يَا مُنْزِلَ الْبَرَكاتِ

5.9K 558 914
                                    


~ لو شاء ربّي أن يعفَّ عبادُه

ما كان يخلق في الأنام ملاحا ~







































































































عند منابر العشق ناداك للجوى ، فدع عنك التكلف في ستر الهوى ، فما الغرام يا اخي الا آيات تتلى ، بمسجد وجه نوره تحلى ، بضريح قلب من هيامه اكتوى، بجوهر نفس سلطان عشقها طغى ، لعلك بكفرها تعود لدين الصبا ، و لخشوع و تقوى بحضرة من تهوى ، لثغر تسبيحه ألذ من الراح و أشهى ، لعيون بسوادها الكون انطوى ..

ضربت أشعة الشمس اجفانه المغلقة فأزعجه نورها حتى جعد جبينه و فتح عينيه بصعوبة لينظر تجاه مصدر الضوء و انعكاسه على وجهه ، يتأمل الشباك الموارب لفترة طالت و هو يحاول تذكر سبب استغراقه بهذا النوم العميق ، مرت دقائق طويلة و هو يحاول تذكر احداث الليلة الماضية حتى عادت له ببطء شديد ، صوت محبوبه و نجواه الجلية ، ثم عودته بعد طول فراق ، دموع الشيخ اللي مازالت تحرق يديه حتى هذا الصباح ، مغادرته في الليلة الماضية بلا تفسير .. 

أدرك أسفار عندما تشبثت بفكره ذكرى سواد عيني الشيخ العاشقة المتعبة سبب نسيانه لكل ما حدث في الليلة الماضية ، كان يتمنى ان يعود لذاك النسيان ، أن يتبدد اللقاء كأنه لم يكن ، ان يعود لدنيا الشك و الضياع فقد كانت اكثر رحمة من دموع شيخه..

كان أسفار ممتن لهذي الخاتمة ، شاكر لوجود نقطة نهاية لهذا العشق و عذابه ، كان عازم على ان يكمل حياته كأن هذا الشخص لم يمر بها ابداً ، و قد اتخذ قراره عندما استقام من سريره بتعب بأن يطرد هذا الهيام من قلبه حتى نهاية أيامه ، كمن مات و بعث من رماده بخفة روح و نقاء نفس و خلو قلب..

أخذ عدة ثواني وهو متسمر في مكانه بعد ان اصابه شيء من الدوار بسبب نهوضه من السرير بشكل مفاجئ ، و استغل هذي الثواني بتأمل أشعة الشمس دائمة الإزعاج ذات الشخصية المتفردة و هي تعكر رقود المتعبين ..

ما ان عادت له الرؤية واضحة لما حوله إتخذ خطواته خارج الغرفة و هو يشعر بكم هائل من الراحة و السكون ، كأن الحياة ما كانت بهذا الهدوء سابقاً ، كأن كل شيء كان أرق و أكثر تلطفًا من سابق عهده ، نزل الدرجات الواحدة تلي الأخرى و هو يستعيد قواه تدريجياً حتى وصل الى المطبخ و دخل بصمت و عدم إهتمام بالحياة من حوله قاصد احد الأدراج ليخرج منها الدلة و حبوب البن المطحونة كعادته في كل يوم بينما كانت والدته و فضة مستغرقين في حوار خاص بيهم يبدو انه استمر لفترة طويلة قبل ان يدخل ، و لم يقاطع دخوله شدة احتدامه ..

حَضْرَةُحيث تعيش القصص. اكتشف الآن