~ مُتّ مِن جَورِ سادَة قَد أَحَلّواقَتلَ مَن لا لهُ سِوى العشقِ ذَنبُ ~
قالوا عن العشق انه قبيح المحيا ، بليدُ اللبّاب ، كفيف المُقَل ، ملتبس التشبيه ، مسلوب الخُلق ، رديء الطباع ، شديد البأس ، ركيك الحديث ، مَعلول المُهج ، ناقضٌ للعهد ، مرتعد الأوصال ، متواني الرجاء .. لكنه جوَّد من آيات مصحفِه ، و نَقل عن احاديث اوصيائه ، و تمثّل من دعوات عبادهِ ، انه باليقين مؤمن ، و بالسلوان موقن ، و بالعقيق مسبّح ، و لِهُداه متبّع ، و لجبروت رَبه ساجد ، و لغايات وجدانهِ خاضع ، يكاد يكون له في بذل ذاته اخلاصُ الملائكة ، و صَبر الانبياء ، و عزّة الأولياء و مَنزِلة الشهداء..
كان جالس على أرضية غرفته يترامى به موج الأفكار الى شواطىء مهجورة و قفار بعيدة ثم يعود به ليتآلف بوجدانه ، تقسو عليه التوقعات و تشفع له رحمة الآمال فبعد اسبوعين من غياب الأكبر لم و لن يشفى قلقه شيء الا حضوره ..
كان يحاور ذاته في اسباب غيابه ، يلقي خوفه اللوم على انشغاله بالعمل و لربما اشتياقه لأهله و رغبته بقضاء وقت اكثر معهم ، لكن الفكرة بدأت تجمع الغمام الأسود ليخيم على قلبه ، تذكر الكلمات اللي نطقها بآخر حوار بينهم و هم جالسين على ضفة الفرات ، و استرجع ذاك الشعور بكل ما حمله من محبه و ود متبادل ، لكن هذه المرة كانت الذكرى غريبة عليه بمرارة شنيعة رافقت الاحتمال اللي رفضته نفسه تماماً ..
اي من ألم سببته هذه الكلمات لعلي ، و اي جرح رسمته في روحه ، لكم كان وقعها عليه مروع برغم بساطتها و حقيقتها ، لعن ذاته و لعن لسانه و كلماته ، و لعن قلة تفكيره و اهماله لمشاعر الآخر ، و تمنى لو باح له بحقيقة احساسه كاملة و بمدى حبه و عظيم عشقه ..
تأمل شاشة موبايله المضيئة بأسماء عائلته و معارفه و في وسطهم كان اسم شيخ علي يسطع باصرار ، حاول يضغط على زر الإتصال و تراجع و فكر بما قد يبدأ به من كلام ، و دق قلبه بخوف من فكرة سماع صوته ، الصوت الشجن اللي امتلك حضور خاص و روح متأصلة في جذوره ..
و لأول مرة من اسبوعين تجرأ على ضغط الزر ، يرفع التكلف و ثقل التصنّع ، و يقرب الموبايل من اذنه اكثر ينتظر لثواني طويلة ان تطوى المسافات بينهم و يمُنح رحمة سماع صوت المتيم به ، الا انه بعد دقائق رتيبة مقلقة اعلن الصوت الآلي على الجانب الآخر فشل الإتصال بالشخص المطلوب ..
حاول مرة اخرى لكن بلا جدوى لذا زاد تململه و قلقه حتى ترك جلوسه على أرضية الغرفة و طلع منها راغب بالبحث عن زكريا حتى وجده يعالج الشجيرات الصغيرة بالحديقة مما ساد بها من العثة او الدود ..
أنت تقرأ
حَضْرَةُ
Romanceوليس لي أمل إلا وصالكم فكيف أقطع من في وصله أملي هذا فؤادي لم يملكه غيركم إلا الوصي أمير المؤمنين علي