أين هو ؟ إنها تشعر به ، ولكنها لا تراه ، وهذا يعذبها ،، همست باسمه بوجع "آدم" فجاءها صوته هامساً كالنسيم "لن تغادري العالم قبلي، أبداً لن أسمح بذلك ، الآن سنستلقي كلانا بسلام" وقبل أن ترتعب أو حتى تتساءل ما الذي يعنيه . ضربتها موجة أنفاسه الحارة فوق جبينها ثم شعرت بقطرة مطر تسقط مكان أنفاسه ، قطرة يتيمة وحارقة ، نظرت لأعلى لتتأكد أن السماء تمطر لكن لم يكن هناك سوى غمام وردي ،، وصوته يهمس من جديد "أحبكِ أم لينا ، يافاتي وملاكي" صرخت عندها "وأنا أحبك ،، أحبك جدا يا آدم .. أين أنت .. أيييييييييين؟" ثم بعدها أحست بثقل ما يستقر على كتفها ،، بينما اختفى صوت آدم .. تلفتت تبحث عنه وراحت تجري هنا وهناك تصيح باسمه بعد بعض الوقت ،، انجلت بضع غيمات جلاتينية من مجال رؤيتها لتظهر لها أجمل بحيرة رأتها في حياتها ، يقف عند حافتها رجل طوله 183 سنتمتراً له شعر ذهبي ركضت إليه ولا زال الثقل موجوداً على كتفها وصاحت "آدم" استدار نحوها فطالعتها عيناه الذهبية وما أن رآها حتى اتسعت على فمه ابتسامة أظهرت غمازته وركض إليها وأخذها بين ذراعيه ودار بها وهو يقول "يافا ، يافا.. حبيبتي" لفت ذراعها حول رقبته وتعلقت به وهي تضحك "حبيبي" .. أمسك بوجهها نظر إلى عينيها وهو يقول "أحبكِ، اشتقت اليكِ، أحبكِ" وقبل أن تجيب استولى على شفتيها بقبلة محمومة ،، سألته بعدها مقطوعة الأنفاس "ولكن كيف جئت؟" أجابها بابتسامة "هنا يأتي كل الأموات" اتسعت عيناها في ذهول وصرخت "لاااااااااااا" بينما هنا صرخات أخرى كانت تأتي من خلف الغيوم الوردية تبعها سقوطها عن جسد آدم الذي بدأ يتلاشى .. وشعرت بثقل ما ينزاح عن كتفها .. بعد لحظات عم السكون المجال الجلاتيني مرة أخرى .. وتلفتت يافا حولها لتجد نفسها وحيدة مع الصمت والسلام الوردي.


قراءة ممتعة..
يتبع...

على بحر يافا(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن