نكمل روايتنا(ضحايا المنتصف)بقلم سلسبيل كوبك..
الفصل ال٨..
__________________________
ساعد طبيب العيادة كنز لتستعيد وعيها، ليقع نظرها على أكمل الذي يجلس بجانبها يطالعها بقلق.
-حمدلله على سلامتك.
اومأت كنز للطبيب فغادر، بينما أكمل نهض ليسألها عن حالها.
-أنا كويسة، جيت لهنا ازاي؟
-مش مهم دلوقتي، المهم أنك كويسة تحبي أوصلك لبيتك؟
اومأت بصمت بينما هو ابتسم بخفوت و نهض ليغادر العيادة ينتظرها بجانب سيارته.
تقدمت علياء سريعا من العيادة لتطمئن على كنز.
-أنا كويسة يا علياء خلاص.
-الكل بقى يتكلم على اللي بينك أنتِ و دكتور أكمل.
عقدت كنز حاجبيها و هي تعدل ثيابها و تساءلت:
-ليه؟
-دكتور أكمل أول ما عرف أنك تعبانة و مغمى عليكِ شالك فورا و جري بيكِ للعيادة.
نظرت لها كنز بتفاجيء و ابتسمت بخجل و رددت بخفوت:
-مفيش حاجة بيني و بينه يا علياء، هو الدكتور بتاعي اللي أنا بحب مادته.
لوت علياء فمها بسخرية، فتركتها كنز لتذهب لأكمل و تستقل معه سيارته فلسوء حظها أو ربما لحسنه لم تأتي اليوم بسيارتها.
قاد أكمل نحو منزل كنز ليتفاجيء بالأمر و هي تجعله يقف أمام منزل عائلة الهواري لينظر لها وهي تبتسم و تنظر لبوابة منزلها.
-شكرا يا دكتور معلش تعبتك معايا.
ترجلت من السيارة لتنظر له من زجاج السيارة لتردف قائلة:
-شكرا مرة تانية.
ارتجفت كنز حينما استمعت لنداء أبيها الحاد الذي يتقدم منها فنظرت لأكمل الصامت و تقدمت من أبيها الذي ينظر لأكمل بغضب جحيمي، فأردف قائلا:
-ازاي ده يدخل هنا؟
-مين يا بابا؟ ده الدكتور معايا في الجامعة و تعبت فوصلني.
-ادخلِ جوا.
هبط أكمل من السيارة و تقدم من والد كنز بهدوئه المعتاد، مد يده ليصافح والد كنز مردفا:
-عمر بيه الهواري تشرفت بمعرفتك.
صافحه عمر بحدة و هو ينظر له بغضب و سحب يده سريعا، ذهبت كنز للداخل و هي غاضبة من غضب أبيها عليها أمام أكمل لتلقي بحقيبتها أرضا لتأتي من خلفها أمها.
-حبيبة ماما مالها؟
احتضنت كنز أمها وهي تبكي لتردف:
-مفيش.
حزنت عائشة لحال ابنتها و جلست بجانبها على الفراش حتى نامت كنز.
بالأسفل،،
-بتعمل إيه مع بنتي يا ابن الصالح؟
رفع أكمل حاجبيه و هو يردف:
-هي مش قالتلك!! دكتور لقى طالبته مريضة ساعدها فقط لا غير.
-إياك أشوفك قريب من بنتي أحسنلك.
-أنت عارف كويس مش بتهدد.
-أنا قولت اللي عندي، اللي هيقرب من بنتي هقتله.
غادر عمر المكان، بينما استقل أكمل السيارة و عاد لمنزله و هو يفكر بالأمر، لماذا هي؟ لماذا ابنتهم؟!!
-يومك كان عامل ازاي؟
-بخير يا عمي.
صعد لغرفته ليلقي بجسده على الفراش و يغمض عيناه لتظهر أمامه بابتسامتها البريئة و عيناها التي تخطف الأنفاس بلونها الساطع تحت ضوء الشمس.
ابتسم أكمل بتلقائية ليفتح عيناه يحاول التفكير بأي شخص سواها لتظهر أمامه في كل مرة و يتذكرها عندما تنظر له ببلاهة ليضحك بقوة لتنحفر غمازاته على وجنتيه.
-إيه الأخبار؟
تقدم أكمل من جده و قبّل يده ليجلس معه بغرفته و يتحدثا سويا.
ليقرر أكمل أن يبتعد عن كنز و ينساها تماما حتى تنتهى من أعوام الدراسة.
في الصباح الباكر،،
استيقظت كنز لتستعد للذهاب إلى الجامعة و كادت أن تذهب دون فطورها لترتجف من غضب أبيها و ندائه باسمها.
-رايحة فين؟
-جامعتي.
-مفيش جامعة لمدة أسبوع.
-ولكن،
-مفيش ولكن هتفضلِ هنا لمدة أسبوع من غير خروج.
بكت كنز بقوة و ألقت بحقيبتها أرضا و بكل ما تحمله على يدها بغضب لتردف بهستيرية:
-أنا زهقت زهقت من تحكماتك، زهقت من غضبك؛ و عصبيتك على اللاشيء؛ زهقت من قلة اهتمامك؛ زهقت من أوامرك و كرهك ليا؛ أنت مش أب كل اللي بتعمله بتوفر فلوس و بس أنت مجرد وسيلة للرفاهية فقط لا غير؛ أنا بكرهك و بكره اليوم اللي خلفتني فيه؛ أنا مجرد دمية عندك بتحركني في الوقت اللي أنت عايزه؛ أنا بكرهني حتى الكلية اللي كان نفسي ادخلها رفضت إني ادخلها و دلوقتي بتقعدني منها؛ أنا زهقت، انت عايز مني إيه؟!!!!
أنهت حديثها بصفعة أبيها على وجنتيها القوية التي لابد أن تترك أثرها على وجهها لفترة، لتقترب سميرة سريعا من أخيها و تبعده عن كنز التي احتضنتها أمها عائشة و هي تبكي مما تشعر به ابنتها.
-اطلعِ على أوضتك.
صعدت كنز مع أمها للأعلى، بينما غادر عمر و هو غاضب كثيرا ليستقل سيارته و يقودها.
-كله يرجع على الفطار يلا.
استمع الجميع لأمر جلال الذي غضب من معاملة ابنه لحفيدته.
بالجامعة،،
دلف أكمل لمحاضرته لينظر بين الحاضرين من الواضح أنها غائبة ليبدأ بالشرح، و تمر الأيام و هي مازالت غائبة ليضطر أن يسأل صديقتها:
-هي فين صاحبتك؟ مش عارفة أنه ممنوع غياب.
-للأسف يا فندم في مشاكل في البيت مش بتخرج منه، حتى أنا مش عارفة أقابلها.
لينهي الحديث برده القاسي:
-قوليلها لو مجتش بكرة هتشيل المادة احنا مش تحت أمرها.
غادر المدرج لينظر الجميع لعلياء التي أُحرجت، فغادرت.
اتعدلت كنز في جلستها عندما دلف أبيها لغرفتها لتدمع عيناها و تنظر للجهة الأخرى، ليجلس أبيها بحانبها و يبعد خصلات شعرها خلف أذنها لتظهر علامة يده و خربوش صغير أثر أظافره.
حاولت أن تبتعد ولكنه اقترب منها ليقبّل وجنتها مردفا بخفوت و صوت متحشرج:
-أسف.
لتغمض كنز عيناها و تبكي بصمت ليكمل عمر حديثه:
-ممكن أكون قاسي مش بقعد معاكِ ولكن مفيش أب بيكره بنته أنتِ جزء مني مقدرش أنكر وجوده في حياتي، أنتِ دمي.
حاول أن يمسح دموعها ولكنها تألمت فمازالت وجنتها تؤلمها، و كأن كل قوى عمر تجمعت في تلك اليد التي صفعتها.
جذبها لأحضانه ليغمض كلاهما أعينهم، لتدلف عائشة للداخل و تبتسم و تغادر مرة أخرى و هي تدعي لهم.
-هسيبك ترجعي جامعتك بس بشرط.
انتبهت له كنز ليردف قائلا:
-ابعدِ عن أكمل.
لتعقد حاجبيها بعدم فهم:
-دكتور أكمل! ماله؟
-أنتِ متعرفيش أنه ابن عدونا الأكبر، ابن عائلة الصالح.
-لا، ولكن حتى لو كدة ده دكتور مادتي و مفيش أي تجاوزات بينا.
-أنا قولت اللي عندي يا كنز ابعدِ عنه و ياريت متتكلميش معاه خالص.
اومأت بصمت، فغادر أبيها لتستعد في اليوم التالي لتذهب للجامعة و هي ترتدي فستانها هاديء مليء بالورد الأحمر كوجنتيها.
قابلت صديقتها علياء التي بدأت توبخها قلقا عليها، فهي كلما أتت لتطمئن عليها ترفض كنز مقابلتها.
-أنتِ فين كل ده؟ قلقتيني.
-إيه اللي حصل؟
-كنت تعبانة يلا عشان نلحق أول محاضرة.
-دكتور أكمل كان هيشيلك المادى لو مكنتيش جيتِ النهاردة.
اومأت لها كنز بصمت و ذهبوا للجامعة لتذهب لمدرجها و يحيها الجميع.
حضرت الكثير من المحاضرات قد سئمت و تريد المغادرة حتى وجدته يدلف للقاعة، و يؤمرها بالذهاب لمقعدها.
ليمر نصف الوقت وهي تريد مغادرة المحاضرة، حتى أنتهت و كادت أن تغادر حتى وجدته يؤمرها بأن تذهب خلفه لمكتبه لتتوتر و تذهب خلفه.
-حضرتك طلبتني ليه؟
ليقف أمامها و يزيل خصلات شعرها التي تمنع جرحها أن يظهر ليشير إلى جرحها متسائلا عنه:
-حاجة تخصني.
كادت أن تغادر حتى أعادها لمكانها مرة أخرى قائلا:
-عمر الهواري قربلك؟
-مسمحلكش.
وضع كف يده على جرحها لتتألم و تنظر له بتعابير الانزعاج، لتتفاجأ كنز و هو يقبّل وجنتها ببطء.
نظرت له بأعين مصدومة متسائلة عن ما حدث، ليحيط خصرها بيده يقربها له و قبل أن يتحدث يُطرَق الباب ليبتعد أكمل سريعا عن كنز التي كادت أن تسقط أرضا و دلف زميل لأكمل.
-دكتور عصام اتفضل.
-شكلك مش فاضي.
نظر أكمل لكنز التي مازالت غير مستوعبة، فأردف قائلا:
-كنز خلصتي أسئلتك؟
-ها!!
نظرت كنز لأكمل الذي نظر لها بحدة لتلتقط حقيبتها و تنظر له لتردف:
-أه عن أذنكم.
غادرت الغرفة لتفكر في تجاوز أكمل، لتجد سائق أبيها في انتظارها لتستقل السيارة و تعود لمنزلها، و ظلت أسبوعين بمنزلها حتى لا تلتقي بأكمل.
-يا عمو وافق بقى.
-لا يا علياء و متخلنيش أخلي والدك يرفض أنتِ كمان.
-يا عمو دِ رحلة ليومين بس يومين و الله و هنرجع علطول.
-علياء النقاش منتهي و كمان هي أصلا رافضة.
نظرت علياء لكنز بغيظ، بينما هي كانت تتناول طعامها بلامبالاة.
-مساء الخير.
-أهلا باللي كبر و بقى يشتغل و يعتمد على نفسه.
-عايزة إيه يا كنز؟
-مفيش يا سي حازم جنابك كبرت و بقيت تشتغل بس.
تنهد حازم ليجلس بجانب كنز و يخرج علبة من جيبه بها سلسلة رقيقة كـكنز.
نظرت لهم علياء بدموع لتحاول أن تغادر حتى استمعت لنداء حازم:
-علياء، أخبار الجامعة؟
-بخير يا حازم.
-كويس شدوا حيلكم و متمشيش ورا الكسولية كنز دِ.
ابتسمت علياء لحازم و جلست بجانب كنز، صعد حازم للأعلى ليبدل ثيابه.
-ما توافقي بقى.
-لا يعني لا، طول ما الدكتور أكمل في الرحلة دِ.
-خلاص براحتك بس سيبي بقى سهير تتسلى.
عقدت كنز حاجبيها و تسائلت:
-تتسلى بمين؟
-بدكتور أكمل، عينيها منه و عايزاه دِ حتى عرضت عليه يجي يدرس ليها في البيت.
-قالها إيه؟
-هفكر يعني ممكن تقرب منه في الرحلة دِ فيوافق بقى.
اغتاظت كنز من علياء و نهضت لتدلف غرفة مكتب أبيها لتقترب منه و تجلس بجانبه.
-بابا.
-امممم؟
-ممكن اروح الرحلة؟
نظر شريف لكنز ثم لأخيه عمر ثم عاد بنظره لأوراقه التي أمامه.
-ليه؟
-عشان أنت عارف إني بحب التخييم.
تنهد عمر و نظر لكنز التي تعمدت إظهار وجنتيها التي سبق و صفعها عليها ليغضب عمر من نفسه و يوافق.
احتضنته بقوة و قبّلته بفرح لتغادر و هي سعيدة لأن أبيها وافق أخيرا، ليبتسم أبيها في خفوت.
استعدت كنز للرحلة مع صديقتها علياء و يستعدوا ليستقلوا الأتوبيس.
-استعدوا التنفيذ الليلة.
-غبي عمر مش هيبعت مع بنته حراسة.
ابتسم بشر و هو يفكر ببكاء عمر و انهياره أرضا أثر وفاة ابنته الليلة.
كانت كنز تستشيط غضبا لأن تلك المدعوة سهير جلست بجانب أكمل طوال الرحلة.
-هيأخدوا بالهم.
-عايزة أقوم اقتلها دلوقتي اخرسي، أنا إيه اللي خلاني اسمع كلامك و اجي؟
-حبيب القلب.
ضربت كنز علياء بغضب و نهضت لتجلس بجانب السائق و هي تصور جميع الأماكن الذي يمرون عليها حتى وصلوا إلى منطقة تخييم.
ليهبط كل طالب و يتعرف أكمل على هويتهم و يأخذ الكارنيه الخاص به.
أتى دور كنز التي أعطته الكارنيه ولكنه لم يأخذه و تركها تذهب فاغتاظت منه، بينما هو ابتسم.
صعد أخر شخص و لم يكن معه كارنيه فتساءل أكمل عن هويته ليردف:
-تبع عادل الصالح.
عقد أكمل حاجبيه و سمح له، ليغادر هو الأخر و يبدأوا في صنع الخيم.
-دكتورة سارة شوفي الغداء مع البنات.
-ناولني يا دكتور عصام الشاكوش ده.
كان الفتيان يصنعوا الخيم، بينما الفتيات يصنعن الغذاء؛ ليجلس الجميع يأكل بعد العمل.
-ناولني يا أمير الكاتشب.
-تدفعي كام؟
-بطل رخامة يا أمير.
-ما توديها يا أمير.
ابتسم أمير ولم يعطي كنز زجاجة الكاتشب، لتغتاظ كنز و كادت أن تتحدث حتى وجدت أكمل يجذب الزجاجة من أمير بعنف ليعطيها لكنز التي تفاجأت من فعلته.
استعد الجميع للذهاب إلى الخيم، دلفت كنز لخيمتها و ظلت الدكاترة مع بعضها يتحدثون و يضحكون سويا حتى انسحب واحد تلو الأخر و ظل أكمل الذي ينظر إلى المنظر الطبيعي أمامه.
استمع لخطوات خلفه التفت لينظر للشاب الذي كان من طرف عادل الصالح و هو يقترب من خيمة كنز ليغمض عينيه.
شعرت كنز بأحد يفتح الخيمة ولكنها تجاهلت الأمر حتى شعرت بشيء بارد يلمس جلدها فتحت عيناها وجدت سكين على رقبتها و شخص يجثو أمامها يمنعها من الحراك.
خافت كنز و كانت تريد الصراخ حتى وجدت شخصا يسحب الشاب بعيدا عنها فصرخت، ضرب أكمل الشاب بقوة و غضب و خرج البعض ليرى مصدر الصوت ليجدا كنز تخرج من خيمتها يدها مغرقة بالدماء.
تقدم عصام من الشاب الذي كاد أن يموت على يد أكمل و حاول أن يبعده تدخل الجميع حتى استطاعوا أن يبعدوا أكمل عنه.
تقدم أكمل من كنز ليتفحص جرحها وجده بسيط ولكنه غرق ثيابها و يدها، أُصيبت في عنقها عندما سحب أكمل الشاب باندفاع؛ فـ جُرحت كنز.
صرخ أكمل على الجميع ليذهبوا إلى خيمتهم، تقدمت سارة من كنز لتطهر لها جروحها.
-حصل إيه؟
-الكلب ده حاول يعتدي عليها.
-كويس أنك لحقتها.
ربت عصام على كتف أكمل و غادر ليذهب إلى خيمته، نامت سارة بخيمة كنز بينما كنز غادرت الخيمة لتجده يجلس ينظر للمياه التي أمامه و نظرت إلى الشاب الذي حاول أن يقتلها قيدوه بأحبال.
جلست كنز بصمت بجانب أكمل الذي نظر لها بطرف عينه ليعاود نظره إلى المياه الصافية، لتردف كنز قائلة:
-شكرا.
-عفوا.
ظلا هكذا للصباح، حتى نامت كنز على كتفه بينما هو قام بفك قيود الشاب و جعله يغادر، لنتهض كنز و هي تجد نفسها نائمة على الأرض.
-هو فين!!!
-هرب كنت بدور عليه.
-بابا لما يعرف مش هيسكت.
-و أنتِ هتقوليله؟!
-طبعا، أنا وعدته هحكيله لو أي حاجة حصلت ليا.
اومأ أكمل بصمت و نهض ليدلف لخيمته و كذلك كنز.
كانت ترتدي ثوبها الأنيق لتستعد للذهاب إلى عملها و هي تنظر إلى المرآة بثقة لتلتقط حقيبتها و تغادر غرفتها لتصطدم بعلاء الذي يبدو مرهقا و لم ينم؛ لأنه ظل مستيقظا يفكر في حل لمشكلته.
-لو فاكر أنك هتلاقي حل تبقى غبي يا علاء.
هبطت لأسفل لتجلس بجانب جدها و تردف قائلة:
-ليلى اتصلت؟
-لا لسة.
-كنز.
-نعم؟
-أدم قالي على اللي أنتِ فكرتي فيه.
نظرت كنز تلقائيا لأدم ثم عادت بنظرها إلى جلال الذي أردف قائلا:
-النهاردة هأجي الشركة و نتكلم.
-تمام عن أذنك.
-مأكلتيش يا كنز.
-معلش يا ماما فاطمة تعبانة شوية.
نهضت لتذهب إلى عملها و هي تفكر بقصة علاء و ورد، لتركز في عملها قليلا و تفكر قليلا حتى ذهبت لترتاح بجنينة الشركة و تشرب فنجانا من القهوة.
على الجهة الأخرى،،
كانت تجلس ورد بجنينة المنزل و هي تفكر في أخيها و بما سيفعله، لم يتحدث معها أمس فقد تركها تدلف لغرفتها ليعود إلى ابنه الذي تركه عند أمه سريعا ليذهب ليطمئن على أخته.
رفعت رأسها لترى أخيها يقف بشرفة غرفته شاردا هو الأخر.
تقدمت نهلة من ابنتها لتتساءل عما حدث:
-مالك يا ورد؟ و إيه اللي رجعك إمبارح مع أخوكِ.
-اتصلت بيه عشان تعبت مكنتش أعرف أنه هيسافر.
-طيب يا حبيبتي، كويس برضو عشان يقعد معانا كمان كام يوم.
تقدم أسر من أبيه و هو غاضب ليردف:
-أنا عايز أعرف هنفضل هنا و لا هنرجع؟
-هنرجع بس مش دلوقتي.
-خلاص خرجني.
-مش فاضي يا أسر الفترة دِ أعذرني.
-خلاص سيبني أروح أنا لوحدي.
-أنت اتجننت تروح لوحدك فين؟
-اتفسح، اخرج، اروح مطاعم، براحتي.
عقد أكمل حاجبيه و ترك أسر بالشرفة، فأردف أسر:
-لو مسبتنيش أخرج هرمي نفسي من هنا.
-تحب اجي ارميك؟
جرى أكمل على أسر ليحمله و يقذفه لأسفل حيث حمام السباحة، لينظر له أسر بغضب و يبدأ في العوم قليلا.
فزعت كلا من ورد و نهلة من فعلة أكمل لتصعد له نهلة على الفور.
-مالك؟
-ازاي ترمي ابنك كدة؟
-ابني و أنا حر.
-أنت بقيت صعب في التعامل كدة ليه؟ فين أكمل بتاع زمان؟
-مات يوم ما مشي من هنا.
غادر أكمل الغرفة بعد أن أنهى ملابسه ليترك أمه قلقة عليه، فهو يجاهد حتى لا يغضب على أحد هي تعلم ابنها جيدا.
توقف أكمل أمام حمام السباحة ليجلس أمام ابنه و يردف:
-مسموح ليك تخرج بس بشرط يبقى معاك حراسة.
فرح أسر و تركه أكمل ليغادر و يترك ورد حزينة على معاملة أخيها لها.
ليصعد أسر لأعلى و يبدل ثيابه ليغادر ذلك المنزل و يذهب حيثما يشاء.
-تحب تروح فين يا بيه؟
-اطلع على شركة الهواري.
صُدِم السائق و لم يتحرك، ليتحدث أسر مردفا:
-أعتقد سمعت أنا قولت إيه.
-سمعت يا بيه ولكن مينفعش ممنوع.
-مفيش حاجة اسمها ممنوع، اطلع.
قاد السائق إلى شركة الهواري ليتساءل أسر عن الأمر:
-دِ الشركة اللي فيها كنز الهواري؟
-لا يا فندم.
-طب مستني إيه اطلع على الشركة اللي فيها كنز.
-حاضر.
امتثل السائق لأوامر أسر و توقف أمام الشركة التي تعمل بها كنز، ليهبط أسر و يتقدم نحو الشركة و خلفه حراسه ليوقفهم موظفي الأمن.
-مين؟
-أسر أكمل عايز أقابل كنز الهواري.
كانت تعود كنز لتعمل لترى أسر و معه حراس، ليرأها أسر و يجري نحوها يحتضنها بقوة.
لتتفاجيء كنز و تهبط لمستواه و تقبّل وجنته لتتساءل:
-بابا عارف أنك جاي؟
-لا.
-اممم، عايز تدخلني في مشاكل يعني!
-لا.
-اومال جاي ليه؟
-عشان بحبك و عايز أقعد معاكِ، في مانع؟
-لا طبعا.
صعدت كنز مع أسر لمكتبها ليجلس معها، و طلبت له مشروبات.
-قولي بقى أخبار مدرستك؟
-بابا خد ليا اجازة طويلة.
-و طبعا أنت مبسوط.
-لا، حياتي مش طبيعية هناك بدرس، بروح التدريب؛ بلعب كورة؛ بعزف في الأوبرا؛ بخرج، و بقابل صحابي هنا مليش صحاب.
-معلش أكيد بابا عنده مشاغل هنا و شوية و هيرجعك تاني لطبيعتك.
-ولكن من الضروري تعرف تتأقلم على الظروف أيا كانت.
اومأ أسر رأسه بصمت، ليتحدثان سويا و لفترة طويلة متناسية كنز همومها و عملها.
ليدلف ذلك الغاضب لغرفتها بعدما عانى موظفي الأمن و موظفة الاستقبال و حتى المسؤول عن أعمال كنز بالخارج من منعه و لكنه دخل بالقوة؛ ليرى كنز و هي مغمضة العين تبحث عن أسر و تبتسم.
تقدم أسر من كنز ليتمسك بِـبنطالها لتمسكه كنز و تفتح عيناه و تردف بحماس:
-مسكتك.
لتنظر أمامها و تجد أكمل و موظفينها، لتؤمرهم بالخروج؛ فيتقدم أكمل منها و يجذب أسر له.
-إيه قلة الذوق دِ؟
-قلة الذوق دِ موجودة في عائلة الهواري يا كنز.
-لا و أنت الصادق، كلها مزروعة جواك.
تقدم أكمل من كنز عدة خطوات ولكنها ظلت ثابته بمكانها تنظر له بقوة في عيناه، ليردف قائلا:
-القطة بقت بترفع عينيها عادي كدة!
-لا و بقت تخربش كمان.
جذبها أكمل لتتوسط أحضانه بصدمة ليردف:
-غريبة! فين البنت الهادية، والجميلة؛ باين عليكِ عجزتي قوليلي سنك كام النهاردة؟
اغتاظت كنز من حديث أكمل لتردف من بين أسنانها:
-تقدر تقولي أخر مرة بنت أُعجبت بيك امتى!
-لكن أنا لغاية الآن بيتقدملي عرسان و أنا اللي برفض يا أكمل بيه.
-طب ما هو أكيد هيتقدملك عرسان كتير.
تقدم أكمل من أسر ليجذبه للخارج، و لكنه ألقى جملته المؤذية ليغادر بعدها دون أن يشعر بمدى جرح كلمته.
-الناس كلها بتروح على البضاعة الرخيصة اللي زيك يا ست كنز.
ابتسمت كنز حتى غادر أكمل لتسقط دموعها، فبالرغم من قوتها ألا و أنها بنت جُرِحت أنوثتها الآن.
لتعود إلى مقعدها و هي تحاول أن تمسح تلك الدموع التي ملأت وجنتيها.
نظر لها أكمل و هو يدلف إلى الأتوبيس، بينما هي نظرت إلى الزجاج لتبعد نظرها عنه.
-خلاص يا كنز، حصل خير متعيطيش.
-لا أنتِ مشوفتيش الكل أتكلم عليا ازاي.
-شوفت يا كنز، بس سيبك منهم كدة كدة هيتكلموا.
أغمضت كنز عيناها لعلها تنام، لتستيقظ بعد فترة لتجد نفسها نائمة على كتف أكمل لترفع رأسها تجده يتحدث بالهاتف، لتنظر حولها و لا تجد أحدا بالأتوبيس و الجو أصبح ليلا.
لينظر لها أكمل و يجد أثار النوم على وجنتيها ليغمض عيناه و يغلق المكالمة.
-هو في إيه؟
-حصل عطل في الأتوبيس و قررنا هنخيم لحد الصبح.
اومأت بصمت، ولكن بداخلها كانت تريد أن تعرف كيف جلس بجانبها، وكيف نامت بأحضانه!!
لتحاول النهوض، ولكنه يمنعها لتنظر له بتوتر و ارتباك و تغمض عيناها ليقترب منها و يهمس بجانب أذنها بنبرة خافتة:
-كنز.
-ها!
لم تقوى على التحدث تشعر بالتخدر، عقلها يخبرها أن تضربه ليبتعد و تذهب من أمامه بينما قلبها يؤمرها أن تظل بجانب حبيبها الذي لن يؤذيها؛ ولكنها تذكرت الآن و حتى إن كان حبيبها فهي ليست حبيبته بالنسبة له.
كادت أن تبعده لتتفاجيء بكلماته:
-أنا بحبك.
.
.
بقلم/سلسبيل كوبك.
.
يتبع:::::::::::::::::::::
____________________________
أنت تقرأ
ضحايا المنتصف..
Romanceاستدارت مستجيبة لِـندائه، فَزادت من قبضتها على حقيبة السفر و هي تنظر له يسير تجاهها. لم يجرؤ أحدهم على الحديث التزموا الصمت، و كأن لسانه لُجِم. فعقدت حاجبيها و هي تلتف؛ لتذهب و تجر حقيبتها خلفها، ولكنها توقفت مرة أخرى عندما أردف بكلمته الوحيدة: -متم...