« الفصل الثامن والعشرون »

117 20 5
                                    

ثم وضع هاتفه في جيبه وتنهد بقلق ، وبتردد طرق الباب ، ولكنه كان مفتوحاً ، تعجب من هذا ، بدأ يدفعه بهدوء ثم دخل وهو ينادي عليها بصوت منخفض ثم بدأ يرفع صوته تدريجياً .

كان يتجول في المنزل ، حتى وصل إلى غرفتها ، بدأ يطرق الباب ولكن دون إجابة ، فقرر أن يفتح الباب ، فتحه برفق ورعشة ، ليجدها غارقة في دمائها على الأرض وبجوارها أداة حادة تشبه السكين .

وقف مفزوعاً محدقاً بها بعجز عن النطق أو التحرك ،
بدأت أطرافه في الارتجاف ، وبنبرة ذعر وخوف قال :

_"بسنت" ..

ليصمت مرة أخرى وهو لا يستطيع التحكم في رعشة أسنانه المتخبطة ، وبلا وعي انسكبت الدموع على وجهه الشاحب ، ليعود إلى الخلف ببطء وعدم تصديق ، اصطدم بالحائط ليبكي بحرقة وخوف ، جلس ليضم ركبتيه نحو صدره ثم وضع كفيه على أذنيه لينتفض جسده عدة مرات من بين بكائه الذي لا يتوقف .

مرت دقائق من الفزع ، يرفع رأسه من حين إلى آخر ليراها بجسدها الملقى على الأرض والدماء فوقها وبجانبها ، ومن بين هذه الدموع التي حاوطت فمه نطق قائلاً بتوسل :

_"بسنت" انهضي ، لقد أتيت ، أنا "ريان" ، صدقيني لم أكن لأتركك وحدكِ .

ثم قطع حديثه المرتجف بكاءه الذي كان يخنقه كلما نظر إليها ، ليتابع وهو يبكي :

_لم أكرهكِ يا "بسنت" ، لم أكره خالي "إبراهيم" أيضاً ، حتى أبي ...

ثم بدأ يزيل دموعه برجفة وألم وقال مُعاتباً :

_لقد رأيتم أنني عدوكم ، وأنا رأيت أنكم أعدائي ، وفي الحقيقة جميعنا أعداء الخلق ، نحن مصدر تعاستهم وألمهم ، أنا منكم وأنتم لسوء حظي عائلتي .

ثم بكي مرة أخرى ليقول بقهر واختناق :

_كنت أريد عائلة هادئة ، كنت أريد أباً يحبني يا "بسنت" .

ليعود برأسه إلى الخلف بحسرة ، فانطلقت دموعه أكثر ولكن بصمت ، ليقول وهو ينظر لأعلى :

_أعلم أنني قتلت وسرقت وفعلت الكثير من المنكرات ، ولكنني لا أريد نهاية مثلهم ، اللهم ارحمني فأنا عائد إليك بثقلي وأحمالي ، اللهم أعفو عني فقلبي لن يتحمل أكثر ، اللهم سامحني لجهلي بالدعاء ولكنني أحبك وأريد منك أن تعفو عني .

انكمشت ملامحه التي أرهقها البكاء ليزداد بكاءه بتألم ، ومن بين هذا قال :

_لا استطيع الاقتراب منك يا "بسنت" ، فأن جبان ، لا أريد أن أموت .

كان يخاف أن يقترب منها وتكتشف الشرطة مجيئه ويتم القبض عليه وشنقه ، هذا الفزع من الموت والرجفة لخوفه من العقاب في الدنيا والآخرة ، لم يشعر بهذا من قبل ، لطالما كان يُنهي جريمته ولا يفكر في عواقبها حتى ، ولكنها النفس اللوامة قد بدأت بالنمو داخله .

بوڤارديا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن