سياره أسعاف مجهزه بكل الأمكانيات تسير بسرعة البرق تشق طريقها للمشفى ،صوت إنذارها يدوى منبأً السيارات كى تفسح لها الطريق.
و هو يجلس على عقبيه داخلها امام سرير أبيض امتقع بدماء حبيبته.
تدمع عيناه وتفرز انفه سائل لزج مخاطى يحاول التحدث لكن لا يسعفه صوته وهو ينظر لها يراها بحالتها الغير مبشره إطلاقاً.
يرفع وجهه للممرضه خلفه يقول محاولا صنع أى شىء: حطى لها حاجه توقف الدم ولا شوفى حاجه تديهالها.
نظرت له الممرضه تسأل هل هو غبى أم جاهل كى يتحدث هكذا ،اى شئ هذا الذى ستضعه فيوقف نزيف دم ناتج عن عيار ناري.
لكن أمام ذلك التخبط والتيه وايضا ضيقها فما تراه يومياً من حالات اصابها بتبلد فى المشاعر رددت بهدوء : ماتقلقش احنا خلاص قربنا من المستشفى .
صمت يبلل شفتيه ثم يبتلع رمقه يقول لها بصيغه لا يظهر إن كان يتمنى أم يسأل او يقول شئ هو موقن به : هتبقى كويسه،هتبقى كويسه.
نظرت له الممرضه دون النطق بشئ ،كل يوم مشاهد كهذه حتى اعتادت ولم تعد تشعر بما يشعرون به .
بينما هو يقبض على يد غنوة بيد وبالأخرى يمسح على رأسها وهو يهمس بجوارها بأدب جديد عليه ومازال يبكى: والنبى أبقى كويسه ،ماتسبنيش بعد ما اتعودت إنك موجوده،انا عارف أنه كان المفروض الطلقه دى تيجى فيا مش فيكى .
سمح لنفسه بأن يجهش فى البكاء يهتز جسده وكتفاه مرددا: الغلطه من عندى، الى عمل كده كان قاصدنى أنا،لحاجه أنا عملتها بس مش عارف هو مين ولا إيه الحاجة دى بالظبط.
مال على رأسها يقبلها مرددا من بين دموعه ووجهه الأحمر : ماتسبنيش يا غنوة انا ماليش غيرك.
خلف سيارة الإسعاف كان ماجد بسيارته يقود سريعاً خلفها ولجواره فيروز تبكى ،متسعة العين مصدومه لا تصدق ماحدث بلمح البصر.
لما لا تكمل الحياه ابتسامتها لهم، سواء هى او غنوة لطالما عانا فى تلك الحياه بمفرهما .
لقد قضيا مده ليست بقليله من عمرهما فى الطرق للمستشفيات ،غنوة ظلت لسنوات تتبع والدها وأحيانا تسبقه وهو مريض كلى لفتره طويله استنفذت كل قوته وقوتها.
وهى مثلها تماما ،بالبدايه أمها ومن بعدها والدها...اغمضت عيناها تخرخ زفير متعب ، فهى مازالت تعتبر شعبان هو والدها الوحيد ،ذلك الأب البيلوجى لا تشعر ناحيته بأى انتماء او حنان.
شعرت بيد دافئه تتسلل إلى يدها الموضوعه على ركبيتها فى هذا البرد القارس.
كانت السيارة مغلقة النوافذ تحجب عنها برد الشتاء في الخارج.
لم يكن سبب تلك البروده التى تشعر بها هى برودة الطقس،بل من الحياه.... الحياه التى لم تبتسم لها مطولا مره.
![](https://img.wattpad.com/cover/294732478-288-k39949.jpg)
أنت تقرأ
شط بحر الهوى ( مكتمله)
General Fictionالملاك الحنونه البريئه التى لم يمس الهواء طرفها. من تعرفت عليه بالصدفه البحته وحتى حاولت الابتعاد بسبب فرق الظروف الاجتماعية . لكن وراء كل شيء شئ .....التجسيد الحى للمثل القائل"من حفر لأخيه حفرة وقع فيها" قراءه ممتعه للجميع