الفصل التاسع عشر

634 27 1
                                    

(( ميثاق الحرب والغفران))
_ الفصل التاسع عشر_

كانت جالسة فوق الفراش بسكون تام بعدما انتهت من ارتداء ملابسها واستعدت للذهاب للطبيب، حاولت الوقوف والخروج من الغرفة لكن ألم قدمها اشتد بقوة وأصبحت لا تقوي على السير بمفردها حتى، ظلت على وضعها ساكنة تنتظر عودته بينما عقلها انشغل بالتفكير بليلة أمس، أخذت تتذكر لحظاتهم معًا واهتمامه بها.. كيف كان يضمها بذراعه القوي محاوطًا إياها بتملك.. حين التقت عيناهم معًا وعانقته.. تذكرت كيف كان شعورها بتلك اللحظة ولا يسعها قول شيء سوى الاعتراف بأن هرمون السعادة اطلق افرازته بجسدها عندما اقترب منها وضمها بذراعيه، وكأن الزمن توقف بتلك اللحظات باستثناء قلبها الذي يستمر في دقاته بعنف.
ارتفعت البسمة لشفتيها تلقائيًا بعدما تذكرت بسمة ثغره ولذته وهي تطلب مساعدته مضطرة حتى عقابه لها على أسلوبها الفظ معه كان لطيف، فاقت من شرودها على دخوله وصوته الرجولي وهو يسألها:
_خلصتي؟
أماءت له برأسها في صمت وهي مازالت تحتفظ ببسمتها العفوية لتجده يكمل هو بجدية:
_طيب يلا قومي عشان نلحق معاد الدكتور
لوت شفتيها بخنق وردت بإحباط:
_مش قادرة امشي على رچلي لحالي
لم يعقب ودون تفكير اقترب منها وانحنى بجزعة للأمام عليها وضم ذراعه لصدره يلوي منتصفه فمدت هي يدها وتعلقت بذراعه تتشبث به ثم استقامت واقفة وهي تستند عليه، ثم تطلعت له بعيناه الواسعة وقالت في هدوء:
_ بعد ما نروح للدكتور لرچلي نروح لدكتورك عشان تتابع وتتطمن على چرحك
رفع حاجبه باستغراب وأردف:
_وأنت مهتمة إكده ليه؟!
تلعثمت قليلًا بالبداية لكن سرعان ما تداركت نفسها وردت بكل برود وطبيعية:
_ عادي ياعمران بما أننا طالعين وأنت المفروض عندك موعد استشارة فقولت نروح ونطمن.. تطمن يعني اقصد
قالت عبارتها الأخيرة وهي تشير عليه بتوتر بسيط لكنه لاحظه فضحك بحيرة وسألها بنظرات ثاقبة:
_ياترى بيدور إيه في دماغك المرة دي كمان 
هزت كتفيها بحركة لا إرادية بالنفي وقالت مبتسمة برقة تليق بصوتها الأنثوي:
_يمكن دي أول مرة ميبقاش في حاچة في دماغي ومش في نيتي حاچة وحشة، كيف ما قولتلك عشان تطمن على چرحك بس
طالت نظرته الدقيقة لها لكن تبدلت معالم وجهه للحدة حين لاحظ حاجبها غير مهندم وبعض خصلات شعرها ليست مغطاة أسفله فرفع أناملها ودفع بخصلاتها أسفل الحجاب بقوة وهو يهتف في لهجة رجولية صارمة:
_اعدلي طرحتك زين بعد إكده مش شعرك كله برا
رفعت يدها ببطء لحجابها ثم لفته بإحكام أكثر دون أن تتفوه ببنت شفة وبعدما انتهت رمقته بنظراتها القوية وهمست حين رأته يتابعها ينتظر أن يرى نهاية الأمر بعيناه:
_ إكده حلو؟!
لم يجيب وكان صمته إجابة بالرضى والإيجاب ثم ثبت ذراعها بذراعه جيدًا وسار معها للخارج بخطوات بطيئة بسبب ألمها...
                                            *** 
داخل منزل حور كانت هي بالمطبخ مع شقيقتها، تقف متسمرة دون حركة وتضع أناملها فوق فمها شاردة والتوتر يُرى بوضوح فوق صفحة وجهها، مازالت لا تستطيع تخطي لحظة صدمتها حين وجدته أمامها ورأت نفس الذهول بعيناه لكنه سرعان ما أجفل بنظره أرضًا عندما وجدها بشعرها.. تلعثمت حتى أنها لم تعرف بماذا تجيب وابتسمت لعفاف بتوتر وهي تحاول التواري خلف الباب حتى تداري شعرها وملابسها المنزلية، لم تكن تظن أن صديقة أمها سيأتي معها رجل ولذلك اتجهت لتفتح الباب بكل اريحية، ولحسن الحظة أن بتلك اللحظة أنقذها والدها الذي وصل ووقف يستقبل عفاف وبلال وأشار لابنته بنظره أن تدخل ففعلت مسرعة شبه ركضًا.
عادت لواقعها على أثر صوت شقيقتها وهي تقول:
_حور تليفوني بيرن طلعي العصير أنتي برا
هزت رأسها بالرفض هاتفة في ضيق:
_لا طلعيه أنتي أنا مش هطلع
هتفت شقيقتها بخنق وتوسل:
_ ياحور البنات بيرنوا عليا عشان المحاضرة بدأت أكيد ومينفعش اتأخر الدكتور هياخدني غياب، اطلعي عشان خاطري يلا

رواية ميثاق الحرب والغفران حيث تعيش القصص. اكتشف الآن