نكمل روايتنا(ضحايا المنتصف)بقلم سلسبيل كوبك..
الفصل ال٢٧..
___________________________
صعدت كنز لغرفتها مع علياء لتقول و هي تشعر بأنها على وشك التقيؤ مرة أخرى:
-تفتكري أكمل هيقدر يتصرف قبل ما أبقى في الرابع؟
نظرت علياء لها بقلق لتقول:
-مش عارفة يا كنز، أنا خايفة عليكِ.
وضعت كنز يدها على بطنها لتقول و هي تحاول أن تستمد بعض الثقة:
-إن شاء الله خير.
التزمت كنز بالفراش لعدة أيام حتى تعافت و عادت للجامعة لتصطدم بأكمل الذي جذبها نحوه في مساعدة منه لها.
نظرت كنز حولها بارتباك لتشكره و تتركه لتغادر، بينما أكمل نظر في أثرها وهو يفكر كيف سيتمكن من إنقاذ الأمر و البقاء معها و مع ابنه.
تنهد أكمل بعمق ليذهب إلى مكتبه و يستعد لمحاضرته القادمة.
دلفت كنز للمدرج لتصعد و تجلس بمكانها و تحضر المحاضرة الخاصة بها بتركيز، لتستمر المحاضرات حتى شعرت بالتعب فتلك الأيام يأخذون محاضرات مكثفة دون راحة ليتمكنوا من إنهاء المنهج قبل الامتحانات.
دلف أكمل المدرج و كانت الأخيرة لديهم، ليرى أكمل بأنهم جميعا منهكون و حبيبته تتألم ليقول:
-كان عندكم محاضرات كتير؟
أردفت إحدى الطالبات بإرهاق:
-كتير أوي يا دكتور.
اومأ أكمل و هو يصوب بصره اتجاهها هي فقط، ليشعر بالعجز لأنه لن يستيطع الذهاب لها الآن و احتضانها.
-تمام، قدامكم نص ساعة تقدروا ترتاحوا فيها و اللي عايز يشتري أكل من بره يقدر يروح.
فرح الطلاب جميعا و بدأوا في التحدث و منهم من ذهب ليشتري بعض الأطعمة.
نهض أكمل و هو يرى الإرهاق على وجهها و تقدم نحوها ليستند على المقعد بكف يده ليتسائل:
-حاسة بتعب؟
اومأت له كنز لتقول:
-شوية.
التفت أكمل للجميع ليتسائل:
-حد هنا معاه مسكن؟
جذبت كنز ثيابه لتقول بهمس:
-غلط عليا.
التفت لها أكمل ليتذكر بأنها حامل ليقول:
-تحبي تروحي؟
نفت كنز برأسها لتقول و هي تفحص حرارتها:
-لا لا.
قالت إحدى الفتيات و هي تشعر بأن هناك أمرا بينهما:
-هو في إيه يا دكتور؟ مالك مهتم بكنز أوي كدة ليه!
ابتلع أكمل لعابه لينظر بحدة لتلك الفتاة التي تحدثت و التي شعرت بالخوف قليلا من نظراته، ليقول بعدها بابتسامه صفراء:
-و أنتِ ليه شاغلة دماغك بكنز اوي كدة!
توترت الفتاة ليقترب أكمل من كنز لترتبك هي الأخرى من نظرات الجميع نحوها، ليردف بهمس:
-لو حابة نروح معنديش مانع.
نفت كنز برأسها و هي خائفة من نظرات الجميع نحوها لتجد أكمل يجعلها تقف و يمسك يدها ليتقدم نحو المقعد الأول و يجعلها تجلس به قائلا:
-معلش يا جماعة زميلتكم تعبان شوية.
حضر أكمل محاضرته بسرعة كبيرة حتى يتمكن من الرحيل و الاطمئنان على كنز.
أنهى أكمل محاضرته بالفعل ليغادر و خلفه كنز التي كانت تشعر بتعب الحمل و كادت أن تسقط ليجذبها صديقها كريم.
تفاجأت كنز قليلا لتقول:
-في حاجة يا كريم؟
-تحبي أوصلك شكلك تعبان؟
-ألف سلامة.
ابتسمت له كنز لتقول و هي تقبض على كتبها:
-الله يسلمك شكرا على اهتمامك، أنا كويسة و هقدر أروح ممكن أركب تاكسي أو أطلب السواق.
كادت أن تغادر ولكن كريم أوقفها بقوله:
-كنز هو أنتِ.
تعجبت كنز حينما صمت لتردف:
-أنا إيه يا كريم؟
-هو أنتِ على علاقة بدكتور أكمل؟
-مش أنا اللي بقول كدة البنات صحابك شاكيين و كمان دكتور أكمل بيعاملك معاملة خاصة تقربيا و مهتم بيكِ.
-أنا ودكتور أكمل معرفة قديمة عشان كدة بنتعامل مع بعض من غير تكلفة.
-مش مهم البنات بيقولوا إيه، المهم أنا راضية عن نفسي و لا لا.
تركته كنز و غادرت لتخاطب عقلها الذي تسائل:
-أأنتِ بالفعل راضية عما تفعلينه؟
غادرت كنز الجامعة لتعود إلى منزلها دون أن تقابل أكمل الذي كان بإنتظارها على بُعد من الجامعة حتى يتمكن من الذهاب لمنزلهم.
قلق أكمل و هاتفها ليجدها ترسل له قائلة:
-"لقد ذهبت لا تنتظرني".
غضب أكمل و قبض على المقود بقوة ليحاول تهدئة نفسه، فهو يفكر كثيرا من أجل مستقبلهما سويا و للآن لم يعود للقصر لأنه متمسك بها و بعلاقتهم.
عادت كنز للمنزل لتجلس مع أهلها و التي وجدتهم متجمعين سوى أبيها و الذي كان يعمل، لتضحك و ترقص متناسية أمر زواجها و حملها الآن لتنعم بتلك الأجواء العائلية التي لن تجدها مرة أخرى.
دلف عمر للقصر ليرحب به الجميع، و جلس عمر معهم بعدما أبدل ثيابه ليتناولوا أطراف الحديث حتى لفت انتباه عمر تلك السلسلة الغربية التي ترتديها كنز ليتسائل عنها:
-فين سلسلتك يا كنز؟
نظرت كنز إلى تلك التي ترتديها لتتذكر بأنها هدية لها من أكمل فهو جلب تلك السلسة الخاصة بالحبيبن نصف لكلا منهم و أخبرها ألا تخلعها أبدا.
ارتبكت كنز لتقول و هي تحاول أن تفكر في كذبة:
-دِ دِ ليا أنا و علياء.
-و فين اللي أنا جبتها ليكِ؟
-محتفظة بيها فوق خوف من أنها تضيع مني و دِ الهدية الوحيدة اللي أنت جبتها ليا و خايفة تروح.
اومأ لها عمر ليقول أدم و هو يتحدث إلى حازم:
-بتحسسني هي و علياء أنهم مرتبطين.
ضربته كنز بالوسادة لتقول:
-أهي أحسن منك على الأقل.
لتقول سميرة و هي تحتضن كنز:
-ملكش دعوة ببنتي يا رخم.
بعد السهرة، صعد الجميع لغرفهم لتنعم كنز بالقليل من القسط لأنها شعرت بيد أحدهم على وجهها لتفتح عينيها برعب و بفزع، ولكنها هدأت حينما رأت أكمل لتتنفس الصعداء و تقول:
-جيت ليه؟
ارتفع حاجبي اكمل بتلقائية ليتسائل:
-قصدك إيه؟
اعتدلت كنز في جلستها لتقول:
-أقصد مكنش ليه لزوم تيجي يا أكمل.
-بقالي كتير مشوفتكيش و ملحقتش أكلمك الصبح في الجامعة.
-عشان وضعنا غلط يا أكمل.
تنهد أكمل و هو يقول بحدة:
-يعني أعمل إيه يا كنز!! أروح أقول لأبوكِ جوزني بنتك و متخافش هشيلها في عينيا و هو هيصدق و هيجوزك ليا.
-لا مش هيعمل كدة، بس على الأقل تثبت إنك بتحبني و أنك حاولت و حاربت عشاني.
-أكمل أنا عارفة أنه حياتنا صعبة و عارفة أنك لو واجهت بابا مش بعيد يقتلك ولكني خايفة تيجي اللحظة اللي ممكن نفترق فيها، أكمل حس بيا أنا كل يوم بنام و أنا خايفة.
-الحب يعني أمان و أنا مش لاقياه في علاقتنا المهددة دِ.
احتضنها أكمل فهي أصغر منه و عقليتها على عكس عقليته، لذلك حاول احتوائها و احتواء شعور الخوف التي تشعر به ليقول بعدما هدأت:
-تأكدي إني لأخر لحظة هفضل متمسك بيكِ و بابننا.
قبّلها أكمل ليحاول التخفيف من حدة الموقف، لتنام كنز بعدما شعرت بالقليل من الأمان ليظل أكمل مستيقظا وهو يفكر في ذلك الأمر و هل الحل كما يدور بباله أن يأخذها و يهربا سويا بعيدا عن العائلتين ولكنه يتراجع في كل مرة.
مرت عدة أيام، لتعتاد كنز على تعب الحمل كما أنها تابعت مع إحدى الأطباء لتطمئن على صحة الطفل و صحتها.
دلفت كنز إلى المنزل لتجد أكمل بإنتظارها، قبّلته على وجنته ليحتضنها و يقول:
-تحبي نطلب أكل إيه؟
-ممكن بيتزا.
حملها أكمل لتجلس على قدميه ليقول:
-يبقى بيتزا، المهم طمنيني عنك و عن مذاكرتك؟
-كويسة.
-مالك يا أكمل؟
-مفيش أنا كويس أهو.
-لا فيك حاجة، أنت متضايق من إيه؟
تنهد أكمل ليقول و هو ينظر لها بداخل عينيها:
-اتخانقت مع بابا و جدي و سيبت القصر و بقيت عايش هنا.
قلقت كنز قليلا، ما قد يكون السبب وراء تركه للقصر أهل يمكن أنهم علموا بعلاقتهم سويا ولكنها نفت ذلك الأمر لتفكر ولكنها لم تجد إجابة.
-ليه؟
-مش مهم.
اقترب منها أكمل ولكنها تراجعت للخلف قليلا لتقول:
-مش هتطلب بيتزا؟
ضحك أكمل عليها ليقول بابتسامه أذابت قلبها من فرط جماله:
-هطلب.
عادت كنز إلى القصر بعدما قضت اليوم بأكمله مع أكمل و الذي لطالما نسي مركزه دوما و هو معها و نسي بأنه ذلك الرجل الهاديء الذي لا يجب له أن يجري و يلعب معها ولكنها أجبرته على هذا ببرائتها التي لم تلوث بعد و ثقتها التي وضعتها بأكملها به.
عاد أكمل إلى القصر حينما هاتفه عادل ليأتي له، جلس أمامه أكمل ليتلقى صفعة لن ينساها طوال حياته:
-كنت فاكرك راجل و أقدر أعتمد عليه، أنت إيه!
-هانت عليك عائلتك عشان خاطر بنت عمر الهواري!
-أنت اتجننت قولت سيبه يمكن بكرة يعقل ولكن لا لا كل يوم الأمر بيزداد للأسوأ أنا مش عارف لحد امتى هفضل ساكت.
-قسما بالله يا أكمل لو منستهاش لأمحيها ليك من على وش الأرض.
كان سيلتزم بالصمت لولا تهديد أبيه الصريح ليغضب و ينظر له بأعين تشتعل من شدة الغضب كتعبير مجازي على شدة غضبه، ليقول بنبرة حادة حاول جعلها منخفضة حتى لا يستمع له أحد:
-كنز خط أحمر ولو فكرت تقرب ليها، ساعتها أنا اللي هنسى أنه ليا أب.
______________________
استيقظت كنز في صباح اليوم التالي بنشاط، فاليوم اجازتها لتشعر ببعض الراحة لتدلف إلى المرحاض و تأخذ حماما دافيء يرخي أعصابها و خرجت لتبدل ثيابها لأخرى نظيفة و أنيقة كانت تضع من العطر على عنقها ولكنها استمعت لصراخ بالأسفل لتقلق و تهبط لأسفل حتى ترى ما يحدث.
وجدتهم كنز ينظرون لها و الدهشة تحتل ملامحهم، لتتعجب و هي ترى بأن كل منهما يحمل بيده شيئا ما.
اقتربت كنز من ليلى و التي كانت على مقربة منها لترى ذلك الذي بيدها، لتشعر بسكينة وُضعت بداخل قلبها و فوقها رماد حتى لا تتمكن من إزالة ذلك الألم الذي تشعر به الآن.
تجمعت الدموع بداخل عينيها و هي تحاول ألا تصدق ماتراه، لا يمكنه خيانتها فهي زوجته و حبيبته التي لن يستطيع التخلي عنها.
أغمضت كنز عينيها و هي تقول بداخلها بأن تلك الصورة ليست صحيحة، تلك ليست هي ولكنها فتحت عينيها مرة أخرى لترى الصورة أمامها مرة أخرى.
لترفع رأسها لهم جميعا و هي تراهم يمسكوا تلك الصور بيدهم مندهشين أثر تلك الصدمة التي أثرت عليهم، ولكن المشكلة هنا ليست بتلك الصور التي بيدهم بل بذلك الفيديو أمام عمر.
كان عمر يشاهد الفيديو مرارا و تتكرار و هو يكذب عينيه, فتلك ليست ابنته؛ فابنته بريئة ليست بذلك السوء لا يمكنها فعل ذلك الأمر.
حاول تكذيب عينيه عدة مرات ولكن تلك الفتاة بالفيديو تحمل ملامح ابنته الجميلة و أيضا تلك الشامة بكتفها، ليرفع رأسه نحوها و يجدها مصدومة وكأنها للتو فقدت شخصا عزيزا عليها ولكن بالفعل هي خسرت شيء عزيز.
ليخفض رأسه مرة أخرى أمام ذلك الفيديو، متسائلا لما استسلمت لذلك الغريب لما وضعت شرفها بالأرض، ولكن هذا ليس بالغريب أنه ذلك الدكتور الحقير ابن الصالح الذي قام بتحطيم وكسر رجولة عمر و وضع قدمه فوق كرامته.
أغمض عمر عينيه، ولكنه كيف بإمكانه الصمود على هذا الهدوء كثيرا أنها ابنته، شرفه، قوته، كرامته، اسمه أنها تلك التي وضعت رأسه أرضًا.
ليستمع إلى ضحكاتها التي تؤكد صحة ما يحدث، هي من ذهبت له إلى فراشه بغرفة نومه ألتلك الدرجة ابنته بذلك الرخص!
أغلق عمر الحاسوب الخاص به بعنف و قام بتحطيمه أرضًا، لتنتفض كنز من مكانها ليتقدم نحوها و يصفعها بقوة على وجنتها اليسرى ولكنه لم يكتفي بذلك قام بصفعها عدة مرات حتى أصبحت وجنتها حمراء كلون الدماء الذي سقط من شفتيها أثر الصفعات.
لتنهار كنز في البكاء و تتقدم منها أمها تحتضنها بقوة و هي تتسائل بداخلها لما قامت ابنتها بكسر قلبها بتلك الطريقة، لما قد استسلمت لذلك الحقير الذي سلب برائتها!
كاد أن يضربها مرة أخرى لتقاطعه عائشة:
-عمر متنساش أنها بنتك.
-بنتي! بنتي عمرها ما تحط رأس أبوها في الأرض.
-بنتي بتعرف كويس تحافظ على شرفها.
ليصرخ بقوة قائلا:
-اللي قدامك دِ مش بنتنا دِ واحدة تانية فاكرة نفسها كبرت، كان الموضوع عاجبك يا.
سبّ عمر عدة مرات، لتتقدم سميرة من كنز هي الأخرى و هي مازالت لا تستوعب ما حدث، ابنتها لم تفعل هذا ابنتها لا تتعرى هكذا و تفعل ذلك.
كانت كنز تنهار بأحضان كلا من أمها و عمتها، لتجد أبيها يشعر بالألم بقلبه ليجلس على الأريكة خلفه و هو يلتقط أنفاسه بصعوبة.
تقدمت كنز نحوه و جلست أمامه على ركبتيها ممسكة بيده قائلة ببكاء و انهيار:
-سامحني أرجوك أرجوك سامحني.
-أنا أسفة، أرجوك يا بابا سامحني أنا بنتك أرجوك.
-عشان خاطري، سامحني أنا أنا.
صمتت كنز و هي لا تعلم بما ستبرر فعلتها، أستقول لهم أنها تحبه و تزوجته أم أنها حامل الآن بابن ذلك الدكتور.
كاد أن ينهض ولكنها أوقفته و هي تقول:
-أنا أسفة سامحني أرجوك.
-أنتِ من هنا ورايح مش بنتي، لأن بنتي مستحيل تعمل اللي أنتِ عملتيه مستحيل توطي اسم العائلة كلها في الأرض مستحيل تبيع شرفها.
دفعها لينهض و يغادر ليصعد إلى غرفتها، بينما ليلى كانت خائفة كثيرا من أن يصيب كنز مكروه و هي لم تصدق بأن ابنة خالها ستقوم بذلك الفعل الشنيع البشع.
كانت الشباب ليست مستوعبة بأن كنز بتلك الأخلاق ليتركوا الصور تسقط أرضًا من هول الصدمة، أنها كنز و بأحضان ذلك الحقير أكمل و يبدو بأن الأمر بإرادتها ليغادروا سريعا فهما على وشك فقدان وعيهم من كثرة الصدمة التي ستصيبهم.
جلست كنز أرضًا على ركبتيها و أخذت تصرخ و تبكي بقوة و هي ترى تلك الصور أمامها أرضًا لتتذكر تلك اللحظات و التي كانت بداية للهلاك.
لتتسائل بداخلها، أتلك السعادة التي وعدها بها، ألم يخبرها بأنه سيظل يحبها للأبد و أخبرها بأنه لن يتركها و لن يخون تلك الثقة التي وضعتها به.
ألتلك الدرجة هانت عليه!! و استطاع أن يغفلها ليقوم بتصويرها معه و إرسالها لمنزلها ليقوم بفضحها من أجل عائلته، أكانت مجرد دمية يحركها بين يديه ليستطيع التحكم بها كما يريد و يستطيع تدمير عائلتها.
دلفت علياء للقصر لتتعجب من كنز الساقطة أرضا لتجري نحوها و تجلس بجانبها أرضا متسائلة عما يحدث، لتسقط كنز أسيرة لذلك الظلام بين يدي علياء التي صرخت برعب و خوف على صديقتها.
ليحملوها إلى غرفتها، و كانت تبكي عائشة بأحضان سميرة التي لم تستوعب بأن ابنتها البريئة التي لطالما كانت صديقة لها و تحتويها قامت بخيانة ثقة أبيها و خيانتها.
قصت ليلى ما حدث على علياء لتنصدم و ترى تلك الصور، لتنظر إلى كنز و التي كانت تبكي أثناء إغمائها؛ فهي إن كانت تبكي دموعا فقلبها ينزف دما أثر تلك الضربة التي أخذتها من ذلك الذي كان الكون بعينيها.
بينما بغرفة عمر، كان يحاول إلتقاط أنفاسه و هو يجاهد ألا يتذكر ذلك الفيديو أمامه ولكن كلما حاول نسيانه كلما تذكر، كيف يمكنه تخطي تلك الفكرة ابنته و بأحضان رجل غريب.
دلفت عائشة لغرفته لتغلق الباب خلفها و تتقدم نحوه لتحتضنه ليبدأ عمر في البكاء بصمت بأحضانها لتربت على كتفه و هي تشعر بألامه فهو أب و رأى ابنته بوضع غير لائق ولكن الأمر بإرداتها، أتلك هي التربية!!
___________________________
كان أكمل يجلس بغرفته يعمل على حاسوبه حتى دلف جده إلى الغرفة لينهض و يبتسم له:
-أتفضل يا جدي.
-أنا جاي أتكلم كلمتين بخصوص اللي اسمه كنوز دِ.
تنهد أكمل بملل ليقول:
-مبدأيا اسمها كنز يا جدي، ثانيا مش قفلنا الموضوع انا جاي بس لأجلك ده مش معناه إني هسيبها.
حرك باسل رأسه لأسفل ليقول و هو يستند على عكازه:
-ولكن هي اللي عايزة تسيبك.
عقد أكمل حاجبيه بتلقائية ليتسائل:
-قصدك إيه؟
-أنت فاكر بنت عمر الهواري هتبصلك أو هتحبك!
-دِ كانت لعبة ** هما عملوها عليك.
-اللي اسمها كنز دِ متربية على إيد عمر الهواري عارف يعني إيه عمر الهواري!
-كل ده تخطيط عائلة الهواري، يوقعوك في حبها تحاربنا عشانها و في الأخر يحركوك زي العروسة اللعبة.
-هما بس منتظرين اللحظة المناسبة اللي يعرفوا يكسرونا صح.
-تقبل لعائلتك الكسرة يا أكمل!
جلس أكمل على الأريكة و هو يبتلع لعابه ليفكر في حديث جده، ولكن لا كنز تحبه و لا تلعب به ليقول:
-كنز مش من النوعية دِ، كنز بتحبني و كمان دِ حامل في ابننا.
صُدِم باسل بقوة حينما استمع لحديثه ليقول:
-هو أنت غلطت مع البت دِ!
ارتبك أكمل قليلا ليقول بعدها:
-لا، أنا و كنز متجوزين عند مأذون من غير ما يتسجل عقدنا في المحكمة.
حرك باسل رأسه عدة مرات و هو يفكر في تلك المعضلة التي تواجهه، لينظر إلى أكمل قائلا:
-و مين قالك أنها حامل بجد! مش ممكن بتضحك عليك عشان تربطك بيها أكتر و أكتر و تتمكن منك أوي و تقدر تتحكم فيك.
ابتلع أكمل لعابه من تلك الفكرة، ليحاول نفي حديث جده من عقله كنز لن تخونه.
-اللي بتقوله مش صحيح، كنز مراتي و أم ابني و مش هتخوني و لو انتهت كل حلول الأرض هأخدها و هنمشي بعيد عن هنا.
ضحك باسل بسخرية ليقول:
-أنت مصدق نفسك يا دكتور! بكرة تبيعك و تقول جدك قال بس ساعتها متندمش.
نهض باسل بعدما زرع الشك بقلب أكمل، ليتنهد أكمل و يعود لعمله ولكن لم يستطيع فحديث جده يؤثر به ولكنه يقنع ذاته بأن امرأته لا تخونه.
على الجهة الأخرى،،
استيقظ عمر في صباح اليوم التالي و هو يشعر بتعب بقلبه و غادر في الصباح الباكر ليستقل سيارته بمفرده وهو يفكر بتلك الفوضى التي فعلتها كنز بفعلتها البشعة.
ليصطدم بإحدى الشاحنات الكبيرة و تصطدم رأسه بالزجاج بقوة ليسقط على الفور مغشيا عليه و الدماء تحيط وجهه.
بالمنزل،،
كانت عائشة تصرخ حينما علمت بخبر نقل زوجها لإحدى المستشفيات، لتنهض كنز بقوة و ألم بقلبها لتردف:
-بابا! بابا حصله حاجة؟
نهضت كنز و هي تتجه نحو الخارج ولكن علياء اوقفتها لتقول:
-كنز اهدأي يا كنز.
-ده بابا يا علياء وسعي.
دفعت كنز علياء بقوة لتهبط لأسفل و تجدهم جميعا بالأسفل يستعدوا للذهاب إلى المشفى، لتتسائل كنز بدموع:
-هو بابا كويس؟
صرخت عائشة بوجه ابنتها لتقول:
-اخرسي مش عايزة اسمع صوتك، اطلعي على فوق أنتِ ليكِ عين تنزلي!
انكمشت كنز على نفسها لتجد علياء تحتضنها و هي تبكي، ليغادر الجميع عدا كلا من ليلى و علاء و جلال الذي علم بالأمس ما حدث عندما عاد من زيارة صديقه.
نهض جلال من على مقعده ليفتح ذراعيه نحو كنز التي جرت على الفور اتجاهه لتحتضنه و تبكي بداخله بقوة كادت أن تلفظ بها أنفاسها الأخيرة ليربت جلال على كتفها و قبّل رأسها، وجد الجميع ضدها ليقرر بأن يكون هو ذلك الخيط الرفيع التي تتشبث به.
ذهبت عائشة على الفور حينما علمت برقم الغرفة التي يوجد بها عمر لتجد وجهه مليء بالكدمات، ابتلعت لعابها و هي تشعر بالخوف عليه لتتقدم نحوه ببطء و تلمس وجهه بحنية ليفتح عمر عينيه عندما شعر بها.
بكت عائشة لا تعلم أبكت على حالته؟، أم حالة ابنتها أم ماذا فهي تشعر بخنقة كبيرة تسيطر على قلبها.
ربت عمر على يدها لتمسكها و تقبّلها بحنية، ابتسم عمر بخفوت ليتذكر ابنته و يتسائل:
-فين كنز؟
نظر عمر حوله ولم يجدها معهم ليقلق و يحاول النهوض لتقول عايشة و هي تطمئنه:
-في البيت مع جدها متقلقش.
-كانت عايزة تيجي يا عمي ولكن الظروف بقى.
اومأ عمر لـ حازم، ليطمئن الجميع على حالته و يخبرهم الطبيب بأنه سيبقى بالمشفى لعدة أيام.
ليغادر الجميع و لم يجعل عائشة تُبيت معه كما قالت لتعود معهم.
بعد منتصف الليل،،
دلفت كنز لغرفة أبيها بالمشفى بعدما هربت من القصر لتاتي و تراه و أيضا قامت بالدفع لموظفي الأمن بالمشفى.
اقتربت كنز من أبيها لتمسك يده ببطء و قبّلتها، جلست بجانبه على ركبتيها لتبكي بصمت و تردف بخفوت:
-ألف سلامة عليك يا حبيبي.
غادرت كنز المشفى سريعا لتعود إلى المنزل، احتضنت كنز علياء بقوة و أنهارت في البكاء كثيرا مرة أخرى فهي ليس بيدها سوى البكاء و الندم على ثقتها بذلك الخائن الذي أرسل صورهم سويا على فراشهم لأبيها و عائلتها بأكملها لتتسائل ألم يشعر بالذنب و هي مازالت على ذمته لتسخر من نفسها قائلة أليس من الممكن أن زواجهم باطل و قام بخداعها أيضًا.
مرت عدة أيام و تدهورت حالة كنز كثيرا، فهي حامل و قام جلال بأخذ هاتفها و علياء لم تفارق كنز أبدا.
لتزداد حراسة المنزل بأمر من عمر بالمشفى، لتنهض كنز على صراخ أمها مرة أخرى ولكن تلك المرة على خبر وفاة أبيها لتسقط أرضًا بعدما علمت الخبر.
كانت تنظر كنز حولها بصدمة لتردد:
-بابا أنا! يعني بابا هو اللي مات؟ يا علياء ردي عليا بابا كويس صح!
دلف كلا من شريف و فاطمة للمنزل فهما كانوا مسافرين للخارج لقضاء بعض الوقت الممتع، ولكن علاء هاتفهم و أخبرهم بما حدث لكنز ليستقلوا طائرة و يأتوا على الفور تقدم شريف من كنز ليجذبها نحوه و يضربها بقوة و غضب، فالأمر هذا أثر به و بمركزه أمام ذلك المدعو عادل الصالح.
دفعه كلا من أدم و حازم عنها، لتبكي من شدة الألم و فقدان أبيها.
-اهدأ يا بابا عمي تعيش أنت.
جلس جلال على الأريكة وهو لا يستوعب ذلك الأمر، لتصرخ كلا من سميرة و عائشة بقوة؛ فعمر الهواري بمثابة عمود ذلك المنزل.
بينما على الجهة الأخرى،،
سافر أكمل لبضعة أيام بأمر من أبيه لينهي بعض الأعمال المهمة و الطارئة لينتهوا هم من تخطيطهم الشيطاني.
قضت كنز أيام العزاء في صمت تام و هبوط حاد أثر ذلك الحزن الذي يخيم على قلبها و ذلك الحمل الذي يأكل بجسدها.
كانت تجلس بغرفتها تغلق الباب عليها تمنع أحد من زيارتها، ليشعروا بالحيرة اتجاهها استمعت كنز لصوت هاتفها لتنهض على الفور و بدأت تبحث عنه لتجد عدة رسائل منه لتسبّه على كذبه ولكنها انتبهت للرسالة الاخيرة و التي قام بإرسالها الآن و الذي كان مضمونها:
-"لقد عودت الآن، و أريد رؤياكِ بمكاننا الهاديء".
جرت كنز نحو غرفة ثيابها لتجذب أول ما وقع بيدها و الذي كان ثوب باللون الأسود لم تهتم بمنظرها الكئيب و الشاحب و شعرها الذي لم تهتم به لأكثر من أسبوعين لتهبط لأسفل.
وجدت كنز عمها يثور و يغضب على موت أخيه قائلا و هو يمسك سلاحه:
-أخويا مات بسببها بسبب قهرته، دِ متستاهلش تعيش.
اشتعلت عيناها بغضب عارم و جذبت ذلك المسدس من عمها و غادرت القصر بخطوات سريعة و قادت سيارتها و هي تحاول تنظيم أنفاسها.
توقفت أمام مكانهم المفضل ولم يأتي بعد لتنتظره حتى أتى و هو يبتسم ليقترب منها و يحتضنها بحب من الخلف، لتلتف له ببطء و أبعدته بقوة استغربها كثيرا و نظر لها و هو يرى الدموع تغرق عيناها.
رفعت يديها الممسكة بالسلاح و صوبته نحوه، بينما هو جحظت عيناه و هو يشعر بالخذلان أحقا كان جده صحيح فيما أخبره؟ أهي لم تحبه و أن هذا تخطيط أبيها و أنه كان كالدمية بين يديها؟، ليحاول التحدث ولكن الكلمات توقفت بحلقه حينما رأها تطلق نحوه، ليضع يده على موضع الطلقة و يسقط أرضًا مغمضا عيناه و هو يتمنى أن ينتهي ذلك الكابوس المؤذي، بينما هي لم تشفق عليه لتتخطاه و تفتح باب سيارتها لتستقلها و تغادر دون أن تنظر له مرة أخرى.
الأمر كان أشبه برؤية الأمان بعينيك، ولكني أُصيبت بالعمى.
.
.
بقلم/سلسبيل كوبك.
.
يتبع:::::::::::::::::::
__________________________
أنت تقرأ
ضحايا المنتصف..
Romanceاستدارت مستجيبة لِـندائه، فَزادت من قبضتها على حقيبة السفر و هي تنظر له يسير تجاهها. لم يجرؤ أحدهم على الحديث التزموا الصمت، و كأن لسانه لُجِم. فعقدت حاجبيها و هي تلتف؛ لتذهب و تجر حقيبتها خلفها، ولكنها توقفت مرة أخرى عندما أردف بكلمته الوحيدة: -متم...