الفصل الثاني عشر
( آنّا )
الاثنين، 22 تموز/يوليو 2013
في الصباح
أيقظني توم باكراً. أيقظني بقبلة وابتسامة عريضة. يبدأ عمله متأخراً بعض الشيء هذا الصباح. ولذلك اقترح أن نأخذ إيفي إلى الخارج،
عند زاوية الشارع، لتناول الإفطار. إنه مكان اعتدنا اللقاء فيه عندما بدأت علاقتنا. كنا نجلس عند الواجهة ـ كانت هي في عملها في
لندن؛ ولم يكن هنالك خطر من أن تمرّ بنا وتلاحظنا. لكني كنت أشعر بتلك الإثارة... فحتى إذا... ماذا لو... لعلها تعود إلى البيت باكراً ذات
يوم، لسبب من الأسباب: من الممكن أن تشعر بأنها ليست على ما يرام، أو يمكن أن تكون قد نسيت أوراقاً مهمة في البيت. كنت أحلم
بهذا. كنت أريدها أن تأتي وتمرّ بنا، هناك، ذات يوم، حتى تراني معه، حتى تعرف في لحظة واحدة أنه لم يعد لها هي. من الصعب الآن
تصديق أنني كنت أريد ظهورها في يوم من الأيام.
منذ اختفاء ميغان، صرت أتجنّب المشي في ذلك الاتجاه... كلما استطعت ـ إن المرور بذلك البيت يجعلني أشعر بالقشعريرة ـ لكن، لا
طريق غيره للوصول إلى المقهى. يمشي توم متقدّماً عنّي قليلاً، دافعاً العربة أمامه. إنه يغنِّي شيئاً لإيفي، ويجعلها تضحك. ما أجمل أن
نكون في الخارج، هكذا، نحن الثلاثة. أستطيع رؤية كيف ينظر الناس إلينا... أستطيع سماعهم يقولون في أنفسهم: يا لهذه الأسرة
الجميلة! وهذا ما يجعلني أشعر بالفخر... أشعر بالفخر أكثر مما شعرت به تجاه أي شيء آخر في حياتي كلها.
إذًا، كنت أسير في غلالة سعادتي تلك. كدنا نصل إلى الرقم 15 عندما انفتح الباب. ظننت لحظة أنني أهلوس... لأنني رأيتها خارجة من
ذلك الباب. إنها ريتشل. تخرج من باب البيت ثم تقف هناك لحظة... ترانا... فتتجمد واقفة في مكانها. هذا مخيف! تبتسم في اتجاهنا
ابتسامة شديدة الغرابة... تكاد تكون تكشيرة، فلا أستطيع تمالك نفسي... أنحني فأختطف إيفي من عربتها... أجفلت إيفي، ذُعرت،
وراحت تصرخ.
تسير ريتشل مسرعة، مبتعدة عنا، ماضية صوب المحطة.
يناديها توم: «ريتشل! ماذا تفعلين هنا يا ريتشل؟»... لكنها تتابع سيرها، أسرع، ثم أسرع، إلى أن تصبح خطواتها أشبه بالجري. نقف نحن
الاثنان في مكاننا، هناك، ثم يستدير توم نحوي ويرى ذلك التعبير على وجهي فيقول: «هيا بنا! فلنعد إلى البيت».
في المساء
عندما عدنا إلى البيت علمنا أنهم اعتقلوا شخصاً على صلة باختفاء ميغان هيبويل. شخص لم أسمع باسمه من قبل؛ معالج نفسي كانت
تذهب إليه. أظن أن هذا جعلني أشعر بالراحة لأنني كنت أتخيل أشياء كثيرة فظيعة.
قال توم: «قلت لكِ إنه لن يكون شخصاً غريباً. لا يكون الفاعل شخصاً غريباً أبداً، أليس كذلك؟ على أيّ حال، نحن لا نعرف ما حدث
أصلاً. لعلها بخير. أغلب الظن أنها هربت مع شخص ما».
«فلماذا اعتقلوا ذلك الرجل إذن؟».
يرفع توم كتفيه. كان شارد الذهن، يشدّ سترته، يعدّل من وضْع ربطة عنقه، يستعد للذهاب حتى يقابل آخر عملائه في ذلك اليوم.
سألته: «ماذا ستفعل؟»
«أفعل... ماذا تعنين؟»... نظر إليّ نظرة فارغة، غير مدرك معنى سؤالي.
«ماذا ستفعل بخصوصها؛ ريتشل. لماذا كانت هنا؟ لماذا كانت في بيت هيبويل؟ هل تظن... هل تظن أنها كانت تحاول الوصول إلى
حديقتنا ـ أنت تعرف... يمكن الوصول عبر حدائق الجيران».
ضحك توم ضحكة كئيبة: «أشكّ في هذا. هيا الآن، إنها ريتشل! نحن نتحدث عن ريتشل. لن تكون قادرة على القفز بمؤخرتها السمينة
فوق هذه الأسيجة كلها. لا فكرة عندي عمّا كانت تفعله هناك. لعلها ثملة... لعلها أخطأت الباب!».
«بكلمات أخرى، أنت تقصد القول إنها كانت تريد أن تأتي إلى بيتنا».
هزّ رأسه: «لست أدري. انظري، لا تتركي هذا الأمر يقلقك... اتفقنا؟ اقفلي الأبواب! سوف أتصل بها لأعرف ما كانت تفعله هنا».
«أظن أن علينا أن نتصل بالشرطة».
«وماذا نقول لهم؟ لم تفعل لنا شيئاً في واقع الأمر...».
قلت له: «لم تفعل شيئاً في الآونة الأخيرة ـ إلا إذا أخذت في اعتبارك حقيقة أنها كانت هنا ليلة اختفاء ميغان هيبويل. كان علينا أن
نخبر الشرطة بذلك منذ زمن».
«هيا الآن يا آنّا»... ترك كفيه تنزلقان حول وسطي... «لا أظن أبداً أن ريتشل يمكن أن تكون لها أي صلة باختفاء ميغان هيبويل. لكني
سوف أتصل بها... اتفقنا؟».
«لكنك قلت لي بعد المرة الأخيرة...».
قال بلطف: «أعرف هذا. أعرف ما قلت لك». قبَّلني، ثم دس يديه تحت خصر بنطلوني... «دعينا لا نجعل الشرطة تتدخل في الأمر إلا
عندما نكون في حاجة إلى ذلك فعلاً».
أظن أننا في حاجة إلى ذلك! لا أستطيع الكف عن التفكير في تلك الابتسامة التي قذفتنا بها... تلك التكشيرة. كانت كأنها ابتسامة
انتصار. علينا أن نبتعد عنها! يجب أن نبتعد عنها.

أنت تقرأ
فتاة القطار
Avventuraتحكي الرواية عن ريتشل ، سيدة مطلقة فقدت وظيفتها بعدها تدخل في حالة كآبة. تستقل القطار يومياً في ذهابها للندن وعندما يتوقف القطار في احدى المحطات تلمح زوجين في أحد المنازل فيتشكل لديها رابط خاص بهما. غير انه في احد الأيام تكتشف خيانة الزوج لزوجها من...