ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و لي فيك ما لم يقل قائل
و لم يسر فمر حيث سارا
فلو خلق الناس من دهرهم
لكانوا الظلام و كنتَ النهارا
"المُتنبي"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان "أدهم" نائمًا في ثبات عميق لا يشعر بالعالم حوله، استيقظ على شيء بارد سكب عليه بقوة و لم تكن سوى "عبير" والدته، ثم وبخته قائله:
"قوم يا أدهم صلاة الجمعة قربت و انت عامل زي الفسيخ النايم"
استقام من فراشه و اقترب من والدته و قبُل رأسها بحُب مُردفًا:
"حبيبي يا عبورة.. يا احلى عبورة.. هروح هغير هدومي و حضريلي الفطار من ايديك الحلوة دي بقا"
ابتسمت بخجل من ابنها عندما يُدللها كما الأطفال، لكزته في كتفه بخفه قائله:
"بس بقا لؤي هيجي يعمل منك بسطرمة"
ضحك "أدهم" على والدته، ثم أحاط خصرها بحُب قائلًا بمرح:
"تعرفي لو كنتِ مش أمي كنت اتجوزتك يا أم عيون زرقا كده تخطفي أي حد يبصلك"
-"و مين اللي هيبصلها و أنا موجود يا قليل الأدب"
تفوه بهذا والده "لؤي" بغضب و في يده حِزام بِنطاله و يقف خلف "أدهم" ينظر له بشر، ثم توجه نحوه و أزال يده من على والدته و سحبها خلف ظهره.
فتح "أدهم" فمه بصدمه قائلًا:
"دي أمي على فكره! "
رمقه "لؤي" بتحدي، أردف بفحيح:
"و دي مراتي على فكره"
ضحكت "عبير" بصخب، ثم سحبت زوجها إلى خارج الغرفة و تقول له بحنان كعادتها:
"خلاص يا لؤي هتاكل الواد ده انا أمه"
"ماليش فيه.. محدش يقرب منك سامعه يا عبير"
أومأت مواقفه و هي تضحك بصخب عليهم و على غيره زوجها.
خرج "أدهم" من الغرفة و جلس على السفرة بجانب والدته، رمقه "لؤي" بغضب ثم سحب "عبير" كي تجلس بجانبه.
رمش "أدهم" ببلاهة على والده الذى يُخاف أن يتقرب أحد من زوجته حتى ابنه!، ثم قال بنفاذ صبر:
"يا حاج ميصحش كده والله أنا ابنك مش واحد من الشارع"
-"و لو لازم تبعد عن مراتي فاهم"
أومأ موافقًا بصدمة و لكن تعود على هذا، قالت "عبير":
"أدهم حبيبي أحضرلك هدوم حفله انهارده و لا حضرتهم؟"
-"تسلمي يا ست الكل حضرتهم امبارح"
-"انا اللي أقولها ست الكل سامع!"
تأفف بضيق من والده مُردفًا:
"حاضر يا لؤي تحب اسيبلك البيت ليك انت و مراتك!"
-"ياريت و الله"
رمقه بصدمه قائلًا:
"تسلم يا حاج ده من ذوقك و الله"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد صلاة "الجمعة" ذهبت "غزل" لمقر الجهاز الخاص بها كي تُحضر لعملية و تعطي الأوامر لفريقها.
طُرق باب مكتبها بقوة ثم أذنت للطارق بالدخول.
-"اقدر افهم يا حضرت المُقدم متحركتيش ليه لحد دلوقتي و كمان أعرف بالصدفة انك لاقيتي الدكتور!"
تفوه "هيثم" بغضب، بينما ظهرت ابتسامه جانبيه على ثغر "غزل" و هي تُردف ببرود:
"امم و أقدر أفهم ليه حضرت العقيد المُحترم كان مُتغيب عن العمل فتره و جاي هنا لحد المكتب و تعلي صوتك و حضرتك موصلتش لحاجة.. تبقى متعصب ليه عشان وصلت أنا و لا عشان كُنت عايز توصل انتَ؟!"
أنهت سؤالها و هي ترمقه بسخطٍ، أردف "هيثم" بثبات:
"حضرتك متقدريش تقوليلي انا كنت مُتغيب ليه لأن ده حاجه تخُصني انا و برضه لما القائد بتاعك يوجه معاكِ كلام تبقى تردي باحترام أظن إن ده تعرفيه كويس"
قهقهت "غزل" بسخريه قائله:
"مش لما تبقى قائد الأول"
نظر لها بعدم فهم مُردفًا:
"قصدك إيه؟!"
-"قصدي يا حضرت العقيد الشويتين دول تعلمهم لما تبقى قائد بجد.. و لما تبقى قائد على ما تفرج ابقى تعالى واجهني.. سلام يا قائد"
أنهت حديثه بسخرية لاذعه ثم توجهت إلى خارج مكتبها، رمقها "هيثم" بغضب جامح مُردفًا بين اسنانه:
"و ماله على راحتك يا غزل"
جمعت "غزل" فريقها الذين ينظرون إليها باحترام و يقفون بنظام على شكل صفوف و قالو بصوت واحد:
"أوامرك يا قائد"
نظرت لهم بجمود يليق بالقائد قائله بثبات:
"طبعًا دي مش أول عملية نطلعها مع بعض بس عمليه انهاردة مختلفة شويه.. يعني لازم نجيب المُتهم بهدوء و محدش يعرف بحاجة لأن العملية حساسة و أي غلطه صغيرة كله هيروح و هنرجع لنقطه الصفر تاني مفهوم يا شباب؟"
-"مفهوم يا قائد"
أومأت "غزل" بهدوء ثم قالت:
"هتلبسوا لبس عادى جدًا كأنكوا ضيوف الحفلة و طبعًا انتوا عارفين كويس لما تبقى العملية سرية بنعمل ايه"
أنهت حديثها و هي تبتسم بخُبث لهم و هم بادلوها بنفس النظرات، وجهت "غزل" نظرها إلى فتاة من الفريق قائله:
"إيلين تعالي عايزاكِ في مكتبي"
ذهبت "إيلين" خلف "غزل و تُعتبر الذراع الأيمن لها و معها في أي مهمة و " غزل" تعتمد عليها في كل كبيرة و صغيرة.
-"إيلين مُلازمه لفريق غزل ذو الخامس و العشرون من عمرها ،لديها جسد رياضي قوي و بشرة قمحية و عيون رمادية و ملامحها حادة بعض الشيء"
أغلقت "إيلين" الباب بهدوء خلفها ثم تحدثت:
"أوامرك يا قائد"
-"إيلين انا مُعتمده عليكِ و واثقه فيكِ أنك هتاخدي مكاني بجداره قريب جدًا لأنك تستحقي تبقي القائد و إنتِ عارفه كده كويس"
-"آه عارفه كويس و حضرتك المفروض تبقي العقيد مكان هيثم عشان هو ميستحقش المنصب ده"
ابتسمت "غزل" بخُبث قائله:
"خلينا نلعب شويه معاه.. المهم انهاردة الحفلة دي لازم تمشي عادي و لا كأن في حاجة بتحصل و أنا لما بحثت امبارح على صفح الدكتور ده و بعد ما أخترقت فونه لقيته بيعمل مراسلات لكذا حد مُعين و طلع متفق مع حد فريق يحميه النهارده لأنه شاكك بعد ما أكتشف إن في طرف عندنا هنا"
أومأت "إيلين" موافقة و أردفت:
"يعني طلع مش سهل.. بس تمام احنا هنحاصر الحفلة من بره من غير ما حد يحس في طلب تانى يا قائد"
-"لا خلاص هنتحرك في نص اليوم اجهزوا كويس مش عايزه غلطه يا إيلين"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في منتصف اليوم تجهز "آدم" لحفلة اليوم حيث ارتدى بذله رسميه تتسم باللون الأسود و من تحته قميص من نفس اللون و صفف شعره الكثيف الأسود بطريقه عصريه و ارتدى ساعة يد من نفس اللون و حذاء أيضًا من نفس اللون و أصبح جاذب لأى عين تراه.
أخذ هاتفه يتصل بأصدقائه "مُكالمه جماعية" ظهروا على شاشته بعد دقيقه فقط و كانوا يرتدون نفس رِداء "آدم"، سألهم "آدم" بمرح:
"ايه يا شباب مش هننزل و لا خايفين من المُعاكسه؟"
رد "فادي" بمرح:
"و ماله يا آدم هو في حد يطول فادي سراج أصلًا"
رمقه "أدهم" بقرف عبر الشاشة ثم أردف لهُ بسخطٍ :
"يخربيت غرورك يا أخي"
هتف "آدم" بملل:
"بس بقا انتَ و هو خلصتوا؟"
-"آه"
-"حلو يلا انزلوا بقا و كلو يجيب عربيته زي كل مره"
إبتسم "زين" بخُبث قائلًا:
"انا هاسبقكوا"
-"ايوه اسبقنا يا أبو طماطم.. ما نشوف هتخبط في مين المرة دي"
تفوه بذلك "أدهم" بضحك و ضحك عليه الباقي بصخب، أردف "زين" بحُنق:
"انا هقفل و هاسبقكوا برضه هه"
فقل "آدم" أيضًا متفقًا معهم و لكن أخذ سيارته و توجه إلى المشفى أولًا لسبب في ذهنه.
بعد نصف ساعه وصل إلى المشفى و صعد إلى آخر طابق و توجه إلى غرفه الفتاة الغالية على قلبه "رهف"، طُرق الباب بهدوء و فتحت "رهف" له بلهفه و شبت بذراعيها لهُ.
استقبلها بحُب شديد و سألها بعد صمت:
"خلصتِ عشان نمشي"
أردفت ببراءة:
"آه خلصت و يلا عشان عايزه اخرج"
ابتسم بحُب لها ثم حملها بين ذراعيه و توجه إلى سيارته و وضعها به و أحاطها بحزام الأمان و استدار إلى جهة المقود و حرك السيارة متوجهًا إلى الحفلة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عادت "غزل" إلى منزلها لتُجهز نفسها للحفل و قابلت في طريقها والدتها "حنان" تقول لها:
"غزل تعالي اتغدي الأول انتِ مكلتيش حاجه من الصبح"
أومأت بهدوء لوالدتها و توجهت إلى سفرة الطعام و جلست بهدوء و تناولت القليل كعادتها ثم توجهت إلى غرفتها.
فتحت خزانتها تختار في حيرة و بعد التفكير ارتدت بِنطال أسود واسع بعض الشيء و كِنزه تصل إلى ركبتها بنفس اللون و عليها نقوش هادئة و سلاحها في جيب تلك الكِنزة و حِجاب رأس بنفس اللون و حذاء رياضي أبيض.
خرجت من غرفتها و توجهت إلى الأسفل حيث بقيه عائلتها في انتظارها، رمقها "غيث" بإعجاب قائلًا:
"الأسود ملك الالوان و اللي لابساه ملكه بجد"
ابتسمت بهدوء و نظرت له و لثيابه الرسمية التي تتسم باللون الأسود أيضًا وأبيها يرتدى نفس الثياب و "غزال" ترتدي بِنطال أبيض و كِنزه صفراء وحِجاب أبيض يُناسب بشرتها بينما "حنان" ارتدت فستان سماوي هادئ يُناسب جسدها النحيف و حِجاب رأس بنفس اللون، رمقها "رحيم" غامزًا بعبث:
"الأرض متستحملش تشيل الجمال ده"
اخفضت "حنان" رأسها بخجل مُردفه:
"بس يا رحيم ولادك واقفين"
اقترب منها "رحيم" منها و قبُل رأسها بحُب و هو يقول بحنان:
"أنا هبقى غبي اوي لو مقدرتش الجمال الرباني ده"
-"يا جماعه راعوا السناجل اللي واقفه دي"
تفوه بذلك "غيث" مُتذمرًا، قالت "حنان" ضاحكه موجه الحديث لزوجها:
"شوفت عينهم علينا"
أردفت "غزل" بهدوء:
"يلا يا جماعه عشان هنتأخر"
هززوا جميعًا رؤوسهم موافقين ثم توجهوا إلى السيارات الخاصة بهم حيث توجهت "غزل" لسياراتها و صعدت معها شقيقتيها بينما اخذ "غيث" سيارته و صعدوا معه "رحيم" و "حنان"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وصل "زين" إلى مقر القاعة و توجه إلى الحديقة الخاصة بها حيث مع الشباب بالتقابل في هذا المكان، و بالطبع وصل قبل الكل كعادته لأنه سريع ومُتهور في القيادة، تفاجئ بصفعة على رقبته من الخلف كانت من "فادي" و الذي قال لهُ:
"وصلت قبلنا يا رخم ماشي"
ثم صفر لـ "أدهم" بالتقدم نحوه غامزًا بعبث و هو يُشير إلى "زين"، فهم "أدهم" نظرة "فادى" له.
تقدموا الاثنان من "زين" و على ثغرهم ابتسامة خبيثة، ابتلع "زين" ريقه بخوف ثم أردف بتلعثم:
"في إيه يا رجاله صلوا على النبي ده الكلام اخد وعطا برضه"
-"عطا مات يا حيلتها"
تفوه بذلك "فادي" بينما أردف "أدهم":
"و دلوقتي بقا لازم تتربى عشان بعد كده تسوق كويس يا حيوان في يوم من الأيام هنجيبك جُثه مرميه على الطريق"
حاوطوا كلا من "فادي" و "أدهم" الآخر بين ذراعيهم بحُب، أردف الأخير برزانه:
"سوق على مهلك عشان خايفين عليك"
أومأ له موافقًا ثم تقدم منهم "آدم" يُمسك بيد الصغيرة "رهف" التي كانت ترتدي فستانًا وردي لطيفًا يصل إلى ركبتها و حذاء بنفس اللون و تاركه شعرها الطويل مُنسدل خلف ظهرها.
صفر "فادى" بإعجاب ثم سألها و هو يغمز بعبث:
"إزاي القمر ماشي على الأرض كده؟!"
ضحكت "رهف" ظاهره اسنانها البيضاء الجذابة و اغلقت عينيها مما جعل ملامحها أكثر لُطفًا.
اقترب "فادي" من "رهف" و قبُل وجنتها المنتفخة بعض الشيء مُردفًا:
"هاتي ايدك يلا و سيبك من آدم ده"
غمزت له "رهف" و تركت يد "آدم" و أمسكت بيده مُردفه ببراءة:
"فادي عايزى آكل شوكولاتة"
ابتسم لها بحنان قائلًا:
"بس كده الأميرة تطلب و انا تحت أمرك سموك"
فتح "آدم" فمه بصدمة و نطق بذهول:
"شقطت البت يا فادي!"
ربت عليه "زين" و هو يقول ساخرًا:
"معلش يا بني هشوفلك عروسة تانية بنات الناس كتير"
ضحك "آدم" بصخب على حديث صديقه ثم تحدث من بين ضحكاته:
"و الله الواد فادي في الشقط معندوش ياما ارحميني"
عادت لهم "رهف" و وجهها مُلوث بالحلوى بطريقة لطيفة للغاية و هي تضحك بمليء صوتها و تركض من "فادي" الذي كان يركض خلفها و يضحك معها أيضًا و انضموا الثلاث شباب معهم في جوٍ ملئ بالسعادة و أخذ "آدم" يُدغدغ "رهف" بأنامله بحُب و الصغيرة تضحك بصوتٍ رنان بريء.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وصلت "غزل" بسيارتها إلى مقر القاعة و نزلت بهدوء و أخذت هاتفها تتصل بـ "إيلين"، ردت الأخيرة:
"أوامرك يا قائد"
تحدثت "غزل" بهدوء:
"أكدي على فريقك أنهم لابسين السماعات و إنتِ كمان عشان اتواصل معاكم لأن الناس اللي هنجيبها كتير و عايز تركيز و سرعه بديهة و هدوء"
-"تمام يا حضرت القائد"
خرجت "غزال" خلفها و هي تهتف بتساءل:
"هو غيث وصل يا غزل؟"
التفتت لها "غزل" قائله:
"ايوه دقيقه و هيبقى قدامنا"
وصلت سيارة "غيث" و نزل منها بقيه الأسرة متوجهين إلى داخل القاعة بهيبتهم المُعتادة.
قابلوا في طريقهم "آدم" و بقيه الشباب الذين كانوا واقفين باستقبال الضيوف.
رحب "آدم" بهم بتعجب كيف تحضر تلك الفتاه بعائلتها؟!.
أردف "رحيم" بهدوء:
"أزيك يا ابن الغالي مش فاكرني؟"
عقد "آدم" بين حاجبيه بدهشه ثم هز رأسه بالرفض، ابتسم "رحيم" قائلًا:
"انا عمو رحيم يا آدم صاحب باباك"
تذكر "آدم" على الفور ذلك الرجل حيث كانوا يقابلون بعضهم عندما كان العاشرة من عمره.
أردف "آدم" بابتسامه:
"بجد آسف يا عمو نسيت بقالي كتير مش بشوف حضرتك"
بادله "رحيم" نفس الابتسامة مُردفًا:
"أبوك كان أعز واحد على قلبي و كان زي أخويا ربنا يرحمه"
ابتسم بهدوء ثم وجه نظره إلى "غيث" قائلًا:
"وشك مألوف عليا"
-"آه يا سيدي انا رئيس إدارة الشركات المعمارية لعائله سراج المهندس غيث صقر وكمان صحاب و احنا صغيرين"
أخذه "آدم" لأحضانه بحُب قائلًا:
"ياه يا غيث فاكر لما كنا بنعلب مع بعض كبرنا يا راجل"
بادله "غيث" العِناق بحُب مُردفًا:
"فاكر طبعًا يا آدم كانت ايام حلوة و اهي السنين عدت و اتقابلنا تاني اهو انت دكتور و انا مهندس"
أبعده "آدم" بلُطف ثم وجه نظره نحو الفتاة الصامتة التي تقف بجانب أبيها، أردف موجهًا حديثه إليها:
"نورتي يا حضرت المُقدم"
ابتسمت بهدوء لهُ، بينما وجه نظره نحو "غزال" الهادئة مُردفًا:
"نورتي يا آنسه متعرفتش بيكِ"
وجهت نظرها نحوه ثم قالت بابتسامه صغيره:
"انا غزال اختهم الصغيرة"
ابتسم لها "آدم" ثم قال بتعجب:
"غزل و غزال و غيث... إيه سر حرف الغين بقا؟!"
رد عليه "رحيم":
"عشان انا اسمى رحيم و أمهم اسمها حنان فقررت أسميهم أسماء هاديه وبنفس الحرف و بتدل على أسمائنا يعنى غيث جايه من الاستغاثة و الانقاذ و معناه الرحمة و غزال عشان بدلع أمهم كده و غزل دي حاله خاصه شويه"
تعجب "آدم" ثم سأله مرة أخرى:
"إزاي حاله خاصه؟"
ابتسم بهدوء ثم وجه نظره نحو "غزل" مُردفًا بحُب:
"يعني عشان كنت بتمنى بنت و ربنا رزقني بيها و حبيت أسميها اسم بحبه و غالي على قلبي اوي و اللي هو غزل يعنى الشِعر و الحُب و المودة"
ابتسم "آدم" له قائلًا بحُب:
"ربنا يديمهم سند ليك"
ثم نظر حوله و وجه نظره نحو الشباب في الخلف و أشار لهم كي يتقدموا نحوه.
أردف "آدم" ببسمه:
"احب اعرفكم ده فادي ابن عمي و ده زين و ده أدهم اصدقاء الطفولة"
تبادلوا التحيات ثم جلسوا على الطاولة تبادلون الحديث من ببن الضحكات و الاوجه البشوشة، كان "آدم" يرمق تلك الهادئة لم يسمع حتى صوتها، استقامت "غزل" و وجهت حديثها لأبيها قائله بهدوء:
"بابا أنا هروح أشوف حاجه"
أومأ لها "رحيم" و هو على علم ماذا سوف تفعل الآن.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دخل "حاتم" القاعة الواسعة و جلس على المقعد بهدوء و اخرج هاتفه يتصل بأحد.
رد الطرف الآخر قائلًا:
"كل حاجه تمام يا دكتور انت معاك رجالتي يعني إنتَ في حمايتي و كمان معاك المُسدس بتاعك"
ابتسم "حاتم" بخُبث و هو يهته بفحيح:
"محدش يقدر أصلًا يقربلي ده أنا حاتم برضه"
-"طب يا اخويا بس نزل مناخيرك دي شويه و الله يا حاتم لو حصل كارثه و ما هاسيبك"
-"يا عم متقلقش كله تحت السيطرة"
-"تمام سلام بقا"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-"طبعًا شرفتونا النهاردة و أنا مبسوط جدًا اني هكرم ناس مُتميزة و كافحت عشان توصل للمرحلة دي و دلوقتي هبدأ التكريم و أول واحد طبعًا الغالي على قلبي المهندس غيث صقر"
تفوه بذلك الحديث "حسن" برسميه و بابتسامه بشوشة على وجهه، ضجت القاعة بالتصفيق الحار لـ "غيث" ثم تقدم له و احتضن "حسن" بحُب، بينما الأخير ابعده بلُطف و قدم له الجائزة و صفق له مُبتسما و التقُط لهم الصور بالجائزة و عاد "غيث" لمكانه، و أخذ "حسن" يُكرم بقية الموظفين و انتهى و أمسك المُكبر قائلًا:
"طبعًا انا خلصت بس لسه فيه المستشفى الخاصة بالعائلة و اللي هيتولى الأمر الدكتور آدم سراج"
تقدم "آدم" نحو المسرح بهدوء و أمسك المُكبر يقول مُبتسمًا:
"احم.. طبعا الدكاترة اللي شغالين معايا سنين مش هنسى تعبهم أبدًا و لا جهدهم للمرضى و كررت أنى أكرمهم مع انى يستاهلوا أكتر من كده بكتير"
صفق له الحاضرون بحراره و أخذ "آدم" يُكرم الأطباء و حين أتى دور "حاتم" نظر له بغموض، لم يفهم الأخير نظراته تِلك و لكن تجاهلها و نزل من المسرح و كاد أن يجلس غرز فوهة سلاح في ظهره و لم تكن سوى "غزل" التي وقفت خلفه و ففي يدها السلاح الخاص بها توجهه في ظهره و اقتربت منه تقول بفحيح:
"تمشي معايا دلوقتي بهدوء و مش عايزه نفس.. ســامع"
أومأ "حاتم" بخوف و سحبته "غزل" إلى الخلف و سار معها يرتعش حتى وصل إلى الحديقة الخلفية الخاصة بالقاعة.
أخرج سلاحه دون أن تنتبه له "غزل" حيث كانت تتحدث مع "إيلين" عن بقيه الاطراف المُتواجدة هُنا.
التفت لها و وجه السلاح على قمه رأسها، ضحكت "غزل" بصخب على هذا الأبله بحق.
وجهت سلاحها على مقدمه رأسه حيث المُشهد كالآتي يوجه "حاتم" سلاحه و هي توجه مِثلما فعل و لكن بحركة سريعة عرقلت "غزل" قدم "حاتم" و سقط أرضًا مُتألمًا، نزلت "غزل" لمستواه مُردفه بخبث:
"أنتَ مش قد غزل يا حتوم"
استقامت من وضعها و وضعت كاتم صوت لسلاحها كي لا أحد يسمع صوته و يفعل ضجه في المكان، أطلقت رصاصه نحو قدمه بينما "حاتم" صرخ بألم شديد و لا يقدر على القيام حتى.
أتى لـ "غزل" صوت "إيلين" عبر سماعه الأذن قائلًا:
"قائد احنا لاقينا الأطراف كلها و الدنيا تحت السيطرة دلوقتي"
-"طيب تمام تعاليلي بقا عشان انا جبت حاتم دلوقتي و انا هروح للباقي اللي قولتي عليهم"
أتت لها "إيلين" بسرعه و نظرت لحاتم المفترش أرضًا مُتألمًا،ابعدت نظارتها عنه و وجهت سؤال لقائدها:
"هنعمل ايه بعد كده؟"
-"خليكِ انتِ هنا مسيطره على الوضع و أنا راحه للفريق تمام"
أومأت لها موافقه، ذهبت "غزل" لبقيه الأطراف و نظرت لهم و لعددهم الكثير، قهقهت بسخريه قائلة:
"جايب كل دول و بقوا زيه سبحان الله، خلاص يا شباب روحوا لحاتم و خدوه بهدوء لما اتسلى بدول شويه"
نظرت لهم بشر و صفعت واحد منهم و سألته بغضب:
"مكان الباقي فين؟"
رد عليها بخوف:
"و الله معرفش... دكتور حاتم اللي يعرفهم كلهم و الله"
-"اممم تمام تعالوا بقى معايا عشان هنعلب لعبه حلوة اوي عندي"
تحركوا أمامها مُرتعشين بخوف من تِلك الفتاة.
تحدثت "غزل" عبر السماعة بجدية:
"شباب تعالو يلا خدوا دول"
أتو لها الفريق مُسرعين نحوها و أشارت لهم نحو المُتهمين، نفذوا أوامرها و أخذوهم و وضعوهم مع "حاتم".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كانت "رهف" تلعب و تقفز بمرح في الحديقة بعيدًا عن "غزل" و لكن لمحت أحد يقترب منها بسرعه و وضع يده على فمها و حملها ثم سار بهدوء و كان أحد الأطراف و لكن فُلت بغفله منهم.
أخذت "رهف" تتحرك بعنف و تبكي و تصرخ بخفوت بسبب اليد التي على فمها.
كانت "غزل" تتحدث مع والدها:
" الحمد لله يا حضرت اللوا سيطرت على الاطراف بس لسه بتأكد لو حد موجود"
-"حبيبت قلب ابوكِ البطلة.. احنا دلوقتي هنروح و انتِ حصلينا بقى لما تخلصي عشان الحفلة خلصت"
-"حاضر يا بابا"
انهت المكالمة، سمعت صوت خافت يتردد في أذنها و كانت تسمعه من زاويه ما، اقتربت أكثر حتى اتضح الصوت و كان أحد يبكي و يزعُم نفسه كى يخرج صوته و لم تكن سوى "رهف".
تحدث لها الرجل بغضب:
"اسكتِ بقا صدعتيني"
كانت "رهف" مُتكتفة بالحبال و تبكي بعنف، تحدث الرجل على هاتفه:
"آه خلاص هما آه أتمسكوا بس هما اغبيه أساسًا انا هجيب واحده معايا أهي نكسب منها"
-"طب ممكن تاخُدني معاها هتكسب أكتر"
تفوهت "غزل" بثقتها المُعتادة دائمًا و توجه سلاحها على مُقدمه رأسه و هي تسأله بفحيح:
"إيه يا حلو القُطه بلعِت لسانك؟!"
ابتلع ريقه بتوتر و بخوف و أخذ يلتفت بعينيه، عرقلت "غزل" قدمه و اصطُدم بالأرض مُتألمًا، ثم توجهت "غزل" لتِلك الصغيرة تفك تِلك الحِبال.
حررتها "غزل" و هي تُردف بتساؤل:
"أنتِ كويسه؟"
أومأت الطفلة ببراءة قائله:
"آه.. بس عايزه آدم عشان خايفة"
"حاضر هوديكِ لـ آدم بس استني نشوف المرمي ده"
و كانت أن تلتفت "غزل" له لكن ضُرب رأسها بقوة بواسطه ذلك الرجل، بينما "رهف" ركضت بأقصى سرعه لها متوجهه لـ "آدم" تبكي بقوة و تلتفت خلفها بخوف تتأكد ان ذلك الرجل قد هرب و لم يركض خلفها.
دخلت "رهف" القاعة شبه فارغه تبكي و تبحث عن آدم حتى رأته يقف بجانب المسرح، ركضت له تصرخ، نظر لها "آدم" بهلع مُردفًا:
"في ايه يا حبيبتي بتعيطي كده ليه؟!"
اخذت "رهف" انفاسها بصعوبة و رددت بخوف:
"هي.. هي... هي راجل ضربها... وقعت و بتجيب دم يا آدم تعالى"
حملها "آدم" و خرج من القاعة و أشارت له "رهف" نحو "غزل" الساقطة أرضًا تنزف بشده.
ركض "آدم" نحوها بفزع و ترك الصغيرة، و وجه نظره لها ثم أمسك رأسها برفق و كان ينزف بشده و الضربة قويه بحق ،توتر و ابتلع ريقه ثم حملها بلُطف و لم يفكر ثانيه و اخذها إلى سيارته و معه "رهف" متوجهًا إلى منزله حيث كان قريب من القاعة و المشفى بعيدة عن هُنا قد يستغرق وقت كبير و يُمكن ان تفقد حياتها بسبب هذا النزيف.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كانوا الشباب قد وصلوا لمنازلهم قبل "آدم" الذي كان يهتم بالضيوف التي لم ترحل بعد.
بدل "زين" ملابسه بأخرى بيتيه مُريحه، و مدد على الفراش بتعب و اغمض عينيه و كاد ان يذهب في نومه و لكن حُلمه لم يتحقق عندما يكون كائن في منزله تُسمى بـ "شيماء".
تحدثت "شيماء" بصوت صاخب:
"يــــــــــا زيــــــــــــن قــوم عايــزه العـــب"
تأفف بضيق من هذه المُزعجة، ثم سبحها داخل أحضانه يقبُل رأسها بمرح قائلًا:
"يلا نلعب يا اخره صبري في الحياة"
استقامت "شيماء" و أخذت هاتفها و هو فعل المِثل و يلعبون بلعبه مشتركه تُسمى "ببجي"، اخذوا يهللون بصخب حتى دخلت عليهم "أمل" تنظر لهم مُتأففة ثم سألتهم بغضب:
"عمركوا ما هتكبروا ابدًا يا ولاد بطنى؟!"
-"لاء"
تفوهوا الاثنان في نفس الوقت بهذه الكلمة مما تحولت "أمل" إلى كتله من الغضب حينما نطقت:
"ماشي يا زين خلي البت تصيع اكتر ما هي صايعه و وراها مُذاكرة و امتحاناتها قربت و هي تالته ثانوي"
أردفت "شيماء" بهدوء حتي تُلطف الجو:
"في إيه يا ست الكُل بنلعب عادي و انا خلصت مُذاكرة و الله"
تحدث "زين" مُتذمرًا:
"اهو يا ماما خلصت مُذاكرة و انتِ ظلمتيني تعالي صالحيني بقا"
تشنجت "أمل" قائله:
"يا نوغه اتأثرت يا واد ده دمعتي هتفر من عيني"
أنهت حديثها بسخطُ و تقدمت منهم و جلست في المنتصف بينهم و اخرجت هاتفها تقول بمرح:
"يلا انا نزلت اللعبة و عايزه ألعب معاكوا"
فتحوا كلا من "زين" و "شيماء" افواههم بصدمة من والدتهم، ثم أردف "زين" بمرح بعد صدمته:
"و ماله يا ست الكُل يلا افتحي اللعبة.. شوشو قومي جيبي التسالي و اتوصى بالبيبس بالله عليك و مش هوصيكِ بقا شوكلاتات و شيبسيات و لِب و فشار هاه"
أشارت له "شيماء" نحو عيناها مُردفه:
"من عنيا يا زينو انت تؤمر"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وصل "رحيم" و البقيه معه و لكن شعُر بانقباض في قلبه بشده، يشعُر كأن أحد في خطرٍ او ما شابه.
شعرت به حنان و سألته بتوجس:
"مالك يا رحيم؟!"
رد عليها متوترًا:
"مش عارف يا حنان حاسس إن في حد في خطر.. غزل"
ابتلعت "حنان" ريقها بخوف واخرجت هاتفتها تتصل بها، كان يرن و لكن بلا جدوى لم ترد.
قلق "رحيم" أكثر و البقيه مِثله، ثم قال "غيث":
"انا هحاول اتصل تاني"
حاول اكثر من مره و لكن بلا جدوى لم ترد، تحدثت "غزال":
"طب ما ممكن مش سمعاه صح؟!"
هز "رحيم" رأسه بالرفض لها مُردفًا:
"انا حاسس ان في حاجه غلط هي قالتلي انها سيطرت على الأطراف كلهم يبقى في ايه؟!"
تحدث "غيث" بتعجب:
"أطراف ايه؟!"
تنهد بعمق ثم قال:
"غزل كان عندها مهمه و هي تقبض على الدكتور حاتم من غير ما حد يحس"
اندهشوا جميعًا من حديثه، ثم أكمل:
"و هي قالتلي انها خلاص سيطرت عليهم و بتتأكد ان كله تمام و بس كده معدتش عرفت حاجه"
توتروا جميعًا و يحاولون الاتصال اكثر من مره و لكن بلا جدوى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وصل "آدم" مُسرعًا إلى منزله و حمل "غزل" برفق و التي كانت لا تتوقف عن نزيف بسبب قوة الضربة و خلفه تركض "رهف" خائفة عليها.
صعد إلى منزله عن طريق "الأسانسير" ثم فُتح باب منزله على مصرعيه و دخل إلى غرفته و وضع "غزل" ببطء كي لا يتأذى رأسها اكثر.
حمل ادواته التي يحتفظ بها في منزله للطوارئ و تحرك ناحيتها بلهفه و لكن توقف لحظه و هو يراها بذلك الحِجاب كيف يخلعه عن رأسها و هي مُتدينة و مُتحفظة ؟!، و لكن أزال تلك الفكرة جانبًا هو الآن يُفكر في إنقاذها فقط.
ابتلع ريقه بتوتر و مال بجذعهُ العلوى قليلًا يُزيل ذلك الحِحاب، أزاله برفق و عينيه مُثبته على الحرج الذى خلف رأسها ينزف بقوة، بدأ عمله بجديه و هو يُخيط ذلك الحرج رغم إنه طبيب نفسي و لكن تعلم ذلك ايضًا في جامعته.
كان يُخيط بمهارة و كانت تُتابعه "رهف" و هي تبكي ثم سألته ببراءة:
"آدم هي كده مش بتوجعها صح؟"
ابتسم دون ان يستدير و لكن أردف بحنان:
"متخافيش يا حبيبي انا حاطت بِنج هي مش حاسه بحاجه"
أومأت له موافقه و استدار على الجهة الأخرى للفراش تجلس بجانبها و تربت على يدها بحُب كم تِلك الصغيرة لطيفه بحق.
انتهى "آدم" من عمله ولف حرجها بشاش و اخذ قُطن يمسح تلك الدماء التي على رأسها، ثم نظر لعيناها المغلقة و إلى رموشها الطويلة و إلى شعرها الذي يتسم بالبُني الفاتح الطويل ثم اغلق عيناه يستغفر ربه و قال موجهًا حديثه لـ "رهف":
"رهف انا هخرج بره الاوضة عشان مينفعش اقعد هنا و هحضر لينا اكل لأنك اكيد جعانه"
أومأت له ببراءة مُردفه:
"عايزه بيتزا زي ما كنت بتعملي"
ابتسم لها "آدم" بحب قائلًا:
"بس كده انتِ تؤمري و انا انفذ"
خرج "آدم" من الغرفة يُحضر الطعام و هو يفكر في تِلك الراقدة على فراشه.
خرجت "رهف" من الغرفة و توجهت إلى المطبخ تقف بجانب "آدم" الذي يطهو باحتراف، اردفت بانبهار لهُ:
"واااو آدم إنتَ مُبدع بجد"
ابتسم لها بحب قائلًا:
"تسلمي يا قلب آدم"
تحدث "آدم" و هو يُفكر:
"تفتكري أعمل ايه عشان اوصل لأهلها انا مش معايا ارقامهم"
أخذت هي الأخرى تفكر قائلًا:
"ممكن تدخل على صُفح أي حد فيهم و يبقى حاطت رقمه صح؟"
أعجبته الفكرة حينما أردف:
"تصدقي صح مفكرتش في الحته دي شكلك بقى بقيتي خبيرة عني يا سوسه"
وقفت "رهف" بشموخ و تتحدث بتكبر لا يناسب عُمرها:
"اومال ايه يا أستاذ آدم ده أنا رهف برضه"
ضحك على تلك الصغيرة قائلًا:
"ماشي يا استاذه رهف هاتي فوني من بره عشان اتصل بأهلها"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كاد "رحيم" يأكل نفسه من فرط القلق الذي ينهش قلبه على "غزل" ابنته الحبيبة روحه بها هي، يُريد احتضانها حتى يُكسر عظامها من كثرة اشتياقه لها، افاق من شروده على رنين هاتفه من رقم غريب رد بسرعه لعلها تكون "غزل".
أردف "رحيم" بلهفه:
"غزل حبيبتي"
رد الطرف الآخر و لم يكن سوى "آدم":
"احم.. عمو رحيم غزل عندي في البيت"
تهلل أسارير "رحيم" و قال:
"اديني اكلمها"
حمحم "آدم" مُردفًا:
"هو.. للأسف مش هتعرف تكلم حضرتك دلوقتي لأنها.. لأنها عندها إصابة في راسها و نزفت كتير"
صُدم "رحيم" ثم قال بذهول:
"يعني... يعني مالها غزل هي كويسه دلوقتي صح طمني"
-"الحمد لله قدرت اسيطر على الحرج و هي دلوقتي تحت تأثير المُخدر و مش هتقوم غير بُكرا إن شاء الله و لو عايزين حد يجي هنا يُقعد معاها مفيش مشاكل"
-"لا يا آدم الوقت اتأخر و انا واثق فيك خلي بالك مِنها و انا من النجمة هكون عندك بإذن الله بس عايز عنوانك"
-"اكيد أنا هبعته لحضرتك رساله بس كنت عايزه اقول حاجه كده يعني... احم"
انهى حديثه متوترًا، بينما "رحيم" تحدث بهدوء:
"اتفضل يا بني مالك مُرتبك ليه؟!"
تنهد بعمق مُردفًا بهدوء:
"اصل انا معرفتش اخدها لمستشفى عشان كان بعيد عن القاعة و هي كانت بتنزف كتير فاضطريت يعني اجيبها عندي البيت لأنه أقرب و كمان انا برضه اضطريت اخلع ليها طرحتها عشان الإصابة اقدر اخيطها و كده"
فهمه "رحيم" ثم قال بهدوء:
"انا فاهمك يا بني و انا فعلا مش عارف اشكرك إزاي انا قلبي كان بينهش من قلقي عليها خلى بالك منها وانا واثق فيك ده انت ابن الغالي"
ابتسم "آدم" على تفهم "رحيم" ثم قال الأخير:
"لما هاجي بُكرا هجيب معايا غيث هياخدها وانا عايزك في موضوع على انفراد ممكن؟"
-"اكيد يا عمو تشرفني طبعا"
انهى مكالمته مع "آدم" و زفر براحه و نادى على زوجته يُسرد لها، أتت له "حنان" و هي تسألهُ بقلق:
"هاه عرفت حاجه عن غزل صح؟"
ابتسم لها و أومأ موافقًا بينما "حنان" تهللت اساريرها قائله:
"طب هي هتيجي صح احكيلي"
نتهد بعمق مُردفًا:
"غزل تعرضت لإصابة في دماغها بس الحمد لله آدم سيطر على الموقف و انقذها و هي عنده في البيت متقلقيش"
تعجبت "حنان" قائله بغضب:
"إزاي تسيبها عنده المفروض تروح تاخدها يا رحيم"
ربت على كتفها بحنان قائلًا:
"اهدى يا حبيبتي هي مش هتفوق دلوقتي هتفوق بكره وانا واثق في آدم انه هيحميها.. انا عايز افاتحه في موضوع يا حنان خلاص غزل هتروح مننا انا هقوله بُكرا و أنا كلمته قولتله إني عايزه على انفراد"
أومأت له "حنان" مُتسائلة:
"متأكد انه هيساعدها في الموضوع ده يا رحيم؟... انا نفسي بنتي ترجع زي الاول معتش قادره استحمل و هي كده"
بكت بنحيب ثم احتضنها "رحيم" مُقبلًا رأسها بحُب مُردفًا بهدوء:
"انا متأكد و عندي احساس كبير انه هيساعدها يا حنان"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كانت تنظُر لها بشر و تتقدم منها و في يدها سكين حاد و أردفت بفحيح لها:
"انا خلاص تعبت مِنك و من ابوكِ.. اخدتيه مني معدتش بيطقني و كل ده بسببك انتِ و بس"
ابتلعت الفتاة ريقها بخوف ثم تمتمت بتلعثم:
"انا... انا معملتش حاجه والله... والله معملت حاجه"
كانت الفتاة تردت إلى خلف و هي تتحدث خوفًا من بطش تلك المرأة، بينما المرأة اخذت تقترب مِنها بالسكين و بنظره مُرعبه رفعت السكين و كانت تنهال عليها بقوة لولا......
افاقت "غزل" بخوف و بدأت تتعرق بشده و لا تدري بالعالم حولها اخذ عقلها يُردد بضجيج:
"لازم تموتي.... لازم تموتي.... لازم تموتي"
لم تدري بنفسها عندما صرخت بقوة رجت جدران الغرفة و تُحيط أذنيها بكيفيها الاثنان، ترتجف بقوة و تتحرك بعنف كأنها تعيش تلك الذكريات الآن.
فُتح الباب على مصرعيه و ظهر منه "آدم" الذي صُدم مما يراه أمامه، كانت "غزل" تصرخ و تُحيط رأسها بقوة و لا تبالٍ بنزيف الجرج.
اقترب مِنها "آدم" بهلع و قال:
"اهدي يا غزل... اهدي يا غزل مالك؟!"
لم تسمع لهُ فقط تسمع تِلك المرأة و ضجيج رأسها لم يكُف أبدًا، جلس "آدم" أمامها كي تراه و لكن فُزع عندما ارتمت في احضانه تبكي بقوة و هو لم يدري ماذا يحدث حوله، بينما أردفت "غزل" بصوت مُحشرج ضعيف:
"متسبنيش أرجوك.. هيقتلوني... متسبنيش"
احاطها بقوة لا يدري انه فعل خاطئ و لكن تأثر بها و من معاناتها و اخذ يبكي معها ثم تمتم بصوت مُتقطع:
"مش.. هسيبك والله ..مش هسيبك"
هدأت و بدأ ضربات قلبها تنتظم و فُقدت وعيها بين ذراعي "آدم"، شعر بها عندما تيبس جسدها بين يديه فاقده وعيها و لا تعي بالعالم حولها.
أنت تقرأ
غَــزل✓
Romanceهل شعرتُ ذات مرة أنك وحيد بين عالم قاسٍ لا يرحم؟.. هل شعرتُ أنك تحتاج لـ احتواء من شخص ذاق نفس العذاب؟.. يُمكن أن يكون حُلم لا يتحقق أبدًا و يُمكن يتحقق عندما القدر يريد هذا.. تدور الحكاية حول فتاة بريئة سلبت الحياة منها السعادة فتحولت من هذا الكائن...