يَا غِيَاثَ المُسْتَغِيثيِنَ

7.6K 516 819
                                    


~ تَمَسّكْ بأذْيالِ الهَوَى واخْلَعِ الحيا

وخَلّ سَبيلَ الناسكينَ وإن جَلّوا ~













































جفت عيناه من الدمع ، وخارت قواه من كمد العتاب ، تعذل النفس الروح و تعود الروح متوقدة بهيامها ، محترقة بأشتياقها ، متراقصة بحنينها ، ماجنة بهذيانها ، جانحة برغباتها ، يلوذ بالتمنّع و النكران ، و يهيم في بيادي الغفران ، قاصداً سراب المنَّ و الاحسان ، فلا يرتوي الا من نبع الأشجان ، حتى يسري سم العشق في بدنه ، يلجلج التوق في دمه ، و يتلف قلبه الهزيل عن زَهوِه ، فيلجأ الى بلسم الكرى ، يستنجد نسيان الهوى و السلوان عن المنى ..

عاد في هذا اليوم بساعة مبكرة من الليل و توجه مباشرة لغرفته حتى اغلق بابها بأحكام ، ولشدة نعاسه من قلة النوم خطا نحو السرير و دفن نفسه بين الأغطية الثقيلة ، و ظل يتطلع بالفراغ عاجز عن النوم ، كانت اول مرة يحاول الرقود بعد فعله الشنيع ، فبالرغم من التعب الي سيطر عليه بعد صلاة الصبح الا انه قضاها بالتوبة و الاستغفار ..

سمع صوت طرق الباب عدة مرات ثم نداء مرتضى عليه " اسفار ! .. تجي تشرب چاي ؟ " و عندما لم يرد له جواب ابتعد و خاطبهم " نايم يولد "

للحظة شعر بالامتنان لحقيقة ان نومه ثقيل و الباقين على علم بهذا الأمر ، لذلك عاد لمحاولاته للنوم الا انه ظل يسمع اصواتهم في الصالة يتسامرون لساعات ، من ضمنهم صوت علي و رغب بشدة لو يسمع دعاء او مناجاة بهذا الصوت لعله ينام ، لكن بعد فترة اختفت الاصوات و أدرك ان الليل انتصف و توجه كل واحد منهم لغرفته لانهاء اليوم ..

من بعدها بفترة قصيرة ثقلت اجفانه و انحدر وعيه الى نوم عميق ، ظل يتقلب بنومه و يتململ حتى استقرت عدة قطرات من العرق على جبينه بالرغم من برودة الجو ، ثم ابصر في رؤياه صحراء قاحلة حارة و في جانب منها جدار عظيم من نار يمتد للسماء ، اقترب منه ببطء حتى صار لا يبعد عنه الا خطوة و أدرك ان هذا الحاجز شفاف ، يتراءى له ما خلف النار من صحراء مماثلة امتدت لبعد الافق ، ضيق عينيه حتى يشتد بصره لما وراء غشاوة النار و رأى علي يقترب منه على الطرف الثاني من الحاجز ، حتى امتدت يده تجاه النار و بدأت تحترق ، ثم زاد اقترابه يبتغي عبور الحاجز ..

خفق قلب اسفار بشدة من رؤية النار تحرق يد علي ، لذا صرخ بكل ما امتلك من قوه .." علي !.. علي ، لا .."

لكن بلا جدوى ، حاجز النار كتم كل صرخاته ، و استمر الثاني بالاقبال حتى اتصل وجهه بالنيران و احترق تماماً ، و على اثرها خطى اسفار الخطوة الاخيرة تجاه النار يحاول انقاذ الاخر حتى شعر بالنيران تستعر في كامل جسمه و صدر منه صرخة ألم أخيرة فز على اثرها من النوم و استقر بمنتصف سريره يتلفت بكل الجهات يحاول استيعاب حقيقة ان اللي رآه لم يكن الا كابوس مقيت ، مسح قطرات العرق عن وجهه و تنفس بعمق يحاول تهدئة نبض قلبه المتسارع ، و حاول العودة للنوم لكن رجفة اطرافه استمرت و اعتمره خوف من رجوعة لذات الحلم ..

حَضْرَةُحيث تعيش القصص. اكتشف الآن