قبل ثماني و عشرون عامًا ...بالأمس القريب، كانت مجرد فتاة يتيمة فقيرة قد ابتليت بأبٍ قاسٍ يحصي عليها أنفاسها، بل و حرمها من حقها باستكمال مسيرتها التعليمية معتقدًا بأنه هكذا يقيها الفتنة و صحبة السوء.. أما اليوم !
اليوم هي حقًا لا تصدق ما آلت إليه حياتها في طرفة عينٍ، و دون أن تحسب حسابًا لأيّ مِما حدث، خلال أسبوع واحد، إلتقت بفارس أحلامها، عقد قرانها عليه، انتقلت للعيش بمكانٍ لم تجرؤ حتى على تمنّي مثله، ثم صارت زوجةً حقيقية لـ"يحيى البحيري" غير قادرة على الإنتظار أكثر لتكون جزءًا منه، لتشعر بسيادته عليها و لتنعم بالواقع الذي حظيت به
لم تكن تتخيّل على الإطلاق بأن كل هذا ينتظرها، لقد سلّمته أوراقها الشخصية كما طلب منها، ليستخرج لها جواز سفر فوري في نفس اليوم، و في فجر اليوم التالي كانا على متن طائرة متجهة لأكثر المدن روّاجًا للعشاق، مدينة الفن و الجمال و العطور.. "باريس"... "رحمة" ستقضي هنا شهر عسل كامل و غير منقوص كما وعدها "يحيى".. لا تستطيع أن تصدق !!!
حطّت معه بقدميها بأفخم فنادق المدينة "سان ريجيس".. و المطلّ مباشرةً على برج "إيفيل" الشهير، تمعنّت "رحمة" بأعينٍ مذهولة الترف المحيط بها من كل حدبٍ و صوب، بينما تمشي متأبطة بفخرٍ ذراع "يحيى" الذي تركها قليلًا ليؤكد تسجيل دخولهما بمكتب الإستقبال المفتوح
بقيت بجواره تمامًا، تجوب عيناها أرجاء المكان المتّسع برحابةٍ، الأرض نظيفة و برّاقة، البرسلين يلمع كالمرايا تحت قدميها، الثريات الضخمة تدلّى من السقف الشاهق بمنتصف البهو الأمامي عاكسة أنوار مشعشعة خاصةً على مِسقاة انتصبت أسفلها مباشرةً يسح منها خرير المياه من كل جانبٍ، و التماثيل الفنيّة موّزعة بإتقانٍ في الزوايا المرئية، بالإضافة إلى الروائح المنعشة التي تستنشقها بانتظامٍ، و تلك الموسيقى الهادئة التي تدوي عبر مكبرات الصوت الخفية، كانت تحس بشعورٍ جيد، و كأنها خفيفة مثل الريشة، كانت في حلمٍ جميل تتمنّى ألا تفيق منه ...
-يلا يا حلوة !
صحت "رحمة" من تأملاتها على صوته، و أجفلت عندما أمسك بيدها و قادها معه تجاه المصعد، كان العامل المكلّف بنقل حقائبهم قد سبقهم، بينما تقف ملاصقة له أثناء صعود الطوابق، لم تكن تشعر بالراحة، و لا زالت كلمته تتردد أصدائها بأذنيها "يا حلوة" !!
هو لم يقل شيء معيب، لكن تلك الكلمة بدت غريبة، لو أنه ناداها بأسمها لكان أفضل، تعرف بأن باكرًا جدًا لتوصيف علاقتهما بعلاقة حب، فلا هي و لا هو يعرفان بعضهما جيدًا لينشب الغرام بينهما، الوصف الصحيح لعلاقتها به هو الإنجذاب، هي تنجذب له بكل جوارحها و لديها قابلية كبيرة حتى لتغرم به و تعشقه، و في نفس الوقت تشعر بأنه منجذب إليها جسديًا فقط، ذلك لا يعني أن مشاعرها مهمّشة بالنسبة إليه، مطلقًا، فهو يعتني بها جيدًا و يصغي إلى متطلباتها الصامتة، يترجم حاجتها و يفهم ما تريده دون أن تطلب
أنت تقرأ
وما أدراكِ بالعشق
Lãng mạn"لا يوجد مكانٌ للكراهية في عينيكِ تجاهي ؛ أنظري إلى وجهي جيدًا، أقرّي بانتمائك إلى سيدك.. أنتِ ملك يميني.. أنتِ طوع إشارةً منّي... هل تريدين إثبات !" _ عثمان البحيري