ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقفتُ أمام بحرٍ أرمقه هادئًا..
أقفُ أمام الهواء ساكنًا..
تجول عيناي للموج مُتأثرةً..
ثم ضحكت على نفسي ساخرًا..
كيف كُنت غبيًا ساذجًا..
و الآن اقف معزولًا مُرمقًا..
للناس من بعيد باسمًا..
بحُزن اتمنى الاحتواء مؤمنًا.
نــدى الزيني "حــوريـة"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جلس "حسن" في غرفه مكتبته يتطلع إلى الأوراق أمامه، طُرق الباب بواسطة "فادي" فأذن له "حسن".
أردف "فادي" بمرح:
"إيه رأيك في نظام حفله انهاردة يا حُس؟"
تأفف "حسن" بضيق من هذا المُزعج و أردف بحنق:
"آه يا فادى الحفلة كانت حلوة بس آدم هو اللي أشكره مش حضرتك"
تشنج "فادي" من حديثه أبيه و صاح مُتذمرًا:
"ما هو انا ساعدت آدم على فكره هه"
رفع "حسن" طرف شفتيه بسخريه قائلًا:
"ماشي يا اخويا ساعدته خلاص شكرًا الحفلة كانت سكر عشان العسل هو اللي محضرها"
أنهى حديثه مُرمقًا ابنه بحنان رغم أنه مُزعج و لكن هذا ابنه الغالي على قلبه.
تقدم "فادي" من أبيه مُحضتنًا إياه بقوة و هو يُردف بحُب:
"تسلم يا حُس حبيبي و الله"
بادله العِناق بحُب، ثم أبعده بهدوء قائلًا:
"اتصل بـ آدم و شوفه عمل إيه لما مشينا"
أومأ له موافقًا و اخرج هاتفه ليتصل بـ "آدم"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان مصدومًا و لا يدرى ماذا حدث هل هي بين أحضانه الآن و فاقده وعيها؟!.
ابتلع ريقه بتوتر و تذكر حديثه عندما قال لها:
"مش هسيبك"
لما قال لها هكذا؟، هل حقًا سوف يُنفذ حديثه و لا يتركها أم يتركها تذهب لحال سبيلها؟!.
أبعدها برفق و مددها على الفراش ثم نظر إلى حرجها الذى ينزف، خرج من الغرفة و عاد مره أخرى و في يده عُلبه الإسعافات و أخذ يُمسح الدماء بهدوء و لف رأسها بشاش آخر ثم أنتهى من عمله مُرمقًا إياها بذهول و أخذ يُفكر هل هذا لديها مرض نفسي أو ما شابه و لوهلة تذكر أن أبيها يُريده في موضوع هام هل هي تخُص هذا الموضوع؟، رمق وجهها الشاحب بهدوء و قال ذاهلًا:
"هتعملي فيا إيه تاني يا غزل"
قرر "آدم" أن يجلس مقابل لها حتى لا يحدث أي انتكاسه و هو ليس موجود، ابتسم على وجهها البريء الذى لا يعرف معنى القوة ابدًا ثم قال:
"اسمها غزل و هي فعلًا غزل"
أرجع رأسه للخلف مُسندًا على ظهر المقعد مُغمضًا عينيه و ذهب في نومٍ عميق، رن هاتفه و أخرج ثم رد بنبره ناعسه:
"ألو"
-"معلش يا آدم آسف على الازعاج.. بس بابا كان بيسألك انتَ عملت إيه بعد ما مشينا؟"
تذكر "آدم" أنه ركض لتلك الراقدة على فراشه لإنقاذها و نسي تمامًا الضيوف قال بهدوء:
"فادي حصلت معايا حاجه طارئه فاضطريت إن اسيب الحفلة آسف والله"
صُدم "فادى" من حديثه سائلًا إياه:
"حصل إيه؟"
-"هبقى أقولك بُكرا عشان تعبان معلش"
-"تمام تصبح على خير"
-"و انت من أهله"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في الصباح يوم مُشرق، وقف "رحيم" أمام المرآه يُجهز نفسه لكى يُحضر ابنته، ارتدى حِله سوداء و حذاء بنفس اللون و صفف شعره الكثيف المائل للبُني الفاتح حتى أصبح شخص في عُمره العشرين و ليس في اواخر الخمسون.
أتت من خلفه "حنان" و هي تقول بخوف:
"يلا يا رحيم بسرعه بالله عليك قلقانة على بنتي"
التفت لها "رحيم" و احتضنها بحُب قائلًا:
"يا حبيبتي متخافيش غزل كويسه و الله يعني انتِ متعرفيش غزل يعني؟"
ابتعدت عنه ثم قاا بنبره يكسوها الحزن:
"أنتَ عارف يا رحيم هي بقت كده ليه.. البنت مريضه نفسيًا يا رحيم و هي مش عايزه تتعالج أرجوك كلم آدم و حلوا الموضوع انا عايزه غزل زي الاول تبقى البنت اللي بتضحك ديما و انا وحشتني ضحكتها و لما تيجي و تُحضني و تدلعني انا عايزه غزل اللي كلنا كنا بنضحك معاها و انها هي كانت سبب في بهجه البيت اللي اتطفىٰ دلوقتي و وشها بقا حزين و هاديه انا معدتش قادره استحمل لحد كده و اشوف بنتي بتعاني و سنها بيكبر و مفرحتش فيها حرام بقا... يا رب"
أنهت حديثها باكيه بنحيب لم تعد قادره على هذا ترى ابنتها تُعاني و ليس بيدها الحل لهذه المعاناة، قلبها يؤلمها بشده عليها وتبكي بقله حيله لا تفعل شيء.
أخذها "رحيم" بين أحضانه بحُب و قال بنبره هادئة:
"أهدي يا حنان.. أقسم بالله لأخلي غزل ترجع زي الأول بس الصبر يا حنان الصبر.. و انا حاسس إن آدم هو اللي هيحل الموضوع ده و كمان بفكر في حاجه كده يا رب تنفع"
نظرت "حنان" له بعدم فهم و سألتهُ و هي مازالت بين احضانه:
"حاجه إيه؟"
تنهد بعمق مُردفًا:
"مش وقته يا حنان هبقى اقولك بعدين أنا رايح لغيث اشوفه خلص هو و غزال و لا لاء"
ذهب "رحيم" إلى رُدهة المنزل و رأى أبناءه في انتظاره ، ابتسم لهم قائلًا:
"صباح الخير.. فطرتوا الأول؟"
هززوا رؤوسهم موافقين ثم قال "غيث":
"معاك العنوان يا بابا"
أومأ له "رحيم" بهدوء قائلًا:
"يلا عشان نروح ناخدها"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تسحبت "ليان" لغرفه شقيقها، فتحت الباب بهدوء و تحركت بخفه حتى لا توقظه، أمسكت قنينه المياه من جانب الفراش و سكبته مره واحده فوق رأسه مما ايقظه مفزوعًا، نظر "فادي" لشقيقته بغضب و استقام من الفراش و ركض خلفها مُردفًا:
"تعالي يا سوسه يا أخره صبري.. بقا يا جذمه بتصحيني من احلى حلم الله يسامحك"
وقفت "ليان" تلهث و قالت ضاحكه:
"و المرة دي كُنت بتحلم بمين هاه قول"
اقترب منها و احتضن خصرها ثم قربها منه أكثر هامسًا في أذنها:
"كُنت بحلم بليان و بوشها القمر ده اقسم بالله لو مكنتيش أختي لكُنت اتجوزتك بالله"
ضحكت "ليان" بخجل قائله:
"بس بقا يا فادى بتكسف"
توردت وجنتها بالحُمرة من الخجل، ابتسم "فادي" و قبُل وجنتها مُردفًا بحُب:
"صباح النور يا أحلى ليان في الدنيا"
رمقته "ليان" مُبتسمه بحُب ثم أردفت:
"صباح السُكر يا أحلى فادي في الدنيا"
-"أقسم بالله حاسس انكوا مش اخوات.. إبعد يالا عنها هي مراتك ولا إيه؟!"
تفوه بهذا "حسن" بحنق من ابنه ، احتضن "فادي" شقيقته أكثر و رمقه بتسلية مُستفزًا إياه و اخرج لسانه له.
رمقه "حسن" بغيظ و اقترب منه ثم اخذ "ليان" لأحضانه بقوة، ضحكت "ليان" قائله بسخريه:
"اقسم بالله لو بنت شاقطتنها ما تعملوا كده"
ضحك "فادي" و اقترب منهم يحتضن الاثنان بحُب شديد و لا يدروا العيون التي تراقبهم على باب الغرفة و لم تكن سوى "هُدى" التي قالت بغيظ:
"آه ماشي حاضنين بعض و سايبنى"
رمقها "حسن" و ابتعد عن أبناءه ثم اقترب منها و اخذها بين أحضانه مُقبلًا إياها رأسها و هو يُردف بحُب:
"و دي تيجي برضه ده عيوني اللي شافتك و قلبي اللي حَبك"
نظروا "فادي" و "ليان" لهم بحُب، ثم صفق الأول و أطلق صفير من فمه مُردفًا بمُشاكسه:
"أيوه بقا يا حُس يا جامد"
قالت "ليان" غامزه بعبث لهم:
"و الله يا بابا لو مكنتش بابا كنت فاتك دلوقتي جوزي أنا"
ضحك "حسن" بصخب بينما "هُدى" قالت بحنق لابنتها:
"لا يا حبيبتي حسن بتاعي انا اطلعي انتِ منها"
هتف "فادي" بهدوء:
"طيب انا هكلم زين و أدهم عشان هنروح لآدم بيته أشوف حصله إيه"
أومأوا له موافقين بينما "فادي" اخرج هاتفه ثم اتصل على الشباب لكى يتقابلوا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فاقت "غزل" بتشوش و نظرت حولها بذهول أين هي؟!، و عندما استقامت لتُسند ظهرها صرخت بألم مما أيقظ آدم من نومه ثم نظر لها بلهفه سائلًا إياها:
"أنتِ كويسه دلوقتي؟"
حملقت به بنظرة مُطولة و تذكرت نوبتها و عندما قالت له لا تتركني و احتضنته بدون قصد، ابتلعت ريقها بتوتر و قالت بهدوء:
"أنا كويسه.. الحمد لله"
أومأ لها بهدوء ثم قال بتوتر:
"احم.. طبعا انتِ مستغربه انا ليه جبتك هنا في بيتي و مروحتيش المستشفى.. في الحقيقة المستشفى بعيده و بيتي كان قريب و كنتِ بتنزفي كتير و مكنتش عايز اخاطر بحياتك و كمان.. احم اضطريت اشيل طرحتك.. عشان الحرج اقدر اخيطه.. تقدري تلبسيه و انا آسف بس كنت مضطر لكده"
و بعد أن أنهى حديثه رفعت "غزل" يدها تحسس على رأسها الذى أصبح بالفعل مكشوفًا توترت و هي نظرت حولها، فهم "آدم" نظراتها و انها تدور على الحِجاب الخاص بها.
التقطه "آدم" من المقعد المجاور لمقعده و قدمه لها و نظره أرضًا، أخذته "غزل" و لفته على رأسها بعشوائية و قالت له بعد صمت دام لثوانِ:
"شُكرًا يا دكتور على المساعدة"
قال "آدم" بهدوء:
"مفيش شُكر يا حضرت المُقدم ده واجبي"
رمقته "غزل" شارده في ملامحه الرجولية الهادئة، ثم أفاقت من شرودها على صوت طرق هادئ على باب الغرفة.
فتحه "آدم" و لم تكن سوى "رهف" حملها "آدم" مُقبلًا وجنتها بحُب و تقدم من المقعد مره أخرى ثم أنزل "رهف" و التي تجلس بجانب "غزل" على الفراش قائلة ببراءة:
"أنا آسفه اوي... عشان اللي حصلك بسببي انا"
ابتسمت "غزل" بهدوء و أحاطت وجهها بين يديها و تحدثت بحنان:
"محصلش حاجة و انا كويسه اهو قدامك.. بس عايزه اسألك سؤال صغير"
أردفت "رهف" ببراءة:
"إتفضلي"
-"لما اتخبط شوفتي الراجل ده راح فين؟"
-"آه.. كنت جريت لآدم.. و بصيت ورايا لاقيته هرب"
قبلت "غزل" رأسها بحُب قائله:
"اسمك إيه"
-"اسمي رهف"
ابتسمت "غزل" بحزن و هي تتذكر هذا الاسم جيدًا اغرورقت عينها بالدموع ثم سالت على وجنتها دون أن تدرى بحولها، رمقها "آدم" بقلق و هو يسألها:
"آنسة غزل انتِ كويسه"
أفاقت من شرودها و أزالت دموعها ثم نظرت له مُجيبة بهدوء:
"آه انا... انا كويسه"
ثم نظرت لـ "رهف" قائله بحنان:
"اسمك جميل و غالي على قلبي"
أردفت "رهف" ببراءة و هي على وشك البكاء:
"طب بطلي عياط عشان كده هعيط"
ردت عليها "غزل" بتلقائية:
"طيب خلاص اهو"
نهض "آدم" من مقعده مُردفُا بهدوء:
"انا هحضر الفطار لينا.. و آه يا حضرت المُقدم والدك عمو رحيم في الطريق على هنا"
أومأت له موافقه، ثم ذهب "آدم" و هو يُفكر في تلك الفتاه التي جذبته و يُريد ان يعرف بفضول ماذا بها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مكث "هيثم" في مكتبه و طلب النادل ليسأله أين "غزل" الآن فهو ينهش نفسه من كثره غيظه و يُريد النجاح مِثلها لأنه اذا بقي هكذا فسوف يُزال منه هذه الرُتبة و عدم ترقيه مره أخرى.
أتى له النادل مطيعًا قائلًا:
"تؤمر يا باشا"
رمقه بجمود مُردفًا:
"فين المُقدم غزل لحد دلوقتي"
حمحم النادل بتوتر قائلًا بتلعثم:
"احم.. لسه مجتش يا باشا"
ظهرت ابتسامه ماكره على ثغر "هيثم" ثم قال له:
"تمام تقدر تتفضل"
خرج النادل يزفر براحه، بينما "هيثم" رمق هاتفه بخبث مُردفًا بفحيح:
"و كده بقا اقدر اقول اللعبة بدأت"
اخذ الهاتف و يتصل بأحدهم من رقم دولي "إيطالي"، فُتح الطرف الآخر المُكالمة و قال "هيثم" بخبث و بلغه إيطالية مُنمقة:
"مرحبًا جاك اشتقتُ إليك يا رجل"
رد "جاك" بنبره يكسوها الخبث:
"و انا اشتقتُ إليك يا صديقي.. هل تتصل لتُخبرني بـ غزل هل هذا صحيح؟!"
ضحك "هيثم" مُردفًا بخبث:
"ها أنت عزيزي أصبحتُ ذكيًا"
ظهرت ابتسامه ماكره على ثغر "جاك" قائلًا:
"تعلمتُ مِنك يا صديقي"
سأله "هيثم" بفضول:
"متى ستنزل هُنا إلى مصر؟"
رد "جاك" بمكر:
"لا تقلق يا عزيزي في أقرب وقت سوف أكون أمامك و أيضا آآآ... أنتَ تعلم ماذا سوف يكون معي"
ابتسم "هيثم" بشر قائلًا:
"عَيِب عليك يا عزيزي.. و أنتَ تعرف ماذا سوف تفعل بغزل"
-"بالطبع يا صديقي.. الآن سوف أُغلق المُكالمة و لا تنسى اتفافنا هيثم"
-"بالطبع جاك"
أنهى المُكالمة مع "جاك" قائلًا بفحيح:
"و دلوقتي اللعبة لعبتي يا حضرت المُقدم"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يعمل "آدم" على قدم و ساق الفطور و ليطلعه بأحسن صورة، يعمل باحتراف كعادته و أنتهى من الطهو ثم أخذ صينيه مُتوسطة الحجم و وزع عليه الطعام بنظام و تقدم من الغرفة قائلًا ببسمه:
"الفطار جاهز"
قفزت "رهف" بلهفه و ركضت له كي تُساعده على حمل تلك الصينية و وضعوها أمام "غزل" على الفراش، قالت "رهف" بانبهار:
"آدم بجد أنتَ هايل الأكل ده نتصور جنبه مش ناكله"
ضحك "آدم" و ظهرت أسنانه البيضاء مما جعل عيون تجذب له و تنظر إليه بشرود و لم تكن سوى "غزل"، أفاقت من شرودها على صوت "رهف" التي قالت:
"يلا يا غزل كُلي"
نظرت لها "غزل" بلُطف على تلك الصغيرة و أومأت بهدوء ثم شرعت لتناول الطعام و لم تدرى بالعيون التي تُراقبها شاردة أيضًا و الذي كان "آدم" ثم فاق و نظر أرضًا لكن لم ينكر أنها جميله مُهلكة بحق.
طُرق باب المنزل و عُلم "آدم" من هو الطارق، ذهب و فتح الباب ظهر منه "رحيم" و ابناءه رحب بهم بابتسامه لطيفه و أشار لهم إلى غرفه "غزل"، سار "رحيم" إلى الغرفة بلهفه و فتح الباب على مصرعيه و رآها راقده على الفراش و ملفوف حول رأسها شاش أبيض و يبدو على وجهها الشحوب.
ركض و احتضن "غزل" باشتياق و بكى بشده على ابنته، سألها بصوت مُحشرج:
"غزل... غزل انتِ كويسه صح؟"
أبعدته بلُطف واضعة كفها على وجنته بحُب قائله بتساؤل:
"كويسه و الله يا بابا خايف ليه؟"
امسك يدها وقبلها بحُب قائلًا:
"الحمد لله يا قلب أبوكِ.. ينفع القلق ده و حنان هتجنن عليكِ"
رُسمت ابتسامه صغيرة على ثغر "غزل" التي قالت بمُشاكسه:
"مش انا مُقدم يا حضرت اللوا رحيم"
أومأ لها موافقًا بابتسامه، بينما تقدم "غيث" من شقيقته و قبُل رأسها بحُب مُردفًا بحنان:
"قلبي كان هيقف من قلقي عليكِ معدتش تتكرر يا غزل سامعه؟"
أومأت له بابتسامه ثم نظرت إلى "غزال" التي اقتربت منها مُحتضنة إياها بحنان ثم أردفت بنبرة باكيه:
"عشان خاطري يا غزل.. متكرريش العملة العملظي تاني كُنت هموت من القلق"
بادلتها العِناق بحُب، بينما كان "آدم" يراقبها بحنان هل جُننت يا آدم استيقظ يا صاح هل أحببتها أم ماذا؟!، كان ينظر لها و الى ابتسامتها بشرود لا يقدر إبعاد عينه و أخذ يتساءل مع نفسه هل أحببها بالفعل وبهذه السرعة أم مُجرد إعجاب؟!.
أخذ "غيث" شقيقته بعد أن أتمت ترتيب ملابسها، أحاط يده حول خصرها بإحكام و تسير ببطيء ثم شعرت باختلال فى رأسها و كانت ستُقط أرضًا لولا يد "آدم" الذى أمسك يدها من الجهة الأخرى بفعل تلقائي و هو لا يعرف لماذا شعر بكل هذا القلق اتجاهها، نظر لهم "رحيم" و ظهرت على ثغره ابتسامه ماكره و هو يرى عين "آدم" التي تنظر إلى خاصه "غزل" بشرود.
وصلت "غزل" إلى سيارة أخيها بمساعدته و مساعده "آدم" و من خلفهم "غزال" و تساءلت "غزل":
"بابا مش جاي معانا؟!"
رد عليها "غيث" بهدوء:
"بابا وراه حاجه هيعملها و هيروح شغله بعربيته"
أومأت "غزل" و صعد "غيث" إلى جهة المقود و سار بالسيارة و كل هذا تحت تتابع "آدم" الذى كان يُفكر في تلك الفتاة و إلى عيناها التي جذبته بسهوله.
صعد إلى منزله مره أخرى حيث "رحيم" كان بانتظاره، شعر "آدم" أن ذلك الموضوع هام للغاية لذلك طُلب من "رهف" ان تبقى في غرفته و اعطاها هاتفه كي تنشغل به.
جلس "آدم" أمام "رحيم" في رُدهه المنزل و انتظر حديثه بفضول، تحدث "رحيم" بهدوء:
"طبعًا يا آدم عايز تعرف إيه الموضوع"
أومأ له "آدم"، بينما أكمل "رحيم" حديثه بنفس الهدوء:
"الموضوع بخصوص غزل... مش عارف أبدأ منين.. غزل يا آدم مريضه نفسية.. غزل بنتي مكنتش كده دي كانت زي الوردة المفتحة...كانت زي النسمة و بتضحك و مخليه البيت بهجه علينا بس.. بس في ناس مكنتش تتمنى الابتسامة دي تدوم و الناس منتكش عايزة السعادة دي تدوم و للأسف الناس دي كانت قريبه مني و اتخدعت فيهم و غدروا بينا و للأسف كانت أختِ رحيمه"
نظر له "آدم" بعدم فهم قائلالت
"مش فاهم يعنى غزل تأذت نفسيًا؟"
تنهد "رحيم" بهدوء قائلًا:
"انا هحكيلك.."
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
«عوده إلى ما يُقرب الخمسة عشر عامًا»
كان رحيم يُجهز حقيبة سفره هو و زوجته ثم قال بعدما انتهى:
"حنان شوفي كده غيث خلص تحضير نفسه معاد الطيارة قرب"
أومأت "حنان" بهدوء و ذهبت إلى ابنها "غيث" الذى كان عُمره ما يُقرب إلى الثمانية عشر، قالت "حنان":
"غيث حبيبي خلصت عشان معاد الطيارة"
-"آه يا ماما خلصت.. بس انا خايف"
اقتربت منه "حنان" و حاوطت وجهه قائله بحُب:
"غيث حبيبي متخافش إحنا معاك"
أومأ لها "غيث" ثم حمل حقيبة السفر و ذهب مع والدته.
اخذ "رحيم" الحقائب و وضعها داخل السيارة، ركضت له "غزل" له ذو الثالث عشر من عمرها تقول ببراءة:
"بابا يعنى تسيبني هِنا لوحدي؟"
نزل "رحيم" لمستوى ابنته و احتضن وجهها بين كفيه بحُب قائلًا:
"انا مش هطول يا روح بابا و بعدين ينفع اخدك وانتِ عندك امتحانات ينفع يعنى غزل تسقط و هي لسه اولى إعدادي؟"
هزت رأسها رافضه له ثم قالت:
"طب غيث هيكون كويس صح؟!"
ابتسم "رحيم" لها ثم قال بهدوء:
"إن شاء الله هيعمل العملية و هيبقى كويس.. أهم حاجه يا غزل متعمليش شقاوة مع عمته رحيمه"
أومأت له ببراءة قائله:
"حاضر وانا هذاكر كويس و همتحن و لما تيجي تجبلي شكولاتة"
ضحك "رحيم" ثم قبُل وجنتها بحُب، أتى لهم "حنان" و "غيث" و "رحيمه".
ودعتهم "رحيمه" بابتسامه مُصطنعة و أخذت "غزل" للداخل.
جلست "رحيمه" بتكبر و قالت لها باشمئزاز:
"روحي يا ختي من وشي و حسك عينك الاقيكِ عملتي حاجه مش هرحمك"
أومأت لها "غزل" بخوف و أخذت قطتها التي سمتها "رهف" ذلك الاسم التي تحبه و صعدت إلى غرفتها تراجع دروسها باجتهاد.
بعد مرور ثلاثة أيام أصبحت "رحيمه" قاسيه بشده على "غزل" و اخذت تضربها بـ عصا غليظة و تجرحها بأظافرها بحِده حتى اصبح لديها كدمات في جميع اجزاء جسد تلك المسكينة حتى أتى يوم و اخذت تضرب فيه "غزل" بقوة قائله:
"نفسي اخلص منك و من همك جيتي على الحياه دي و اخدتي مني رحيم و اتغير معايا... و هاتي القطه دي"
اخذت منها القطه و أمسكت السكين الحاد و نحرتها بدون رحمه، صرخت "غزل" برعب و اخذت ترتجف بشده و ركضت تقف في زاويه بعيده و هي ترى تلك الهِرة و تتحرك بعشوائية ساقطه أرضًا غارقه في دمائها، بكت و صرخت بخوف، ترتجف، تحاوط رأسها بقوة، اقتربت منها "رحيمه" و في يدها السكين الحاد التي تقتر منها الدماء و تنظر لها بشر ثم تقدمت منها مُردفه بفحيح:
"انا خلاص تعبت منك و من ابوكِ.. اخدتيه مني معدتش بيطقني و كل ده بسببك انتِ و بس"
ابتلعت "غزل" ريقها بخوف و هي تُتمتم بتلعثم:
"انا... انا معملتش حاجه والله..والله معملت حاجه"
كانت "غزل" تردت للخلف خوفًا من بطش "رحيمه"، بينما الأخيرة أخذت تتقدم منها بالسكين و بنظره مُرعبه رفعت السكين و كانت تنهال عليها بقوة لولا يد "رحيم" التي أمسكت يدها بقوة و صفعتها على وجنتها أدت إلى سقوطها أرضًا و سيل من الدماء يسقط من أنفها.
أخذ "رحيم" ابنته التي كانت ترتجف برعب و تردد بهذيان:
"انا... انا.. معملتش حاجه... انـ.... "
فُقدت وعيها بين ذراعيه مما اصابه الهلع و أخذ يصرخ مثل المجنون باسم ابنته ثم هاتف الطبيب أن يأتي مُسرعًا.
بينما "رحيمه" كانت ستهرب لولا يد "حنان" التي مسكت يدها بإحكام و صفعتها على وجنتها و يُمكن أشد من صفعه "رحيم" ثم قالت بفحيح:
"استني يا رحيمه بس ده انا هوجب معاكِ"
و أتى من خلف "رحيمه" ، "غيث" الذى قيدها بالحبال بإحكام.
أتى "رحيم" بعد ان وضع "غزل" على المقعد و ذهب إلى شقيقته او التي كانت شقيقته وقال بنبره مُرعبه:
"أقسم بالله يا رحيمه ما تتطلعي من تحت ايدي حيه بس بقول لأ نخلي القانون ياخد مجراه... و متفكريش إني غبي يا رحيمه يا قاتله يا عديمة الرحمة قتلتي ابنك بدم بارد و كمان جايه على بنتي يا رحيمه.. ابنك ضناك يا رحيمه قتلتيه و قتلتي جـــــوزك.. حــــــــرام عليكِ"
اخذ "رحيم" يصرخ بها و عرف من خلال التحقيقات مقتل ابن شقيقته و زوجها و التي كانت المتسببة هي "رحيمه"، ضحكت الأخيرة بهستيرية حقًا إنها مريضه و قالت بشر:
"أيوه انا قتلتهم بايدي"
و اخذت تضحك بصخب، نظر لها "رحيم" باشمئزاز قائلًا:
"يا جبروتك تروحي من ربنا فين"
أتت الشرطة على طلب من "رحيم" و الطبيب الذى فحص "غزل" الذى قال بأسف:
"حضرت الرائد انا آسف من اللي هقوله بس البنت اتعرضت لكدمات عنيفة و جروح كتير ده غير الأذى النفسي اللي تسببته و هي دلوقتى في غيبوبة و بتحاول تهرب من الواقع ولازم تروح المصحة النفسية"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
«عوده إلى الوقت الحاضر»
كان يُسرد "رحيم" لـ "آدم" و هو يبكي، بينما "آدم" شعر بوخز في قلبه لا يعلم لماذا و لكن أخذ يبكِ هو أيضًا و سألهُ بنبرة حاول أن تخرج طبيعية:
"طب و غزل لما راحت المصحة قعدت قد إيه لما فاقت من الغيبوبة؟"
نظر له "رحيم" قائلًا بحزن:
"قعدت حوالي شهرين بعدين فاقت و من هنا بقت غزل تانيه اتغيرت كتير اوى... معدتش زي غزل اللي بتضحك.. معدتش الطفلة البريئة اتغيرت اوى... و لما كبرت و راحت ثانوي اتعرضت للتنمر و كان في طلاب حاولت تضربها كتير لحد ولد كان اسمه شادي"
نظر له "آدم" بترقب مُردفًا:
"عمل إيه؟!"
قال "رحيم" بنبره مُنكسرة:
"حاول التعدي عليها و كان هيتحرش بيها لولا ستر ربنا كنت رايح ليها السنتر اخدها لاقيتـ.. لاقيتها بتصوت و بتعيط و عايزه حد يلحقها"
أنهى حديثه باكيًا، بينما استقام "آدم" و احتضن "رحيم" بحنان قائلًا:
"متخافش و الله هساعدها انا كده تقريبا عرفت هي حالتها إيه خصوصا انها جتلها نوبه امبارح و حاله هذيان"
ابتعد عنه "رحيم" ثم سأله بلهفة:
"طب حالتها إيه؟"
نظر له "آدم" ثم أردف بعمليه:
"غزل عندها مرض اسمه"Mayo clinic "(مايو كلينك) و المرض ده بيشمل عده اضطرابات كتير بس بحاله غزل قدرت اعرف عندها "طيف انفصام" و اللي هو انفصال عن الواقع و الاوهام و الهلوسة و التفكير الكتير و غير منتظم و عندها "اضطراب ثنائى القطب" ده النوبات المتناوبة و المستمرة لحد دلوقتي و الهوس و عندها "اضطراب اكتئابيه" ده بيأثر على الشعور العاطفي و بيحدد مستوى الحزن و السعادة و كمان "اضطراب التغذية و الشهية" و انها مش بتقدر تاكل كتير و ممكن متاكلش خالص و في "اضطراب الشخصية" ده بقى ينطوي على نمط دائم من عدم الاستقرار و السلوك الغير صحي و يتأثر في حياتها و علاقاتها"
حزن "رحيم" مُردفًا بحزن:
"اكيد طريق العلاج هيبقى صعب"
تنهد "آدم" قائلًا:
"هو آه صعب بس مش مستحيل"
أومأ "رحيم" ثم اخذ نفسًا عميقًا يتحضر لحديثه:
"آدم انا عايز اقولك حاجه"
نظر له "آدم" بترقب قائلًا:
"اتفضل"
ابتلع ريقه يُنقى حنجرته مُردفًا:
"عايزك تتجوز غزل"
سحبت الأنفاس من "آدم" مذهولًا، ثم قال بصدمه:
"إيه؟!"
تنهد "رحيم" ثم قال:
"عارف ان القرار صعب عليك و ممكن صدمه بس انت الوحيد اللي في ايدك تنقذها و ترجعها غزل زي ما كانت كلنا حاطين املنا فيك يا آدم.. انا مش هنغصب عليك و اديك فرصه تفكر بس افتكر يا آدم إن حياه غزل بين ايديك... انا ماشي دلوقتي و رد في أي وقت"
خرج "رحيم" من المنزل و ترك ذلك المسكين يُفكر ماذا يفعل في هذا الموقف.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جلست "غزال" بإنهاك هي و "ليان"، أردفت الأخيرة:
"غزال اطلبي عصير مانجا لينا"
-"و اطلبي كمان واحد ليا"
تفوه بذلك "رامي" الذى جلس مثل المُتطفل بينهم، نظرت له "غزال" باشمئزاز قائله:
"شكلك مش هتجيبها لبر"
ضحك بسخريه مُردفًا:
"آه يا غزال مش هجيبها لبر... و بعدين يا حلوة وفرى الكلمتين دول و تعالى معايا"
استقامت "غزال" بغضب و صفعته على وجنته بقوة مما نزل من انفه سيل من الدماء فـ "غزال" تعلمت أن تُدافع عن نفسها بسبب دروس "غزل" التي كانت تُدربها عليها والآن تُطبق هذه الدروس.
أردفت "غزال" بنبره مُرعبه امام طلاب الجامعة:
"اظن دلوقتي إي وفرت الكلمتين و عملت فعلًا مش قولًا.. و دلوقتي بقيت واقع على الارض قدام الطلاب ياريت تكون اتعلمت الأدب او زي امثالك مش بيتعلموا اصلًا"
اخذت "غزال" يد "ليان" و ذهبت خارج الجامعة، بينما أردفت "ليان" بانبهار:
"وااو بجد يا غزال اتعملتِ القوة دي منين ده الواد مش قادر يقوم من ضربه واحدة!"
غمزت "غزال" لها بعبث مُردفه بثقه:
"دي دروس غزل صقر"
عقدت "ليان" جبينها مُردفه:
"غزل دي اختك... ثواني غزل و غزال واااو مين مختار اسمائكوا؟؟"
تنهدت بعمق ثم قالت ببسمه:
"بابا هو اللي مختار أسمائنا... اختارها بحُب و بشعور جواه بيقولوا كده و كمان اختار اسم اخويا غيث بجد احلى اسماء... و خصوصا انه بيحب حرف الغين بيعبر عن مدى حبه لينا"
نظرت لها "ليان" قائله بحنان:
"زى بابا برضه بيحبنا حب يــاه ساعات بحسد نفسي والله"
ابتسمت لها "غزال" ثم أردفت بتعب:
"طب يلا كل واحدة تركب عربيتها و نروح عشان تعبت اوى و الرخم مخليناش نشرب مانجا.. خلاص اقول لأمي تعملي"
ضحكت "ليان" ثم قالت بين ضحكاتها:
"بس يا بت الإيه علمتِ عليه قُدام الجامعة ده بقى عِبره و ربنا"
غمزت لها قبل أن تذهب إلى سيارتها و قالت بثقه:
"عيب عليكِ ده أنا غزال برضه"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جلست "غزل" في غرفتها، أتت "حنان" و في يدها صينيه الطعام و الأدوية التي وصفها "آدم" لـ "غيث"، جلست "حنان" بجانبها قائله بحُب:
"يلا غزل عشان تاكلي و تاخدي علاجك"
نظرت لها "غزل" قائله بتعب:
"مش عايزه اكل يا ماما هاتي الدوا اخده و انام"
ظهر الحزن على وجه "حنان" مُردفه:
"ليه بس يا حبيبتي انتِ تعبانة المفروض تاكلي حتى لو قليل حرام اللي بتعمليه في نفسك يا بنتي"
تذكرت "غزل" طعام "آدم" كان رائع فوق الوصف ثم نظرت إلى والدتها وأومأت موافقه، ثم شرعت لتناول الطعام بهدوء و تناولت القليل لا تقدر أن تأكل اكثر.
أخذت دوائها و مددت على الفراش بتعب، اغلقت عينيها و تذكرت حينما كانت بين أحضانه تبكي و تقول له لا يتركها، لا تندم على ذلك الحديث و لا تعرف لماذا و لكن شعرت بارتياح في قلبها و كأنه يقول لها "هذا هو ملاذك يا غزل"، ثم ذهبت في نوم عميق و كان هو ملك أحلامها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يجلس "آدم" ينهش عقله تفكير في حديث ذلك الرحيم هل سيوافق ام ماذا؟.
كان "فادي" يجلس أمامه يأكل بنهم و لا يبالٍ بينما "زين" يرمق "آدم" بترقب و فعل المِثل "أدهم"، أردف الأخير بتفكير:
"طب دلوقتي هتوافق يا آدم... أنتَ زي ما حكيت إن البنت عانت كتير و إنها فعلًا محتاجه سند ليها و دعم غير أهلها ما هي قعدت سنين متعافتش من أهلها هي محتاجه احتواء يا آدم فأكيد رحيم ده بيقولك اتجوزها الحقيقة لو أنا بداله كُنت هعمل زيه خصوصًا ان انتم معرفه قديمة و واثق فيك فالقريب احسن من الغريب و لا ايه يا رجاله؟"
أنهى سؤاله و ينظر لتلك "الرجالة" فرأى "فادي" يأكل بتلذذ و واضع سماعه أذن و يرقص بجذعه العلوي بتناغم مع الأغاني بطريقه مُضحكه بينما "زين" كان يتحدث مع "شيماء" عندما مل من ترقب "آدم"، أردف" زين" بلهفه لشقيقته:
"شيماء جهزي سهرة بليل هاه مش هوصيكي عشان اغبلك في ببجي يا انا يا انتِ انهاردة"
صرخ بهم "أدهم" بغضب مما فزع "زين" و "آدم" بينما "فادي" كان في عالم موازيًا و كما يطلقون "أنه يعيش في مياه البطيخ" يرقص و لا يبالٍ و يُغني قائلًا:
"الصُدفة تقابل بنت جميله و تخطف قلبك خطف من نظره تشقلب كل حياتك قبل ما تنطق حرف هنا كل العالم سهل و جيران و هروب من أهل هنا بنبدأ حكايتنــــــــــــا"
مرر "أدهم" يده على وجهه بنفاذ صبر ثم استقام و توجه إليه ثم أزال سماعه رأسه مُردفًا بغضب:
"بقى يا بارد تتصل علينا و تقولنا تعالوا شوفوا آدم ماله و جايين نشوف آدم ماله و بنفكر معاه و انتَ قاعد بتسمعلي أغنيه أحلامنا ده أنا هخليها حقيقه دلوقتي"
ابتلع "فادي" ريقه ثم قال بتلعثم:
"أهدى يا أهدووم و صلي على النبي كده بس كنت بحاول افرفش"
أمسكه "أدهم" من تلابيب قمصيه مُردفًا بفحيح:
"أقسم بالله اللي ما بحلف فيه كدب تقعد تفكر معانا يا ما و ربي لأديك علقه مخدهاش حمار في مطلع"
أبعد "فادي" يده مُردفًا بتذمر كالأطفال:
"حاضر هه هفكر"
نظر لهم "آدم" ثم أردف بذهول:
"انا حاسس انى مش عارف افكر"
أردف "فادي" بجديه هذه المرة:
"بُص يا آدم زي ما حكيت إن غزل عانت كتير و كمان العلاج النفسي مش هفيد اكثر من الاحتواء.. هي مش عايزه دفا العيلة لأنها عندها بالفعل بس متعافتش و كمان قعدت في مصحة و دخلت غيبوبة و متعافتش نستنتج من الكلام ده إنها عايزه واحد جديد في حياتها و يغيرها باسلوبه و تفكيره و تقدر تضحك زي الأول دي وجهه نظري"
قال "زين" يؤكد حديث "فادي":
"ايوه يا آدم كلام فادى صح و بعدين على الحُب يا سيدي فالعشرة و التغير هتحبها"
أردف "أدهم" بهدوء:
"وافق يا آدم وأكيد هتحبها مع الأيام"
أردف "آدم" بذهول ولا يدرى بالعالم حوله كأنه يسمع ضربات قلبه توجهه إلى الطريق:
"أنا فعلًا حبيتها"
أنت تقرأ
غَــزل✓
Romanceهل شعرتُ ذات مرة أنك وحيد بين عالم قاسٍ لا يرحم؟.. هل شعرتُ أنك تحتاج لـ احتواء من شخص ذاق نفس العذاب؟.. يُمكن أن يكون حُلم لا يتحقق أبدًا و يُمكن يتحقق عندما القدر يريد هذا.. تدور الحكاية حول فتاة بريئة سلبت الحياة منها السعادة فتحولت من هذا الكائن...