لم يتوقف زين عن التفكير منذ خرج مع هيو من المقهي ،
لقد طلب منه خمسة عشرة دقيقة ليجلس وحده وقد وافق هيو
ووقف ينتظره ،لقد وقف مالك في احد جوانب المقهى صامتا ينظر امامه
كأنه يرى ورقا معروضا ، ينظر له هيو في حيرة وهو يحرك عينيه
يمنة ويسرى، ينظر لاصابعه تتحرك وهو ينظر كأنه يضيف ويمسح كلمات
وينظر له يغلق عينيه بين كل حين وحين وكأنه يحاول ان يحسب شيئا ،لقد بعد انتهاء هذه الدقائق سار له مالك ولم يقل شيئا
فقط تبعه ثم عاد معه للقصر الملكي ،وقد كان هيبة هذه الاحداث ، كونه بالقصر الملكي منذ مئة عام :
شغله قليلا ، فقط قليلا عن حقيقة ما يحدث ،عن الكلمة التي لا يتجرأ بعد ان ينطقها لكن صار
يستطيع ان يفكر بها : الماضي ،انه في الماضي، انه بالعام ١٨٧٠ ،
ربما حاول ان يقنع ذاته ان ذلك كذب ، ربما كان الامر حلما من نوع
ما ، لكنه حين مر على بهو القصر وهو يدخل ليرتدي ملابسا احضرته لها لويزا : لقد رآه واضحا امامه ،لقد كان ذلك الملك الذي رآه يوما في كتب التاريخ،
حيا ، يرزق ، حيويا يقف يتحدث بينما يأكل بعض العنب ، وبحلته
الراقية وروبه الاحمر ، وتاجه الذي لا يفارق رأسه،لقد كان هو، بهوسه الواضح بالعنب والتاج ،
لقد كان ذلك حتما الملك :انثوني الثاني ،وقد كان ذلك كافيا لمالك ليبدأ ان ينتقل من مرحلة:
"يا الهي اين انا وماذا يحدث ! " ل " يا الهي ، انه حقا يحدث ! "لقد كان زين يقف الان في غرفة من غرف القصر
بدت كغرفة استراحة بجانب غرفة رئيسية لم يكن بها سوى مرآة طويلة ،
واريكة، والسيد هيو الذي شعر مالك انه فقط صار ظله -يسير معه في كل مكان -لقد وقف هيو الذي ارتدى حلة كحلية اللون ذات ثلاث قطع شديدة الرقى وذات جودة في التصنيع واضحة،
بينما يحمل حلة ثلاثة القطع ذات سترة طويلة حادة الاحرف
كما التفصيل القديم بينما مدها لمالك الذي وقف ينظر له في حيرة
ثم قال متعبا :
"ارجوك لا تكذب علي واجد نفسي داخل الزفاف ذاته ."لينظر له هيو في دهشة ثم يضحك في خفة تظهر في عينيه ثم يقول :
"لا ، كما اخبرتك: لقد عرضت لويزا على الملك خطبة ابنته
وفي المقابل سيحصل على فنان ساطع يصنع له تطورا في الفن والموسيقي،
والأهم : سيكون على رابط دائم بنا ، العائلة التي تسهل له الامور ،
وقد وافق ."ثم يتنهد ويقول :
"ان قرأت كتب التاريخ ستعلم جيدا كيف هي شخصية انثوني،
قبل ان يكون ملكا :
لقد كان اميرا يعمل كتاجر كبير ميزته التي جعلته يشتهر عن الكل هي .. "