الفصل الثالث والعشرون

678 34 0
                                    

(( ميثاق الحرب والغفران ))
_الفصل الثالث والعشرون_

ظهر صوت ابراهيم الحازم وهو يسأل ابنة أخته:
_عملتي في روحك إكده كيف يعني؟
تنفست بتوتر ملحوظ بعدما رأت الصدمة تحتل معالم إخلاص والغضب على وجه عمران، لتجيب على خالها بخفوت:
_مكنتش قاصدة طبعًا ياخالي.. يعني أنا وآسيا شدينا مع بعض وبعدين أنا وقعت واتخبطت في الدولاب
كان الصمت من نصيب إخلاص التي تتابع تعبيرات وجه منى بتشكيك فيما تقوله بينما ابراهيم فتابع بحدة:
_ولما أنتي وقعتي لوحدك قولتي ليه أن آسيا اللي عملت إكده فيكي ووشعللتي البيت وعملتي مشاكل من على مفيش
ألقت نظرة مضطربة على عمران الذي كان يحدقها بعينين مرعبة، ثم أشاحت بنظرها وردت على خالها ببراءة متصنعة:
_كنت فاكرة أن هي اللي زقتني ياخالي والله عشان إكده قولت إن هي
تأفف ابراهيم بخنق وأردف:
_وجاية تقولي الكلام ده دلوك ليه مقولتيش ليه من الأول
اخترعت ذريعة مناسبة وأجابت عليه:
_كنت تعبانة ومش قادرة اتكلم ولما قعدت مع نفسي وافتكرت اللي حُصل بينا زين افتكرت أن هي معملتش حاچة وأن أنا اللي وقعت من غير ما اقصد
رغم أن ثلاثتهم لم يقتنعوا بأسبابها ولم يصدقوها إلا أنهم صمتوا باستثناء عمران الذي ثبت نظراته المميتة على منى وسألها بنبرة تحمل بحة رجولية مريبة:
_من غير قصد يامنى ولا كنتي قاصدة عشان تعملي مشكلة بينا؟!

انحصرت في الزاوية وراحت تنظر إليه بارتباك دون أن تجيب وبتلك اللحظة تدخلت إخلاص وهتفت في جدية:
_خلاص ياعمران هي قالتك مكنتش قاصدة وكانت فاكرة أن آسيا اللي عملت فيها إكده وأهي جات وقالتلنا اللي حُصل عشان المشاكل متزيدش
دار بنظره المخيف بين والديه وبين ابنة عمته.. فقد تصاعدت النيران وازدادت اشتعالًا في صدره بعد اعترافها، لكنه تمالك أنفعالاته بصعوبة أمامهم وبالأخير ألقى نظرة على منى قذفت الرعب في قلبها ثم استدار وغادر يترك ثلاثتهم معًا.. فلو بقى أكثر من ذلك سينسى أنها ابنة عمته وسيفقد أعصابه تمامًا عليها وعليهم جميعًا.
                                     ***
بعد مرور ساعتين بتمام الساعة الحادية عشر قبل منتصف الليل...
فتح عمران باب غرفته ودخل، القى بنظره أول شيء على الفراش ظنًا منه أنه سيجدها نائمة لكن الفراش كان فارغ فضيق عيناه باستغراب وذهب بنظره نحو الحمام وقبل أن يتقدم إليه ليتأكد من وجودها به، انحرفت عينيه على الشرفة فرآها تقف بسكون وتضع الحجاب على نصف شعرها لينزل بقيته على كتفيها يغطيها وهي تضمه عاقدة ذراعيها أسفل صدرها، طالت نظرته المتمعنة لها يتذكر اعتراف منى بالأسفل وأنه لم يصدق آسيا حين أقسمت له أنها لم تفعلها وجعلها تذهب لتعتذر من ابنة عمته على ذنب لم تقترفه، ولا سيما فيما فعله بها بالصباح.. لا يفهم ما الذي يحدث له ولا كيف استحوذ جموحه عليه لهذه الدرجة المرعبة وقاده للتصرف بهذا الشكل الدنيء.
تنفس الصعداء بخنق ثم أخرج زفيرًا متمهلًا وتقدم إليها بخطوات هادئة حتى وقف خلفها من اليسار وتنهد بضيق  قبل أن يلف ذراعه حول كتفيها منحنيًا عليها يلثم رأسها بقبلة دافئة هاتفًا:
_حقك عليا
رمقته بنظرة قاتلة كانت كفيلة لتتحدث عن كل ما بصدرها وبلحظة كانت تدفع ذراعه بعيدًا عنه هاتفة بتحذير واشمئزاز:
_متلمسنيش ولا تفكر تقرب مني تاني واصل
لوى فمه بانزعاج وقال بخفوت محاولًا تهدأتها:
_أنتي عندك حق بس أنا متوقعتش أنها تعمل إكده في روحها أبدًا وأنا الفترة دي مضغوط ومليش خلق إني أفكر في المواضيع دي

رواية ميثاق الحرب والغفران حيث تعيش القصص. اكتشف الآن