أنا والمونيتور وهواك

59 10 19
                                    

أنا بحب الأفكار إللي بتيجي في وقت مش بتاعها، الفكرة إللي تخليك تسيب إللي بتعمله وتقرر تشوف هي عايزة إيه.

بقالي تلات ساعات بعاني من أرق شديد رغم إني مرهقة لأبعد الحدود وعندي حصة بكرة بدري بعد كام ساعة، لكن أنا متطمنة شوية عشان صاحبتي معايا وهنام على كتفها.

لكن برضو أنا ما صدقت خلصت حاجة النهارده وخلاص هرتاح، لكن دماغي قررت تخلص عليَّ وتجيب لي حاجات قديمة.

وأخيرًا استسلمت لرغبتها وقررت أكتب كل إللي فكرتني بيه، ولقيت طبق رز بلبن جنبي فجأة بطريقة عبثية؛ وبالتالي معنديش أي حجة إني مكتبش.

دا غير إنه الموضوع دا ممكن يكون مكانه في سيكولوجية وردية أو رمادية.

أفتكر من كام سنة كنت درست رواية ديفيد كابرفيلد لتشارليز ديكنز.

الرواية باختصار بتتكلم عن حياة ديفيد الشخص إللي اتولد لأم صغيرة في السن جوزها اتوفى وسابها لوحدها مع مساعدة ليها وأخت زوجها.

وبعد ما اتولد لقى إنه عايش مع زوج أب متسلط بيتحكم في والدته الساذجة وبيأثر عليها، لدرجة إنه أجبرها توافق تبعت ديفيد يشتغل في ورشة، وبعدها مدرسة داخلية همجية، لحد ما بتتوفى وبيفضل ديفيد يتنقل بين أماكن كتيرة أوي بحثًا عن شغل.

لحد ما بيشتغل عند واحد مش فاكرة كان بيعمل إيه، لكن كان عنده بنت جميلة اسمها أجنيس، هي كانت أكبر من ديفيد في السن، لكن علاقتهم كانت لطيفة جدًّا وهي كانت بتتكلم معاه وتديله نصائح كتيرة بحكم إنها الأكبر سنًا، وطبعًا ديفيد كان مفتقد ال monitor أو المرشد في حياته، لإنه ظروف حياته كانت قاسية وملخبطة.

بعد صراعات كتيرة لديفيد مع حياته العملية، وانتقاله لشغل جديد وبعد عن أجنيس شوية اتعرف على بنت مدللة عايشة عيشة مرفهة مع كلبها تقريبًا، كان اسمها دورا.

رغم إنها كانت ساذجة جدًّا فوق ما تتصوروا، لكنها كانت لطيفة، صحيح ديفيد كان بيواجه مشاكل كتير معاها بسبب فرق الثقافة بينهم، حتى إنه كان بيروح لأجنيس يستشيرها في علاقتهم، وهي بدورها كانت بتنصحه وتوجه للتصرف السليم.

رغم إنها اكتشفت حبها لديفيد، وكانت بتعتصر ألمًا لما كان يكلمها عن دورا، لكنها كانت قادرة تخفي مشاعرها وتتلزم بدورها كمرشد.

تمر الأيام ودورا تتعب تعب شديد وتتوفى، وآه زي ما أنت توقعتوا، ديفيد بيروح لأجنيس تواسيه في موت دورا، ومع الوقت بيكتشف إنه بيحب أجنيس، وإنه كان محتاج فعلًا في حياته حد فاهمه ويساعده، مش يكون كل همه نفسه. وكلام من نوع أنا كنت إزاي مش شايفك غير في الحيز دا فقط.

على ما أفتكر إنه الرواية قفلت على زواجهم أو إنهم بقوا مع بعض مش فاكرة التفاصيل.

المهم بقى إيه علاقة دا بالرز بلبن والدرس بتاع بكرة؟ منعرفش والله.

بس اللافت للنظر في الموضوع إني بقيت فعلًا بشوف إننا مهما رحنا أو جينا ملناش غير المونيتور، الشخص إللي إحنا بنلجأ له في كل حاجة، ليه بنقرر إننا نتجاهله ونحطه في رف المعالج النفسي بتاعنا؟

ما دا ممكن يكون الشخص الصح فعلًا، كفاية إنه قادر يكسب ثقتنا، ويقدم لنا الحلول المناسبة، هنعوز إيه تاني من الدنيا يعني؟

رغم إني مش مؤيدي فكرة هيمنة طرف على آخر ويكون هو إللي بيصحح دايمًا، بس ممكن منعتبرش الاستشارة دي هيمنة أو فرض سيطرة، لإنه الطريقة مختلفة تمامًا، بالعكس دا طريقة اهتمام المونتيور هي المطلوبة أصلًا، لإنه فاهم الشخصية إللي قدامه وعارف مداخله، فمش هيجبره على حاجة ولا هيعنفه.

لكن الطرف التاني من المفترض إنه برضو يحاول يكون مونيتور للمونيتور بتاعه،  عشان ميروحش هو يشوف له مونيتور وندخل في مشاكل كتيرة، وكذلك عشان على المدى البعيد هتتحول العلاقة لأب وبنته، أو أم وابنها، ودا مش محبب.

بعدين أي علاقة مهما كان نوعها طول حتى لو كانت صداقة عادية جدًّا، طول ما فيها طرف ثالث دايم وجوده مفروض من أحد الأطراف العلاقة دي مش هتنفع. فيا إما نبطل ندخل حد في علاقتنا بحجة إني برتاح له، أو نركز مع الشخص إللي فاهمنا دا بما إنه مهتم أوي بينا كدا وبلاش فرهضة، ما في الأخر هنلف نلف ونرجع له.

فروحوا دوروا على المونتيور بتاعكم يلا.

وبس... ادعوا لي أنام عشان ربنا يرحمكم من التخاريف دي.

تدوينةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن