~ تَمَسّكْ بأذْيالِ الهَوَى واخْلَعِ الحياوخَلّ سَبيلَ الناسكينَ وإن جَلّوا ~
جفت عيناه من الدمع ، وخارت قواه من كمد العتاب ، تعذل النفس الروح و تعود الروح متوقدة بهيامها ، محترقة بأشتياقها ، متراقصة بحنينها ، ماجنة بهذيانها ، جانحة برغباتها ، يلوذ بالتمنّع و النكران ، و يهيم في بيادي الغفران ، قاصداً سراب المنَّ و الاحسان ، فلا يرتوي الا من نبع الأشجان ، حتى يسري سم العشق في بدنه ، يلجلج التوق في دمه ، و يتلف قلبه الهزيل عن زَهوِه ، فيلجأ الى بلسم الكرى ، يستنجد نسيان الهوى و السلوان عن المنى ..
عاد في هذا اليوم بساعة مبكرة من الليل و توجه مباشرة لغرفته حتى اغلق بابها بأحكام ، ولشدة نعاسه من قلة النوم خطا نحو السرير و دفن نفسه بين الأغطية الثقيلة ، و ظل يتطلع بالفراغ عاجز عن النوم ، كانت اول مرة يحاول الرقود بعد فعله الشنيع ، فبالرغم من التعب الي سيطر عليه بعد صلاة الصبح الا انه قضاها بالتوبة و الاستغفار ..
سمع صوت طرق الباب عدة مرات ثم نداء مرتضى عليه " اسفار ! .. تجي تشرب چاي ؟ " و عندما لم يرد له جواب ابتعد و خاطبهم " نايم يولد "
للحظة شعر بالامتنان لحقيقة ان نومه ثقيل و الباقين على علم بهذا الأمر ، لذلك عاد لمحاولاته للنوم الا انه ظل يسمع اصواتهم في الصالة يتسامرون لساعات ، من ضمنهم صوت علي و رغب بشدة لو يسمع دعاء او مناجاة بهذا الصوت لعله ينام ، لكن بعد فترة اختفت الاصوات و أدرك ان الليل انتصف و توجه كل واحد منهم لغرفته لانهاء اليوم ..
من بعدها بفترة قصيرة ثقلت اجفانه و انحدر وعيه الى نوم عميق ، ظل يتقلب بنومه و يتململ حتى استقرت عدة قطرات من العرق على جبينه بالرغم من برودة الجو ، ثم ابصر في رؤياه صحراء قاحلة حارة و في جانب منها جدار عظيم من نار يمتد للسماء ، اقترب منه ببطء حتى صار لا يبعد عنه الا خطوة و أدرك ان هذا الحاجز شفاف ، يتراءى له ما خلف النار من صحراء مماثلة امتدت لبعد الافق ، ضيق عينيه حتى يشتد بصره لما وراء غشاوة النار و رأى علي يقترب منه على الطرف الثاني من الحاجز ، حتى امتدت يده تجاه النار و بدأت تحترق ، ثم زاد اقترابه يبتغي عبور الحاجز ..
خفق قلب اسفار بشدة من رؤية النار تحرق يد علي ، لذا صرخ بكل ما امتلك من قوه .." علي !.. علي ، لا .."
لكن بلا جدوى ، حاجز النار كتم كل صرخاته ، و استمر الثاني بالاقبال حتى اتصل وجهه بالنيران و احترق تماماً ، و على اثرها خطى اسفار الخطوة الاخيرة تجاه النار يحاول انقاذ الاخر حتى شعر بالنيران تستعر في كامل جسمه و صدر منه صرخة ألم أخيرة فز على اثرها من النوم و استقر بمنتصف سريره يتلفت بكل الجهات يحاول استيعاب حقيقة ان اللي رآه لم يكن الا كابوس مقيت ، مسح قطرات العرق عن وجهه و تنفس بعمق يحاول تهدئة نبض قلبه المتسارع ، و حاول العودة للنوم لكن رجفة اطرافه استمرت و اعتمره خوف من رجوعة لذات الحلم ..
أنت تقرأ
حَضْرَةُ
Romanceوليس لي أمل إلا وصالكم فكيف أقطع من في وصله أملي هذا فؤادي لم يملكه غيركم إلا الوصي أمير المؤمنين علي