الفصل السادس"أحببتُ ملاك"

1.5K 94 4
                                    

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال قيس عن ليلى ذات مرة:
"قضاها غيري و ابتلاني بحُبها.. فهل شيء غير ليلى ابتلانيًا؟"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مكثت "غزال" على مقعد تنظر بعدم اكتراث لوالدتها و "ليان" و في يدها الهاتف المحمول الخاص بها تلعب و لا تبالِ.

التفتت لها "حنان" تهتف بغضب:
"انا معرفتش أربي... بقى يا جذمه جايبة الضيفة تساعدني و أنتِ قاعده بتلعبي والله عال"

رفعت "غزال" رأسها ترمق والدتها بعدم مبالاة و هي تسألها ببرود:
"انا جبتلك ليان تساعدك في حاجه اكتر من كده؟!"

عضت "حنان" شفتها السفلى بنفاذ صبر قائله بسخريه:
"لا ولا حاجه خليكِ قاعده تحبِ تشربي حاجه اصل عيب برضه"

هتفت "غزال" مُراوغه والدتها:
"آه ياريت عصير مانجا من ايدك الحلوة دي"

ضحكت "ليان" قائله موجهه حديثها لـ "حنان":
"معلش يا طنط سيبك منها... ممكن دوقيني محشي ورق العنب"

أنهت حديثها بتشوق، بينما "حنان" ابتسمت لها مُردفه:
"أكيد يا حبيبت طنط"

أعطت "حنان" لـ "ليان" معلقه ثم قالت لها بحُب:
"دوقي و قولي رأيك"

مدت "ليان" يدها ناحيه طبق مليء بالطعام ثم اخذت قطعه "محشي ورق العنب" و تذوقها بتلذذ هاتفه بانبهار:
"الله جميل بجد زي ماما لما تعمله"

ردت "حنان" بمجامله:
"تسلمي يا حبيبتي بالهنا"

أنهت حديثها ثم التفتت لتلك اللامبالية بهم قائله بغصب:
"شوفتي الأدب و الذوق مش زي ناس"

رفعت "غزال" طرف شفتيها مُردفه بتذمر:
"و الله ماشي يا ست الكُل.. و خلى في بالك البنت المؤدبة دي ليها وش تاني"

تنحنحت "ليان" مُردفه ببراءة:
"على فكره يا غزال أنتِ ظلماني.. شوفي يا طنط بنتك دي"

تقدمت "حنان" منها و اخذتها في العِناق أمومي، بينما "غزال" قالت بسخريه لاذعه:
"رئيسه العصابة و أمي!!"

ثم نهضت من مقعدها و تقدمت منهم تدخل نفسها في ذلك العِناق بتطفل مُردفه بتذمر كالأطفال:
"بقولكوا إيه دخلوني كده"

ضحكت "حنان" على ابنتها ثم قالت آمره:
"طب يلا بقا عشان نخرج الأكل على السفرة"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ابتعلت ريقها بتوتر بعد مُغازلته بكلمات فصحى مُنمقة، هتفت بتلعثم:
"احم.. هـ.. هو انتِ شاعر؟"

رفع "آدم" حاجبه من سؤالها، ثم رد بهدوء:
"أيوه تقدري تقولي كده اني بحب أتكلم بالفصحى"

تذكرت "غزل" أنه أعترف بحُبه لها للتو مما زادها توتر و تعرق جبينها بشده ثم هتفت لتهرب منه:
"انـ.. انا قايمه داخله جوا"

أنهت حديثها راكضه منه و ظهر التوتر أكثر على وجهها، بينما "آدم" ضحك بخفوت قال ساخرًا:
"غزل صقر اللي بترفع السلاح على أي حد جرت مني.. أنا المفروض اخد أوسكار والله"

نهض و كاد أن يسير خلفها و لكن رأى ذلك السلاح على الطاولة أمامه، أخذه ثم ركض خلفها يُنادي لها بصوت مُرتفع:
"يــــا حـــــضرت المُـــــــــقدم السلاح يا بــــــاشــا"

كادت "غزل" أن تدخل باب منزلها و لكن سمعت صياح ذلك الذي غازلها قبل قليل، التفتت له مُردفه بجمود عكس توترها:
"آه هات السلاح"

وقف "آدم" يلهث بقوة ثم قدم لها السلاح قائلًا:
"أتفضلى"

أخذته منه بهدوء و دسته في جيب رِدائها ثم قالت بجمود:
"شكرًا"

أومأ لها موافقًا ثم سبقها للداخل و سارت خلفه بهدوء، رأته يجلس بجانب والدها لذي سأله:
"إتكلمتوا يا آدم؟"

أومأ الأخير له ثم قال بهدوء:
"عمي أنا عايز كتب الكتاب الجمعة الجاية"

عقد "رحيم" بين حاجبيه مُردفًا باستغراب:
"ليه السرعة دي؟"

تنهد "آدم" ثم قال مُفسرًا:
"عشان آخد راحتي معاها في كلام و مفيش بينا حواجز و كمان انا مش بحب فتره الخطوبة و الكلام ده و أنا بفهم في الأصول كويس"

ابتسم له "رحيم" ثم أردف بلُطف:
"انا عارف تربيتك كويس ده انت ابن الغالي يا آدم و انا موافق طبعًا"

أومأ له "آدم" مُردفًا بهدوء:
"عمي رحيم لو مفيهاش إزعاج عايز أكلم حضرتك على إنفراد بعد الأكل"

هز "رحيم" رأسه موافقًا قائلًا بهدوء:
"أكيد يا آدم"

تقدمت منهم "غزل" قائله بعد ان همست لها والدتها لذهاب لسفره الطعام:
"ماما بتقولكوا الأكل جاهز"

وقف "رحيم" ثم قبُل رأسها مُردفًا بحُب:
"ماشي يا حبيبت بابا اسبقينا انتِ واحنا هنحصلك"

ذهبت "غزل" من أمامهم دون أن تنبس ببنت شِفه، التفتت "رحيم" لـ "آدم" هاتفًا بهدوء:
"بعد الأكل نروح نتكلم في مكتبي"
حرك له الأخير رأسه موافقًا ثم سار خلفه لسفرة الطعام.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جلسوا جميعًا حول سفره الطعام في جوٍ مليء بالدفء و الحُب.

كان "رحيم" لا ينزل عينه عن زوجته التي توردت وجنتها للحُمرة من الخجل ثم هتفت له بخفوت:
"رحيم أرجوك كُل و شيل عينك مني عشان في ضيوف عيب"

رفع حاجبيه باستنكار ثم قال بصوت عالٍ نسبيًا كي يسمعه الجالسون:
"ألاه في إيه يا حنان؟.. جماعه هو حرام أبُص لمراتي و أكلها!!"

رد عليه "حسن" الذي لا يفرق عنه حيث كان يُطعم زوجته أمامهم دون خجل:
"ما انا بأكل هُدى أهو يا رحيم.. خُد راحتك يا حبيبي"

نظر "رحيم" لزوجته كأنها يقول لها "أنظري"، بينما هتف "زين" بتذمر:
"راعوا السناجل اللي قاعده طيب"

وافقه الشباب جميعًا دون "آدم" الذي كان شارد للنظر من طرف عينه لـ "غزل" الجالسة جانبه لا تأكل إلا القليل فقط، اقترب منها قليلًا ثم أردف هامسًا:
"كُلى"

ابتعلت الأخيرة ريقها ثم قالت بخفوت:
"ماليش نفس إتفضل كُل أنتَ"

هز رأسه رافضًا ثم ملئ صحنها بالطعام و قال لها آمرًا:
"لو سمحتي كُلى و من غير نِقاش"

التفتت ترمقه بجمود و حين أتت عيناها إلى خضراويته نسي "آدم" أنه بين الجميع، لم يفلت نظره عن عيناها العسلية التي سحرته من أول نظره منها.

لا يدرى بعيون الجميع التي تنظر لهم، بعد صمت دام لثوانِ من نظراته لها قال بعِشق:
"تعرفي إن عينيكِ العسلية دول شدوني و انا مش قادر أبعد نظري عنهم"

رمشت "غزل" عِدة مرات ببلاهة ثم قالت مُتلعثمة:
"هـــاه!!"

أكمل "آدم" حديثه دون اكتراث بحوله:
"انتِ كُلك على بعضك خلوا قلبي ده مش على بعضه"

أفاقوا من نظراتهم على تصفيق حار من الجميع و صفير عال أطلقه "غيث" الذي قال بانبهار:
"والله يا بنى مش عارف أقول إيه"

قال "فادي" غامزًا بعبث:
"أيوه يا عم الحُب مولع في الدرة"

ثم ضحك جميعهم عليهم عندما ارتبكوا، ثم نهضت "غزل" تقول بتوتر ملحوظ:
"احم.. انـ.. انا طالعه اوضتي عن أذنكوا"

ركضت بعد حديثها صاعده إلى غرفتها، بينما "آدم" قال و هو يحك عنقه مُرتبكًا:
"احم.. انا.. انا هستناك يا عمي في المكتب.. تسلمي يا طنط على الأكل"

ركض بعد حديثه مُبتعدًا عنهم ثم تنفس الصعداء قائلًا بسخريه:
"شكل حصاري كلها بتتفك"

ثم ذهب إلى غرفه مكتب "رحيم" ينتظره بها.
بينما على الجانب الآخر ضحك الجميع بصخب ثم أردف "زين" بين ضحكاته:
"ده.. ده آدم اللي ميعرفش حتى يعاكس بنت بقى روميو!!"

رد "فادي" ساخرًا:
"الواد ده لازم يتجوز في اسرع وقت شكله مش مستحمل"

التفت "رحيم" لزوجته يقول هامسًا:
"انا عرفت أختار فعلًا يا حنان"

ردت "حنان" بحُب:
"يا رب يخرجها من اللي هي فيه يا رحيم"

أومأ لها مُردفًا باطمئنان:
"إن شاء الله هيخرجها و ترجع غزل تاني اللي نعرفها"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دخل "رحيم" إلى غرفه مكتبه ليتحدث مع "آدم"، وقف الأخير احترام له ثم قال بنبره مُهذبه:
"إتفضل يا عمي"

ابتسم "رحيم" له ثم جلس مقابل مقعده و قال بصوته الرخيم:
"إتفضل يا آدم إتكلم"

حمحم الأخير ينقى حنجرته ثم رفع نظره له قائلًا بهدوء:
"انا عايز طلب... احم هو ينفع يكون الجمعة الجاية ليله واحده يعنى كتب كتاب و غزل تيجي تسكن عندي.. انا مش بحب جو الافراح و الحفلات الكبيرة بس لو يعني مش موافق عادي"

تنهد "رحيم" ثم قال بهدوء:
"انا معنديش اعتراض.. بس القرار كله في غزل و غزل مش بتحب الاجواء دي بس هي بنت في النهاية معرفش هتكون عايزه ده و لا لاء بس اللي متاكد منه انها هتوافق على قرارك لأن في حالتها اكيد متستحملش الأجواء دي"

هز "آدم" موافقًا و قال بنفس هدوئه:
"السبب اللي خلاني اكون متسرع في الجواز هو ان غزل تبقى معايا عشان مشوار علاجها صعب و فوق كده لازم تقتنع انها مريضه عشان تتعالج و عشان كده اتسرعت اكيد فهمتني يا عمي"

هز "رحيم" رأسه بتفهم مُردفًا بابتسامه:
"انا فاهمك و فرحان إن أخيرًا حد هيجي يشيل غزل على راسه و يقدرها"

حمحم الأخير مُردفًا بتوتر:
"عمي انا.. انا حبيت غزل بجد"

نظر له "رحيم" بتمعن قائلًا باستغراب:
"بالسرعة دي يا آدم!!"

تنهد "آدم" بعمق و قال بصوت رخيم و لمع عينه بحُب:
"أكيد يا عمي هتستغرب ليه الحُب اللي بالسرعة ي... هقولك يا عمي إن الحُب مالوش أوقات عشان يدخل القلب... الحُب بيدخل من غير استئذان.. انا لما شوفت غزل لأول مره بعد ما كبرنا مقدرتش أشيل عيني من عليها.. و كمان لما لاقيتها مضروبة في دماغها انا كنت هتجنن عليها و خايف تروح مني.. قلبي حس بيها لما... لما جتلها نوبه خوف عندي لا إرادي لاقيتني بقولها مش هسيبك و عيطت جنبها و لما حكتلي عن حالتها حسيت بسكاكين في قلبي بتعذبني بدون رحمه و لحد دلوقتي انا بكافح عشان تكون بين ايدي و خليها تشفى.. أنا عايز غزل تضحك و تحب أنا عايز غزل تكون إنسانه بجد"

دمعت "رحيم" عينه مُتأثرةً ثم قال بحشرجة:
"أنا فعلًا عرفت أختار الشخص المُناسب ليها.. أوعدني يا آدم إن غزل ترجع زي الأول"

نهض "آدم" من مقعده و تقدم من "رحيم" ثم جلس على ركبته أمامه و أمسك يده بين راحه يديه ثم قال بصوت رخيم:
"أوعدك يا عمي إن غزل هترجع زي الأول وأحسن كمان.. هي بقت ونيس وحدتي بعد أهلي"

رفع "رحيم" نظره له ثم قبُل قمه رأسه بحُب أبوي نابع منه مُردفًا بحنان:
"و انا بقيت أبوك يا آدم... قولي يا بابا مفهوم"

هز "آدم" رأسه و اغرورقت عيناه بالدموع عندما تذكر والده الذى كان يقبل قمه رأسه عندما ينال شهاده من مدرسته، رفع وجهه قليلًا و لثُم على جبين "رحيم" بحُب ثم قال بخفوت:
"حاضر.. يـ.. يا بابا"

عندما قال هذه الكلمة كان قلبه يرقص طربًا و شعر أن والده أمامه و ليس "رحيم"، بينما الأخير ابتسم بلُطف و وضع يده على وجنة الأخير مُردفًا بحنان:
"أنتَ ابنى يا آدم.. بقيت زي ولادي"

هز "آدم" رأسه موافقه و أمسك يده ثم قبلها بحُب شديد، قال "رحيم" يُغير الأجواء:
"يلا نخرج و صحابك برا بيستنوك عشان تروحوا"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في الخارج كان يجلس "فادي" بجانب "غيث"، "زين" يجلس بجانب "أدهم" على يساره و على يمينه "حسن" و بجانبه زوجته و "ليان" تجلس بجانب "غزال" و والدتها، كانوا جميعًا يلعبون "الحقيقة و الحُكم" و في الوسط طاوله يجلسون حولها على شكل دائرة و زجاجه تلف عليهم حتى تحكم على الذي تقف عنده.

توقفت الزجاجة على "فادي" نظروا جميعًا له بتوجس و قال "حسن" بجديه:
"دلوقتي اللي هيسألك أنا استعد يا فادي"

ابتلع الأخير ريقه بتوتر ثم قال ساخرًا:
"أحلق قني دي لو معملتش حاجه تشلني يا حسن"

رد والده غامزًا بعبث:
"عيب يا فوفو ده أنا أبوك برضه"

ثم حمحم مُكملًا حديثه بخُبث:
"و دلوقتي يتجاوب على السؤال يا هتنفذ الحُكم... لما كنت في مكتبي يوم الجمعة اللي قبل فات لاحظت الساعة 3العصر إنك مش موجود اقدر اعرف كنت فين؟"

ابتلع "فادى" الغصة التي في حلقه و نظر حوله رأى أن جميعهم يرمقه بترقب شديد، ثم نظر لأصدقائه بتوسل و لكن بلا جدوى.

نظر لوالده ثم قال مُتلعثمًا:
"كنت.. احم سابقك على البيت قبل ما تاخد مني هُدى"

رمقه "حسن" بترقب ثم سأله مُضيقًا عينيه:
"بس كده؟"

أومأ له "فادي" بخوف، بينما صاحت به "ليان":
"لأ يا فادي أنتَ جاي قبل بابا عشان تعمل فيه مقلب... بابا فاكر لما جيت الساعة خمسه يوميها لما جردل مايه اتكب عليك و أنتَ داخل باب البيت هو اللي كان عاملها"

ضرب "فادي" وجهه بيده ثم قال بخفوت بين نفسه:
"ماشي يا جذمه بس اما نروح البيت"

ثم رفع نظره لوالده و رمقه ببراءة طفل، أردف بابتسامه واسعه على وجهه:
"طبعًا حُس حبيبي مش هيحكم على الغلبان صح؟.. كنت بهزر معاك يا حُس"

رمقه الأخير بخُبث ثم قال بفحيح الأفعى:
"طبعًا يا حبيب حُس هو انا اقدر يعني ده انت ابني حبيبي... بس ده مايمنعش الحُكم عشان انتَ كدبت"

كتموا جميعًا ضحكهم عندما نظروا لذلك الذي كان فاتح فمه بتوسع، قال "آدم" الذي خرج للتو من مكتب "رحيم":
"طبعًا يا عمي ربى ابنك"

ضحكوا جميعًا على "فادي" الذى اوشك على البكاء مثل الأطفال، ثم أردف ببراءة:
"يرضيكوا يعني حُس يعاقبني؟"

هززوا جميعًا رؤوسهم بلا استثناء، ابتسم "فادي" ببلاهة ثم قال بتذمر:
"ماشي.. يلا يا بابا احكُم ما انا عارف مصيري"

وقف "حسن" بشموخ امام الجميع و دس كلتا يديه في جيب بِنطاله مُردفًا بنبره آمره:
"بُص يا حبيب بابا... هتقوم زي الشاطر كده تقف في نُص البيت و ترقص على أغنيه Go GYAL أنتَ بتحبها"

فتح "فادي" عينيه على وسعها يرمق ذلك الشامخ المُبتسم بانتصار ثم نظر لجميع المتواجدين يكتمون ضحكهم عِنوة.

تحمس كثيرًا لأنه سوف يرقص على أغنيه المفضلة ثم قال:
"من عنيا يا حُس هشقلب البيت رقص انا و الواد زين"

وقف "زين" بحماس و أخذ بيد صديقه للرقص.
ضحكوا جميعًا عليهم لا يقدرون على التوقف، ثم أردف "حسن" بإبتسامه:
"فرجوني بقا"

قال عليه "رحيم" بحماس:
"آه يلا يا ولاد وروني رقصكوا"

أنهى حديثه و ينظر لهم بحماس، تقدموا الاثنان في نصف الرُدهة يتجهزون للرقص بينما همس "رحيم" لـ "آدم: "
"ده انتَ عليك صحاب يا آدم سُكر"

ضحك الأخير بصخب ثم قال بهمس هو الآخر:
"أنتَ شوفت حاجه يا بابا الجوز دول عليهم حركات"

نظر له "رحيم" مُبتسمًا عندما سمع منه "بابا"، أردف بحُب:
"تصدق كلمه بابا طالعه منك حلوة اوي"

نظر له "آدم" مُبتسمًا ثم أردف بحُب:
"هفضل اقولها ليك ما دام أنتَ فرحان"

أنهى حديثه ثم أمسك يد "رحيم" و قبلها بحُب، بينما ابتسم له الأخير بتأثر.

بعث "حسن" عن تلك الأغنية ثم فتحها و رفع الصوت على آخره و اقترب منهم ثم وضع الهاتف على الأريكة بجانبهم قائلًا بغمزه:
"وروني الإبداع"

نظر كلا من "فادي" و "زين" لبعضهم بحماس، ثم شرعوا في الرقص باحتراف و مرونة كأنهم راقصين بالعفل مُحترفين يحركون ارجلهم حركات رتيبة و بتناغم شديد.

نظرت "غزال" بانبهار و وجهت حديثها لشقيقته:
"بت يا ليان ده اخوكِ عليه رقص غربي و لا مايكل جاكسون قُصادي"

رد عليها "ليان" و هي تضحك:
"ده انتِ تنبهري ده فادي و زين عليهم رقص غربي غربي يالهوي بجد جامدين"

انتهوا كلامها من رقصهم المُحترف بحق ثم قال "فادي" لـ "زين" غامزا بعبث:
"ده احنا علينا رقص يا جدع البنات هتعاكس فينا"

تقدموا منهم جميعًا ينطرون لهم بتوجس و بأفواه مفتوحه، أردفت "حنان" بانبهار:
"ده عليكوا رقص ما شاء الله هتتحسدوا و أقسم بالله لازم تتبخروا"

رد عليها "آدم" بعدم اكتراث:
"بيعملوا كده كتير عندي... لو جيتي و ربنا هتنبهري بيهم"

قال "غيث" بحماس و هو يصفق بكلتا يديه:
"بقولكوا إيه ضموني للحزب بتاعكوا و علموني"

ربت "أدهم" على كتفه ثم هتف ساخرًا:
"بلاش يا غيث يا حبيبي خليك أنتَ بالهندسة والمثلثات و نضارتك وحلاوة أمك دي و سيب شويه المُنحرفين دول هيبظوك"

التفت له "غيث" يسأله ببراءة:
"هما مُنحرفين؟!"

ضحك "أدهم" بصخب، ثم تقدم منه "آدم" قائلًا بسخريه:
"معاك الاستاذ فادي خبير الانحراف و الأستاذ زين إتجرجر للانحراف"

نظر "غيث" له ببلاهة بينما أردف "أدهم" بتشفي:
"معلش يا بني هي صدمة.. ميغُركش الأدب اللي هما فيه ده الشيطان بيتعلم منهم"

-"بتقولوا إيه للواد منك ليه؟!"

قالها "فادي" بتذمر، بينما أردف "زين" بتذمر هو أيضًا:
"احنا مش كده يا غيث دول يبسؤوا سمعتنا"

تقدم منهم "حسن" الذي قال بسخريه لاذعه:
"آه يا حبيبي ده انتوا تربيتي يالا"

أشار "زين" ناحيه "حسن"و هو يقول  ببراءة:
"شوفوا اهو بيقول إني ترتبيته"

رد عليه "فادي" بغمزة:
"ايوه احنا تربيه حسن تشرف طبعًا"

-"قصدك تعِر طبعًا"

قالها "حسن" بتهكم، ثم تنهد مُردفًا:
"يلا يا ولاد عشان تعبت"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جلست "غزل" على الفراش و حملت بيده آلة العزف و تجهزت للغناء، حمحمت لتُنقي حنجرتها ثم غنت بصوتها العذب:
"أغدًا ألقاك يا خوف فؤادي من غدِ.. يالشوقي و حتراقي في انتظار الموعد.. آه كم أخي غدي هذا و أرجوه اقترابًا.. كنت أستدنيه لكن هبته لما أنابَ.. و أهلت فرحه القرب به حين استجابا.. هكذا أحتمل العمر نعيمًا و عذابا.. مهجه حرة و قلبًا مسه الشوق فذابا.. اغداً ألقاك"

كانت تُغنى مندمجة في عالمها الخاص بها فقط، تُغمض عيناها، تعزف باحتراف، تُغني بخفوت، تنهدت بعمق عندما إنهت ثم أخذت تُفكر في ذلك الآدم عندما اعترف بحُبه لها بهذه السرعة؟!، تذكرت عندما كان ينظر لعسليتها مثل العاشق المُيتم و كأنه يحُبها منذ قرون و ليست أيام، هل يخدعها أم أنه صادق، و لكن يظهر من عينيه أنه بالفعل صادق بحُبه و لكن هل هي سوف تحبه مثلما أحبها؟.

أغمضت عيناها و أخذت تُفكر بصفاء ذِهن، لا يذهب من ذاكرتها نظراته تلك، نظراته التي جذبتها بحق لا تنكر أن عينيه لهم سحر خاص، مددت على فراشها لتستريح من كم هذه الافكار التي تراودها و تذكرت لوهلة أسوء ذكرى مرت من بعد عمتها بعده سنوات عندما التحقت بالثانوية.

«قبل عشر سنوات»

تجهزت "غزل" للذهاب إلى السنتر التعليمي لحضور لدروس الخاص بها و ظهر على وجهها التوتر و حاولت جاهده لإخفائه و لكن بلا جدوى فامتحانات آخر العام على الأبواب.

ارتدت بِنطال جينز أزرق فاتح و كِنزه من اللون الأصفر و حِجاب رأس باللون الأبيض و عليها نقوش صغيره صفراء و حذاء رياضي أبيض.

نزلت على الدرجات ذاهبه إلى الخارج و لكن أوقفها "رحيم" قائلًا بهدوء:
"تعالى أوصلك"

أومأت بهدوء ثم ذهبت مع والدها و صعدت إلى سيارته و ذهب كلاهما إلى ذلك السنتر.

وصلت "غزل" و ترجلت من سيارة والدها ثم ودعته بهدوء، دخلت إلى السنتر و سجلت اسمها في قائمه الحاضرين و ذهبت من امام موظف الاستقبال إلى قاعه الشرح.

قطع طريقها بعض الفتيات اللواتي يتأنقون زياده عن اللزوم لجذب الشباب إليهم، تقدمت واحده منهم إلى "غزل" التي كانت ترمقها بتهكم قالت الأخيرة متأففة:
"محتاجه حاجه يا مريم"

ردت المدعوة "مريم" باشمئزاز:
"انا مش عارفه إزاي واحده زيك تدخل مكان زي ده.. المكان ده يا حبيبتي مينفعش تدخلي فيه"

رمقتها "غزل" بجمود ثم تقدمت منها حتى بثت في قلب تلك الشمطاء الرعب، مالت "غزل" على أذنها مُردفه بفحيح:
"خليكِ ساكته احسن يا شاطره عشان مفضحكيش إنتِ واللي معاكِ دول و انتِ عارفه انا بتكلم عن إيه كويس... هاه تحبي تتفضحي ولا نفُضها سيرة؟"

ابتعدت عنها "غزل" ترمقها باشمئزاز ثم تركتها و رحلت إلى القاعة، بينما "مريم" أردفت بين أسنانها:
"ماشي يا غزل.... يا شـــــادي"

أتى لها "شادي" من خلفهم و كان يُراقب "غزل" من بعيد يُدقق على تفاصيل جسدها بشهوانية مُقززه.
أردف "شادي" بخُبث:
"اللي طلباه يا مريم اكيد هيتنفذ النهاردة كمان عينيا ليكِ"

ابتسمت "مريم" و صديقاتها بخُبث، بينما "شادي" عض طرف شفتيه و هو يرمق هؤلاء الفتيات من رأسهم إلى قدمهم بشهوانية ثم اقترب منهم هامسًا بابتسامه صفراء:
"و بعد ما اخلص معاها هيكون لينا يوم يا قمرات"

ضحكن الفتيات بطريقه مائعه أمامه، ثم تقدموا جميعًا لداخل السنتر التعليمي.

بدأ المُعلم بشرح درسه و وعندما انتهى قال برسميه:
"طبعًا معدتش حاجه و هيبقى اخر مشوار ثانوي عام و انتوا قدها خصوصًا ان هنا طلاب متوفقة و من ضمنهم الطالبة غزل صقر ممكن تحيه ليها و تجيلي هنا"

ضجت القاعة بالتصفيق الحار ماعدا اعدائها، تقدمت "غزل" من المُعلم بطريقه مهذبه، ابتسم لها الأخير بعمليه و قدم لها دِرع تميز مُردفًا لها:
"انتِ يا غزل فخر لأى طالب بمُذاكرتك و مجهودك معايا طول السنه و الدِرع ده ميكفيش التعب بس دي حاجه تذكاريه تحفزك اكتر على طريقك و بالتوفيق"

أومأت له بهدوء و بابتسامه صغيرة ثم عادت إلى مِقعدها من جديد.

خرجت "غزل" بعد انتهاء الشرح متجه إلى خارج السنتر التعليمي، ذهبت على الطريق و لا تدري بوالدها الذي كان ينتظرها، كاد أن يخرج "رحيم" من سيارته و لكن تفاجئ بالذي يكمم فم ابنته الغالية و يسحبها إلى خلف المبنى و لم يكن سوى ذلك المُنحرف شادي.

وصل "شادي" خلف المبنى لا يوجد أحد به أزاح يده من فم "غزل" التي كانت تضربه بقوة و لكن لا يتأثر به كان يتضحك بتقزز، أمسك كتفها بيديه بإحكام و رجعها للخلف كانت "غزل" تقاومه بكل ما اوتيت من قوة و لكن بلا جدوى.

أردف "شادي" و هو يبتسم بظفرٍ:
"بس يا حلوة بتعلمي إيه.. انا بس عايزك في كلمتين"

دق قلب "غزل" بقوة و نظرت له بارتجاف و إلى عينيه الخبيثة تلك التي كانت ترمق جسدها باشتهاء، ترددت إلى الخلف حتى ضربت بالحائط خلفها و أخذت تبكي بنحيب مُردفه بحشرجة:
"عايز إيه يا اللي متعرفش ربنا سيبني"

كانت تُزيح يدها و لكن بلا جدوى كان يُمسك رسغها بقوة ثم اقترب أكثر قائلًا بخُبث:
"استني بس عايزك في كلمتين"

ارتجف شفتيها بخوف و بدأ المكان يدور من حولها عندما ذلك الخبيث حقن ذراعها بماده مُخدر.

قهقه بتقزز و هو ينظر لها تغيب عن وعيها بين يديه، لامس وجهه بأنماله بتلذذ و كاد أن يقترب اكثر.

أمسك به "رحيم" من الخلف بقوة و إنهال عليه بالضربات بكل ما أوتي بقوة حتى ترنح "شادي" جسده و ارتطم بالأرض الأسفلتية بقوة ينزف الدماء من وجهه بغزاره.

ركض "رحيم" لتلك التي لا تعي شيء حولها و كادت أن تسقط حتى أمسك خصرها بإحكام و أنزل جسده قليلًا وقدم يده خلف ركبتها و حملها برفق ثم سار بخطى سريع ناحيه سيارته و لم ينسى أن يتصل بفريقه لذلك المُنحرف.

فاقت "غزل" بثقُل شديد في رأسها ثم نظرت حولها بوهن و لولها تذكرت الذي حدث، نهضت بنصف جسدها بخوف و نظرت حولها مره أخرى بتوتر و صرخت بصخب.

أتى "رحيم" لها بسرعة و اخذها بين ذراعيه مُردفًا بحنوٍ بالغ:
"بس يا غزل اهدي انتِ في المستشفى يا حبيبتي"

ارتجف جسدها بقوة و تجمدت أطراف جسدها كأنها في وادى مليء بالثلوج.

شعر "رحيم" ببروده تسير في جسدها، ثم امسك يدها البادرة و فركها بقوة حتى تدفأ ولكن بلا جدوى، جسدها يرتجف بقوة و تهذى بكلمات متقطعة:
"ابعد... إبـ... ابعد..عـ.. عني.. سيبني"

بعد انتهاء حديثها ارتخى جسدها شيء فشيء و فُقدت وعيها أمام والدها المذهول.

خرج "رحيم" يصرخ و هو يُنادى للطبيب كي يُقذها، أتى الطبيب مُسرعًا نحوه ثم قال "رحيم" بخوف:
"تـ.. تعالى شوف بنتي.. أُغمي عليها جوا و جسمها تلج انا خايف على بنتي"

انهى حديثه باكيًا أمام الطبيب، ربت الأخير على كتفه مُردفًا بعمليه:
"متخافش يا سياده اللوا انا هشوفها"

هز "رحيم" رأسه ثم إتبع خطوات الطبيب خلفه، أمسك الطبيب رسغ "غزل" يتحسس نبضات يدها بعمليه و قدم أنامله ناحيه عيونها ليفتح جفونها بترقب، تنهد الأخير بحراره و وجه حديثه لـ "رحيم" بعمليه:
"هي حالتها مُستقرة يعني الأذى مش جسدي.. الأذى عندها نفسي لازم تعرض على دكتور مختص بالأمراض النفسية عشان ممكن حالتها تسوء"

«عودة إلى الوقت الحاضر»

تنهدت "غزل" بحزن و اغرورقت عيناها بالدموع و ارتجف جسدها بقوة ثم بعد دقائق من تلك الحالة هدأت و استكان جسدها مُددت على الفراش بتعب كم إنها تعاني بحق.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهى "آدم" من فروضه اليومي و قرأ من تيسر من كتاب الله، ثم بعد ذلك جلس على مكتبه الذى يوجد في ركن من اركان الغرفة الخاص به و أخذ مذكرته التي يكتب به مشاعره و مواهبه بها.

فتحها برفق و أمعن النظر بها، رأى خط يده الغير مُنمق عندما كان في عمر الثامنة كان يكتب أي شيء يراه و يشعر به، ابتسم بخفوت حينما رأى صورة لأسرته الغالية، تلك الصورة هي آخر صورة تجمعه بعائلته كان يقف وسط والديه و يُحيطهم بذراعيه و يبتسم لهم بمُشاكسه و يبادلونه بأخرى حنونه كانت هذه الصورة في عمره التاسع عشر حينما انتهى من التعليم الثانوي و التحق بجامعته.

تنهد باشتياق واضح من عينيه التي اغرورقت بالدموع الحارقة حينما تذكر والده و هو يخرج آخر أنفاسه حينما قال:
"خلى بالك... من إيناس يا آدم... أمك في حمايتك من بعدي"

و مر على وفاه والده عامين و كانت "إيناس" والدته تُعاني من مرض خبيث "سرطان الدم" شعر في ذلك الوقت بالعجز أمام والدته المُتألمة و ليس بيده أي شيء يفعله، عانت والدته اكثر من ثلاثة اشهر و توفاها الله رحمه بذلك المسكينة.

تنهد "آدم" و قلب إلى صفحة فارغة ناصعة البياض واخذ قلم و بدأ يكتب بخط مُنمق للغاية:
"لا أعلم كيف أو متى أحببتها و لكن الذي أعلمه أنني أحببتها لدرجه العِشق، عيناها العسلية تلك مثل السحر عندما نظرتُ لهم، لا أُنكر أنني أحببت شخصيتها العنيفة و القوية بل أعترف بذلك أنني أحببت كل تفصيله بها بحق، لا تذهب من ذهني لحظه، أفكر كيف أساعدها و علاج مرضها، عندما أتتها تلك النَوبة و تهذي بكلمات غير مفهومه تذكرت لوهلة نفسي عندما فقدتُ عائلتي، عندما جذبتني لأحضانها بإحكام شديد شعرتُ بدفء لم أشعره من قبل و بكيت معها مُتحسرًا على حالتنا تِلك، واقفتُ على طلب الزواج لأني شعرتُ براحه معها، شعرتُ بقلبي ينبض بسرعه من أجلها، عندما عيني الخضراء تقع إلى عينها العسلية أذهب إلى وادٍ آخر و إلى عالم آخر يوجد به انا و هي فقط، أتمنى أن تحبُني مثلما أحببتها سوف أكون أسعد شخص في عالم"

انتهى من كتابته و أمسك بقلم آخر سميك و خطى عبارة في نهاية الصفحة:
"أحببتُ فتاة لدرجة الهلاك.. جُذِبت عيني التي رأتها ملاك"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جلس "فرانك" يهز قدميه بعصبيه ثم هتف بغضب:
"أنتَ تدري بيتر ما الذي تقوله هذا بحد ذاته كارثه أيها الأحمق"

تنحنح "بيتر" مُردفًا بعمليه:
"أدري سيد فرانك و لذلك يجب عليك الآن الهدوء و التفكير في حل لهذه المكيدة"

أردف "جاك" بجديه شديده:
"يمكن أن نُقدم ميعاد سفر إلى مِصر و يصبح الأحد القادم كي نهرب و نفر بأجسادنا"

رمقه "فرانك" بسخط قائلًا يجز أسنانه بغضب:
"أيها الوغد كيف بهذه السرعة سوف نحمل كل تلك البضائع.. تبًا لك جاك"

زفر "جاك" بتأفف من غباء قائده، ثم أردف بهدوء زائف:
"سيدي فرانك الآن علينا أن ننقذ أنفسها و أنا لدي حل بخصوص تلك البضائع"

نظر له "فرانك" و "بيتر" بترقب كي يُكمل حديثه، ابتسم "جاك" مُردفًا بخُبث:
"يُمكن أن نبدأ من اليوم سيدي من تحميل البضائع و لدينا بضع أيام لذلك اليوم و سوف تُحل تلك المشكلة بسهوله و لم يشعُر أحد بنا ما رأيكم يا سادة؟"

لمعت عين "فرانك" مُعجبًا بالفكرة قائلًا بانبهار:
"يا رجل أعشق تلك الخباثة التي تسري في دمائك"

امسك "جاك" بطرف تلابيبه بتكبر ثم قال بتعالٍ:
"هذه الخباثة منك سيدي فرانك.. تعلمتُ منك الكثير"

غمز له "فرانك" بعبث قائلًا بفحيح:
"و الآن ستبدأ اللعُبة أحبائي"

ثم وجه "فرانك" نظره لـ "بيتر" مُردفًا بنبره آمره:
"الآن بيتر تُشرف على البضائع التي ستحمل اليوم.. العمل يكون بجديه و بجهد أفهمت بيتر"

أومأ الأخير موافقًا ثم سحب نفسه بينهم حتى يُنفذ أوامر سيده، التفت "فرانك" لـ "جاك" يأمره هو الآخر:
"عزيزي جاك الآن تتصل بهيثم و تقول له سوف ننزل مِصر الأحد القادم عليه ان يتجهز"

أومأ له "جاك" موافقًا و ذهب ليتصل بـ "هيثم" يخبره، بينما مدد "فرانك" ساقيه على الطاولة بأريحيه و أخرج من جيب بِنطاله عُلبه سجائر من النوع الفاخر، التقط واحده منهم و أمسك قداحه يشعلها بتلذذ أخذ نفس منه بنهم و زفره بشراهة، ثم ابتسم باصفرار قائلًا:
"سوف آتى لكِ جميلتي غزل"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سارت الأيام مثل بعضها حتى أتى اليوم المُنتظر "الجمعة" حيث هذا اليوم سوف يجمع قلبين يعانون من الحياة القاسية لا أدرى يُمكن أن يتعافون لاحتواء بعضهم.

جلست "غزل" على فراشها بعد أن أنهت صلاة الضحى و قراءة الورد الخاص بها، طُرق باب غرفتها بهدوء ثم اذنت للطارق بالدخول.

طل من الباب "رحيم" الذي تقدم من ابنته و قبُل رأسها بحُب و احاط وجهها بين يديه مُردفًا بحشرجة:
"حبيبت بابا كبرت و هتبقى عروسه انهاردة.. بجد مش عارف اوصف فرحتي بيكِ إزاي تسيبيني وتمشي النهاردة هتفارقي حُضني.. بجد هتوحشيني أوى"

ادمعت "غزل" عيناها متأثرة بحديث والدها و وافقت على طلب والدها ان تذهب لبيت "آدم" اليوم، أردفت بهدوء:
"و مين قال أنى هاسيبك بالعكس هكون معاك كل يوم انتَ نسيت يا حضرت اللوا المُقدم غزل معاك في نفس الشُغل و الفرق بس المسافة"

ضحك بلُطف على حديث ابنته ثم زفر براحه لم يشعر بها قط فمحبوبته ستذهب إلى بيت زوجها الذي سوف يساعدها في علاجها، أردف "رحيم" بنبره تحمل في طياتها الحُب:
"مش قادر اوصف فرحتي بيكِ هتبقى النهاردة أحلى عروسة شافتها عيني"

أمسكت "غزل" يد والدها بين راحه يدها مُردفه بحُب:
"انتَ هتكون أحلى أب يشوف بنته عروسة و فخور بيها"

أنهت حديثها ثم قبُلت قمه رأسه بحُب، أتت "غزال" تُصيح بتذمر:
"أقدر افهم بقا يا حضرت اللوا سايبني كده و واخد غزل يعني عشان عروسة تنساني؟!"

التفت لها "رحيم" ثم تقدم منها و أخذها بين احضانه بحُب قائلًا بمُشاكسه:
"و انا اقدر برضه ده انتِ الغزال يا غزال"

ضحكت "غزال" و ابتعدت عنه مُردفه بلُطف:
"حبيب قلب الغزال يا مُفترس"

-"قلب المُفترس من جوا"

قالها "رحيم" بحُب ثم التفت لـ "غزل" التي كانت تُتابع حديثهم مُبتسمه بهدوء، أردف "رحيم" بحُب لها:
"يلا يا حبيبت بابا شوفي هتاخدي إيه عشان تروحي الكوافير عايزك تطلعي بدر منور مع إنك مش محتاجه"

أنهى حديثه غامزًا لها بعبث حتى ضحكت الأخيرة بخفوت على والدها.

خرج "رحيم" من الغرفة لتبقى "غزل" و شقيقتها ثم دخلت "حنان" تقول باستعجال:
"يلا يا حبايب ماما عشان تلحقوا المعاد"

أنهت حديثها ثم توجهت إلى "غزل" الواقفة بهدوء تقول لها بحنان:
"حبيبت ماما هتبقى عروسة زي القمر... هتسيبيني و تمشي طب ما تقعدي و تجيبي آدم معانا"

ضحكت "غزال" بصخب ثم قالت بخُبث:
"في ايه يا حنون خلى العرسان تاخد راحتها و كمان تاخدي راحتك مع حبيب القلب"

انهت حديثها غامزه بعبث وتعض طرف شفتيها بمُشاكسه، زفرت "حنان" بنفاذ صبر من تلك التي لا تعرف التربية بحق ثم قالت متأففة:
"يا شيخه ده انتِ فعلًا غلطه اقسم بالله.. انا معرفتش اربيكِ للأسف"

-"طب انا اتربيت و لا لأ يا حنون"

قالها "غيث" الواقف على عتبه باب الغرفة يُعقد ساعديه امام صدره و يغمز بعبث لوالدته، هتفت "حنان" بضجر:
"انتَ واختك مشوفتوش تربيه اصلًا"

تقدم "غيث" من والدته يأخذها بين ذراعيه بحُب، أردف بمُشاكسه:
"يرضيكِ يا حنون يعنى إخس عليكِ"

ضحكت "حنان" على ابنها البِكر ثم قالت ساخرة:
"بكرا تيجي اللي تغير غيث و يبقى واحد متربي"

تأفف "غيث" من حديث والدته ثم قال بحالميه:
"تيجي هي بس و انا مش هسيب أُمها"

ردت "غزال" عليه بغباء:
"و أنتَ مالك بأُمها!!"

رفع يده و وضعه على وجهها و ابعده بنفاذ صبر و تقدم من شقيقته الأخرى بحُب، ثم أمسك يديها بين راحه يديه و رمقها بحُب اخوي نابع منه، ثم اقترب من جبينها و قبله بحنان قائلًا بحشرجة:
"اجمل عروسه انهاردة و هتبقى قمر منور.. بجد مش متخيل انك هتسبيني و تمشي يا غزل"

أدمعت عين "غزل" ثم قبلت قمه رأس شقيقها مُردفه بحُب:
"مش هبعد انا هكون ديما معاك و في أي وقت تيجي حتى لو كُل يوم... هتبقى النهاردة  أحلى أخ يسلم اخته لعريسها"

أومأ لها "غيث" باكيًا لم يتخيل المنزل بدونها و لكن سوف تكون سعيدة خصوصًا إنها ستُعالج على يد زوجها.

قبُل يديها قُبله مطوله يبكي بنحيب متأثر، ثم رفع نظره لها و قال بحُب:
"هسلم إنهاردة أحلى عروسة لعريسها و هوصيه عليكِ و لو عمل معاكِ حاجه اخوكِ موجود يا حبيبت اخوكِ"

أومأت له بحُب ببن دموعها، أردفت "حنان" و هي تُزيل دموعها من على وجنتها:
"يلا يا عروسة عشان تلحقي معادك"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنهى "آدم" من الروتين اليومي من حيث الصلاة، قراءة ورده القرآني، لعب الرياضة، تناول الإفطار.
جلس على فراشه يُهاتف شخص ما.

فتحت المكالمة بموافقه الطرف الآخر، أردف "آدم" بهدوء:
"صباح الخير يا طنط سُعاد اخبارك"

ردت المدعوة "سعاد" قائله بشاشه:
"الحمد لله يا بني... انا خليت الفيلا تنور من تاني و ألف مبروك يا حبيبي فرحت بيك و حققت حلم أمك"

رد "آدم" مُبتسمًا:
"تسلمي يا طنط سُعاد مش عارف اقولك إيه على الخدمة دي...و الله يبارك في حضرتك عقبال مؤنس"

-"آمين يا بنى... سلام بقا عشان تحضر نفسك"
أنهى المكالمة مُتنهدًا براحه ثم قال بخفوت:
"إن شاء الله غزل تشفى على ايدى و ي اول خطوة"

طُرق باب منزله بتناغم كأن الطارق يطرق على دُف او ما شابه و تأكد انه "فادي" المُزعج من يكون غيره.

فتح الباب بتأفف من ذلك المُزعج، طل من الباب "فادي" الذي كان يبتسم ببلاهة مُردفًا بسعادة:
"صباح الخير يا عريس.... وسع كده مش سِكتِ ادخلوا يا رجاله"

أبعد "فادي" ذلك الواقف و دخل المنزل و من ورائه بقيه الشباب، كان يحمل "زين" دُف و يحمل "أدهم" عدة حقائب بينما "فادي" لم يحمل شيئًا ترك كل شيء للإثنين المساكين خلفه.

نظر "آدم" للحاملين خلف "فادي" ببلاهة ثم قال بعدم تصديق:
"معلش يا شباب إيه الطبلة دي!!"

رد "أدهم" بضجر من الأثنين:
"الأساتذة مفكرين نفسهم في حِنه بلدي"

شهق "فادي" و لوى جسده قليلًا و رفع طرف شفتيه بسخريه مثل النساء ثم صاح به:
"نعم.. نعم.. نعم يا اخويا الحق العليا انا والواد ده نخرج آدم بزفه انتوا ضد الفرحــ..... "

تقدم منه "آدم" يكمم فمه حتى لا يسمعه الجيران ثم سحبه و اتبعه بقيه الشباب و قفل "أدهم" الباب، زفر "آدم" براحه ثم ابعد يده عن فم ذلك المُزعج الأخير بضجر:
"ممكن اعرف بقا سكتني ليه ما انا بقول كلمه الحق انتَ و الواد المفعوص ابو عيون زرقا ده ضد الفرحة.. اشوف فيكوا يوم... واد يا زين طبل يلا اطربني يا فنان"

انهى حديثه مُبتسمًا لـ "زين" و بدأ الأخير بالطرق على ذلك الدُف بتناغم و بدأ يصفق "فادي" و يُغنى بينما اندمجوا الآخرين معهم يرقصون بفرحه حقيقية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جلست "غزل" أمام المرآه التي تحاوطها الإضاءة بشكل مُلفت، أتت العاملة التي سوف تجهزها لعقد القران.
سألتها العاملة مُبتسمه:
"تحبى شكلك يكون ايه او طلباتك إيه في الميكب؟"

رفعت "غزل" نظرها لتلك الفتاة ثم قالت بهدوء:
"انا عايزاه يكون بسيط لأني مش بحب الميكب و مش عايزه رموش تركيب أو ضوافر تركيب عايزه رموشي اكتفي بالمسكرا بس حاجه بسيطة و ايدى انا عايزاها كده"

أومأت العاملة بهدوء ثم قالت مُقترحه:
"تحبي احط على ايدك مُرطب و طلاء يلمع الضوافر من غير منكير؟"

أومأت لها "غزل" ثم قالت بهدوء:
"زى ما تحبي"

بدأت الفتاة في عملها بجديه و أتت من خلفها "غزال" تقول بحماس:
"انا عايزاها تكون زي القمر و العريس ميشلش عينه من عليها"

ابتسمت لها العاملة ثم قالت بتعالٍ:
"متقلقيش ده انا هخليها بدر منور أتفرجي بس"

هزت "غزال" بحماس شديد ثم نظرت لفستان "غزل" الذي جلبه لها في الأمس "آدم" عن طريق عامل التوصيل.

أمعنت "غزال" نظرها عليه ثم قالت بانبهار:
"بجد الفستان الله اكبر ما شاء الله ده يا غزل هتطلعي ملاك بيه اقسم بالله"

فكان ذلك الفستان بسيط مُطرز باللون الذهبي من ناحيه الأكتاف فقط بطريقه بسيطة و عصريه، يتسم باللون الأبيض الناصع من خامه قماش سميك، يوجد حِزام وسط حريري باللون الذهبي اللامع، حُجاب رأس يتسم باللون الأبيض و تاج رأس متوسط الحجم عليه قطع بلوريه لامعه للغاية يُشبه تاج الملكة بحق.

اتجهت "غزال" ناحيه ذلك الرِداء الذي يفوح منه الجمال و لمسته بيدها شعرت بنعومة قماشيته السميكة ثم قالت بحُب موجهه حديثها لشقيقتها:
"بجد يا غزل ذوق آدم عظمه الفستان هخليكِ حِته سُكر أقسم بالله"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في مُنتصف اليوم و قد حان موعد لالتقاء القلوب المعذبة، تجهز "آدم" الذي ارتدى حِله بيضاء بنفس لون فستان "غزل" و من عند ياقة الحِلة تتسم أطرافها باللون الذهبي الخافت و رابطه عنق صغيره على هيئه أنشوطه تتسم باللون الذهبي أيضًا و حِذاء أبيض اللون، صفف شعره و لحيته بطريقه مهذبه و الآن أصبح جذاب لأى عين تراه.

أتى من خلفه "فادي" يُصفر بإعجاب ثم قال بانبهار:
"يالهوي هتتعاكس يا جدع يخربيت جمال أمك"

ضحك "آدم" بصخب حتى ظهرت أسنانه البيضاء اللامعة ثم قال يمدح نفسه بنرجسية:
"ده عيوني دي بقي هتوديني في داهيه و جمالي ده اقسم بالله بنات مصر كلها هتعاكس فيا بس طبعًا حضرت المُقدم لا تسمح بذلك عزيزي فادي الأبله"
أنهى حديثه ساخرًا باللغة التي يعشقها كثيرًا، فتح "فادي" فمه بطريقه مضحكة ثم قال باستنكار:
"هو انتَ بتخاف منها يا حيلتها؟!"

استدار له "آدم" يقول بتكبر:
"مش هتصدقني لو قلتلك أني يُعتبر اول راجل يقف قدامها من غير خوف"
ربت "فادي" على كتف أخيه ثم قال بفخر:
"أيوه كده احنا مخرجين من بيتنا راجل يالا"

ضحك عليه "آدم"، بينما سأله "فادي" باهتمام:
"آدم قولي حبيتها إزاي؟"

ابتسم لهُ الأخير ثم تنفس بعمق مُردفًا بنبره تحمل في طياتها الحُب:
"غزل دي زي الملاك الهادي ممكن تظهر بالجمود بس هي مش كده.. انا حبيت كل تفصيله فيها... حبيت جمودها و عصبيتها.. حبيت هدوئها.. حبيت كل حاجه فيها مستألش إزاي عشان معرفش كل اللي أعرفه إني حبيت ملاك"


غَــزل✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن