يومياتي: تاو

58 10 3
                                    

كإنسان نازل الساعة تمانية الصبح غصب عنه، وعينيه منتفخة بعد محاولات فاشلة كتير إنه يحاول ينام بليل زي الخلق.
كل حواسه نايمة ومفيش غير حاسة السمع باين إللي شغالة.

ماشية قريب من موقف مشاريع، ومشاريع بالإسكندراني يعني وسيلة مواصلات تساوي الأتوبيس تقريبًا.

بلاحظ في الوقت دا أغلب الأيام إني بلاقي ناس كتير ماشيين بيترنحوا وبيشحتفوا في الأرض من آثار سهرة صبَّاحي، وشكلهم مش مضبوط بالمرة، وبيقولوا كلام ملخبط مش مفهوم.

كان من ضمنهم واحد اسمه تاو وصاحبه، تاو دا عنده توكتوك تقريبًا بيصحى الصبح يغسله، وبينما هو بيشوف شغله كان بيقرب عليه صاحبه إللي شارب حاجة، ودا كان باين من نبرته وطريقة مشيته إللي مكانتش متزنة.

قام حسِّس على صدره في طريقه لتاو وهو بيقول بنبرة نعسانة، بس مش أي نعاس دا، وكان بيحاول يعلي صوته:

- إيه يا تاو؟
راح تاو رد عليه بنبرة سرسجية راكزة بعض الشيء وعارف إنه إللي قدامها دا مش طبيعي:

- حبيب التاو.

كررها تاني بصوت أعلى شوية:

- إيه يا تاو؟

- روحححح قلب التاو.

لاحظوا الضغطة على الحاء عشان يدخله المود ويحاول يتفهم وضعه.

راح قايل له:
- مش هتيجي بقى؟

-Cut-

طبعًا مش هكمل الحوار دا عشان في أطفاليات في جمهورنا العريق ومينفعش نخدش حياءهم.

المهم أنا مكنتش عارفة أنا حاسة بإيه بعد الحوار دا، بس لقيت نفسي بحاول أكتم ضحكاتي بس في نفس الوقت مصدومة من إللي سمعته على الصبح دا.

نصيحة البارت: اختار الصاحب إللي يفهمك وقت ما تبقى معلِّي دماغك، ويجاريك في الحوار زي عمو تاو كدا.

حكيت لصاحبتي على الموقف دا، وأنا بضحك بس في نفس الوقت جوايا شوية حزن إللي مضيع نفسه دا.

في حين إنها كانت يا عيني مصدومة وقالت لي أنتِ مكنتيش خايفة؟
معرفتش أرد عليها، عشان دي آخر حاجة أنا فكرت فيها من كتر ما كنت رامية ودني ومندمجة مع الحوار وأنا ماشية.

والحقيقة لا مكنتش خايفة، أنا بحب أسمع الحوارات بين الناس وأحطها في رواياتي أو أي حاجة بكتبها عمومًا؛ عشان أدي لمسة واقعية للعمل بتاعي، وبحسها فرصة ذهبية إنها تدخلنا عالم تمن تذكرته غالية أوي زي صحتنا ومستقبلنا، وأنا مش هحب أخوضها أكيد.

ودائمًا بقول إنه الشخص إللي أختار إنه يبقى كاتب، خاصةً الكتابة الروائية، لازم يكون عنده شجاعة تجربة حاجات جديدة والاختلاط بناس مختلفة عنه مهما كان الموضوع خطر، بس هو يحاول يأمن نفسه بطريقته الخاصة.

ولازم برضو يكون عنده الشجاعة إنه يقول الحقيقة مهما كانت مثيرة للجدل وهتجيب له مشاكل، وناس كتير مش هتحب تسمعها.

آه بجد مجتمعنا بقى مليان مدمنين، وبتوع المخدرات ماليين البلد، والموضوع مرعب بجد وفي سكوت مميت عنه.

مفيش إحصائيات دورية عن أعداد المتعاطين ولا توعية كافية، بل الإعلانات التوعوية ساذجة جدًّا بتخاطب الطبقة المرفهة إللي نسب الإدمان فيها أقل من الطبقات الأقل دخلًا والأقل في المستوى اجتماعي.

دا ممكن صاحب تاو دا ميكونش عنده تلفزيون عشان يشوف محمد صلاح وهو بيقوله أنت أقوى من المخدرات.

بس يمكن من الحاجات إللي بجد كانت مجدية هي موجة الراب في مصر. في رابرز كتير كانوا بيحكوا تجاربهم مع الإدمان بشكل غير مباشر في أعمالهم، وساهموا في التوعية شوية
زي التراك المشهور قطر الحياة بتاع أحمد مكي إللي أثر كتير في ناس كانت على أول السكة دي.

ومراون بابلو كان بيلمح في تراكاته عن الموضوع في تراك برانويا لما قال: «بترفع حباية، وأنا برفع الكاس.»
غير تراك عزبة الجامع إللي كله كان عبارة عن جملة «خلاص بطلت الصحبة إللي بتتجمع على الحشيش».

آه نوع الموسيقا دا هو كلام الشارع والقضايا الحقيقة بتاعتنا، وإللي أغلب الفئة دي بتسمع له، ودا إللي فعلًا ممكن يوصل لهم الرسالة بلغتهم إللي يفهموها.

تدوينةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن