في صباح اليوم التالي طلبت "ورد" من "سيليا" أن تُحضر لها بعض الأشياء التي تحتاجها للبيت ، ف"خليل" ذهب إلى عمله الجديد و" شغف" المشاكسة ذهبت لمدرستها ، وتوجهت "ليل" لعيادتها كالعادة ، هذا هو الروتين اليومي للعائلة ولكن هذا الروتين يحمل سلاماً لا مثيل له ، كم هو سيء أن تخرج الأمور عن المألوف .
مشطت "سيليا" شعرها الأسود وكان متوسط الطول
يصل لأولى فقراتها تقريباً ، ثم ارتدت ملابسها وحجابها واستعدت للنزول.مرت على العم "رمضان" بائع الخضروات والفاكهة في منطقتها ، أملت عليه طلبات أمها التي كتبتها في ورقة كي لا تنساها فقال لها ممازحاً:
_ الزهايمر ! تكتبين الطلبات في ورقة ! ، عندما كنت في عمرك كنت أحفظ كُتباً ومجلات .
وضحك بعفوية وضحكت هي أيضاً ، كانت زوجته تقف بجواره تساعده والتي تدخلت في الحديث توبخه بمزاح قائلة:
_ ألن تكف عن مزاحك هذا ؟ لا تصدقينه يا "سيليا"، لقد كان بليداً في دراسته ولا يحب القراءة.
ضحك الجميع ، ثم قال العم "رمضان" مُعانداً:
_"سيليا" مثل "حبيبة" ابنتي تحب مزاحي لا شأن لكِ يا "قوت".
أعطاها الأشياء التي طلبتها ، وقال متسائلاً :
_في أي عام دراسي أنتِ الآن ؟ في الثاني أم الثالث الثانوي؟
ضحكت "سيليا"و"قوت" لسؤاله ، وهو ينظر إليهما بتعجب ثم قال:
_أمازلتِ في الأول ؟!
ازدادت ضحكاتهما ، ثم قالت "سيليا" :
_أنا في العام الثاني الجامعي يا عم "رمضان" ، الزهايمر ! ألست صغيرً على النسيان ، عندما كنت في عمرك كنت أتذكر أعمار المنطقة بأكملها.
ضحكت زوجته وقالت:
_رد الله حقكِ يا فتاة من سخرية هذا العجوز .
ليبتسم ثم قال :
_في أي مجال تدرسين إذاً ؟
فأجابته:
_علم النفس.
فقال :
_وفقك الله يا فتاة.
ذهبت لتستكمل مشترياتها ، وهي في طريق العودة مرت ببيت الخالة "سندس" سيدة عجوز تعيش بمفردها وتمكث معظم الوقت في نافذة بيتها الأرضي تتابع أحداث المنطقة وتعلق على المارة ولا يعجبها شيء ، ولكن "سيليا" تحبها .
وقفت أمامها وألقت عليها التحية قائلة:
_السلام عليكم ، صباحكِ جميل يا خالة .
فقالت مبتسمة:
_صباحكِ جميل يا ابنتي ، كيف حالك ؟ لم أركِ منذ وقت طويل ! .