يَا قَابِلَ الْقُرْبَانِ

7.1K 554 758
                                    


~ إِذَا ما رَأَتْ عَيْنِي جَمالَكَ مُقْبِلاً
وَحَقِّكَ يا رُوحي سَكِرْتُ بِلاَ شُرْبِ ~





































































جاهلٌ بِالغَيب ، عاكِفٌ عَن الجَوَى ، منتَظرٌ للرَدَى، تائِهٌ في ضاحِيةِ الصِبا ، مُتَململُ القَلب و الهوى ، مُرتَجِيا رَحمَة و عَفوا ، طالِبَاً عَطفاً على نَجوى ، لَم يَزُرهُ في خَلَواتِهِ وَحيِاً ولا سَلوى ، مُتَعذِب النَفس الَّتي لَم تُروى ، مِن بِحارِ الغَيثِ او مُستقرِ النَدى ، قاطِعاًً فيافي الدَهرِ عَن حِمى ، مُتَأمِلاً دِيارَ راحَةٍ و هَنى ، عَن إِذنِ خالقِةِ بِمَقاديرِ السنى ، مُتمتِماً سُطور العِشقِ في الدُعى ، ضائِق الصَدرِ عمّا طَوى ، مِسموع النَحيبِ و البُكى ، مُقتَصرُ الفِكر عمّا قَلى ، لم يَزِدهُ انِينهُ إلا شَوقاً و عُتبى ، مُنكَسِراً في سُجودهِ اذا صَلّى ، التَوبّة لك يا رَب يا ذّا العُلى ، انِّي عَبدُكَ الضعِيف خائرُ القُوى ، لَيلاً اذا تَمَنَّع الكَرى ، و فاضَت العَينُ حَتّى تَوَعدها العَمى ، مَنْ غَيرُ رَبهِ لَهُ مَولى ؟، لِيَكونَ في قَلبِهِ سَكينَة و مَأوى ، لِكُلِ طِيبٍ و تَقوَى ، مُستَجِيراً مِن اللَّظى ، ساتِراً لِذنبِ قَلبِهِ حِينَ إِكتَمى ..

انتصف الليل في قلبه مواتياً تقلبات السماء ، و تعَشّق الكلل في بوادي الروح ، و ثقلت انفاسه من سُبل مُحتَجبة ، يخلو باله من الفِكر المضني ، عندما استقر مستلقي على السرير بسكون لكنه عجز عن الاستسلام لكنف السهاد ، فتح عينه المثقلة  و بدأ يردد :"هَلْ مِن مُعينٍ فَأُطِيلَ مَعَهُ العَوِيلَ وَالبُكاءَ .. "

عند نطقه لهذا الجملة فقد الامل بأمكانية لجوءه للنوم ، لذا ترك الفراش و فتح ضوء الغرفة ، ثم عاد لمكانه و فتح احد كتب المنطق ليستغل الوقت ، جالت عينه بين اسطر ذات المبحث و في كل مرة يصل الى نقطة معينة يتيه بين الكلمات و يرجع ليكرر من البداية ، الى ان فقد الامل بالتركيز على هذا الموضوع و شرد بصره محدقاً بالفراغ .

في حجرات عقله عاد الصوت يترنم بالدعاء لذلك تماشى معه و بدأ يعلو اكثر حتى استدرك اسفار ان الصوت قادم من خارج وعيه ، كان الصوت ملموس قوي جوهري عميق بلحن ثابت ، بالضبط مثل الي تعلق بذاكرته لأيام ..

".. إِلهِي ظَلِّلْ عَلَى ذُنُوبِي غَمامَ رَحْمَتِكَ، وَأَرْسِلْ عَلَى عُيُوبِي سَحابَ رَأْفَتِكَ، إِلهِي هَلْ يَرْجِعُ العَبْدُ الآبِقُ إِلّا إِلى مَوْلاهُ؟ أَمْ هَلْ يُجِيرُهُ مِنْ سَخَطِهِ أَحَدٌ سِواهُ؟ إِلهِي إِنْ كانَ النَّدَمُ عَلَى الذَّنْبِ تَوْبَةٌ فَإنِّي وَعِزَّتِكَ مِنْ النَّادِمِينَ! .."

حَضْرَةُحيث تعيش القصص. اكتشف الآن