مجنون ،، مجنون
ملحق الفصل السابع – رواية على بحر يافاا
"سارا هناكَ مريض مزعج في الغرفة 22، لقد جربت كل وسائل الترغيب والترهيب معه ليتناول دوائه لكنه رفض ، بقي أن أدسها في فمه دساً ،، لا أستطيع احتمال هذا المتعجرف أكثر ، لذا أنا أرمي عبئه عليكِ وإلا أقسم أنني سأكون نقطة سوداء في تاريخ التمريض وسأقتل هذا الرجل" ... نظرت سارا إلى ميس وهي تسترسل في حديثها الغاضب ثم قالت بهدوء "ما به ؟ لماذا يرفض تناول الدواء" .. أجابتها ميس دون أن تتخلص من غضبها "لا أعلم إنه يتصرف كأننا ملك يده ،، هذا المتعجرف المغرور ،، يبدو أنه أحد أبناء الأغنياء المدللين،، اذهبي إليه بالله عليكِ ،، فأنا لن أطأ غرفته مرة أخرى" .. علقت سارا "أوه رائع سأبدأ يومي بمريض صعب المراس" .. خطت سارا باتجاه الغرفة 22 وهي تفكر أنه لم يمضي سوى ثلاثة أشهر على تعيينها في قسم التمريض في المستشفى ولكنها نالت ثقة كل العاملين معها ،، هي بالعادة لا تأخذ مناوبات هنا فهي تعمل في قسم العلاج الكيماوي ولكن منذ أسبوع أنجبت إحدى زميلاتها في شعبة الكسور مولودها لذا فقد أخذت إجازة الأمومة وتم نقل سارا للعمل بدلاً عنها مؤقتاً ،،، وصلت الغرفة المنشودة ، أخذت نفساً عميقاً ثم طرقت الباب وسمعت صوتاً خشناً يأذن لها "ادخل" وهكذا فتحت الباب وخطت إلى الداخل ،، شاهدت رجلاً يستلقي على السرير بيده المجبرة .. جسده المستلقي كان طويلاً .. كتفاه عريضتان ،، له عينان بعتمة الشوكولاتة وشعر بندقي اللون وخطوط فكيه حادة .. أنفه مستقيم وارستقراطي وشفتاه مزمومتان بانزعاج ظاهر ... خفق قلبها قليلاً لوسامته ،، قالت ببشاشة "صباح الخير.. " ونظرت إلى الملف الذي في يدها وهو تقرير عن حالته الصحية وأكملت "سيد سامر" ثم نظرت إليه مبتسمة ضاقت عيناه عليها وهو يدرس تفاصيل جسدها ووجهها فشعرت بالاحمرار يطفو على وجنتيها .. وتحركت بعدم راحة وقالت عندما لم تسمع رده "حان موعد الدواء" ضاقت عيناه مرة أخرى وهو يرى يدها الممدودة بأقراص الأدوية ويدها الأخرى تحمل كأس ماء .. ودون أدنى اعتراض مد يده السليمة وتناول الحبوب ووضعها في فمه ثم أخذ منها كأس الماء ليرتشفه ... لم تستطع سارا إخفاء ذهولها فميس كانت تتذمر منذ دقائق عن مدى عناد هذا المريض فما الذي حصل الآن ليكون هادئاً وطيِّعاً هكذا؟ ... أخذت منه كأس الماء ووضعته على الطاولة قرب السرير وهي تبتسم محاولة إخفاء دهشتها .. "بالشفاء ،، والآن أتركك لترتاح" وبينما هي تخطو خارجة ناداها صوته الخشن "انتظري" سرت رعشة على طول جسدها حالما سمعت صوته ولا تعرف لماذا شعرت برغبة في الهرب لكنها بدلاً عن ذلك استدارت إليه مثبتة ابتسامة على وجهها "نعم؟" نظر إليها بعينيه البندقيتين وشعرت بهما تنفذان إلى روحها ثم قال ببساطة "أنتِ تعجبينني" فغرت فمها في ذهول إزاء وقاحة الرجل فنظرت إليه نظرة عبرت عن رأيها فيه ،، نظرة وضعت فيها كل الغضب والاحتقار لكلمته ودون أي كلام خرجت صافقة الباب ورائها ،، هذا المتغطرس من يظن نفسه؟ فكرت سارا وهي تخطو بعصبية في الممر ..
لبقية اليوم تحاشت الدخول إلى غرفته ، وفي مواعيد الطعام أرسلت ممرضة أخرى لتنوب عنها ولحسن الحظ لم تشتكي كما اشتكت ميس بل جاءت إليها تحدثها بابتسامة حالمة "لم أرَ في حياتي أوسم منه،، أتعلمين أنه يسكن في الشميساني؟ واو هذا يعني أنه غني " ثم ضحكت لسارا وهي تغمز "طبعاً فمن يدخل هذه المستشفى لا بد أن يكون غنياً" ثم تركتها وذهبت .. في اليوم التالي تفاجئت عندما أخبرتها ميس أن المريض المزعج قد خرج من المستشفى فقد جاء والده ليأخذه قائلاً أنهما مسافران إلى الخارج ويمكن لابنه أن يكمل علاجه هناك،، جزء منها شعر بالراحة لمغادرته بينما هناك جزء آخر شعر بالضيق لأنها لن تراه مرة أخرى .. فما احتمالية أن يتقابل ممرض بمريضه خارج المستشفى بمدينة كعمان؟ هزت سارا رأسها لتتخلص من أفكارها ونهضت لتواصل عملها.
بعد ذلك بأربعة أشهر كانت سارا تتمشى في وسط البلد لتتسوق لها ولأخواتها ملابس العيد ،، راتبها لم يكن يسمح لها بتدليل نفسها أو أخواتها بملابس باهظة وبما أن راتب والدها التقاعدي بالكاد يكفي لمصاريف المعيشة فها هي الآن تجوب المحال البسيطة بحثاً عن أرخص الأشياء ،، وقع نظرها على وشاح جميل بألوان الربيع ، وفكرت أنه لا بد أن يعجب أختها قمر ،، كان الظلام قد حل سريعاً في هذا اليوم الشتائي نظراً للجو الغائم .. دلفت سارا إلى المحل وهي تتفحص الشال بإعجاب وبينما كانت تبحث عن تسعيرته أحست بنظرات البائع الوقحة لها ،، تظاهرت أنها لا تلاحظ فأفضل وسيلة لتجنب المعاكسة هي التجاهل ، لكن يبدو أن البائع لم يكن ليرضى بسكوتها ،، فقال بصوتٍ أراده أن يكون مغرياً لكنه وصل إلى أسماعها مقرفاً "إذا أعجبكِ يا حلوة فهو لكِ بلا مقابل" .. قالت بجمود "شكراً ،، لم يعجبني" ثم خطت إلى الخارج لكن البائع سد عليها طريقها وهو يبتسم بعبث مزعج " لماذا العجلة يا شقراء؟ ،، أراهن أنكِ جلعتِ كل وسط البلد تجري وراءك" ثم مد يده إلى خصلة من شعرها الفاتح بينما تراجعت وهو يسأل "هل هو طبيعي؟" وقبل أن تصفعه وجدت من يشد قميصه من خلفه ويجعله يستدير إليه وتناهى إلى أذنها صوت خشن ،، ارتعشت لسماعه فهي بعد أربع أشهر لم تنسَ هذا الصوت القوي .. قال للبائع " سأقطع يدك يا ولد لأنك تجرأت على لمسها" ثم وجه ضربة على فكه فانتهى به الأمر صريعاً يتأوه .. نظر سامر إليها بحدة وهو يسأل "هل أنتِ بخير؟" تمتمت بارتعاش "أجل" أمرها "اخرجي من هنا" فخرجت مسرعة بينما سمعت صوت البائع يصيح وصوت لكمات يتبعها شتائم وجهها سامر للبائع .. بعدها خرج وهو يفرك قبضته ثم نظر إليها بحنق وأمسك يدها وجرها خلفه ،، حاولت أن تتخلص من يده وهي تقول "اتركني ، اتركني" ودون أن يلتفت أجاب بحنق "لماذا؟ حتى يتحرش بكِ وغدٌ آخر؟" أدخلها إلى مقهى مرتب ،، وهو من أرقى المقاهي الموجودة في وسط البلد ،، ثم أمرها أن تجلس ولأنها كانت ترتعش لم تجد بداً من الجلوس ،، طلب لها مشروباً ساخناً ولنفسه وتفحصها وهو يجلس أمامها بوجهها المحمر وشعرها المنسدل على وجهها ،، وشعر بنحيبها الصامت وهي تحني رأسها لتخفي معالم وجهها تمتم بغضب "اللعنة ، توقفي وإلا ذهبت وقتلته" نظرت إليه بدهشة وعيناها محمرتان من البكاء وتنفسها غير منتظم "أوه كلا أرجوك ، يكفي ما حدث" نظر إليها وقد رقت ملامحه لوجهها الباكي وقال بصوت أرق "توقفي عن البكاء سارا" اسمها من بين شفتيه بدى جميلاً بشكل غريب ،، فابتسمت له من بين دموعها "شكراً لك" ثم استطردت "أوه ولكن كيف صادف وجودك في نفس المكان؟" .. هز كتفيه ونظر بعيداً وأجابها "كنتُ أتمشى" وقبل أن تسأل أكثر ،، وصل مشروبها الساخن فارتشفته وشعرت بالدماء تعود لوجهها الشاحب .. نظر إليها وقال بصوتٍ متحشرج "لم أرَ شخصاً تحمر وجنتاه بهذا الجمال من قبل" نظرت إليه بحدة وقالت "هل تعاكسني الآن؟" كشر بطفولية جعلت وجهه يلين وملامحه تزداد وسامة فخفق قلبها "لا ، أنا أقول الحقيقة" نهضت وهي تقول بتلعثم " شــ،، شكراً لك على إنقاذي ، وشكراً على المشروب وبحثت في حقيبتها لتخرج ثمن ما شربته لكنه نهرها "لا تهيني رجولتي يا فتاة ،، أنا دعوتكِ هنا وبالقوة أيضاً لذا أنا من سيدفع" نظرت إليه وأضعفت عيناه البندقيتين ركبتيها ثم تمتمت مجدداً وهي تهرب "شكراً" لكنه لحق بها بعد أن رمى ثمن المشروب على الطاولة وهو يقول" سأمشي معكِ حتى آخر الشارع لتأخذي تكسي" تنحنحت وهي تجيب "في الحقيقة سآخذ الباص" نظر إليها ولم يعلق .. مشيا بصمت حتى مكان الباصات عندها وقفت أمامه وهي تقول "أنا ممتنة لك ،، إلى اللقاء" لكنها تفاجئت أنه صعد معها إلى الباص وجلس إلى جانبها وهو يقول "سأتأكد أنكِ ستصلين بالسلامة" ثم نظر إليها وكشر بطفولية مرة أخرى "حتى أُتِمَّ جميلي" ابتسمت دون إرادة منها لتعبيروجهه ولم تقل شيئاً .. في تلك الليلة لم تنم سارا أبداً .. وجه بفكين حادين وعينين معتمتين بلون البندق وشعر بعتمة الشوكلاتة سكنت أفكارها ،،
في اليوم التالي وصلها طرد إلى المستشفى حمله طفل صغير إليها وفر هارباً ما أن سلمها إياه ، عندما فتحت الطرد شهقت لأن الوشاح الذي أرادت شراءه البارحة يستقر في قلب العلبة الكارتونية ،، أمسكت الوشاح وابتسمت حالمة ،، لفتة لطيفة منه ،، لطيفة جداً ،، واعتذرت في سرها لقمر ، فهذا الوشاح لن يلتف إلا حول عنقها ،، عندما خرجت وجدته بانتظارها بسيارة فاخرة .. ابتلعت ريقها بينما يخرج من السيارة ويسير نحوها ، "مرحباً" .. ابتسمت له "أهلاً ،، شكراً على الوشاح ،، كيف عُدت إليه دون قتله ؟ " ضحك "لقد بعثت صديقي" ثم سألها "هل ستذهبين بالباص؟" هزت رأسها بالموافقة ،، سار معها وهو يقول " جيد ، سأرافقكِ" نظرت إليه وهي تقول "حسناً ولماذا ترافقني؟ هل عينت نفسكَ حارساً شخصياً لي" نظر إليها وغامت عيناه بتعبير غامض "أجل أعتقد أنني فعلت ذلك.. فكرة أن تتعرضي للمعاكسة مرة أخرى تجعل الدماء تغلي في عروقي" نظرت إليه بدهشة وعندما وجدت القدرة على الكلام قطبت في وجهه "هل أنت بهذهِ الصراحة دائماً؟" ... أجابها "للأمانة ، كلا ، لكن معكِ يبدو أن الكلام يخرج مني بلا تفكير" تأملته لدقيقة ثم قالت "حسناً ، سيفوتنا الباص" ..
مرت الأيام بعد ذلك سريعاً ،، كان يوصلها كل يوم ،، تعاملا كصديقين ،، حتى جاء اليوم الذي صادف عيد ميلاد سارا يومها طلب منها أن يتجها إلى مكان ما قبل أن تذهب إلى البيت ، ولأنها أخبرت أهلها أنها ستذهب لزيارة صديقة فلم تمانع بعد أن أحست أن موافقتها تعني الكثير له ، وهكذا كلمت صديقتها لتلغي موعدهما وذهبت معه إلى أحد أفخر المطاعم في البلد وهناك كانت المفاجأة ، فقد حضر لها مائدة عشاء تحت أضواء الشموع في مكان منزوي وكان الطابق الثاني الذي يجلسان فيه خالياً ،، موسيقى ناعمة انسابت من مكان ما ، نظرت إليه وعيناها تلتمعان "أوه سامر إن هذا رائع ، رائع جداً" ثم تلفتت حولها وهي تقول "لماذا المطعم خالٍ بهذا الشكل" كشر لها بالطريقة المحببة إلى قلبها "لقد حجزت الطابق كله" صاحت "أيها المجنون" نظر إليها بعمق ثم قال بجدية "أنا مجنون بالفعل ، مجنون بكِ" لم يسمح لها أن تعبر صدمتها التي ارتسمت جلياً على وجهها بالكلمات بل أكمل يقول "منذ اليوم الأول الذي رأيتك فيه في زي التمريض مثل ملاكٍ جميل ،، شعرك مشدود بانضباط وجهكِ باسمٌ بلا مقاصد شخصية ، تقدمين لي الدواء الذي كنت أرفض أن أتناوله لكنني مع انشداهي بكِ لم أشعر بنفسي إلا وقد وضعت الدواء في فمي، ثم وقبل أن تغادري لا أعرف كيف انطلق لساني بتلك الكلمتين ، فقد خرجتا من قلبي دون حساب ، نظرتكِ لي يومها جعلتني أعجب بكِ أكثر فأنتِ لستِ من النوع المغناج.. بعدها سافرت مع أبي مرغماً ، كانت هناك بعض الأعمال العالقة ولم يكن أبي ليترك كسر يدي يقف حائلاً دون تنفيذها، بعد ذلك بشهر عدت وأتيت إلى المستشفى ، من بعيد نظرت إليكِ تتسامرين مع زميلتكِ .. خفق قلبي خفقة قوية لمنظركِ ، بعدها فررتُ هارباً ،، من فترة لأخرى كنت آتي لأراكِ حريصاً أن لا تريني ،، وفي ذاك اليوم في وسط البلد ،، كنت أتبعكِ عندما وجدتكِ تستقلين باصاً غير الذي تأخذينه بالعادة ، وعندما وجدتكِ تنزلين في وسط البلد انتابني القلق ، فالوقت كان متأخراً والمكان لم يكن مناسباً لفتاة تمشي لوحدها خصوصاً بجمالكِ ،، لهذا ركنت سيارتي ورحت أتبعكِ من بعيد لكن عندما رأيت ذلك الوغد يحاول لمسكِ غلى دمي ولم أستطع منع نفسي من التدخل ، والبقية أنتِ تعرفينها" كانت سارا تنظر إليه كأنه يتكلم لغة أخرى لا تفهمها ،، ارتعش جسدها فأمسك بمرفقيها وهو يهمس "أحبكِ سارا، أحبكِ أكثر من الحياة نفسها ، وسأكون أكثر رجل محظوظ في هذا العالم لو قبلتِ أن تكوني شريكة حياتي" كلامه وقع كالقنبلة على رأسها ،، لا يمكنها أن تتخيل أن الرجل الذي أحبته بصمت وهي يائسة تماماً أن يكون هناك احتمال أن يبادلها الحب للفارق الطبقي ، واختلاف ظروفهما ولإيمانها أن نصف بنات الأردن يجرين وراءه ، ها هو يعترف بحبه لها ،، وليس هذا فقط بل يطلب منها أن تكون شريكة حياته ،، اهتز جسدها ومالت على صدره دون إراده فالتفت يده حولها برقة ،، وشعرت بشفتيه تستقر على خصلات شعرها وهمس "قولي شيئاً،، لن تجعليني أنتظر أكثر" همست وهي تدفن رأسها في صدره "أنا ،، أنا .." همس بتوتر" سترفضيني أليس كذلك؟" رفعت رأسها في ذهول ثم ضربت بقبضتها صدره وهي تصيح "أيها المغفل أنا أحبك" الصدمة على وجهه تحولت بعد ثواني إلى فرحة عارمة فأمسك بخصرها ورفعها ودار بها حول نفسه وهو يقول "عيد ميلاد سعيد حبيبتي سارا"...
بعد ذلك تحولت حياتهما تماماً ،، قضيا شهرين رائعين في علاقة رائعة حتى ذاك اليوم الذي فاتح به سامر والده بموضوع زواجه ، فرفض الأب بشدة لأن سارا لا تناسب مستواهم الاجتماعي ،، وعندها خرج سامر عن طوع والده وذهب ليتقدم لها وحيداً مما أدى إلى رفض أهلها لمعارضة أهله ،، وهكذا دارت حرب العناد بين العائلتين ،، تكبد خلالها سامر وسارا مصاعب كثيرة ، فقد تم حبسها لإبعادها عنه وتم تسفيره لإبعاده عنها ولكنهما وقفا ضد كل شئ وقاتلا معاً .. حبهما كان السلاح الوحيد الذي لم ينكسر في تلك المعركة .. وفي أحد الأيام أخبرته سارا أن هناك رجلاً قد تقدم لخطبتها وأن والدها موافق ،، يومها جن جنون سامر ولم يجد بداً مما هو مقدم عليه ،، فتح درج مكتب والده وأخرج منه المسدس المرخص ودسه في جيب سترته ثم ذهب على والده في العمل وطلب منه أن يرافقه في مشوار ،، وقد امتثل الأب مستغرباً لطلب ابنه الذي أخذه إلى بيت سارا وطرق الباب فخرج والد سارا وعندما رآه صرخ في وجهه "ما الذي تريده الآن ؟" خطا سامر إلى الداخل يجر والده خلفه الذي لم يكن قد رأى والد سارا لذا لم يعرف من هذا الرجل .. وقف سامر بين الرجلين وهو يقول "أريدكما أن توافقا على زواجي من سارا" صاح والد سارا ووالده بنفس الوقت "مستحيل" ثم سأل والده بغضب "من هذا الرجل؟" نظر إليه وهو يقول "أبي أعرفك على والد سارا السيد ماجد .. سيد ماجد أعرفك على أبي رائد" نظر الاثنين بغضب نحو بعضهما وهم والده بالانصراف ولكن سامر كان أسرع منه فأخرج المسدس من جيب سترته الداخلي وهو يقول "انتظر أبي" التفت إليه والده ونظر مذهولاً للمسدس .. نظرة شاركه بها والد سارا صاح سامر "وافقا على زواجنا أو أقتل نفسي" صاح والده بغضب "أيها الأحمق انتهى وقت العروض المسرحية هيا بنا الآن" في هذهِ الأثناء دخلت سارا إلى البيت واتجهت فوراً نحو الأصوات المتعالية وفغرت فمها في رعب وهي ترى سامر يحمل مسدساً صاحت" سامر ما الأمر ؟ أرجوك اترك المسدس" لكنه صاح "لن أتركه حتى يوافقان على زواجنا ، لن أجعلكِ تكونين لأحد غيري" خرت سارا على الأرض غير قادرة على الوقوف لمنظر سامر المرعب "أرجوك ، أرجوك" لكنها لم يستمع لها وقال "بما أنكما لن توافقا فلا بد من هذا" انطلق بعدها صوت رصاصة وسقط سامر على الأرض والدماء تجري من فخذه ،، صاحت سارا باسمه وركضت إليه وهي تقول "يا إلهي سامر سامر حبيبي أرجوك أرجوك" وأجهشت في بكاء مرير بينما جلس والد سامر ووالدها قربه غير مصدقين لما فعل ،، عندها فقط أدركا لا شئ ، لا شئ أبداً قد يفعلانه يمكنه أن يمنع هذا الحب أو ينهيه ،، حاولت سارا أن تسترجع مهارة الممرضة في إسعاف سامر لكن عقلها عمل ببطئ .. رفع والد سامر المرعوب ووالدها سامر الذي أغمي عليه وركضا إلى سيارة والد سامر وذهبا به إلى المستشفى ، هناك تم علاجه وأخبرهم الطبيب أن الرصاص مست فخذه ولم تخترقه ،، يومها عندما دخلت لتزوره وهي باكية العينين كشر لها بالطريقة التي تجعلها تذوب فيه حباً وهو يقول "أنا رامٍ جيد لذا عرفت كيف أرعبهما ولا أؤذي نفسي" صاحت وهي تلقي بنفسها على صدره "اخرس أيها المجنون كدت أموت خوفاً" ،، شد ذراعيه حولها وهي يقول "وأنا كدتُ أموت عندما علمت أن هناك من يمكنه أن يخطفكِ مني ،، وأخيراً ها قد انتصرنا، لو كنت أعلم أن رصاصة تمر بجانب فخذي ستفي بالغرض لفعلتها منذ خمس سنوات" ضربت على صدره وهي تبكي وتضحك في نفس الوقت "مجنون ، مجنون" .. همس لها وهو يقبل جبينها "مجنون وأحبكِ فهل لديكِ مانع؟" شدت يدها حول رقبته وهي تهمس "أبداً أبداً"...قراءة ممتعة..
يتبع...
أنت تقرأ
على بحر يافا(مكتملة)
Romansرواية بقلم الكاتبة بلقيس علي "مُشتاقة" حقوق الملكية محفوظة للكاتبة بلقيس علي..