(( ميثاق الحرب والغفران ))
_الفصل السادس والعشرون_خرجت همسة مندهشة من جليلة بعينان متسعة:
_آسيا!!
تطلعت لأمها في ثبات وقسوة ليست معهودة عليها وقالت:
_چاية أشوف خلود
غضنت جليلة حاجبيها ورددت خلفها باستغراب وعدم فهم:
_خلود!
تنفست آسيا الصعداء بقوة وتمتمت بقسمات وجه صلبة ونظرات كلها شموخ ووقار:
_ممكن ادخل ولا لا ياحچة چليلة؟
انعقد لسان جليلة وعينيها تلألأت بمرارة بعد رؤية حال ابنتها الغريب الذي وصلت إليه.. تتصرف كأنها لا تعرفها وتناديها بالألقاب دون أن تلفظ بكلمة أمي، سحق قلبها تحت الأسى والحزن وهي تراها أمامها بهذا الوضع حتى لو كانت قوية كالسابق وبعينيها نفس الجبروت والعزة لكن وقوفها أمامها وهي تطلب منها الأذن لدخول منزل والدها مزق قلبها وللحظة نقمت نفسها على ما فعلته بها فهي باتت شبه متأكدة أنها لم تفعل شيء وهم حكموا عليها ظلمًا.اكتفت بأنها أفسحت لها الطريق لتدخل.. فقادت آسيا خطواتها السريعة الدرج تقصد الطابق الثاني حيث غرفة خلود لكن أثناء مرورها من أمام غرفة شقيقها خرجت فريال بالصدفة ورأتها فهتفت بصدمة:
_آسيا بتعملي إيه إهنه؟
اقتربت آسيا منها حتى أصبحت شبه ملتصقة بها وهمست لها بنظرات جافة وهي تثبت عيناها على باب الغرفة:
_چلال چوا؟
هزت فريال رأسها بالإيجاب وهي تضيق عيناها بعدم فهم لتجد الأخرى تكمل ببسمة شرسة:
_طيب خليه يطلع ويستنى تحت عشان ميفتهوش العرضالتزمت الصمت للحظات وهي تحاول فهم مقصدها بينما آسيا فتركتها وأكملت طريقها لغرفة خلود وفريال كانت تتابعها بنظراتها حتى وجدتها تقف أمام غرفة خلود فاتسعت عيناها بصدمة وباللحظة التالية فورًا كانت تبتسم بفرحة وخبث بعدما أدركت ما تعنيه.
استدارت برأسها للخلف تجاه غرفتها وعادت لها مجددًا وفور دخولها رأت زوجها وهو يستعد للخروج وقد كان انتهى من ارتداء ملابسه فعقدت ذراعيها أسفل صدرها ووقفت خلفه على مسافة بعيدة نسبيًا وهي تبتسم بسخرية، بعد دقيقة التفت بجسده للخلف وفور وقوع عينيه عليها هتف بتعجب:
_واقفة إكده ليه؟
ابتسمت له بغضب وتقدمت بخطواتها نحوه حتى أصبحت على بعد سنتي مترات قليلة منه ثم قالت:
_مستنية أشوف شكلك هيبقى كيف بعد ما تعرف الحقيقة.. كيف ما ظلمت أختك ظلمتني أنا كمان
ضيق عيناه بعدم فهم وقال في لهجة غليظة:
_ظلم إيه ده يافريال وإيه اللي چاب سيرة آسيا!
رمقته باستنكار وقالت وهي تستدير وتبتعد عنه متجهة نحو الباب:
_انزل تحت وهتعرف كل حاچة
تصلب مكانه لثواني بعد رحيلها وفورًا كان يجذب هاتفه ويرتدي حذائه ويسرع للخارج يقصد الطابق الأرضي تحديدًا كما قالت زوجته للتو.......
***
فتحت آسيا الباب ودخلت دون انتظار الأذن من خلود التي انتفضت واقفة بزعر فور رؤيتها لآسيها أمامها وبمنتصف غرفتها.
هدرت بذهول:
_آسيا أنتي كيف دخلتي البيت؟!!
ابتسمت لها بتلكف وردت في سخرية:
_دخلت من الباب هكون دخلت كيف يعني ياخلود!
هزت خلود رأسها بالنفي وقالت بعدم استيعاب توضح لها مقصدها:
_قصدي هما كيف دخلوكي البيت؟
أخذت نفسًا عميقًا وأخرجته زفيرًا متهملًا ثم تقدمت نحو خلود وهي تهمس بنبرة تثير القلق:
_صحتك كيفها؟
سكتت للحظة وهي ترمقها باستغراب من سؤالها لكنها بالأخير أجابت في هدوء:
_زينة الحمدلله.. أنتي چيتي عشان تسألي على صحتي؟!!
عادت البسمة لثغر آسيا مرة أخرى ودارت بنظرها على طول جسد خلود لتهمس بالأخير وبعينان مريبة:
_امال انتي محتاچة اهتمام ورعاية خاصة ولا عاوزة عيلك يحصله حاچة
تجمدت الدماء في وجه خلود وأصفر لونه حتى أنها ازدردت ريقها بصعوبة من صدمتها وأخذت تحدق في آسيا بارتباك ثم أردفت بتصنع عدم الفهم:
_عيل إيه ده!!
ضحكت آسيا بشيطانية وقالت وهي ترفع يدها وتربت فوق ذراع خلود بلؤم:
_أنا عارفة كل حاچة ياخلود.. متقلقيش مش هفضحك بس قصاد إكده هتقولي للكل إنك افتريتي عليا وغلطتي فيا وفي شرفي وخلتيني في نظر ناسي واحدة فاچرة وزانية
وهاهي عادت آسيا التي تعرفها لكن التي كانت منذ أيام وهي تتحدث معها بالمقهي كانت فتاة أخرى، وللأسف هي نجحت في خداعها هذه المرة.. اضطربت خلود وظهر الخوف على محياها فقالت برفض قاطع:
_أقول كيف أنتي عارف أبويا وچدي وعلي هيعملوا فيا إيه لو عرفوا اللي عملته فيكي
انتصبت آسيا بوقفتها وهي ترفع رأسها بشموخ وترد بكل قسوة وحدة تلقي عليها تهديداته الصريحة:
_لو عاوزة اخليهم يعرفوا أن بتهم الشريفة متچوزة عرفي وحامل كمان معنديش مشكلة
زعرت بشدة وراحت تمسك بيد آسيا تتوسلها ببكاء ورعب:
_لا أبوس يدك يا آسيا ما تقوليلهم حاچة.. دول يقتلوني فيها