الفصل الرابع عشر
مرت الأيام و هو بين عائلته يقضي معهم أعيادهم و مناسبتهم متنقلا ما بين منزل والده و منزل جدته يهرب الكثير من الأحيان ليذهب للشاطئ ليغوص بين الأمواج بملابسه في طقس أحمق اعتاد عليه بجانب اعتياده على الركض مع شروق الشمس قام بطلب عضوية لأحد الأندية و بدأ يمارس رياضته بشكل منتظم لم يسأل والده عن شيء منذ ذلك اليوم و لكنه توجه لمعرفة ذلك بنفسه و هو يبحث في الكتب عن هذا الدين فكان يختفي لساعات طويلة منكبا على القراءة في التفسير و السنة و كل من جاء على ذكر هذا الدين . عاد ليمدد إقامته في البلاد و لم يتطرق بشأن هويته مع والده. مرت أشهر و هو ما زال حائر لا يعرف أين هى الحقيقة و إن كان ما شب عليه حق، يعود بذاكرته لوقت حياة والدته لا يتذكر أنها داومت على الذهاب إلى الصلاة في الكنيسةو لم تجبره يوماً على الذهاب معها عندما كان يسأل لأين ذهبت كانت تخبره بذهابها إليها وحين شب قليلاً كانت قد كفت عن الذهاب، لم يهتم بالذهاب و التدين فقد كان يعلم أنه لا يفعل شيء خاطئ يحتاج الذهاب إليه ليعترف و يطلب المغفرة حتى أن بيتر لم يكن متدين أيضاً و فقط بعض أعراس هى كانت كل علاقته بالكنيسة . عائدا لمنزل جدته بعد أن قام بتمرينه المعتاد ليجد جودي متواجدة تبكي باضطراب. دخل متجها إليها بلهفة " حبيبتي ماذا هناك هل حدث معك شيء، أبي بخير "
قالت جودي باكية " إبراهيم أنه أبي. أنه مريض جداً لم نعرف ماذا نفعل غير المجيء إليك "
دخل لغرفته مسرعا ليمسك بهاتفه و هو يطلب عمر قائلاً بصوت مضطرب " عمر تعالى لمنزل أبي الأن أرجوك "
خرجت سعيدة و هى تضع حجابها على رأسها قائلة ببكاء هى الأخرى " حمد لله أنك عدت بني هيا خذني لمنزل والدك "
خرج مع جدته و أخته متوجها لمنزل والده وصلوا بعد وقت قصير سأل زوجة والده الخائفة و تبكي هى الأخرى
" أين أبي؟ "
أشارت لغرفته قائلة " لا أعرف ماذا حدث لقد كان يرتدي ملابسه و يستعد للذهاب للعمل عندما وجدته يسقط على الأرض دون سبب، ظننت أنه "
توقفت عن الحديث و هى تضع راحتها على فمها بخوف دخل مع جدته مسرعاً ليجد والده مستلقي على الفراش شاحب الوجه و يتنفس بصعوبة " سلامتك حبيبي ماذا أصابك يا عين أمك " جلست بجانبه على الفراش تضم رأسه لصدرها.
ابتسم جاد بوهن " لا شيء يا أمي آمال تضخم الأمور سأكون بخير ، شعرت بالدوار فقط و لم أستطيع تمالك نفسي فسقطت " كانت تقف بجانب ابنتيها و الخوف و القلق مرتسم على وجوههم الخوف من فقده جعلهم يشعرون بالعجز و الصغر فهو سندهم و معينهم و حاميهم في هذه الحياة بعد الله عز و جل أن تفقد مصدر أمانك لهو شيء في منتهى الرعب
ركع بجانب الفراش يمسك بيد والده بجزع و صورة والدته و هى على فراش الموت واهنة ضعيفة تعود إليه ببشاعة ليشعر أن أنفاسه لا تريد أن تغادر صدره من شدة الضيق كأن هناك من يمسك بها " بما تشعر أبي "
" لا تخف أنا بخير إبراهيم "
سمعوا طرق الباب فقال بلهفة " لقد جاء عمر "
أسرع ليفتح الباب له قال بلهفة و هو يقوده للغرفة
" عمر أن أبي مريض جداً أرجوك أسرع لتراه "
دخل عمر لغرفة خاله و نظر إليه باهتمام " ستكون بخير إن شاء الله "
" أنا بخير هم من يكبرون الأمور "
فتح حقيبته و أخرج منها جهاز لقياس الضغط و سماعته و بدأ بالكشف عليه. كل هذا و إبراهيم يشعر بأن جسده يهتز و مهدد بالسقوط فمجرد تخيله رحيل والده كوالدته عن هذه الحياة و تركه وحيدا سيتركه تائه و لا حول له و لا قوة لا يريد أن يفكر بهذا لا يريد أن يشعر بهذا الشعور مرة أخرى، قال عمر بعد وقت " ما هذه الجلبة التي افتعلتموها لقد أفزعتم خالي بقلقكم عليه هو بخير لا شيء به كما قال "
" قل الحقيقة يا عمر " أمرته آمال باكية
قال لها باسما " أقسم زوجة خالي هو بخير و مثل الحصان يريد بعض الراحة فقط فيبدو أنه لا يتناول طعامه بشكل جيد و هناك ما يشغل فكره ربما هذا ما يصرف شهيته عن الطعام و يعرضه للضغط "
" أنظر أنه لا يتنفس بشكل جيد ألا ترى "
قال هذا إبراهيم بقلق، طمأنه عمر " ربما من السقطة فقط. سيأتي معي للمشفى في الغد لنطمئن عليه أما اليوم دعوه يرتاح بالفراش "
" سلامتك يا قلب أمك حفظك الله لأولادك "
" أتعبتك الحمقاء بالمجيء يا أمي "
قبلت رأسه بحنان
" أعطيك ما تبقى من عمري يا قلب أمك "
" أطال الله عمرك يا أمي "
" حسنا دعوه يستريح الأن و سأعود في المساء لرؤيته"
خرجوا من الغرفة فقال عمر لإبراهيم " تعالى معي لتأخذ هذا الدواء له "
" هل أبي بخير يا عمر أخبرني الحقيقة "
" خالي بخير. ربما هو مرهق و أهمل غذائه يحتاج للراحة و سيكون بخير "
" سأصدق قولك يا عمر و لكن أقسم إن كنت تخفي عنا شيء سأحطم عظامك "
نظر إليه عمر بدهشة " هل جننت ما الذي تقوله "
" سمعتني " أكد
زم عمر شفتيه بحنق و سبقه للأسفل مرا بالصيدلية القريبة و طلب عمر الدواء ليعطيه لإبراهيم قائلاً " اعطيه له بعد تناول الطعام و في المساء سأتي لأطمئن عليه و الغد سأتي لأخذه معي للمشفى و نقوم ببعض الفحوصات لنطمئن عليه "
أومأ بصمت و عاد لمنزل والده أعطي الدواء لزوجة والده قائلاً " يأخذه بعد الطعام "
أومأت بصمت فذهب لغرفته ليغلق الباب خلفه و قد فارقته كل مظاهر القوة لينهار بجانب الباب و هو يجهش بالبكاء خوفا و قلقاً كأنه طفل صغير، يخشى فقدان والده، شعور بالعجز يكتسحه و غربته تتسع و شعور بالوحدة يتملكه يخشى أن يذهب والده و يتركه وحيدا لقد كان منذ عرفه كالصخرة التي يستند إليها حتى لا ينهار فماذا سيفعل بدونه، ليستعيد فقدانه لوالدته فينهار أكثر، لا يريد عيش هذا الألم مرة أخرى مع والده يا إلهي لا أرجوك لا تأخذه مني بعد أن وجدته. طرق على الباب جعله ينتفض و يسرع بفتح الباب
" هل حدث شيء لأبي"
نظرت إليه جودي باكية ببؤس ثم ضمته بمواساة قائلة " شكراً لوجودك أخي لا نعرف ماذا كنا سنفعل بدونك "
هو لم يفعل شيء و لكنه فهم ماذا عنت بحديثها هل يمثل لهم صمام أمان بعد والده هل هو رمز للدعم و الارتكاز في حياتهم هل هذا ما يعنيه وجود أخ بينهم
صلى داخله أن يكون والده بخير فقط فهو بأمس الحاجة إليه تماماً كأختيه.
أنت تقرأ
سيد مان
Azioneهو الغاضب و الهادئ و اللامبالي هو البريء و المذنب و المقاتل هو الحذر و الشجاع هو المسالم و المشاكس هو الساخر و الجدي هوايته حل المشاكل هو مجرد أحمق بعضلات نافرة دخل لحياتهم عنوة يأبى أنفه أن يبق بعيدا في نظر البعض هو البطل