قطع آدم الإتصال بعمته اللتي تلح عليه بالأسئلة قصد زيارتها بأقرب وقت...أنهى المكالمة وهو يراقب ياسمينة من زجاج مكتبه المطل على الحديقة حيث تجلس قرب المسبح الكبير...شاردة كالعادة...فاتنة...كلوحة سريالية لأميرة هاربة من احدى الروايات الفنطازية...شعرها يتطاير مع الرياح...ثيابها اللتي اشتراها ولم يتخيل بأنها ستناسبها إلى هذه الدرجة...كانت رائعة عليها....
خرج من مكتبه متوجها نحوها...مسلوب الإرادة مفتونا بمنظرها...وقف قريبا منها فأجفلت من اقترابه...جلس قربها بالكرسي الواسع...لا يفصلهما شيء...أدارت رأسها نحو المسبح بينما بقي هو محدقا بها بإصرار...ثم قال بصوت مخدر:
- لم أرى بحياتي كلها امرأة بجمالك ياسمينة...من كان أجمل؟ والدتك أم والدك؟
- لم أرى أيا منهما...لا أعلم!
شعر بغصة بحلقه...ولتوه استشعر كونها يتيمة...لاتملك أحدا بهذه الدنيا...دون سند...أعمامها أخذو مالها...وهو أخذ منها شرفها...جردها من كل حقوقها...من اختياراتها...فرض عليها هذا الوضع فرضا...فقط لأنها أعجبته...وأحبها وأراد امتلاكها...كان شاردا بملامحها...فانتبه لها عندما قالت بصوت خافت يخرج من بين شفتيها كتعويذة:
- أريد التحدث إلى مطر!
نظر إليها باستفهام وقد هز كيانه هذا الإسم بالذات، فتلك المرأة سبب غير مباشر لإقحام ياسمينة بحياته...أجاب:
- من تكون؟
- صاحبة البيت اللذي أستأجر به الغرفة!
- هل علاقتكما قوية لهذه الدرجة كي تكون الشخص الوحيد اللذي تريدين التواصل معه؟
- إنها مهمة بالنسبة لي...هي ورفيقتاي...السند الوحيد لي بهذه الحياة!
- يمكنك اعتباري سندك أيضا...واطلبي ما تشائين مني...وسأحضر كل طلباتك!
ابتعدت قليلا عنه لتواجهه...ثم قالت بصوت حاد لمس دواخله:
- لا أريد منك شيئا...أي شيء...غير تركي أذهب من هذا المكان اللعين...هل تظن بأن هذا القصر وأموالك الطائلة ستعيد لي ما فقدته...أو تنسيني مافعلته بي؟ أنت مخطئ...مخطئ جدا إن ظننت بأن بإمكانك شرائي..
أمسكها من ذراعها بقوة...ثم جذبها نحوه...وقد رسم تلك الملامح المخيفة اللتي جعلتها تتنفس بقوة وتحاول الإفلات منه...للحظة...ندمت على مواجهته بتلك الطريقة...لأن رد فعله كان بعيدا عن كل ما هو إنساني...فآدم عندما يغضب يتحول إلى وحش كاسر...
- لا يهمني ما تريدين ياسمينة...لطالما أنا املكك...امتلكت جسدك وقلبك...حياتك كلها صارت ملكي...ولن تخرجي من دائرتي إلا عندما أريد أنا...أما إن فكرت...فكرت فقط بالهروب مني...يمكنك تخيل ما سأفعله بالسند الوحيد لك بهذه الحياة...
تلك المرأة...ربما أحرق بيتها وهي نائمة لا تشعر بشيء...والفتاتان...ريم؟ أجل ريم...ربما أختطف ابنتها الصغيرة لدفعها للجنون...والأخرى...ماذا كان اسمها؟...أجل...تذكرت...منال...تلك اللتي تعمل بشركة ياسر ابن عمتي...أظنه لن يتردد بتلبية طلب صغير مني...ربما يلفق لها تهمة بسيطة...ويجعلها تتعفن بالسجن...

YOU ARE READING
قبضة من حديد
Romansaرواية بقلمي... تعالو نبحر معا بأحداثها... بقصص البطلات الثلاث...أقدارهن...مصائرهن...