جزء 27

845 39 58
                                    

اغرورقت عيناها بدموع الصدمة...والألم...والخذلان...والخوف المرير...تنفست بعنف وهمست بخنوع:

- نحن بمكان عام...اتركني!

أفلتها ببرود، بنفس الوقت خرج آدم من غرفة والدته يبدو عليه الإرهاق...التقت عيناه بعيني حازم، اقترب منه ومن ريم وصافحه برسمية...بينما قال حازم مجاملا:

- علمت بأن السيدة مطر قد تجاوزت مرحلة الخطر!

- أجل، إنها كذلك...ستستيقض بعد ساعات قليلة!

مسح المكان كله بخفة ثم قال بتوجس كأن شيئا ثمينا غاب عنه:

- أين ياسمينة؟

أجابت ريم بعدما تظاهرت بالتفتيش بحقيبتها كي تخفي تورم ذقنها:

- ذهبت إلى المرحاض وستعود بعد قليل...آه...لقد أتت!

وقفت ياسمينة قرب آدم لتساله:

- هل هي بخير؟

- أجل...العملية كانت ناجحة...والحمد لله...

نظر آدم إلى حازم وريم ليقول بامتنان:

- يمكنكما العودة وأخذ قسط من الراحة...شكرا جزيلا على دعمكما...أنا وياسمينة أيضا ذاهبان، وسنعود غدا صباحا!

صافحه حازم، ثم شد على كفه، كانهما لم يكونا على خلاف بالسابق...كأن هذا الموقف عزز علاقتهما...وجعل الماضي يضمحل...ويتلاشى...وقفت ريم، لتسلم على ياسمينة، طلبت منها إخبارها بالجديد...ثم أمسك حازم كفها بيده ليغادرا المكان سويا!

كانا صامتين طوال الطريق...ريم تحبس دموعها بصعوبة...تكاد تجزم بأنها لا تعرف الرجل القاسي اللذي يجلس بقربها...تغير معاملته كسرها...فهي غير متعودة على القسوة...لطالما عاشت مدللة ببيت عمها...ثم زوجها السابق...وتستنكر تصرفات حازم اللتي صارت تخنقها!

لم تكن بمزاج يسمح لها بالحديث...صعدت تعدو نحو جناحهما، لكنها سمعت صوت بكاء رانيا بطريقها...غيرت مسارها نحو غرفة ابنتها، وما إن همت بالتحرك نحوها حتى امسكها من ذراعها بقسوة...ساحبا إياها نحوه قائلا بخفوت:

- سعاد ستعتني بها...يجب أن نتحدث!

تمكن منها الغضب لتلكم صدره بيدها الحرة عندما فشلت بنزع يدها من قبضته...اهتاجت اوصالها فعند ابنتها...فقط...تصبح شرسة، قالت وقد احتدت ملامحها:

- أنا امها وليست سعاد...لا أريد التحدث إليك...بت أكره أسلوبك الهمجي وتسلطك اللعين أيها...

فصل كلامها عندما دفعها بعنف حتى سقطت أرضا، محدثة جلبة بالرواق...فقد حازم أعصابه فعليا عندما تطاولت عليه بتلك الطريقة...وصرخت بوجهه بوقاحة...لكن ماحصل بعد ثوان قليلة جعله يندم...يندم بشدة إذ سمع صوت بكاء رانيا اللتي كانت شاهدة على تعنيفه لوالدتها...ثم سعاد اللتي لم يعلم من اين خرجت وامسكت يده من الخلف وقد غمرت الدموع خديها...بقي متسمرا بمكانه...يشاهد ما يحصل...كيف لملمت ريم شتاتها واعتدلت جالسة على ركبها راسمة تلك الإبتسامة، تنادي ابنتها الخائفة منه بحنان انبهر له:

قبضة من حديدWhere stories live. Discover now