استعادت ياسمينة بعض حيويتها...إذ أمضت الأسبوع كله بالبيت تحاول أن ترتاح نفسيا وجسديا...لكنها لم تستطع فكريا إيجاد السلام...كانت طوال الوقت تفكر بشخص واحد...بالرجل اللذي قبلها بالمستشفى ووعدها باللقاء...اتصل بها مرتان ولم تجبه...فكان الخوف يتفاقم بداخلها من ردة فعله...إنه من النوع اللذي لا يترك أموره معلقة...يفعل كل شيء للوصول لما يريده...
رغم تدليل مطر وريم اللتي كانت تأتي لبعض الوقت كل يوم...كانت تشعر بالحاجة إلى الإنزواء بغرفتها والنوم...علها تخفف من شعورها الملح باقتراب الخطر...الخطر المهدد...كلما سمعت اسم آدم الدالي بالتلفاز أو رأته بالجرائد اللتي تلتقطها مطر كل يوم بشغف قرب باب المنزل...كان قلبها يقفز من مكانه...عندما تتأمله...تتأمل وسامته...ثقته بنفسه...عليائه وغروره...
كان الوقت متأخرا عندما عادت منال من عملها...كانت تبدو مرهقة، فقد أعلمتهم برحلتها لتقديم عرض بالمدينة المجاورة...ورغم استنكار الجميع خصوصا أمجد لفكرة عودتها إلى العمل رفقة ذاك المجنون...إلا أنها أقنعتهم بأنها يجب أن تتم مشروعها قبل الإستقالة...كما يجب أن تستعد لزفافها بأمجد فقد بقي أسبوعان على موعده...
نام الكل بينما بقيت ياسمينة مستلقية فوق سريرها تنظر إلى النجوم...لتسمع صوت وصول رسالة فأخذت الهاتفة بيد مرتعشة لتقرأ رسالة آدم برعب:
" أنا أنتظرك بالحديقة الخلفية لبيتكم...تعالي فورا"
كاد يغمى عليها من الخوف...من خلال رسالته علمت بأنه غاضب...ويعطيها فرصة واحدة قبل اقتحام البيت وإخراجها منه عنوة على مرأى من أصحابه...يستطيع فعلها دون أن يرف له جفن...تدرك جيدا بأنها لن تستطيع الإختباء منه أكثر ومنعه مما يريده...إنها مسألة وقت فقط...تريد أن تربح الوقت...لكن إلى متى؟ إلى أن تقرر ما ستفعله!
بخطى مهزوزة...ارتدت روبا قطنيا فوق منامتها...ثم خرجت بخطوات مدروسة نحو الحديقة الخلفية...وقبل أن تبدأ البحث عنه...أمسكتها يداه ثم سحبها نحو زاوية مخفية قرب بعض الأعشاب والشجيرات...ألصق ظهرها بالحائط خلفها ثم التصق بها مطوقا خصرها بيده و...بنانوثانية واحدة هجم على شفتيها بقبلة مسيطرة...
تحمل بعضا من القسوة...والعتاب...والتملك...بقدر ما سلبتها تلك القبلة طاقتها على الوقوف وإرادتها لصده، وأخذتها إلى عالم آخر...جعلتها تشعر بالألم...وانتبهت إلى ألم آخر مصدره الجرح اللذي يضغط عليه بجسده الضخم...أفلتت منها آهة خفيفة، أعادته إلى رشده فابتعد قليلا عندما دفعته بقلة حيلة لتقول بتوسل بصوت ضعيف:
- آدم...أرجوك توقف...أرجوك!
- آسف...آسف...لم أنتبه للجرح!
أحاط خديها براحة يديه ينظر إلى وجهها المتورد وشفتيها الملتهبتين...ثم تلك الدموع المهددة بالسقوط...فقبل جبينها ثم لثم خدودها مكررا عبارات الأسف...ليقول بصوت ودي:
YOU ARE READING
قبضة من حديد
Romanceرواية بقلمي... تعالو نبحر معا بأحداثها... بقصص البطلات الثلاث...أقدارهن...مصائرهن...