((ميثاق الحرب والغفران))
_الفصل الثاني والعشرون_تسمرت فريال بأرضها فور رؤيتها له أمامها وبتلقائية راحت تخفي يدها خلف ظهرها حتى لا يرى الاختبار الذي بيدها، ووقفت بثبات متصنع حتى وجدته يقترب منها ويهتف في قلق:
_إيه كل ده يافريال؟!
اضطربت وأخذت تتمعن النظر في وجهه بحيرة تفكر فيما ستفعله وكيف تتصرف.. لاحظ هو أحمرار عيناها فاحتضن ذراعيها بيديه دون أن يضمها وهتف:
_كنتي بتبكي ليه في حد ضايقك؟!
كان عقلها مشغول بالتفكير بذلك الطفل الذي تحمله في احشائها ولا تكترث لما يقوله حتى لا تشعر بذراعيه فوق جسدها، ولا إراديًا سالت دموعها من جديد فوق وجنتيها مما صابه بالقلق والخوف الحقيقي، لو كان هو سبب بكائها وحزنها لكانت أبعدته عنها الآن وصرخت به كما تفعل دومًا لكن صمتها وسكونها بين ذراعيه جعله يتيقن أن لا علاقة له بالأمر.. فراح يهزها بلطف هاتفًا في جدية:
_فريال انطقي متقلقنيش.. مالك؟
ضغطت على الاختبار الذي بيدها ومازالت تخفيه عن عينيه ثم رفعت رأسها له بوجه غارق بالدموع وتحولت نظراتها من الضياع للسخط وهي تدفعه بعيدًا عنها صارخة:
_أنت السبب في اللي انا فيه دلوك وعمري ما هسامحك ياچلالكان مالك النادي صديق مقرب لجلال وفور رؤيته لهذا الوضع الذي بينهم وحالة زوجته هرول بسرعة نحوهم ووقف بجوار جلال يهمس في أذنه بهدوء:
_خدها واتكلموا في مكتبي على رواق ياجلال
تنهد بضيق والتفت تجاه صديقه ثم رتب على كتفه بامتنان واماء له بالموافقة بينما الآخر فابتسم وسار مبتعدًا عنهم ليمسك جلال بيد فريال ويجذبها معه هاتفًا:
_تعالي معايا عشان نعرف نتكلم زين
توقفت وامتنعت عن السير معه بعدما جذبت يدها من قبضته وصاحت بغضب:
_قولتلك متقربش مني ومفيش حاچة بينا عشان نتكلم فيها من الأساس
رفع رأسه للسماء وهو يزفر مستغفرًا ربه ثم اخفض نظره لها فرأى الاصرار والعناد ليظهر الغيظ فوق معالم وجهه وباللحظة التالية كان يلتفت حوله يراقب الطرقة هل يوجد أحد حولهم أم لا وحين لم يجد أحد بظرف ثانية كان ينحنى عليها ويحملها فوق ذراعيه ثم يسير بخطى سريعة تجاه غرفة مكتب صديقه التي كانت تبعد عنهم بضع خطوات قليلة.. لم يكترث لها وهي تضربه فوق كتفه بغيظ هاتفة في قلق وخجل من أن يراهم أحد:
_بتعمل إيه إنت اتجنيت نزلني ياچلال
لم يكترث لها وكان أساسا قد وصل أمام الغرفة ففتح الباب ودخل بها ثم انزلها فوق الأرض وأغلق الباب.. اندفعت هي وكانت تنوي الرحيل لكنه اعترى طريقها وسد طريق الخروج بجسده الذي وقف كالحصن المنيع أمام الباب لتصرخ به بعصبية:
_أنت عاوز إيه مني هااا، هملني وملكش صالح بيا ياچلال
صاح بألم وانفعال:
_أنتي ليه مش عاوزة تشوفي حالتي بقت كيف.. ومش عاوزة تعترفي بغلطك أنا صُح غلطت بس أنتي كمان كنتي غلطانة
ضحكت بصوت مرتفع نسبيًا ثم نظرت له بدهشة وقالت في قهر:
_عاوز تقول يعني اننا اتصافينا دلوك كيف ما أنتي وچعتيني أنا وچعتك كمان
استنكر طريقة تفكيرها وضيق عيناها بصدمة وسرعان ما هتف بغضب:
_أنا مقولتش إكده أنا قصدي أن اللي احنا فيه دلوك بسبب عنادك وعنادي احنا الاتنين السبب في وضعنا ده
ابتسمت بقسوة وهزت رأسها بالنفي هامسة:
_لا أنت السبب أنا مضربتكش على يدك لما سبتك عشان اخليك تروح تتچوز عليا.. أنت عملت إكده عشان تنتقم مني وترد كرامتك يعني متعلقش شماعة اخطائك عليا ياچلال
تجرع كلماتها القاسية رغمًا عنه ككل مرة وصمت بألم وحزن ثم رد عليها بالأخير يعلن تنازلًا جديدًا أمامها:
_مش أنا اللي كنت عاوز اقتل أخوكي يافريال
مال ثغرها للجانب في بسمة مستهزئة وردت بمرارة:
_اتأخرت قوي.. ياريتك تنازلت عن كبريائك من زمان يمكن مكنتش خسرتني.. دلوك لو فرشلتي الأرض ورد مفيش حاچة هترچع كيف ما كانت ولا أنا هسامحك ولا الزمن هينسيني خيانتك ليا