نكمل روايتنا(ضحايا المنتصف)بقلم سلسبيل كوبك..
الفصل ال٢٩..
__________________________
كان يجلس علاء أمام مكتب عادل وهو يفرك يده بارتباك، فهو قرر أن يتقدم لخطبتها في النور لا أن يكرر مأساة كلا من أكمل وكنز هو لم يكن على وعي كافي في الماضي ولكن الآن سيحارب من أجلها و من أجل حبه حتى و إن رفضه سيكرر طلبه عدة مرات.
نظر له عادل بغضب ليقول:
-ياريت تنجز أنا مش فاضي لحد منكم.
-صراحةً يا عادل بيه أنا جاي أتقدم لورد بنت حضرتك.
نهض عادل وتقدم من علاء ليميل على المقعد الخاص به قائلا:
-و أنت يا روح أمك جاي هنا في أرضي و لوحدك و مش خايف من طلبك ده!
ابتلع علاء لعابه و أردف مبررا:
-أنا جاي لأني بدافع عن حبي لبنت حضرتك.
ضحك عادل ليقول:
-و يا ترى عائلتك عارفة؟
-الأهم إن حضرتك توافق و عائلتي هتقتنع إن شاء الله.
ظل عادل يضحك بقوة بسخرية من علاء الذي شعر بالإحراج، ليقول عادل بعد أن هدأت نوبة ضحكه المستفزة:
-أسف أسف، ولكن طلبك مضحك أوي انت و بنتي!
-بنتي أغلى منك فوق، أنت إنسان ضعيف.
رفع سماعة الهاتف الخاص به ليطلب الأمن، نهض علاء قائلا:
-مفيش لزوم أنا هقدر امشي لوحدي و ردك وصل.
ابتسم عادل باستفزاز قائلا:
-لازم تأخد واجبك، دخلت الشركة دِ برجليك ولكن هتخرج منها على نقالة.
لينهض عادل نحوه و يلكمه بقوة، سقط علاء أرضًا وهو يلتقط أنفاسه لينظر له قائلا:
-ياريت حضرتك تحترمني زي ما احترمتك.
نهض علاء ليغادر ولكن موظفي الأمن دلفوا ليأمرهم عادل بأن يعطوه واجبه.
كان علاء أرضا يحاول تفادي ضرباتهم، ليقول عادل بحدة:
-إياك تفكر في بنتي تاني وإلا المرة الجاية مش هكتفي بضربك هتبقى حياتك التمن.
حملوه موظفي الأمن ليرموه خارج الشركة، ليحاول علاء النهوض ولكنه يشعر بالألم الشديد أثر تلك الضربات التي تلقاها، لينهض و يتقدم نحو سيارته وهو يعرج أمام الجميع ليستقل سيارته و يأخذ نفسا عميق وحاول القيادة ولكنه لم يستطيع حتى قادها و غادر من أمام شركة عادل الصالح ليسبّه بداخله عدة مرات.
على الجهة الأخرى،،
كانت يده تحتضن خصرها بتملك أمام الجميع، لتشعر كنز بالارتباك لتحاول أن تبتعد عنه ولكنه رفض قائلا:
-عايزة تروحي فين؟
-عايزاك تبعد إيدك عني.
-أحنا قدام الناس مش هينفع.
-هو إيه اللي مش هينفع يا أدم!
تقدم أحد رجال الأعمال من أدم ليصافحه و يقبّل يد كنز قائلا:
-تشرفت جدا بالعمل معاكم، و إن شاء الله مش العقد الأخير.
ابتسمت له كنز ليومأ أدم رأسه بمجاملة، ليغادر ذلك الرجل ويقول أدم:
-تحبي نروح؟
-ياريت.
تركته كنز على الفور و هي تبعد ذراعه على غفلة لتذهب نحو السيارة وهي تتنفس الصعداء، فهو يراها شيء ثمين من ممتلكاته ويخاف عليه ليصطحبها معه أينما ذهب.
عادوا إلى المنزل سويا بعدما اصطحبهما السائق نحو القصر، لتهبط كنز و تصعد للأعلى على الفور وهي تشعر بالخنقة متسائلة أسيظل بتلك الحالة بعد زواجهم!
أغلقت بابها لتبدأ في تبديل ثيابها لأخرى منزلية، فهي تتعب الآونة الاخيرة لإنغماسها بالعمل كثيرا تحاول نسيان أكمل وما قاله؛ فهي كانت تعلم من البداية بحقيقة الأمر لقد أتت لها نهلة و أخبرتها.
كانت في إحدى الليالي بعدما استعادت توازنها و ثقتها لتزداد أكثر جرأة و أكثر قوة ونقوذ، لتخبرها السكرتيرة بأن نهلة الصالح من عائلة الصالح تودّ مقابلتها.
رجعت للخلف وهي تستند على مقعدها متسائلة ما سبب مجيئها بعدما انتهى كل شيء.
لتسمح لها بالدخول، لتدلف نهلة لها وتجلس أمامها بعدما صافحتها لتلتزم الصمت وهي تنظر لها نظرة ثاقبة جعلت نهلة تشعر بالريبة قليلا، لتبتلع ريقها و تقول:
-أخبارك يا كنز؟
ظهرت تعابير السخرية على وجهها لتقول:
-هو ده اللي جابك؟
-لا اللي جابني حال ابني أكمل.
-ماله البيه! وكمان جاية عندي ليه؟
تنهدت نهلة لتقول:
-كنز اللي حصل مكنش من تخطيط أكمل، أنا عرفت اللي حصل ولكن بعد فوات الأوان بعد ما ابني ضاع مني و سافر وملحقتش حتى إني أوضح ليكم الأمور.
-يا أسفي عليكِ أنتِ وهو.
اعتدلت كنز في جلستها لتنتبه لحديثها و تتسائل:
-أنتِ قصدك إيه؟
-أقصد إن عمي و عادل عرفوا علاقتكم ببعض، وكانوا مراقبين تحركاتكم وللأسف كانوا بيصوروا كل اللي بيحصل خطوة بخطوة حتى الشقة كان فيها كاميرات و أكمل صدقيني مكنش يعرف.
حركت كنز رأسها عدة مرات لتقول:
-وأنتِ جاية تقولي كدة بعد تلت سنين!
-كنز ابني سعادته في إيدك، بقى بيكرهنا و بيكره مصر و.
-وبيكرهني!
-والله هي ما بقت فارقة يا نهلة هانم، اللي حصل حصل و أنا مش هغيره.
-كنز أنا بس عايزاكِ تسامحيه، عايزاكِ ترجعيه لحضننا ولينا.
حركت كنز رأسها بسخرية وهي تقول:
-ابنك عارف هو بيعمل إيه.
-وعارف كمان إيه اللي هو غلط فيه، مش معنى إنه ملهوش علاقة بالصور يبقى مش غلطان.
-أنا و ابنك علاقتنا انتهت.
تعالى رنين هاتفها لتستطيع كنز التعرف على المتصل، فكانت صورته بارزة لتبتلع لعابها قائلة:
-ردي لو حابة.
أجابت نهلة على ابنها والذي لم يحادثها منذ سفره، لتقول:
-حبيبي أخبارك إيه؟
-الحمدلله يا حبيبتي، طمنيني عنك.
-كدة متسألش عننا كل الفترة دِ!
-معلش يا حبيبتي، خدت فترة علشان أظبط أموري وكمان محضر ليكِ مفاجأة.
-إيه؟
-خدي كلمي.
-مين؟
كانت تتحدث مايا العربية ولكن لا تتقنها، لتقول:
-أزيك يا نهلة هانم؟
-الحمدلله، معلش الصوت جديد مين؟
-دِ مراتي مايا يا ماما.
ابتسمت كنز بكبرياء، حتى وإن كان الأمر يؤلمها لن تريهم حزنها لتتسائل بداخلها ألم تكن له الأولى والأخيرة كما أخبرها!
-وكمان بقيتِ جدة.
شعرت نهلة بالحرج من كنز، فكان الصوت مرتفع قليلا لتستطيع كنز الاستماع لحديثهم.
-طنط أنتِ مش مبسوطة؟
-لا يا حبيبتي ازاي يعني، مبسوطة مبسوطة.
-ده ابني الوحيد، ألف مبروك.
-طب يا أكمل هقفل دلوقتي.
أغلقت نهلة الاتصال لتنظر أرضا من كثرة الخجل، فهي هنا لتخبرها ألا تنساه وتعطيه فرصة وابنها تزوج بأخرى حتى وإن لم يعلم بالحقيقة ألتلك الدرجة كان حبها عابر ليتخطاه!
رفعت كنز الحرج عنها بقولها:
-أكمل صفحة و اتقفلت يا نهلة هانم، وأتمنى يكون الأمر بالنسبة ليكِ كدة.
-وأعتقد تروحي دلوقتي بدل ما حد يعرف أنك جيتي ليا و ساعتها هتحصلك مشكلة.
دلفت للشرفة وهي تلتقط أنفاسها، تحاول أن تقنع ذاتها بأن ذلك قدرها.
دلف جلال للغرفة ولم تشعر به كنز حتى وجدته يقف خلفها مباشرةً لتنتفض في مكانها و تنظر له.
-جدو في حاجة؟
-مفيش.
وقف بجانبها لينظر حوله قائلا:
-بس أنا قدرت احافظ عليكم صح؟
-أكيد.
-مبسوطة مع أدم؟
كانت إجابتها الصمت، فهي لا تشعر بالسعادة معه تحبه كأخ وليس كحبيب أو زوج.
-وأكمل باشا لسة معرفش الحقيقة!
نظرت له، فهي أخبرته بما أخبرتها به نهلة و قصت عليه كل حياتها و التي كانت تخفيها عنهم ليقرر مسامحتها و إعطائها فرصة أخرى و يصبح هو الداعم الأول بعد والدها لها.
استمعوا لصراخ فاطمة والتي فزعت حينما رأت ابنها و الدماء تغطي وجهه، ليهبطا لأسفل و تتعجب كنز من حالة علاء.
ليغضب علاء قائلا:
-ما خلاص قولتلك خناقة و خلص الموضوع.
-تعالى هنا، أنت مش شايف وشك عامل ازاي!
-عامل إيه يعني!
تقدمت كنز من علاء لتقول وهي توجه حديثها لفاطمة:
-خلاص مفيش داعي للكلام دلوقتي.
-اطلع ارتاح يا علاء وبعدين نبقى نتكلم.
تركهم علاء ليصعد للأعلى وهو يشعر بالغضب من ذاته و من تلك الظروف التي وُضِع بها.
على الجهة الأخرى،،
كادت أن تدلف علياء للقصر لتجده هو الأخر يدخل، لتتراجع للخلف قليلا حتى يعبر ولكنه تراجع هو الأخر لتعبر هي الأول.
-اتفضل.
-اتفضلِ أنتِ يا مدام علياء.
شعرت بالقهر من لفظه لمدام، لتقول وهي تبتلع لعابها:
-للدرجة دِ مش طايقني!
-ومين قال كدة!
-أسلوبك تعاملك معايا من ساعة ما رجعت.
-باين أوي أنك مش طايقني أبقى موجودة في المكان اللي بتبقى فيه.
اغروروقت عيناها بالدموع حينما تذكرت معاملته الجافة لها، لتكمل حديثها وتقول:
-أنت عارف أنه مكنش ذنبي، ومكنش اختياري.
تقدم منها ليجذب ذراعها نحوه بعنف قائلا:
-مرفضتيش ليه! مجتيش ليا ليه؟
-بصفتك مين!
-كنت هأجي أرمي نفسي عندك وخلاص.
-جه وهددني بحياتي و بحياة كنز كنت عايزني اعمل إيه! أذيك أنت كمان!
تركته علياء لتذهب و تدلف للقصر، ليلتقط حازم أنفاسه بصعوبة وهو يرى أثرها ليجري نحوها ليكون على مقربة منها قائلا:
-علياء أنا بحبك.
ليجرب حظه تلك المرة لن يخسر خسارة فادحة باعترافه كما أخبرته كنز، الفرص لا تأتي كثيرا لنستغلها أو لنستغني.
صدمة كبيرة احتلت تعابير وجهها، وفرحة احتلت قلبها، وابتسامه تزينت على شفتيها لتغادر على الفور وهي تشعر بالخجل من الالتفات له وتجري نحو القصر لتصطدم بكنز والتي كانت لتوها ستتفقد أحوال الجنينة.
-آه!
شعرت كنز بالريبة من تعابير وجه علياء، ليدلف حازم خلفها لتعلم بأن هناك أمرا حدث بينهما لتقول:
-حمدلله على السلامة.
-الله يسلمك.
-تركهم حازم وصعد للأعلى ليبدل ثيابه و يظل طيلة اليوم يفكر بردها و لما تركته دون أن تعطيه إجابة على اعترافه.
كانت تقف و تروي الورد لتخبرها علياء بما حدث معها و تبتسم كنز لسماع ذلك.
-طب و أنتِ ردك إيه؟
-تفتكري ينفع يا كنز؟
-الفرص لا تعوض لتُستغل أو لنستغن عنها.
-اتعلمي بقى.
-وأنتِ مجربتيش ترجعي لأكمل ليه؟
صمتت كنز قليلا لتقول بنبرة هادئة:
-أنا وأكمل غير يا علياء، قصتنا معقدة.
-وكمان اللي حصل زمان كان كفاية أنه يهدم كل اللي ما بينا.
لتضحك علياء وهي تقول:
-بس أنتِ و أدم هتبقوا مسخرة.
-أنا جعانة، تعالي نشوف أكل إيه.
تركتها كنز لتغادر وخلفها علياء وهي تشعر بالحيرة في أمر صديقتها.
__________________________
نهضت نهلة على الفور جينما رأته يتقدم نحوهم، لتتقدم هي منه وهي تحيط وجنتيه بيدها قائلة:
-قلقتني عليك يا حبيبي.
نظر لها ولم يعلق لتأتي له هدى وهي تتسائل:
-كنت فين كل ده؟
تقدمت منهم أمل وهي تقول لأكمل:
-ده حسام قالب الدنيا عليك.
اومأ لها أكمل ليتركهم ويصعد لغرفته، وجد بها أسر و ورد التي تحاول أن تطعمه ولكنه يرفض حتى يأتي أكمل له، ليقول أكمل بصوت يُكاد يُسمع:
-ورد معلش اخرجي شوية.
اومأت له لتنهض وتغادر و يتقدم أكمل من أسر، ليحتضنه أسر بقوة و اشتياق فهو منذ ثلاث ليال لم يراه أو يطمئن عليه.
بعد فترة،،
هبط أكمل لأسفل مع ابنه وحقيبة سفرهم، لتجري نحوه نهلة قائلة:
-هتسبنا تاني!
ابتسم أكمل قائلا بسخرية:
-وجودي زي عدمه.
-و كمان مين هنا بيحب التاني!
-ده و لا ده؟
أشار على كلا من باسل وعادل بسبابته، ليكمل حديثه بعدما ترك يد أسر ليتقدم نحوهم:
-أساس البيت و العائلة.
-رجالة البيت اللي بتفضح بنات الناس و اللي بتفرق بين اتنين و اللي بترفض الحب واللي واللي كتير بقى.
-ملائكة يا عيني ظالمينهم أحنا.
وضع باسل رأسه أرضًا وهو يستند على عكازه ليعيد تفكيره فيما حدث، بينما عادل جلس على الأريكة واضعا قدم فوق الأخرى بلامبالاة ليبغضه الجميع.
-أما أنتِ وجدتي بقى قولتوا أحنا مش هنقبل بالأمر ده ولكن هنسكت، اهو اللي حصل حصل.
ليصرخ بانفعال مكملا حديثه:
-ولكن متعرفوش إن اللي حصل كسر قلبي و قلبها.
-دمرني ودمرها، دمر ابننا دمر حياتنا.
-أنتوا كنتوا بتفكروا ازاي!
-وحتى لو طلعت أنا مظلوم و إني ضحية زيي زيها، هتثق فيا ازاي! أو هتوافق حتى ترجع ليا.
-تمن سنين بتألم و بتوجع و قلبي بينزف و أنا مش قادر اصرخ و أقول إني لسة بفتكرها لسة بحن ليها لسة مش قادر اتخطاها بعد السنين دِ كلها لأنها حبي الأول و الوحيد.
كان الجميع متأثر بما تعرض به كلا من أكمل وكنز ضحايا لعداوة العائلتين، لم يكن ذنبهم سوى الحب لبعضهم الأخر.
أردفت هدى بهدوء لتجعله يلتفت لها:
-وأنت متمسكتش بِحبك ده.
صمت أكمل قليلا وهو يفكر في حديثها، نعم يعترف بأنه لم يتمسك بها وجعل الشك يتملك بقلبه وحبه بها وغادر ليتركها.
-عندك حق.
اقترب من حقيبته ليأخذها و يمسك بيد ابنه ليغادر و يستقل سيارته ويذهب بها لمنزله الأخر.
دلف أسر للشقة ليشعر بالخوف، فهو مكان غير مألوف له ليتسائل:
-أحنا فين؟
-الشقة دِ كنت مشتريها من زمان، شقتي أنا وكنز.
جلس أسر بجانبه بصمت، لينظر أكمل حوله وهو يتذكر تلك اللحظات التي جمعتهم سويا وجعل أحدهم يأتي للتنظيف.
دلف أكمل للغرفة وترك أسر و الذي كان يشعر بالحزن على حزن أبيه و إهماله في الآونة الأخيرة.
على الجهة الاخرى،،
صعد عادل لغرفة ابنته و أغلق الباب لتشعر ورد بالارتباك و تخاف، فلأول مرة يأتي لغرفتها.
-علاء جالي الشركة.
تفاجأت ورد كثيرا ليزداد ارتباكها من رفض أبيها المتوقع و غضبه، تقدم منها ليمسك ذراعها لتشهق ورد بقوة ويرفع يده نحو وجنتها اليمنى قائلا:
-وبيقول أنه بيحبك، ياترى يا حبيبة بابا بتبادليه الشعور؟
حركت ورد رأسها بالموافقة ليجذب شعرها بقوة قائلا بغضب أخاف ورد التي بدأت في البكاء:
-فوقي، أنتِ بنت عادل الصالح يعني عائلة الهواري كلها محرمة عليكِ.
-فاهمة؟
-ولو مفهمتيش و قابلتي الحيوان ده أو تواصلتِ معاه بأي طريقة هفهمك أنا بجثته قدام عينك.
دفعها بقوة لتسقط على الفراش، ليغادر ودلفت سندس خلفه حينما استمعت لصراخه لتقترب من ورد وتحتضنها بقوة لتنهار ورد في البكاء بأحضانها و تصرخ لتقلق سندس كثيرا و تهتف باسم أمل الذي أتت جريا لها متسائلة:
-حصل إيه؟
-معرفش معرفش بس حاولي تجيبي كوباية ماية.
جلبت أمل كوب مياه لترتشفه ورد وهي تبكي و كادت أنفاسها تنتهي من شدة البكاء.
أتى باسل على صوت صراخها ليقلق حينما رأى هيئتها ليتقدم نحوها و يأخذها من أحضان سندس ليحتضنها هو و يربت على ظهرها بحب وحنية قائلا:
-جدك جمبك يا حبيبة جدك.
_________________________
كان يقف أحمد خارج المرحاض في انتظارها، ولكنها تأخرت على العادة ليشعر بالقلق و يطرق على بابها قائلا:
-حبيبتي فيكِ حاجة؟
أردفت بارتباك و نبرة خجولة:
-لا أنا كويسة بس.
-بس إيه؟
فتحت الباب ببطء لتتقدم نحوه وهي تنظر أرضًا بخجل ليتقدم منها قائلا:
-مالك؟
امتدت يده لكفها ليجد به اختبار الحمل والنتيجة إيجابية، ليزداد احمرار وجنتيها من شدة خجلها وخوفها بآنٍ واحد فهي خائفة من ردة فعله و سعيدة لكونها ستصبح أم.
كان ينظر للتحليل بتفاجيء وصدمة، أسيصبح أبًا؟
وجدته ليلى يحتضنها ليحملها و يدور بها بالغرفة لتتسع ابتسامتها كلما رأت وجهه المسرور.
-لازم نقول لماما تعالي.
مسك يدها ليهبط لأسفل سريعا وعلى الفور ليقف أمام أمه قائلا بحماس و ابتسامه ترتسم على شفتيه تكاد تصل لأذنيه:
-ماما ليلى حامل.
-هبقى أب و هتبقي جدة.
نظرت كوثر لابنها كم يبدو سعيدا، ثم نظرت لـ ليلى والتي أصبحت قادرة على إسعاد ابنها لتنهض و تهنيء ابنها وتحتضنه.
لتشعر ليلى بالقلق حتى وجدتها تتقدم منها وتحيط كتفيها بيدها قائلة:
-مبروك يا ليلى.
تفاجأت ليلى من ردة فعلها لتبتسم لها وهي تقول:
-الله يبارك فيكِ يا طنط.
ابتسمت كوثر لهم لتقول بحماس كابنها:
-نروح بكرة نكشف عند دكتور ونطمن ونعرف في الشهر الكام.
اومأ أحمد والفرحة تمليء قلبه، ليحاوطها بذراعه ابتسمت لهم ليلى لتقول:
-هقول لماما.
قبّلها أحمد ليقول:
-اطلعي ارتاحي يا حبيبتي و كلميها براحتك فوق.
اومات له ليلى لتصعد للأعلى و تخبر أمها بذلك الخبر، بينما أحمد تقدم من أمه و قبّل يدها قائلا:
-شكرا.
-حبيبي.
_________________________
كانت فاطمة تصرخ على ابنها وتقول:
-هتروح فين؟
-ملكوش دعوة بيا.
كانوا يحاولوا منعه من المغادرة، فهو قام بجمع أغراضه بإحدى الحقائب ليقرر المغادرة وتبرئة اسمه من عائلة الهواري.
حاول الجميع إيقافه ولكنه رفض، ليقف أمامه أدم وهو يجذبه لداخل القصر قائلا:
-بطل تسرعك ده.
دفعه للداخله لتمسكه كنز وهي تقول وهي توجه حديثها للجميع:
-ياريت نهديء كلنا، أحنا عايزين نحل.
-أتكلم يا علاء إيه اللي حصل؟
جلس علاء على الأريكة وهو يهز رجليه بقوة قائلا:
-أنا بحب ورد بنت عائلة الصالح.
أردف جلال متسائلا:
-وأنت بتعمل كل ده عشان نوافق!
حرك رأسه بالرفض ليفسر ويقول:
-لو أنتوا وافقتوا هما هيوافقوا يعني بالطريقتين أنا قصتي هتبقى زي أدم و زي كنز و زي والدي شريف و زيك.
نظر كلا منهما لبعضهم الأخر، فالحب الأول لجلال كان هدى والتي أُجبرت على الزواج بباسل لتبدأ في حبه كونه زوجها، بينما شريف فلدوما كان يحب نهلة زوجة عادل لتبدأ عداوتهم منذ الصغر أو لنكن أكثر دقة لم يحبها ولكنه تمنى أن تكون له، أما عن أدم فهو يحب كنز ولكنها لم تبادله ذلك الحب ليصبح حبه كالجحيم له، لننتقل إلى كنز والتي جميعنا نعرف ما قصتها لأترك لك الخيار واصفا قصتها بجملة.
-وأنت إيه طلباتك يا علاء؟
نظر علاء لـ حازم مجيبا:
-مش عايز حاجة، سيبوني في حالي سيبوني أتصرف انا بحبها وهعرف ادافع عن حبي ازاي؟
غضب شريف قائلا وهو يشير على وجهه:
-بوشك ده يا حلو؟
جلسوا جميعا في محاولة لإيجاد حل لذلك الأمر، ليقوموا بتهدئة علاء والذي أنتهى الاجتماع بدموعه التي ملأت عينيه على ما يمر به؛ فعائلته بيد و محبوبته باليد الأخرى.
_________________________
مرت عدة أيام ببطء و هدوء شديد، روتينهم ممل و محزن.
كانت تجلس أمامه وهي تشبك أصابعها، لتبتلع لعابها وتحمحم قليلا لتردف بعدما أخذت نفسا عميق:
-أدم أحنا مش هينفع نكمل.
خلعت خاتم خطوبتهما لتضعه أمامه وهي تشعر بالارتباك، بينما أدم كان مصدوما للغاية لم يعلم بما يمنع هذا أو توقف الحديث بحلقه ليشعر بأنه غير قادر على الحديث.
-أدم افهمني أنا ليا أسبابي.
ابتسم أدم بضعف ليقول متسائلا:
-إيه هما؟
أجابت كنز وهي تفرك يدها ببعضهما:
-أنا منفعكش، أنت محتاج واحدة تكون أنت أول حب في حياتها.
-أنا مش هقدر أحبك يا أدم، لأني مش هقدر أوديك اللي أنت عايزه أنت فاهمني.
-أدم أنا مش هقدر أسعدك مش هقدر اقدملك حاجة.
حرك رأسه عدة مرات ليقول متسائلا:
-حبه لسة في قلبك؟
تراجعت للخلف لتستند على ظهر المقعد وتقول:
-هتصدقني لو قولتلك مش.
صمتت قليلا وهي تحاول إيجاد بعض الكلمات المناسبة لتردف وهي تنظر له:
-أنا وأكمل قصتنا انتهت من زمان يا أدم.
-هحاسب وأجي نروح.
اومأت له كنز، لينهض أدم في محاولة منه للتماسك بينما كنز وجدت من يجذب ذراعها ليجعلها تنهض لتصطدم كنز به وتجحظ عينيها بصدمة لتنظر خلفها حيث أدم وتعيد النظر له.
-قرارك ده سليم جدا و اتفق معاكِ.
-أنت بتعمل إيه هنا! ابعد إيدك كدة.
جذبها معه لتنظر كنز حيثما أدم، لتحاول ألا يأخذها ولكنه حملها نحو سيارته لتقول:
-نزلني.
-علفكرة مش رجولة.
جعلها تستقل السيارة ليغلق الباب و يركب في مقعده ليقود مغادرا ذلك الكافيه.
أخرجت هاتفها لترسل إلى أدم بأنها غادرت وستعود إلى المنزل ولكنها ستزور أحد أصدقائها أولا.
توقف أكمل بمكان هاديء ليخبرها بأن تهبط من السيارة ولكنها أبت لتظل بها، بينما هو هبط ليفتح بابها ويحملها بين يديه ليقاطع غضبها بقوله:
-افضلي عاندي، ليا الشرف إني أساعدك.
وضعها أرضًا ليذهب نحو السيارة ويجلب منها شيكولاتة ليقدمها لها ولكنها رفضت، لينظر لها بتحذير لتجذبها منه بعنف قائلة:
-شيكولاتة و مكان هاديء و أنا وأنت، خير!
-كنت مراقبك اليوم كله عشان أقدر أتكلم معاكِ ولكن أدم كان ملازمك زي خيالك.
-متصلتش ليه مش لازم العرض اللي عملته؟
-حاجة فريدة، وكمان أنتِ مش بتردي على اتصالاتي.
نظرت له كنز لتقول وهي تشعر بأن تواجدها معه الآن أكبر الخطايا:
-أنا لازم أرجع قلة ذوق اللي عملتها مع أدم.
وجدته يقترب منها ليحتضنها، توقفت كالصنم لاتعلم ماذا تفعل لتشعر بالارتباك و بعضا من مشاعرها السابقة كالدفء، الحنين، الاشتياق.
-تفتكري ممكن اعمل إيه عشان أرجعك تاني ليا؟
ابتعد عنها قليلا في انتظار إجابتها، ليجدها تقول:
-تربي ابنك يا أكمل.
-أو أنك تجمع بين علاء و ورد.
-تعمل أي حاجة إلا التفكير في حياتنا، لأنه كدة كدة كان هيجي يوم و تنتهي وكمان أحنا بِعدنا لتمن سنين يا أكمل كانوا كفاية أننا نتخلص من حبنا لبعض.
-انا جربت حظي من الدنيا وكان أنت مش مستعدة أجرب تاني ولا إني أكون معاك.
-وأنت جربت حظك من الدنيا مرتين وربنا رزقك بأجمل حاجة في الدنيا أسر.
-أنا زهقت من الكلام يا كنز، أنا عايزك عايز نرجع أنا عارف إني ممكن ابقى حقير و واطي في نظرك لأني تخليت عنك و عشان أول ما عرفت الحقيقة بحاول أرجعك ليا بس أنا زيي زيك شكيت.
-أحنا ضحية.
-طب ما علاء و ورد ضحية، وحازم وعلياء ضحية؛ لكن حبهم نقي يا أكمل أحنا اللي اخترنا الطريق الغلط من البداية.
-كنا صغيرين.
-الغلط غلط يا أكمل.
-اتحملنا نتيجته بِبُعدنا.
أحاطها بذراعيه ليتسائل قائلا:
-لسة بتحبيني ولا لا؟
نظرت له لتجده ذلك الذي كان عليه من ثمانِ سنوات بذات النظرة الممتلئة بالدفء والحب.
-أنا عايزة أمشي، ولو سمحت بلاش تعترض طريقي تاني لأني قررت إني هسافر مش محتاجة أقعد هنا أكتر من كدة.
__________________________
لتمر عدة ليالي، وبكل يوم جديد كان يحاول أكمل معها ليرسل إلى مقر عملها هدايا لعله يلين قلبها.
بينما كلا من علاء و ورد قرروا بأنهم سيغيرون الظروف ليجتمعوا سويا رغم رفض الجميع، حبهم حقيقي يدوم ليس حب مؤقت أصبحنا نراه في تلك الأيام وبكثرة ليصبح الحب مصطلح دليل على تقضية بعض الوقت الممتع و المسليّ.
ارتدت كنز ثوب باللون الأسود ليظهرها أقل وزنا عن وزنها، لترتدي حذاء عالي من ذات اللون و تصفف شعرها.
التفتت حينما وجدت أدم يدلف للغرفة قائلا:
-الاجتماع اتلغى.
-ليه؟
-حصل للطرف التاني ظروف.
اومأت له كنز لتكمل ارتداء زينتها، ولم يتحرك أدم لتشعر كنز بالحرج و تتسائل:
-في حاجة تاني؟
نفى برأسه وتركها ليغادر وهو يحاول نسيانها اغو بالأحرى نسيان حب قلبه لها.
لمحت كنز علاء يغادر غرفته وهو يرتدي بذلة أنيقة والابتسامه ترتسم على شفتيه، لتقول:
-اللي يشوفك يقول عريس.
ابتسم لها علاء، تسائلت كنز مرة أخرى عن سبب أناقته:
-أعمل أجمل غلطة في حياتي.
تركها وغادر لتبتسم كنز بتعجب من حديثه، فهي لم تفهم مقصده لتغادر و تهبط لأسفل تتناول الطعام لتتذكر جملته و تنتفض من موضعها لتغادر.
-كنز كنز!
جرى خلفها كلا من حازم و أدم و جلال أصبح يهتف باسمها قلقًا من أن يكون حدث مكروه.
أخرجت هاتفها لتتصل بـ علاء ولكنه لم يجيب لتتصل بأكمل والذي كان نائما.
استيقظ أسر على صوت الهاتف ليجيب على كنز بفرحة قائلا:
-كنز عاملة إيه؟ وحشاني.
-أنا كويسة يا أسر، بس فين بابا؟
-نايم.
-صحيه يا حبيبي.
اقترب أسر من أكمل ليحاول أن يوقظه، ليتسائل أكمل وهو بين اليقظة والنوم:
-في إيه يا أسر؟
-كنز بتتصل بيك و عايزاك.
انتفض أكمل من موضعه ليلتقط الهاتف من بين يده و يجيب:
-كنز أنتِ كويسة؟
-قوم ألبس و قابلني بسرعة و أتصل شوف ورد فين.
-ورد! ليه؟ هو في إيه مش فاهم حاجة.
-لو بطلت أسئلة هعرف افهمك قوم ألبس دلوقتي.
-طيب.
نهض أكمل وهو لم يستعيد وعيه بعد، ليبدل ثيابه ويجد أسر قد أبدل ثيابه هو الأخر قائلا:
-هتسبني لوحدي!
-لا طبعا يا خفيف تعالى.
حملها على كتفه ليغادر الشقة وهو يدعو الله أن يصبح الأمر هين وليس كبير كما يعتقد.
استقل سيارته و غادر دون أن يعرف لأين سيتجه.
أتصل بورد ولكنها لم تجيب، ليكرر اتصاله عدة مرات حتى أجابت ليجد نبرة صوتها مربكة:
-أنتِ فين؟
-في الكلية.
-متأكدة؟
-أه يا أكمل، في حاجة؟
-مفيش يا بنت الصالح اقفلي.
أغلق أكمل الهاتف ليخرج تطبيق كان يتعقب به مكان ورد حينما كان خائف عليها من أن يضحك عليها علاء و يستغلها لصالح عائلته.
ليعلم بأنها ليست في الجامعة، حتى وجد كنز تهاتفه وتقول:
-اتصلت بيها؟
-أه، أنا رايح للمكان اللي هي فيه.
-ممكن أفهم في إيه؟
-لما اتأكد الأول، ابعت ليا اللوكشين.
-كنز عارفة إني مبحبش أكون مش فاهم حاجة.
-ما أنت قعدت تمن سنين مش فاهم حاجة!
أغلقت كنز الهاتف ليغضب أكمل و يضرب المقود بقبضة يده، ليقول أسر:
-ريلاكس العصبية مش هتحل حاجة و بالذات مع البنات.
نظر له أكمل، ليرسل لها الموقع و يتجه نحوه وكذلك هي الأخرى ليصلوا سويا.
هبطت كنز من سيارته و كذلك أكمل هو الأخ ليتقدم نحوها ويرفع رأسه ليرى ماهذا المكان ليجده بأنه مكتب خاص بمأذون للزواج.
ليبتلع لعابه وهو يحاول ألا يصدق تلك الفكرة التي تجول بخاطره، أيكرر الزمن نفسه مرةً أخرى!
ليرى أكمل نفسه مرة أخرى بمكتب كهذا في انتظارها، بينما هي تتقدم نحوه لتمسك بيده على أمل تذوق طعم السعادة التي لم تدوم سوى لبضعه أشهر.
.
.
بقلم/سلسبيل كوبك.
.
يتبع:::::::::::::::::::::::::::::
_______________________________
أنت تقرأ
ضحايا المنتصف..
Romanceاستدارت مستجيبة لِـندائه، فَزادت من قبضتها على حقيبة السفر و هي تنظر له يسير تجاهها. لم يجرؤ أحدهم على الحديث التزموا الصمت، و كأن لسانه لُجِم. فعقدت حاجبيها و هي تلتف؛ لتذهب و تجر حقيبتها خلفها، ولكنها توقفت مرة أخرى عندما أردف بكلمته الوحيدة: -متم...