لما كنت بشوف إحصائيات التحرش في مصر، إللي تكاد تصل لمئة في المئة، كنت بستغرب أوي من النسبة المرعبة دي، وبحسها مش منطقية، إزاي يعني كل البنات في مصر باختلاف فئاتهم العمرية اتعرضوا للتحرش على الأقل مرة واحدة، دا بعيدًا عن التحرش اللفظي والإيحاءات غير المقبولة.
لحد إللي حصل النهارده وقلب دماغي من الصبح.حاسة إني عايزة أعمل كتاب مستقل للتحرش لإنه الموضوع كبير أوي، ولو قعدت أحكي لكم مش هنخلص، بس حاسة إننا محتاجين نتكلم عن الموضوع أكتر، ونخلق مساحة لمناقشته، لو حابين يعني، بس عشان بحس إنه موضوع جريء ومؤذي كمان مش كل الناس بتحب تسمع عنه ولا أنا بصراحة بس كتره وانتشاره بقى بيفرض على الواحد إنه يلتفت له.
كنت ماشية في الشارع، وماشي قدامي راجل كبير في السن، باين من شعره الأبيض وتجاعيد وشه وهيئته عمومًا الوقار.
ماشية موازية له بنت في متوسط ١٤ سنة كدا، كانت جاية ناحيتي، وهي بتعدي من جنبه بتحاول تتفادى الرجل بجنبها، عشان متخبطش فيه، لكن الغريب إنه كان مقرب منها جدًّا رغم إنه الشارع واسع، وكان ممكن يبعد عنها عادي.
لكن فجأة لقيته مال شوية بجذعه ناحيتها، ولقيت شفايفه بتلامس كتفها بمنتهى القذارة والقرف.
حركته كانت خفيفة جدًا وسريعة، لدرجة إنه بنته ومراته إللي كانوا ماشيين قدامه محسوش بيه نهائي أنه رجع أو خلى حركته بطيئة شوية.والبنت كملت مشي بس ببطء شوية ووشها اصفر فجأة ولقيتها بتبص لي وبترفع إيدها مستغربة ومصدومة.
أنا لحد دلوقتي مش مصدقة إللي شفته دا حقيقي ولا لا، أو أنا بخرف عشان بقالي تلات أيام مش بنام كويس، بس أنا المشهد كل شوية بترسم في خيالي.
كل إللي بحكيه دا حصل في ثواني سريعة جدًا متتعدش، واتضح إنه مش بس البنت إللي كانت مصدومة ومقدرتش تتكلم ولا تعمل أي رد فعل، أنا كمان فضلت متنحة، ورجلي بتاخدني بعيد عنها، وهي زيي بالضبط ماشية مصدومة ومش بتتكلم وبس بتستنجد بيَّ بعينيها، لحد ما لقيتها اختفت من قدامي وهو كمان اختفى.
حسيت مخي عطل فجأة، بدل ما كان مفروض أساعدها أنا تنحت زيي زيها، وحسيت بكمية عجز مقرفة ولحد دلوقتي مش قادرة أتخطى إللي حصل ولا أنساه.
بس إللي بجد قهرني إنه عمل عملته السودا دي وجنبه مراته وبنته! وكإنه ضامن إنه البنت مش هتنطق وفعلًا كان عنده حق! محدش فينا اتكلم.
أنا بجد مقهورة على إللي حصل دا، متخيلين الكام ثانية دي ممكن تكون عملت إيه في البنت؟ إذا كان أنا إللي براقب من بعيد واتخضيت، ما بالكم بيها؟
وطبعًا لو كانت اتكلمت كان هيتقال لها دا راجل كبير عيب عليكِ، هيبص لك ليه؟
هو فعلًا مش هيبص لك، هو هيعمل أكثر من كدا، عشان إحنا مجتمع سطحي مش بيشوف غير المظاهر بس، وطبعًا الفئات إللي عندها قبول مجتمعي زي الرجالة الكبار في السن، فيستغلوا المظلة دي ويعملوا قرفهم دا براحتهم.
أنا فاكرة إني كنت في مول تحديدًا محل هدوم قبل كدا، وكنت واقفة قدام المرايا بجرب طرحة في أمان الله، وألاقي لك راجل كبير ورايا بمنتهى السماجة بيقولي: على فكرة شكلك زي القمر في المرايا.
كانت حاجة مقرفة جدًّا عشان مش من حقك تقولي كدا لأنه دا ميخصكش بالمرة!أنا بجد آسفة للبنت دي، عارفة إنه اعتذاري دا ملوش أي قيمة، وهي كمان مش هتشوفه، بس أنا حسيت إني ضعيفة وقتها واتكتمت من كتر ما اتصدمت، واتصدمت أكتر لإني كنت مفكرة إني قادرة أتكلم وأوقفه عند حده، بس مفيش في إيدي حاجة أعملها غير إني أقول إني آسفة لك على إللي حصل وأتمنى إنك تقدري تتخطيه.
أنت تقرأ
تدوينة
General Fictionدعنا نُبرم عقدًا لا شروطَ جزائيةً فيه؛ لأن إمكانية فسخه مُحالة. ستكون مستمعًا حسنًا يشاركني كل هذه التفاصيل المملة دون ملل. ومُضيك قِدمًا نحو أول فصل هي إمضاؤك بالموافقة على جميع شروطي. -تحديثٌ شِبهُ يَوميِّ، فصوله تكتب بعد منتصف الليل. رقم واحد في...