~ بِروحي مَن تَذوبُ عَلَيهِ روحيوَذُق ياقَلبُ ما صَنَعَت يَداكا ~
ضاقت الأرض على العاشقين في بعادهم ، فطوّيَ الكون في قلوبهم ، و تلبدَّت السماء في أيامهم ، و أكتَحلَّ الليل بمناجاتهم ، و تعالت رياح التوق بإستصارخهم ، و احتشَد الجوى عند مجرى مدامعهم ، و كُتبت اقدارهم بتمتمات الرجى ، سُجدّاً قانتين لمن أهداهم كرامة الهوى ، رُكعّاً راضين عن حكم ربهم و ما قَضى ، ساقين بحور الصبِّ بالتُقى ، مُتنصِلين من سجون أبدانهم حتى تَرقى ، لِطيب بلدانٍ لم يُدمي الشجو فيها ثرى ..
التقط التربة بين ايديه و قبلها ثم طوى السجادة و اعادهن الى احد الرفوف ، يشعر بثقل عظيم استولى على اطرافه حتى كاد الوقوف بمكانه بالغ الصعوبة ، يضطر للعودة الى دروسه لأكمال المقدمات بعد ان انتهت الأربعينية و فضت المواكب و عاد الناس الى أوطانهم و سكناهم و رجعت الشوارع تضج بصوت الحياة اليومية ، لا يتبقى الا شهر لانتهاء أيام الحزن و العزاء ، بينما انفصل هو عن هذا النسق ، لا تزيد الأيام مشاعره الا عقد ، و لا ترحم ضعف روحه مهما حاول مطاوعة رغباتها ..
خرج من غرفته اللي كانت في جانب معزول و منسي من البيت و اتكأ بيده اليسرى على الدرابزين عند وصوله للدرج ، ينزل بخطوات بطيئة و تضجره فكرة العودة لأيامه المتشابهة و لم ينزل الا عدة درجات حتى ترائت له صورة الرجل الكبير جالس على الطاولة كعادته لذا هو توقف في مكانه لعدة ثواني ثم ذبلت ملامحه و تلالأت عيونه عندما لاحظ الشبه الشديد بين يومه هذا و اليوم اللي التقى بيه بعلي ..
كان كل شيء ثابت قبل ان يدخل حياته ، ذات الأماكن و الأشخاص ، ذات الضجر و التململ ، تكاد تكون فترة القرب المغرمة اشبه بحلم طويل مر عليه في احد الليالي ، لم يفز منه الا بتلطف الأوهام ..
استجمع شتات روحه و غبار الذكرى ثم تحمحم و اكمل نزول الدرج ، مرتدي اقنعة الصبر الكاذبة عندما ابتسم بلطف و حيا معتصم جاذب انتباهه .. " صباح الخير ! "
" صباح الخير و العافية و البركة ، تعال تريگ مضل وكت " التفت له الآخر و صدرت منه ابتسامه واسعة ، متأمل خيراً برجوعه للحضرة ..
" الف عافية عمي ، اني صايم اليوم " رد اسفار و قد كان له في شدة تعبده هذي الأيام نوع من انواع المواساة ..
" الله يتقبل ، أيمن دينتظرك برا حتى يوصلك " عاد معتصم لاحتساء الگهوة بينما أوما هو منصاع لطلبه ..
أنت تقرأ
حَضْرَةُ
Romanceوليس لي أمل إلا وصالكم فكيف أقطع من في وصله أملي هذا فؤادي لم يملكه غيركم إلا الوصي أمير المؤمنين علي