يَا ولَّيَ المُؤمِنينَ

10.5K 593 2.3K
                                    


~ بات يَسقيِني إلى وَقتِ السَحَر

خَمرَة الرِيق عَلى وَردِ الخفر ~





















































































سعيرُ جَهنّم ينتظر إقباله شوقاً ، و ملائكة الرحمن تشفقُ عليهِ أسىً ، تراب الردى يتشبث بأوصالهِ طمعاً ، و على آثامهِ اقامت شياطين الهوى مرقصاً ، يصطلي بنيران رغباتهِ معذباً ، و دموعهُ تجلي التصبّر عن حب ربهِ عتباً ، لم يشفع له الجَلَد المرير كرماً ، عن زَجر نبضهِ المُتيّم تستراً ، او ترياقًا لتقطع احشائهِ ولعاً و عشقاً ..لأي حمامٍ و برازخهُ او لأي مقامٍ و مواربهُ و لمن من بحار الهيام او بَرّه، يَرد و يستنجد ، و يهيم و يستصرخ وقد قُضي امره ، و حَل ذنبهُ ، و ضاق قلبه و كُتبت عقوبتهُ ، فلم يستطع على كتم العشق تقيةً ، او التأسَّي بأحزانهِ كمداً ، او الى عفو ربهِ سؤلاً و عطفاً ..

كان يصعد الدرج ببطء شديد ، يفصل بين الدرجة و الثانية دقائق عظيمة من التردد ، يعلم بوجود الثاني عند نهايته ، جالس في انتظاره كعادته في كل ليلة ..  لذا اخذ علي يحشد جيوش صبره و قوى إرادته في سبيل مواجهة الآخر لأمسية من القرب المضني و الرغبة الجامحة ..

عند وصوله للصالة تفاجأ بخلوها التام من اي شخص ، فقط الظلام سادها و كسره اضوية الشارع البسيطة المتسللة من البلكونة ، توجه هو لغرفته ضمن تساؤلات شتت تركيزه ، و غير ردائه الحوزوي الى هندام يومي في سبيل الخروج مرة ثانية ليقضي الليلة مع رفقائه ، استند بيديه على طرف الميز و تنهد بثقل ، زافر كل ما احتشد بصدره من ألم و أسى ..

فجأة رفع راسه بإنتباه عندما سمع صوت شهقات و أنين مرير منكسر النبرة ، ينتحب بثقل و صرخات مكتومة ، خرج من غرفته بخطوات بطيئة و غير مسموعة و من بين الظلام استطاع تمييز غرفة اسفار المواربة ، ما تقل عن ظلام الصالة الا من اشعة ضوء انعكس من نافذتها ..

تختفي الشهقات لثواني و يرتفع صوت الدعاء :

" أَتُراكَ مُعَذِّبِي بِنارِكَ بَعْدَ تَوْحِيدِكَ، وَبَعْدَما انْطَوى عَلَيْهِ قَلْبِي مِنْ  مَعْرِفَتِكَ، وَلَهِجَ بِهِ لِسانِي مِنْ ذِكْرِكَ، وَاعْتَقَدَهُ ضَمِيرِي مِنْ حُبِّكَ، وَبَعْدَ صِدْقِ اعْتِرافِي وَدُعائِي خَاضِعَاً لِرُبُوبِيَّتِكَ.."

اقترب من الباب الموارب و قد تفطر قلبه و ازدحمت الدموع بعيونه من الحزن و الألم اللي طغى على صوت الآخر و هو يناجي ربه بنشيج واهن .. وقف عند الباب و نظر لجلوس اسفار على سجادة الصلاة و يديه مرفوعة بوضع الدعاء ، حتى اخفضها و ضغط راحتيها على صدره و انتحب :

حَضْرَةُحيث تعيش القصص. اكتشف الآن