عاد كلا منهما لبيته ورأسه لا تتوقف عن التفكير ، ذهب "ريان" إلي غرفته وألقى بجسده على سريره بعد يوم طويل ومنهك ، شرد بتفكيره قليلاً ، هل أصاب في قراره حقًا ؟ ، أم ستُفاجئه العواقب ؟ ، ليقطع أفكاره صوت أمه تصرخ وهي وتقول :_ابنتي ..
نهض راكضاً نحو مصدر الصوت ليجدها أمه تجلس أرضاً أمام خزانة ملابس "سلمى" الفارغة وتبكي قائلة :
_ابنتي .. لقد غادرت وتركتني ، أعدها إليَّ يا "ريان" فليس لها سوانا .
وقف "ريان" في صدمة وعدم فهم ليقول متسائلاً :
_هل تركت المنزل بالفعل ؟
وبقبضة قوية ضرب على الباب ثم صرخ قائلاً :
_كيف لها أن تفعل هذا ؟ هل جُنَّت ؟ أنا سآتي بها وأُلقنها درسًا لن تنساه ؛ كي تغادر هكذا دون عِلم أمها أو حتى عِلمي ، هل تظن أن تصرفها هذا سيجعلني أتغاضى عن فعلتها وحديثها مع ذلك الأحمق ؟ ، لو كلفني الأمر سأقتله وأقتلها .
زاد بكاء أمه التي أسرعت نحوه تتوسل إليه كي يهدأ ولا يفعل بها شيء ، قالت بحرقة:
_لا يا بني ، أرجوك لا تؤذي أختك ، لن أتحمل هذا .. يكفي ما نحن فيه ، فقط أريدها أن تعود إليّ .
كان من الصعب على "ريان" تحمل كل هذا ، لم يتحمل ما فعلته "سلمى" وتركها المنزل مثل الهاربات وعصيانها لرأيه ، وحال أمه المسكينة التي يتقطع قلبها على حال ابنتها التي لا يهمها خوفهم عليها ، ووالده القاسي الذي كل همه المال ومصلحته الشخصية ، والمشاكل التي وُضِع فيها منذ أن أتى إلى هنا ...
رأي كل هذا أمامه وهو ينظر لدموع أمه الغالية ، ضمَّها بقوة وطوّقها بيداه وهو يعتصر ألماً ، ألم رأسه وألم فؤاده .. وفي محاولة منه لجعل أمه تتماسك قليلاً إنهار هو رغماً عنه .
**********
مرت هذه الليلة و هو بجوار أمه التي نامت من كثرة البكاء ، نظر لها بأسى ووضع رأسه جوار رأسها وغرق في نومٍ أتى بعد تعبٍ شديد .
وفي الصباح استيقظ "ريان" على طرق باب المنزل ، وجد أمه لازلت نائمة جواره ، نهض بخمول وهو يُمدّد ذراعيه لأعلى وللخلف كي يفيق جسده المتعب .
وبعينين خاملتين فتح الباب ببطء ، لتظهر أمامه "أسماء" ، اتسعت عيناه ونظر لها بتعجب وهو يقول :
_"أسماء" .. ماذا جاء بكِ إلي هنا ؟ .
ابتسمت "أسماء" وهي تنظر إليه بأسى وندم وقالت :
_حمداً لله على سلامتك ، أأنت بخير الآن ؟
قالت وهي تنظر لجرح رأسه ، وضع يده على رأسه وهو يقول بتلعثم :
_نعم ، نعم أنا بخير .
ثم تراجع خطوتين إلى الوراء وقال :