الفصل السابع عشر

2.2K 128 2
                                    

الفصل السابع عشر:



استيقظت يافا على صوت آدم يهمس في أذنها بلطف "هيا يا كسولة لدينا طائرة لنلحق بها" فتحت يافا عينيها ببطئ وهي تبتسم لموجات صوته الهامسة،، عيناه العسلية هي أول ما طالعها في هذا الصباح .. همست بأول شئ فكرت فيه "عيناكَ جميلتان جداً" تلاعبت أصابعه بشعرها وهو يجيب وعيناه لا تفارق عينيها "كلكِ جميلة.. كنت تنامين كأنكِ قطر الندى .. وجنتان محمرتان وشفتان بلون التوت .. لقد تصارعت مع إرادتي لئلا أنقض عليكِ" ارتجفت يافا من نبرة الرغبة التي أطلت من صوته ونظرته التي تحولت من اللطف إلى شئ أعمق فنهضت تتعثر بالشراشف حولها وهي تقول "صباح الخير حبيبي" وما إن مشت خطوة حتى أمسك بيدها ونهض من على السرير ليطل كالبرج العالي فوق رأسها .. ثم انحنى فوقها وباستسلام تام رفعت وجهها إليه .. قبلة رقيقة في بدايتها تحولت بعد ذلك إلى العنف .. ضمها بقوة إليه حتى تأوهت متوجعة وهي تهمس "آدم" لكنه لم يكن يصغي .. صرخة ألم أعادته إلى الواقع فتراجع مذعوراً "هل آلمتكِ؟" مسدت بكف يدها ذراعها التي كاد أن يكسرها وكذبت بابتسامة "لا ليسَ كثيراً" .. ثم رفعت نفسها على أصابع قدمها وقبلت خده وهربت إلى الحمام .. جلست يافا على حافة حوض الاستحمام تفرك جبينها بقلق .. هي تحب آدم كثيراً .. أكثر مما تحب نفسها حتى .. لكنها مع هذا تخاف هذا العنف العاطفي الذي يتلبسه كلما تلامسا .. البارحة لم تستطع سوى أن تفكر باللحظات التي دخلت هذه الشقة فيها محمولة بالقوة .. وذاكرتها أعادت برعب يديه تمزقان فستانها .. وكم شعرت بالراحة والأمان عندما أخبرها أن لا شئ سيحدث .. لقد صدقت البارحة أنه تغير تماماً .. لكن اليوم .. نظرت إلى طبع أصابعه على ذراعيها وفكرت .. قد تغير فعلاً .. هو الآن يحبها لكنه لم يتخلص بعد من عنفه العاطفي .. تلك القوة المدمرة التي تكمن في روحه ،، ذلك الشغف القاسي .. قدرت محاولاته ليكون رقيقاً معها .. ابتسمت حالمة ... أنه يحاول من أجلها أن يكون طيباً ورقيقاً ولطيفاً .. فهل سترمي كل هذا في وجهه الآن وتفكر في عاطفته الزائدة؟ ألم يكبحها إكراماً لها البارحة؟ ألم يجعلها تشعر كم أنه يتنازل لأجلها .. وأنه يفضل راحتها على رغباته الشخصية ؟ هذا هو الحب الذي يقدمها له وهي لن ترفضه ولن تخذله أبداً .. واليوم في يافا .. ستكون له .. كما يريدها أن تكون .. عند هذه الفكرة خلعت يافا فستانها ووقفت تحت الماء الساخن ترخي عضلاتها .. ثم خرجت تلف المنشفة حول جسدها بينما آدم كان واقفاً يرش العطر على رقبته .. وقفت مصدومة بشكله ،، لقد كان رائعاً ، خفق قلبها وكاد يقفز من صدرها .. مرتدياً تي شيرت رياضي أزرق اللون وجينز باهت بدا أصغر عمراً وأكثر وسامة وأقل تكليف .. سحبت نفساً عميقاً وهمست "تبدو رائعاً حبيبي" التفت إليها ورأت كيف حول نظره عن جسدها الملفوف بالمنشفة بتردد لينظر في وجهها ويبتسم "هل تعنين بأنني أوسم شاب قابلته في حياتكِ؟" ضحكت وهي تقرصه بلطف "مغرور" جلست على أمام طاولة الزينة .. وقبل أن تلتقط المشط سبقها إليه آدم وراح يمشط شعرها بضربات رقيقة وحانية .. ثم قبل شعرها وربت على كتفها .. أنا سأذهب لأعد القهوة .. لديكِ عشر دقائق لترتدي ملابسكِ .. ابتسمت له عبر المرآة "حاضر" وراقبته يخرج كالبرج العالي من الغرفة .. قفزت تفتح خزانتها التي كانت قد رتبت فيها ملابسها في وقت لاحق وتفاجئت بها نصف خالية .. وقبل أن تتساءل أين ملابسها انتبهت إلى حقيبتي سفر بجانب الباب .. هل وضب ملابسها؟ ابتسمت بحنان للحقيبة ثم التفتت تنظر إلى ما تبقى من ملابسها واختارت جينزاً بلون ثلجي و تي شيرت أصفر ثم سرحت شعرها ورفعته على شكل كعكة غير رسمية ملائمة للسفر واكتفت بوضع القليل من المسكارا وأحمر الشفاه على وجهها فبدت طبيعية ونضرة .. ناداها آدم فخرجت تلحق به في المطبخ كان يضع صحن الكورواسون على الطاولة عندما دخلت نظر إليها وتأملها بحب ثم قال "كتكوت" ضحكت وهي تقول "ديك" نظر إلى تي شيرته وهو يقول مازحاً "لا أرتدي أسود وأحمر" هزت كتفيها وهي تجلس أمامه "ديك مُزرّق من البرد" أرجع رأسه إلى الوراء ضاحكاً ثم رماها بفوطة الطعام "غلبتني" التقطت فوطة طعامه وهي تقول "استمتع ببقايا الكوراسون على جينزك" ابتسم ابتسامة عريضة "أعيديها" هزت رأسها بالنفي .. رقق صوته أكثر "أرجوكِ" هزت رأسها بالرفض ثانية .. قال وهو ينهض "حسناً" راقبته متسعة العينين وهو يرفع الأكواب والصحن ليسحب غطاء الطاولة .. أعاد كوبها إلى مكانه أمامها وجلس ووضع غطاء الطاولة على حجره وبدء يحتسي قهوته بينما انتهت لحظة الذهول عند يافا وبدأت بالضحك "أيها الديك المجنون" نظر إليها بطرف عينيه "أفضل من كتكوت لا رحمة في قلبه" ... واصلا المزاح طوال فترة ذهابهما إلى المطار .. مطار لندن الدولي لم يكن مزدحماً .. أحمد وأمل كانا بالانتظار .. عانقتهما بشدة وفرح بينما حاولت أمها أن تعرف كل شئ عن ليلة البارحة وهي قلقة على ابنتها فهمست يافا في أذنها بصوت منخفض "اليوم ماما" هزت أمل رأسها بتفهم ونظرت إلى آدم بفخر وابتسمت وهي تقول "أنه أعظم رجل بعد والده" نظرت يافا إليها وهي تقول "حسناً وأنا أقول أحمد أعظم رجل بعد ابنه" ضحكت المرأتان معاً .. بعدها سمعا نداء رحلتهما فودعا والدتها وأحمد الذي قال لها بتأثر "قبلي رمل يافا عني" ابتسمت له "بالطبع سأفعل" وهكذا ركبا الطائرة ويافا بحالة تشوق كبيرة لرؤية يافا المدينة .. حدثها آدم "يافا لم تعد كما كانت سابقاً .. ستتفاجئين .. فالمدينة إسرائيلية تقريباً" نظرة حزن غامت بها عيناه .. ارتسمت مثلها على وجه يافا ,, وضعت رأسها على كتفه تستجدي الأمان فقبل جبينها وسرح في البعيد .. مرت الثلاث ساعات بسرعة وأعلن مساعد الطيار أن الطائرة ستهبط في مطار تل أبيب بعد قليل .. شد آدم حزام الأمان حول خصر زوجته وابتسم في وجهها "ها نحن سنصل"... بعد ساعة كانا قد انتهيا من إجراءات المطار .. جوازه الفرنسي لم يعرقل دخوله ولكنها ورغم أن لديها فيزا دخول تعرضت للكثير من الأسئلة مما ضايقها كما وأن تلك اللافتة السخيفة التي أينما تلفتت وجدتها تقول "مرحباً بكم في إسرائيل" أشعرتها بالقهر .. هذه أرضنا نحن فلمَ اسم دولتهم وعلمها يرفرف فوقها؟ عندما خرجت من المطار تنفست الصعداء .. شد آدم يده حول كتفها وهو يقول بتفهم "أعرف ما تشعرين به وأنا آسف .. كان لا بد من أن نمر بكل هذا لنصل إلى يافا " ابتسمت بتوتر "لا عليك حبيبي .. هذا واقعنا من ستين عاماً أو يزيد" تقدم منهم رجل في آخر خمسيناته تقريباً يردتي الكوفية الفلسطينية ويسير نحوهما مبتسماً .. ترك آدم كتف يافا وتقدم نحو الرجل بخطوات متعجلة وعانقه وهو يقول "عم أبو حسين .. مشتاقون جداً" احتضنه الرجل الطيب المظهر الذي يدعى أبو حسين وهو يقول "سقا الله أيام زمان يا ولدي" لهجته الفلسطينية كانت متقنة أكثر من لهجة آدم فأحبت وقعها في أذنها .. التفت آدم نحوها وهو يقول لأبو حسين "عمي أقدم لك زوجتي .. يافا" تقدمت من الرجلين مبتسمة للرجل الأكبر سناً وهي تقول "مرحباً عمي" صافحها الرجل بحرارة وهو يقول "تهانينا يا ابنتي .. اسمك جميل" ابتسمت له شاكرة .. بعدها قادهما إلى السيارة .. جلس آدم قرب العم أبو حسين بينما جلست يافا إلى الخلف وهي تتسائل إلى أين يتجهون .. تركت الرجلين يتحدثان أولاً فالعم حسين يسأل عن أحمد وآدم يسأل عن أحوال عم أبو حسين .. لم تتابع الحديث عينيها تعلقت بالشوارع واللافتات والمارة .. معظم اللافتات إن لم تكن كلها مكتوبة بالعبرية .. الوجوه التي بالكاد تستطيع أن تميزها عربية كانت قليلة جداً جداً .. ألم ما اعتصر قلبها وتذكرت أحمد عندما قرأ لها مقطع من قصيدته :
الأرض ليست ملكنا
ولا نحن ملكنا
حبات الرمل تعرفنا
والأحجار تعرفنا
وميناء يافا يعرفنا
ونحن لا نعرفنا
على الساحل صلينا
ثم استغفرنا ذنبنا القادم
ورمينا أنفسنا في البحر
البحر كذلك يعرفنا
ونحن لا نعرفنا !
أيقظها صوت آدم وهو يقول "يافا .. سنقيم في بيت العم أبو حسين .. فالعم يسكن بعد وفاة الخالة أم حسين رحمها الله مع ولده الوحيد حسين في بيته لذا فإن بيته يكون خالياً دائماً وهو يستقبلنا فيه أنا وأبي كلما جئنا إلى هنا .. البيت يقع في حي العجمي" وهنا قاطعه العم أبو حسين ليكمل "أهلاً وسهلاً بكما يا ابنتي في ضيافة بيتي المتواضع .. سيعجبك مكان البيت فالبيت كما قال زوجك يقع في حي العجمي وهو حي يسكنه العرب .. يقع في جنوب البلدة القديمة .. وهو حي تراثي مهم يحتوي على الكثير من المباني التي تعود إلى العهد العثماني كما أنه مرتبط بالبحر بمنتزه جميل .. سيأخذكِ إليه آدم بالتأكيد.." شعرت يافا بالإثارة وقالت بسعادة "شكراً لك عمي لاستضافتنا .. سيكون من الرائع أن أسكن في بيت من بيوت يافا بدل أن أقيم في فندق" ابتسم العم أبو حسين وواصل الحديث مع آدم .. بعد قليل دخلت السيارة إلى حي مكتظ بالمباني القديمة والمطاعم والمحلات إضافة إلى مباني حديثة .. قال العم أبو حسين وهو يوقف السيارة أمام بيت بسيط "ها قد وصلنا" خرجت يافا متعجلة تلتفت حولها بشغف .. الوجوه العربية تمر من أمامها بعضهم يرتدي الكوفية الفلسطينية .. شعرت بالفرح .. أجل هذا المكان أفضل بمليوني مرة من تل أبيت تلك .. على عتبة باب البيت ودع العم حسين الزوجان رغم إصرارهما عليه أن يدخل معهما قال وهو يمسك بيد يافا ويربت عليها بأبوة "آدم يعرف البيت جيداً أترككما لترتاحا .. وغداً أنتما مدعوان على العشاء في بيت ولدي .." ابتسمت له بامتنان شديد "شكراً لك .. شكراً جزيلاً" ونظرت إلى آدم ففهم نظرتها وابتسم هو الآخر ليقول "ومسروران لقبول دعوتك .. شكراً لك" وهكذا ودعهما العم ليدخلا البيت يداً بيد .. البيت كان جميلاً جداً من الداخل .. بسيط وفلسطيني ! ... المطرزات الفلسطينية المشهورة تعلقت على الحيطان بجمال وترتيب .. رائحة الزعتر كانت تعبق في المكان .. حتى الأثاث كان يبدو قديماً رغم جماله وأناقته .. شعرت أنها تدخل بين ثنايا قصة جميلة .. جميلة جداً .. التفت إلى آدم وقفزت تعانقه "المكان رائع".. ابتسم بحب في وجهها "عرفت أنه سيعجبكِ .. هيا لأريكِ بقية المكان" طافا في المكان البسيط ويافا تشع سعادة .. وما إن وصلا غرفة النوم حتى قالت "والآن هيا إلى البحر" ضحك "الآن؟ ألا ترتاحين" .. صاحت "لا .. أريد أن أرى البحر الآن" سألها "ولا حتى حمام سريع" .. هزت رأسها نافية "ولا رشفة ماء" هبطت السلم بسرعة وهي تقول "هيا بنا" ضحك وهو يتبعها .. سارا لمسافة لم تعرف كم .. مروراً بشوارع الحي .. بالوجوه الجميلة .. بصوت سميح شقير يخرج من إحدى المحلات صادحاً " لولا ما تركتا بعيد لولا اشتئت لضيعتنا .. ما كنت وئفت بشباك هالزنزانة وغنيتلها .. يا أمي العكسر بيني وبينك .. لو طولت بيعلى جبينك" شعرت يافا بحماسة تملئ روحها .. بالدم يغلي في عرقها .. هذه فلسطين.. هذه أرضنا .. تمسكت بيد آدم ونظرت في عينيه .. علمت أنه يفكر بنفس تفكيرها .. هذا الرجل الفرنسي الدم لا زال يرى في هذه الأرض المسلوبة أرضه وحقه .. شمت رائحة البحر من بعيد .. أمواجه همست لها .. فتركت يد زوجها وركضت .. ركضت .. ركضت .. كأنها تذهب إلى بيتها بعد سفر .. وأطل البحر .. أزرقاً كلون عينيها .. هادئ الأمواج ... رمله الأصفر يغريها .. خلعت حذائها ورمته .. وركضت على الرمل ثم سقطت إلى ركبتيها جاثية .. تقبض على الرمل وترفعه إلى شفتيها .. وهي تهمس "من أحمد .. " ثم وبخشوع مصلي سجدت .. جبينها لامس رمل البحر البارد .. وشعرها امتزج بحبيباته .. شفتيها تلامست مع الرمل بقبلة .. ثم نزلت دموعها ... كأنها الآن تقبل أرض الوطن ! .. يافا الوطن .. جلس آدم بجانبها ووضع يده على ظهرها .. رفعت رأسها من على الرمل ورمت بنفسها في حضنه وهي تقول بصوت متحشرج "أشعر أنني عدت إلى حيث أنتمي" أمسك حفنة رمل ووضعها على صدره مكان قلبه وقال "أنتِ هنا تنتمين" قبل شعرها ثم حملها وركض بها إلى البحر .. عند الموج أنزلها .. وتلامست قدماها العاريتان مع الماء المالح .. من المؤسف أنها لا تستطيع أن تشرب من ماء البحر ولا تستطيع حتى أن تمسكه في قبضتها كما تمسك الرمل .. لكانت ظلت تعانقه حتى الصباح .. جلسا على الرمل الرطب .. والأمواج تداعبهما بخجل .. سرحت يافا في البعيد .. ولم يقاطع أفكارها آدم .. همست له بعد وقت "شكراً" احتضنها وهو يقول "بل شكراً لكِ .. الآن اكتمل الوطن" .. بقيا على الساحل حتى غربت الشمس .. وأعلنت معدة يافا عن حاجتها للطعام .. هكذا عادا إلى البيت وأخرج آدم طعاماً من الثلاجة يبدو أن العم حسين قد وضعها فيه فسخنه بينما كانت يافا تأخذ حماماً سريعاً .. نزلت ترتدي ثوباً أحمر بلا أكمام يصل إلى ركبتها .. وشعرها المبلل معقود إلى الخلف .. نظر إليها واستعرت في عينيه نيران الرغبة .. قالت له دون أن تنتبه لنظراته "اذهب حبيبي واستحم سأكمل الباقي" هز رأسه وخرج .. بعد ربع ساعة كانا يتناولان الطعام .. غسلا الصحون معاً .. ثم شغل آدم بعض الموسيقى ورقصا .. عانقها آدم ببطئ .. واستسلمت لرقته المتناهية .. حملها بين ذراعيه دون كلمة وصعد بها إلى غرفة نومهما .. بدأ القلق يتسلل لعقل يافا .. ولكن قبلاته الرقيقة أخمدته .. أنزلها على الأرض وقال لها .. "لدي شئ لكِ" وأخرج من درج طاولة الزينة علبة مخملية سوداء كبيرة وقدمها لها .. فتحتها يافا لتتسع عيناها .. سلسلة قديمة جداً تعلق بها مفتاح أقدم .. عرفت ما هو حتى قبل أن يقول لها "مفتاح بيتنا في يافا .. ستحملينه حتى نرزق بأطفال يحملونه من بعدنا" ألبسها السلسلة وهي لا تجد أي كلام لتقوله .. عيناها اغرورقتا بالدموع .. حضنها فتعلقت به بشغف .. واخيراً همست "شكراً لك" مع هذه الهمسة فقد آدم آخر خيوط سيطرته على نفسه فانهال يقبل شفتيها بنهم .. عنفه أخافها .. لكنها لم تتراجع .. وحاولت أن تتقبل عاطفته الجياشة .. يداه جردتا جسدها من ثوبها بقوة .. مزقت بعض أطراف الثوب .. هذا الصوت ذكرها بالمرة المؤلمة التي حاول أن يعتدي عليها .. ذات صوت التمزق مزق قلبها وأذنها تلك الليلة .. ارتجفت بخوف .. فسره آدم عاطفة جياشة .. فزاد من حدة تقبيله لها .. جسدها تعرض للمساته النارية ووجدت نفسها محمولة بين يديه لتستقر بعد لحظة على السرير ولم يعطِها آدم الفرصة بل انقض عليها معانقاً .. وهو يهمس " أحبكِ يا إلهي لو تعلمين كم من الأيام تقلبت في فراشي أتمناكِ بجانبي لتملئي وحشته" اتسعت عينا يافا برعب .. هذه الجملة تشبه كثيراً الجملة التي قالها لها يوم كاد أن يغتصبها ما عدا أنه لم يقل لها كلمة حب .. هذا ليس آدم ... كانت تستطيع أن تشعر بالأمر .. هذا شيطانه .. هذا ليس زوجها بل هو الوحش فيه ... الرقة اختفت من حركات يديه تماماً ومن شفتيه .. رغبة صرفة بلا عاطفة تقريباً سيطرت على جسده الذي يكان يحطم جسدها ... كادت أن تسمع صوت عظامها يتكسر .. هذا ليس آدم .. هذا مغتصبها ... صرخت بصوت يصم الآذان وهي تدفعه بكل قوتها " لا .. لا .. لا .. لا" وراحت تردد الكلمة كالمجنونة ... ابتعد آدم عنها مرعوباً .. ينظر إليها بعيونٍ نصف غائمة .. شئ من آدم زوجها أطل من عينيّ هذا الشيطان ... انهمرت دموعها وقفزت ساحبة غطاء السرير وهي تصرخ مرة أخرى "لا" ولفت نفسها به وهربت من الغرفة تاركة آدم يحدق مصعوقاً بالفراغ.



قراءة ممتعة..
يتبع...

على بحر يافا(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن