الفصل الخامس و العشرون..

633 36 17
                                    

نكمل روايتنا(ضحايا المنتصف)بقلم سلسبيل كوبك..
الفصل ال٢٥..
___________________________
كان الجميع على مائدة الطعام في انتظار كلا من كنز و أكمل، ليشعر أدم بالقلق لينهض و يذهب لهم.
ابتعد أكمل عن كنز بابتسامه تخفي الكثير ليخرج أسر و يأخذه أكمل و يغادر، ليتقدم لها أدم بتعجب من حالتها فهي كانت تقف كالصنم لا تتحرك ولكنها انتبهت لوجود أدم لتعتدل في وقفتها و تعدل ثيابها لتردف متسائلة:
-أنت هنا ليه؟
-قلقت عليكِ.
تركته كنز لتذهب نحو مائدة الطعام و تجلس بجانب جدها الذي ابتسم لها.
-سمعت عنك كتير يا كنز.
-ياريت يبقى خير يا كوثر هانم.
-متخافيش دايما بجيب سيرتك بالخير.
ابتسمت كنز لأحمد لتتناول طعامها، نهضوا جميعا ليجلسوا بالحديقة قليلا ولكن كنز اعترضت قائلة:
-هستأذن أنا.
لتتسائل ليلى بحزن عن السبب، لتجيب كنز قائلة:
-معلش يا حبيبتي تتعوض.
لينهض جلال و هو يجذب متعلقاته قائلا:
-هنستأذن كلنا استني يا كنز.
ليلقوا التحية و يصافح جلال باسل بمجاملة، ليغادروا جميعا و تظل عائلة الصالح لتردف كوثر و هي تنظر لورد التي لم تتحدث منذ أن أتت:
-إيه يا ورد مفيش عريس كدة؟
ابتسمت نهلة بمجاملة لتجيب بدلا من ابنتها:
-ورد بيتقدم ليها كتير ولكنها مركزة في دراستها الأول.
أردفت ليلى و هي تحاول التقرب من عائلة الصالح لإرضاء كوثر:
-و أنتِ في سنة كام يا ورد؟
-أخر سنة.
-طب كويس.
ابتسمت لها ورد لينهض عادل و هو يقول:
-عن أذنكم يا جماعة عندي شغل في الشركة مهم.
لتتسائل نهلة عن الأمر و تقول:
-مهم للدرجة دِ!
لم يجيب عليها ليتركها و يغادر لتحزن نهلة ولكنها ابتسمت لابنها الذي كاد أن يغضب بأبيه الآن ولكنها جذبت يده.
ليستأذن الجميع بعد فترة للمغادرة و تصعد كوثر لغرفتها، تنهدت ليلى و هي تصعد للأعلى هي الأخرى قائلة بتعب:
-آه، هي الست الوالدة ليها في وجع الرأس ده.
ابتسم أحمد ليصعد خلفها و يلقي بجسده على الفراش و هو يشعر بالتعب الشديد، فيكفي الجو المتوتر بين العائلتين ليشعر بأنه محاصر من قِبل ثلاث جهات.
_________________________
كانت تجلس كنز بغرفتها مع علياء لتشعر بأنها على وشك التقيؤ لتتركها و تجري نحو المرحاض سريعا، تعجبت علياء لتنهض خلفها.
خرجت كنز و هي تضع يده على بطنها بألم قائلة:
-آه!
أسندتها علياء ليذهبا إلى السرير لتربت علياء على كتفها قائلة:
-شكله دور برد.
نفت كنز برأسها لتردف بنبرة خافتة و حرج:
-أنا حامل.
شعرت علياء بالصدمة لتكرر جملتها بصوت مرتفع مندهش، لتنهض كنز و هي تضع يدها على فمها قائلة:
-اهدأي.
-الله يخربييتك هتقولي لعمر بيه إيه؟!!!
-أنتوا عايزين تقوموا حرب عالمية!
جلست كنز على الفراش لتردف بخجل من تصرفها:
-أهو اللي حصل يا علياء، وأكمل قال أنه هيتصرف.
حركت علياء رأسها بالنفي لتقول:
-شكلنا غلطنا يا كنز.
نظرت لها كنز بقلق لتستأذن علياء لكي تغادر فقد تخطى الوقت منتصف الليل، لتجلس كنز تفكر في تلك المصيبة التي هي بها.
لتجده يدلف من الشرفة، نهضت و اتجهت نحوه بعدما أغلقت الباب جيدا لتقول:
-أنت إيه اللي جابك؟
-جيت اطمن عليكِ، بقالنا كتير متقابلناش.
احتضنها أكمل ليجلسا سويا على الفراش، لتردف كنز و هي تقول بنبرة خجولة و تعابير وجهها تحاول أن تكون جدية:
-مش هتتخلى عني يا أكمل؟
نظر لها أكمل ليقبّلها قائلا بابتسامه:
-كنز تأكدي من نقطة أنا بحبك.
-أنتِ جميلة جدا ببرائتك.
ابتسمت له كنز لتضع رأسها على صدره، ليردف أكمل متسائلا:
-بتحبيني؟
-ده اختبار ده و لا إيه؟
-تأكيد.
-بحبك قد الدنيا دِ كلها.
ابتسم كلاهما، فكلا منهما رأى بالأخر مميزات عدة فأكمل أُعجب كثيرا ببرائتها و خجلها الدائم منه، بينما هي كانت تراه فتى أحلام الصبايا لتقع في حبه تدريجيا من مراقبتها له.
لتستمتع كنز بحياتها مع أكمل و هي سعيدة بحملها الأول و الذي منه، دلفت كنز للمنزل لتتفاجيء بنهلة لتشهق بقوة و تتراجع للخلف قليلا لتنقل بصرها بين كلاهما.
تقدم أكمل من كنز ليضع ذراعه على كتفه يقربها منه و تقدم نحو أمه ليقف على بُعد منها، ليردف بابتسامه:
-أقدملك كنز مراتي.
نظرت كنز لأكمل بتفاجيء لينظر لها باطمئنان و يقبّل رأسها، لتزداد تفاجيء حينما رأت نهلة تتقدم منها بابتسامه واسعة و تحتضنها لتشعر كنز بأنها لا تفهم شيء و تكاد أن تسقط أرضًا من هول الصدمة.
-أكمل حكى ليا عن حبه ليكِ.
ابتسمت كنز بخجل لتنظر أرضًا و يضحك عليها أكمل و هو يربت على كتفها فهو شعر بارتجافها بين يديه حينما احتضنها؛ فهي شعرت بأن سعادتها ستنهار الآن بين يديها.
ابتسم أكمل لكلا منهما فهو لم يستطع أن يخبيء الأمر عن والدته التي كانت تنتبه له في الآونة الأخيرة و شعرت بتغييره المفاجيء و بياته بالخارج كثيرا لتصر عليه أن يخبرها بما يحدث معه حتى تطمئن لتستقبل الخبر بصدر رحب بأن ابنها استطاع أن يجد نصفه الأخر و خبأت شعور الخوف بداخلها من أن يعلم أحد؛ حينهما ستنقلب سعادة ابنها رأسا على عقب.
__________________________
كانت سندس تقف بجانبه؛ فاليوم خطوبتهم استطاع جاسر أن يمتلك قلبها باهتمامه البارز و الذي يمكنه إيقاع جميع الفتيات ولكنه لم يكن يهتم لأحد سواها لأنه رأى بها شيء يميزها عن الأخرون، لطالما اقتنع بأن كل فتاة تمتلك ما يميزها عن غيرها لتصبح الأجمل بعين من يحبها.
كان يرى كيف تتصرف بجانبه ليشعر بها كم تبدو متوترة، ليطلب منها أن يجلسوا قليلا اومأت له لتجلس بجانبه ولكن ارتباكها زاد حينما حاول أن يمسك يدها لتبتعد على الفور و نظرت لورد التي تقف بجانبها و يتحدثان سويا في محاولة منها لتخفيف التوتر.
كان يقف حسام يحتضن زوجته أمل التي سعدت كثيرا لتغيير حال حسام ليقبّلها حسام بحب، فهو تذكر يوم لقائهم ليشعر بالإنجذاب نحوها حينما تقدمت للعمل بالشركة الخاصة بأبيه.
دلفت ليلى مع زوجها أحمد، لينظر أحمد بالأرجاء ليذهب نحو الطاولة التي يجلس عليها أكمل و ابنه ليصافحهم.
احتضنت ليلى أسر و ابتسمت له، ليجلس بجانبها طيلة الحفلة و كان أكمل ينظر لها بتردد ليلاحظ أحمد ذلك الأمر متسائلا:
-هو في حاجة؟
-لا أنا بس ساعات بسرح.
اومأ له أحمد ليقترب من ليلى التي ابتسمت له بحب، ابتلع أكمل لعابه و هو ينظر لهما في محاول منه لنسيان تلك اللحظات التي مر بها متشابهة.
استأذن منهما أكمل ليذهب نحو المرحاض و قام بغسل وجهه عدة مرات.
تقدمت شذى من أسر لتطلب منه أن يلعبوا سويا ليوافق و يذهب معها، بينما كلا من نهلة و عزة يتحدثان سويا مع والدة جاسر المدعوة إيناس.
بينما على الجهة الأخرى،،
بمنزل عائلة الهواري كان السكون يعم المكان على عكس الأخرون.
كانت تجلس كنز بغرفة أمها و أبيها التي لم تسمح لأحد أن يدخل لها منذ وفاتهم، فهي تشعر بالأمان و تشعر بأنها مازالوا موجودين حولهم تعلم بأنهم يشعروا بحزنها لهذا منذ أن غادروا قررت ألا تحزن و أن تنغمس في العمل ليظل اسم أبيها بالأعلى و بتفوق عالي.
دلف أدم إلى الغرفة لتنظر له كنز تسأله بعينيها، بينما هو أردف قائلا:
-لو مرضتيش تنزلي تأكلي معايا تحت أنا هأجي أكل معاكِ هنا و أنا عارف مبتحبيش حد يبقى في الأوضة غيرك.
لتشرد كنز بأدم الذي شعر بالارتباك من نظراتها، لتتحدث بداخلها بأنها ظلمت شخص ليس لديه ذنب سوى أنه أحبها و هي لا تحبه و لا تحب غيره! لتتوقف قليلا متسائلة أحقا لم تعد تحب ذلك المعتوه ابن الصالح.
نهضت كنز لتتقدم من أدم و يهبطا سويا لأسفل، لتتناول طعامها معه ليحاول أدم معرفة سر ذلك الحزن الذي أصبحت به.
-أنا بخير يا أدم مفيش داعي تشغل بالك بيا.
-ازاي يعني! مش وافقتِ نتخطب؟
-كنز أنتِ مش عايزاني؟
صمتت ليفهم أدم معنى صمتها لينهض و يغادر ولكنها أوقفته لتقول:
-أدم أنا عمري ما بصيت ليك على أنك حبيب أو زوج، أنت دايما أخ و ابن و صديق و بس.
-ولكني بحاول اوديك فرصة دلوقتي.
اومأ أدم ليتركها و يصعد لغرفته ليجد بداخلها سميرة و التي أردفت:
-منتظراك من بدري.
-كنت بتعشى مع كنز.
-عارفة.
-قرب يا أدم عايزة أتكلم معاك.
اومأ لها أدم ليجلس أمامها، فأردفت سميرة بعدما تنهدت بقوة:
-أنا عارفة أنك بتحب كنز و أن الحب مش بإيدك.
-ولكن مش ممكن تبقى غلطان.
-في إيه؟
-شعورك، يعني ممكن مجرد تعود على وجودها معاك طول الوقت فحسيت انبهارك بيها و إعجابك حُبّ.
نهض أدم بعنف ليقول:
-أنتِ عايزى توهميني يا أمي أنا بحب كنز مش مجرد تعود أو إعجاب.
نهضت سمية و اقتربت منه لتربت على كتفه قائلة:
-ركز في مشاعرك و حددها و بعدين قولي أنك بتحبها.
غادرت سميرة و ذهبت لغرفتها و هي تفكر في سعادة ابنها المتوقفة على كنز.
__________________________
دلف جلال للمنزل لترحب به كلا من أفنان و هدى، ليجلس أمام هدى قائلا:
-ينفع اللي باسل بيعمله؟
-نورتنا يا جلال بيه، تشرب إيه الأول؟
هبطت نور من غرفتها لتنظر إلى جلال و تتعجب بأن جدتها وافقت على الجلوس معه، لتظل واقفة على الدرجات تستمع لما يقولوه.
ذهبت أفنان لتحضر مشروب جلال، الذي بدأ في الحديث بمجرد أن ذهبت.
على الجهة الأخرى،،
كان أكمل يجلس بالمكتب الخاص به بشركات الصالح، حينما قرر الاستقرار بمصر عمل بشركات العائلة و قدم ورقه للجامعة التي كان يعمل بها من قبل.
دلف عادل لمكتبه ليجلس أمامه واضعا قدم فوق أخرى بابتسامة واسعة قائلا:
-و لأول مرة نكسب مناقصة من زمن قبل عائلة الهواري.
لم يعيره أكمل اهتمام لينظر إلى الورق الذي بيده، نظر له عادل ليردف قائلا بابتسامه خبيثة:
-بقولك إيه؟
-خير؟
-هي كنز حلوة!
رفع أكمل بصره نحوه تاركا الورق بيده بعنف لا إردايا، ليبتلع لعابه و هو يحاول التحكم بأعصابه حينما شعر بمغزى حديثه ليقول:
-قصدك إيه؟
-يعني اللي جه في بالك، حلوة.
شعر أكمل بالغضب ليجز على أسنانه قائلا بحدة:
-أنت واعِ للي بتقوله.
ضحك عادل ليقول باستفزاز:
-أصل كنت بفكر أتجوزها.
ابتسم أكمل بهدوء قائلا:
-ما تولع أنا مالي.
رفع عادل كتفيه لأعلى قائلا:
-بشوف ردة فعلك.
-متهمنيش.
نهض أكمل و هو يجذب متعلقاته قائلا:
-عن أذنك ورايا محاضرة.
غادر أكمل و هو يحاول أن يتحكم بأعصابه حتى لا يغضب على أبيه و يفهم بأن مازال هناك أمرا ما يحدث بينهما.
استقل أكمل سيارته ليذهب نحو الجامعة و دلف لمحاضرته فهو يأتي على موعد المحاضرات فقط و أحيانا يظل اليوم بأكمله بالجامعة.
نظر ليجد أمامه ورد و علاء كلا منهما يجلس بمقعد مختلف بينهم العديد من المقاعد، بالرغم من أن تلك المسافة التي بينهم ليست كبيرة ولكن المسافات التي وضعتها العائلتين أضخم ليمليء الحزن قلبهم.
بدأ أكمل في شرح المحاضرة و كانت الأخيرة لديهم و الوحيدة لأكمل، ليغادر أكمل مع أخته الذي اعتادت الصمت و كادوا أن يغادروا حتى صرخت ورد حينما وجدت أحد أصدقائه يضربه بقوة على رأسه ليسقط علاء على ركبتيه و هو يشعر بالألم لتجري ورد نحوه و هي تصرخ باسمه، ليهتف أكمل على الفور للأمن الذين قاموا بإمساك زميله ليقترب أكمل منهما ليجد ورد خائفة و تخبره ألا يفقد وعيه؛ فهي شعرت بالخوف حينما رأت الدماء تسقط من أعلى رأسه.
ليسنده أكمل و يضعه بسيارته ليقود به نحو مشفى ولكن علاء رفض الفكرة ليهتف باسم كنز قائلا:
-عايز كنز.
-هو شغل عيال!
-عايز كنز و مش عايز اروح مستشفيات أنا حر، و لا أقولك نزلني.
تحكم أكمل بأعصابه لينظر إلى ورد الخائفة، ليذهب أكمل بسيارته إلى أحد الأماكن ليخرج هاتفه و يتصل بكنز ولكنها حينما رأت اسمه أغلقت هاتفها و لم تجيب لترفع بصرها نحو أدم الذي كان يقف بجوارها و غير منتبه سوى بتلك الأوراق التي بين يده.
لتردف كنز و تقول بتوتر:
-هدخل الحمام.
نهضت كنز و هي تجذب هاتفها لتدلف إلى المرحاض و تخرج هاتفها لتجده يتصل مرة أخرى لتجيب بصوت منخفض:
-عايز إيه؟ إيه المهم أوي كدة عشان تتصل عشر مرات!!
-أنا لو عليا كنت مسحت الرقم، ولكن ابن عمك تعبان و معاند و مش عايز يروح مستشفى.
-ابن عمي مين؟
-و حياتك لو حازم كنت كملت فيه ضرب.
-بطل قلة أدب، قولي فين المكان؟
-هبعتهولك و ياريت تيجي تأخديه عشان عايز امشي.
تنهدت كنز لتغلق الهاتف و تذهب نحو المرآة لتشعر بالحرارة كلما تذكرت قربه منها أثناء العشاء لتغمض عينيها و هي تحاول السيطرة على شعورها نحوه.
خرجت كنز من المرحاض لتجد أدم بإنتظارها قائلا:
-تحبي نعمل خطوبة امتى؟
-أنا ورايا مشوار صغير ممكن لما أرجع.
-راحة فين؟
جذبت كنز حقيبتها و المعطف الخاص بها لترتديه فوق ثيابها قائلة بابتسامه:
-هقابل علاء.
غادرت كنز الشركة و أدم يراقبها من خلال الزجاج بغرفتها، ليعلم بأن هناك أمرا ما تخفيه عنه فهي كانت تبدو مرتبكة.
قادت كنز سيارتها نحو مكان أكمل لتهبط من السيارة حينما وصلت، لتجد أكمل يتحدث إلى علاء بنفاذ صبر:
-أنت غبي! فهمني بس أنت غبي! يعني ست الحسن و الجمال هتيجي تعملك إيه!
تقدمت كنز بلهفة نحو علاء لتتفقد الدماء قائلة بحدة:
-أنت ازاي مقبلتش تروح مستشفى.
ليقترب علاء من كنز بإرهاق و تعب ليقول بجانب أذنها بهمس لم يسمعه سواها، لتنظر إلى كلا من ورد و أكمل و تفهم ما يدور.
ذهبت كنز لسيارتها لتجلب علبة الإسعافات الأولية و تبدأ في علاج جرحه.
نهضت كنز و هي تعقم يدها بعدما قامت بتطهير جرحه و الذي لم يكن عميق، التفتت لترى أكمل الذي يقف بملل لتتبدل ملامحه للاستفهام حينما رأها تتقدم منه باندهاش.
ليتراجع للخلف خطوة حينما رأها تقترب منه و تمتد يدها نحو صدره، لتخرج تلك السلسلة التي كانت بارزة لأول مرة تراها كنز لترفع عينيها نحوه متسائلة، ليبتعد عنها أكمل على الفور و هو يجذب يدها بعيدا عنه ليغلق أزرار قميصه قائلا بحدة:
-مين سمحلك تقربي مني بالشكل ده؟
نظر كلا من علاء و ورد لبعضهما البعض، لتقترب ورد من علاء و هي تلمس جرحه و الدموع على وجنتيها قائلة:
-هو عملك كدة ليه؟
-عشانك.
نظرت له بعدم فهم ليقول علاء:
-أنا اللي طلبت يعمل كدة، عشان حسيت للحظة أنك مبقتيش تحبيني.
-متقولش كدة أنا بحبك بس مقدرش أخون ثقة أكمل و لا عائلتي يا علاء.
اقتربت منه و هي تحاول ألا تصدق الذي تراه، ليشعر أكمل بأنه أصبح ضعيفًا و عاريًا أمامها ليحاول الرحيل ولكنها تمسكت بذراعه لتردف متسائلة و هي تحاول التحكم في نبرة صوتها:
-هي دِ؟
نظر لها ليرى الدموع تتجمع بعينيها ليشعر بأن ضعفه زاد أضعاف المضاعفة، شعر أكمل بغصة بحلقه ليتوقف الحديث و يغمض عينيه.
-هي و لا لا يا أكمل؟
-هي يا كنز هي.
-طالما محتفظ بيها، خونت ثقتي بيك ليه؟
اقترب أكمل من كنز ليمسك فكها بقوة قائلا:
-أنا مخونتكيش ولا لحظة.
نهض علاء و هو غاضب ليتجه نحوهم ولكن كنز أشارت له بألا يأتي لتنظر لأكمل و هي تنوي بأنها في تلك اللحظة ستواجهه تلك المواجهة التي كانت خائفة منها منذ أن علمت بخبر عودته.
-مين صورلك إني خونتك؟
-قصدك إيه! قصدك إني أنا اللي هديت كل اللي بينا!
-أنتِ اللي خلتيني مجرد لعبة بين إيديكِ.
ابتعد أكمل بعدما رأى تعابير الألم على وجهها ليخفض يده قائلا:
-مفيش فايدة للكلام لأنه بيفكرني بالماضي ال.
سبّ أكمل ماضيهم لتشعر كنز بأنها ستسقط ولكنها تماسكت فهي تحاول أن تبقى الحياة كالسابق قبل أن يعود و يصبح الأمر غير متوازن لتتبعثر مشاعرها و لا تستطيع السيطرة عليها، فهو مازال حبها الأول التي لن تستطيع نسيانه حتى لو حاولت كثيرا.
هبط أدم من سيارته فهو كان يتابع تحركات كنز الآونة الأخيرة ليأتي خلفها حينما علم بأن أكمل بذات المكان.
كان أدم يضع الطلقات بسلاحه ليتفاجيء الجميع و هو ينظر له، ليشير لـ علاء قائلا بحدة:
-خدها و أخرج من هنا.
-أنت بتعمل إيه يا أدم؟
-قولتلك خدها و أخرج من هنا.
لينظر أدم إلى أكمل و أردف:
-ولا حابب أختك تبقى موجودة في لحظة تصافي ما بينا يا أكمل!
اغتاظ أكمل ليقول و هو يوجه حديثه لـ كنز:
-هي ولاد عمك و عمتك كدة!
تقدمت كنز نحو أدم لتجده يصوب نحوها لتقف و هي تشهق من الصدمة، ليقول:
-قوليله يأخدها و يمشي.
اقترب أكمل من أخته ليحتضن وجهها بين يديه قائلا بابتسامه هادئة بسيطة:
-حبيبتي روحي معاه و روحي على البيت علطول و أنا جاي وراكِ.
اومأت له ورد و هي تنظر لأدم بخوف، ليمسك علاء يدها قائلا:
-متخافش عليها.
اومأ له أكمل و هو يجذب يد أخته بعيدا، ليغادرا سويا بسيارة كنز ليبتسم أدم و يقترب منهم يستند على سيارة أكمل لتحاول كنز تهدئة الوضع قائلة:
-أنت شايف علاء كان عامل ازاي يا أدم ف.
-فـ البيه استغل الوضع و أتصل بيكِ عشان مبيعرفش يتعامل مع رجالة.
كان أدم يتفحص سلاحه ليردف:
-حازم قِبل أنك تأخد حبيبته لكني مش هسمح بـ ده يا ابن الصالح.
نظر أكمل لكنز التي كانت تشعر بهبوط من كثرة الضغط التي تمر به الآن، لتردف بانفعال:
-تمام تمام تمام.
أكملت حديثها بنبرة أشد انفعالا و غضب:
-أنا متفهمة اللي بيحصل معاك، ولكني و لا حبيبته و لا حبيبتك.
-أنا و لا حبيت و لا بحب و لا هحب حد، مفهوم؟
-أنا مش لعبة بين ايديكم.
-أنتِ وافقتي على جوازك مني.
-ده مش معناه إني بحبك يا أدم.
-أعتقد إن دِ مشكلة عائلية بقى استأذن أنا.
تقدم أكمل نحو سيارته ليجد أدم يطلق رصاصة نحو قدمه ليتراجع للخلف و هو ينظر له بغضب قائلا:
-أنت عايز إيه مني؟
-عايز أخلص منك عشان البشرية ترتاح.
-يا عم هو أنا جيت جمبك.
اعتدل أدم في وقفته على الفور حينما رأى جده يهبط من السيارة التي وقفت أمامهم للتو ليتقدم نحوهم حاول أدم إخفاء سلاحه ولكنه لم يستطع ليتقدم جلال من كنز التي كانت مندهشة من وجوده لتقول و هي تبتلع لعابها بتوتر:
-جدو أنت إيه اللي جابك؟ أو يعني جيت ازاي؟
-مش مهم يا كنز.
نظر جلال لأكمل وجده ينظر لهم بملل، ليوجه حديثه نحوه:
-إيه يا حضرة المعيد بتكرر القصة ليه تاني مش كنا خلصنا منها!
-ولا تكون حنيت.
تقابلت أعينهم لترى كنز بأن عينيه تمتلك العديد من المشاعر التي رأتها من قبل في لحظة صفاء، لتنظر لجدها و تقول:
-إيه اللي بتقوله ده يا جدي!
-أستاذ أكمل ساعد علاء و علاء مكنش عايز يروح المستشفى عشان ميحصلش محضر و قضية و طلب مني إني أساعده بس يا جدو لكن معرفش أدم ليه بقى متهور في الفترة الأخيرة كدة و.
قاطعها أكمل قائلا و هو يضع يده بجيب بنطاله:
-أنا شايف إن سر مشاكلكم كلها هي أنا، و أنا مرضاش طبعا لعائلة كبيرة زيكم تتأثر عشاني.
-أنا في حالي و أحفادك في حالهم يا جلال بيه، لكن كل شوية حفيد من أحفادك يطلع عقدته عليا أنا مش هسكت أنا محترم الخلافات اللي ما بين عائلتكم و عائلتي عشان كدة مش عايز ازودها لكن قسما بالله لو حد من أحفادك اعترض طريقي تاني.
قاطعه أدم و هو يصرخ بانفعال:
-هتعمل إيه يعني؟
سقطت كنز أرضا بعدما قامت بالتقيؤ لتلتفت حولها العائلة و تشعر علياء بالقلق من أن يكتشفوا أمر حملها.
حملها حازم ليذهب نحو السيارة و معه علياء التي كانت خائفة و مرتبكة ليفسر حازم الأمر بأنها خائفة على صديقتها من أن يصيبها مكروه ولكن علياء كانت خائفة من معرفة الحقيقة حينها سيقعا الاثنان في مصيبة كبيرة.
ذهب حازم بها للطواريء، و العائلة تحاول الاطمئنان على كنز منه.
كانت تأخذ علياء الممر ذهابا و إيابا و هي تدعو بسرها ألا تنفضح كنز لتشعر بأنها على وشك البكاء، تقدم منها حازم يربت على كتفها قائلا:
-متقلقيش هتبقى بخير.
ابتلعت علياء لعابها لتقول بتوتر:
-ممكن ماية؟
اومأ لها حازم و هو ينظر إلى كنز من خلال زجاج الغرفة ليذهب و يجلب لها زجاجة من الماء، خرج الطبيب من الغرفة ليقول بابتسامه هادئة:
-متقلقوش المدام حامل دِ مجرد أعراض.
تنفست علياء الصعداء و هي تنظر لأكمل الذي قامت بإرسال له عدة رسائل لتخبره بالوضع، ليتحرك على الفور مستقلا سيارته و يأتي إلى المشفى المتواجدة بالكمبوند الذي يعيشان به العائلتين.
طلب أكمل رؤيتها ليدلف إلى غرفة الطواريء و يملس على وجهها بحنية، لتفتح كنز عينيها ببطء و تراه أمامها لترتسم ابتسامه بسيطة على شفتيها.
تمسك بيدها و هو يقبّلها ليردف:
-قلقتيني عليكِ.
شعرت علياء بالصدمة حينما رأت عمر يتقدم نحو غرفة ابنته و هو قلق عليها، قامت عائشة بإخباره ما حدث مع ابنتها ليقلق و يعلم باسم المشفى ليتحرك نحوها مباشرةً بعدما ترك أعماله جميعها.
.
.
بقلم/سلسبيل كوبك.
.
يتبع:::::::::::::::::::::
__________________________

ضحايا المنتصف..حيث تعيش القصص. اكتشف الآن