الفصل الاول

198K 3K 341
                                    

فى أحد الشوارع الجانبية لحى الغوريه العتيق.

كان صوت الكروان يشدو فى سماء الفجر الصافيه
،صوته ينتشر مرفرفا على الحى كله.

حيث الهدوء يسيطر على المكان وعدد الماره قليل فى هذا الوقت من الصباح.

جلست تلك الفاتنه ذات الاربعه وعشرين عاما على طرف الشرفه العتيقه المطله على الشارع بابطابق الارضى يعزلها عن الشارع اسياخ من الحديد .

كانت تقبض عليهم وهى تنظر للقمر الذى بدأ يتوارى عن الأعين باقتراب النهار.

كأنها تريد لمسه والقضبان الحديديه تمنعها عنها.

اغمضت عيناها تتنهد بشجن...ثم فتحتهم من جديد وبعيها لمعة غريبه .

دق هاتفها يعلن عن الموعد الذي حددته على المنبه ظنا منها أنها قد تحظى بنومه عميقه .

لكن عبثاً لم يحدث..ككل مره تذهب بها لمقابلة عمل جديد.

استقامت من على الشرفه تدلى بقدميها على الأرض ثم وقفت لتذهب الى غرفتها تنظر حولها.

أصبح فراغ البيت يخيفها...يزاد وحشيه يوما بعد يوم.

خمس سنوات وهى وحدها منذ وفاة والدها الحبيب.

لم ولن تبرح ذلك البيت الذى عاشت به معه حيث ذكرياتهم الدافئة... إنها السلوى الوحيده لها .

اغمضت عيناها ثم اتجهت بخطى ثابتة تجاه عباءه صوفيه خلف الباب تحفظها بعناية كأنها قطعه من روحها ،تضمها لصدرها تستنشقها وهى تغمض عيناها ستين ثانيه كامله .

لتفتح بعدها عيناها الحمراء تزفر بوجع وحنين.

تشعر يوميا بالضياع بدونه الحياة كأنها توقفت من بعده.

تقدمت تفتح احد الجارورات الخشبيه فى مكتبه القديم ..تضع يدها على كفها تكتم شهقتها وهى تتلمس فرشاة الحلاقه الخاصه به وبعض أدوية الضغط والكلى التى استخدمها بآخر أيامه.

امتدت يدها تتحسس مسواك اسنانه المهذب مازال يحمل تأثير يده بأخر مره قلّمه به.

اغرورقت عيناها واختنقت بالدموع ككل يوم وهى تتسحب بيدها على تلك اللفه من الشاش القطنى.

تتذكرها جيداً واحتفظت بها ... أنها تلك اللفه التى لف بها وجه والدها عندما توفى.

انفجرت بالدمع وذكرى تلك الليلة لم تناساها ابدا...مظهر والدها وهو يخرج من سياره اجرى على اكتاف رجال الحى ..وجهه مربوط بشاش ابيض وبأنفه قطن .

إنها الذكرى التى اهتزت لها أرضها وسماها... حينما توقف بها الزمان والمكان.

قست على نفسها كثيرا وهى تحتفظ بكل هذه الأشياء التي ستعذبها كلما نظرت لها .

شط بحر الهوى ( مكتمله)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن