ملحق الفصل الثامن عشر- على بحر يافا
تنهدت سيلين .. لقد مر وقت طويل لم تر فيه إبراهيم وهي تشتاق إليه جداً .. خلال الشهرين الماضيين زارها ثلاث مرات .. وفي كل مرة يعاملها أروع من المرة التي سبقتها .. لكن ظل السؤال يلح في بالها "متى يريد أن ينفذ خطته؟" البارحة فقط كلمها هاتفياً وأخبرها أن الخطة سيتم تنفيذها غداً .. ستطرق باب شقة آدم عندما يصلها هاتف منه .. والباقي عليها .. كانت تعلم أن إبراهيم يراقب ابنته وآدم.. شعرت سيلين بالضيق .. حاولت أن تتملص وتطالبه بتأجيل الموعد لكنه أجابها بحدة بأن الموعد لن يتأجل مما حرمها من أي حق في المناقشة .. هي لا تعلم لماذا تشعر بالضيق لفكرة أنها قد تؤذي يافا.. آدم لم يكن يعنيها .. وكان بإمكانها أن تدوسه دون أدنى شفقة ولكن يافا .. هي لا تستطيع أن تنزع من رأسها صورتها ليلة عرسها .. صغيرة وضئيلة الحجم وسعيدة كأنها سندريلا .. شعرت بإحساس أمومي تجاهها لا تعرف لماذا .. خصوصاً الآن وهي تحب والدها .. يافا بدت في فستانها الأبيض مثل شئ مقدس لا يجب أن يُمس بأذى وقد رأت فيها بطريقة معينة صورة لما تمنت أن تكونه يوماً .. وأن تعيشه يوماً .. كان من المجحف جداً بحقها أن تتألم فقط ليحصل إبراهيم على انتقامه من آدم .. ولكنها لا تستطيع عمل شئ .. عليها أن تنفذ الخطة هناك عقد عمل بينها وبين إبراهيم إضافة إلى مشاعرها الجارفة تجاهه والتي تجعلها تفعل أي شئ لإرضائه .. وهكذا عندما دقت باب شقة آدم في اليوم التالي كانت مصممة على أن توقع آدم في شباكها .. وقد حصل الأمر لكنها كانت تشعر بالقرف لمجرد لمسته .. لشفتيه الغليظة العنيفة .. وعندما همس باسم يافا أشفقت عليه تماماً ولم تغضب لصراخه عليها .. لكن الكارثة كانت عندما طرقت يافا الباب ووقفت هي أمامها بثوب نومها .. ضربة ما أوجعت قلبها لمرآى يافا المصدوم .. لكن وجهها حافظ على ملامحه الشامتة الخبيثة .. وصوتها جاء كما أرادته يقطر استهزاءً .. عندما ركضت يافا تبتعد شعرت سيلين بأنفاسها تختنق .. وشعرت بأنها امرأة قذرة جداً .. ملامح الألم على وجه يافا كانت لا تحتمل حتى شكل آدم المصدوم أثار شفقتها .. ارتدت معطفها بيدين مرتجفة وهبطت لتتسمر مكانها وهي تشاهد يافا تقف وسط الشارع تنظر بذهول باكي للسيارة الحمراء التي تتجه نحوها بسرعه بينما آدم يجري إليها ويصيح محذراً .. ركضت هي الأخرى إليها .. الرعب شل صوتها ومنظر يافا تتهشم تحت إطارات السيارة جعلها تسقط أرضاً .. لقد قتلت يافا ! .. لقد قتلت يافا ! ... سالت الدموع من عينيها بغزارة .. ورأت آدم يحمل زوجته ويجري كالمجنون حتى ركب سيارة رجل مار عرض عليه توصيله .. بينما اختفت السيارة الحمراء.. دماء يافا على الشارع وحدها بقيت شاهداً للمشهد العاصف الذي تسببت به هي .. صرخت بلوعة "يا إلهي" وواصلت نحيبها .. لقد قتلت الفتاة البريئة بلا ذنب .. كله بسببها .. بسببها .. بسبب إبراهيم .. ذلك الوغد .. الوغد ..ظلت سيلين تردد هذه الكلمات وهي تجلس على رصيف الشارع وعيون المارة ترمقها باستغراب.
قراءة ممتعة..
يتبع...
أنت تقرأ
على بحر يافا(مكتملة)
Romanceرواية بقلم الكاتبة بلقيس علي "مُشتاقة" حقوق الملكية محفوظة للكاتبة بلقيس علي..