« الفصل الثالث عشر »

96 23 1
                                    

وقف أمام الباب وبدأ يطرق برفق مرة ، ثم الأخرى ثم الأخرى ولكن دون إجابة ، فاستدار كي يغادر لكن الباب قد فُتح التفت مبتسماً وقبل أن ينطق وجد السيدة "عايدة" والدماء تسيل من رأسها على وجهها ، وقف ينظر لها والفزع على وجهه ليقول :

_ما هذا سيدتي ؟ ما بكِ ؟

لكنها لم تنطق وبدأت عيناها تُغلق تدريجياً حتى وقعت أرضاً وفقدت وعيها .

أسرع "خليل" نحوها وهو لا يعلم ما يجب عليه فعله ، كان يخاف ملامستها حتى ولكنه أمسك بمعصمها ليرى نبضها ، ولقلة خبرته في هذه الأمور كان يحاول بطريقة خاطئة ولكنه أحسَّ بدقات قلبها الخافتة ، وبعد صراعه مع نفسه لثوانٍ قرر حملها ، ولكن توقف ليخبره عقله أن عليه دخول المنزل أولاً ليرى من فعل هذا ، وعلى الرغم من فزعه وشلل تفكيره وتخبُّط ركبتاه ، لكنه استجمع قواه وسار بخطوات خائفة وبطئية نحو الداخل .

كان الخوف يتملك قلبه كلما استعد لدخول غرفة جديدة ليجدها خالية كالسابقة ، لم يجد طيفاً لمخلوق في هذا البيت فقط رأى بعض الزجاج المكسور على الارض والذي تلطَّخ بالدماء ، استنبط من ذلك أن أحداً قد ضربها بهذا الشيء المكسور ، ولكن من سيفعل هذا ؟ هل هو لص ؟ أم أنه قد جاء قاصداً قتلها ؟

كل هذه التساؤلات وغيرها استغرقت بضع ثوانٍ مرت عليه كأنها سنوات ، يرتعش خوفاً ولا يدري ما يفعل ، ولكن عليه أن يُنقذ هذه السيدة قبل أن تموت لا قدر الله .

وعلى الرغم من ألم ظهره والشيب الذي ينتشر في جسده تدريجياً ، إلا أنه حملها ولم يشعر بكل هذا فقط كان يسرع لإنقاذها .

كان هذا الوقت يزامن غروب الشمس وعودة الكثيرون لمنازلهم لتخلو الشوارع من الضوضاء وتقل حركة الناس ، ومع ذلك سلك طريقاً يبعد عن الأنظار ، حتى قابلته أحد السيارات التي كان يقودها شاب في العشرينات ، أوقفه وطلب منه المساعدة فلم يتردد الآخر في ذلك فقد حمل "عايدة" من يد "خليل" ووضعها داخل سيارته برفق ، وأسرع نحو المستشفى .

استقبل الطاقم الطبي "عايدة" فوراً ، كان هذا بسبب صراخ "خليل" الذي لم يتوقف من لحظة وصوله ؛ لكي يسرعوا في إنقاذها .

جلس أمام غرفة العمليات التي كانت بداخلها السيدة "عايدة" والدماء قد لطخت ثيابه ، تردد عقله كثيراً .. هل يخبر "ريان" بما حدث ؟ أم ينتظر حتى يطمئن على حالتها ؟ ، وقبل أن يتخذ قراره جاءته الممرضة لتخبره أن عليه التوجه للحسابات لدفع المبلغ المطلوب ولإدخال بعض البيانات .

وقف أمام ذلك الرجل الذي يتحدث بسرعة وبتبلد وهو يقول :

_هل هي زوجتك ؟

توتر "خليل" بعد أن أدرك الورطة التي وضع نفسه فيها ليقول :

_لا .

نظر له الرجل برهة وهو ينتظر منه أن يخبره ما قرابتها له ، ولكن "خليل" ظل صامتاً ، ليسأله :

بوڤارديا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن