قبل ثماني و عشرون عامًا ...كانت رحلة شهر العسل عسل فعلًا، كانت أجمل حلم، بل واقع عاشته على الإطلاق، لحظات من الحميمية و الرومانسية لا تقدّر بثمنٍ، لم تشعر "رحمة" بهذا الاكتمال من قبل، لقد تزوّجت من "يحيى البحيري" و من المفترض أنه رجلٌ ثلاثيني يكبرها بستة عشر عامًا على الأقل، لكنها لا ترى أيّ عوائق ملموسة تحول بينهما
بل العكس.. إن زوجها رجلٌ مثالي حقًا.. راقي.. لبق.. لطيف.. و لكنه أيضًا نقيض كل هذا تمامًا بالفراش.. أثناء ممارسة الحب هو يصير أبعد ما يكون عن التحضّر الذي يبدو عليه.. و لكنها تحب هذا
شراسته.. طريقته البدائية في التعبير عن مشاعره.. حماسته التي لا تتحمّلها أحيانًا.. باختصارٍ هو لم يكن يمارس الحب.. بل إنه يتّبع غريزته فقط هكذا قولًا واحدًا.. رغم هذا لا يمكن أن تنكر عليه خبرته في إستمالتها و جعلها طوع بنانه بمنتهى السهولة.. كأنه أستاذًا يعرف أسرار جسمها... و هي مجرد تلميذة عديمة الخبرة.. و لكنها تتعلّم بسرعة و تتجاوب معه.. لقد بدأت خيوط غرامه تلف قلبها بالفعل !
و لكنها كانت تعي جيدًا بأن كل ما تشعر به معه بمثابة مخدّر مآله إلى زوال، و سيُسحب قريبًا بساط السعادة من تحت قدميها، فماذا لو ملّ منها !؟
إنه لم يقل قط بأنه يحبّها.. أو أنه يخطط على الأقل لذلك.. و هذا يؤلم جدًا ...
عادت "رحمة" إلى أرض الوطن برفقة زوجها، بعد شهر بالتمام و الكمال كما وعدها، و أجبرته بحيلتها الأنثوية المجدية بأن يقضي معها الليلة أيضًا، ثم يذهب غدًا إلى بيته، عند زوجته الأولى و ولديّه
جهزت له عشاءً شهي، أصناف من المأكولات التي يفضّلها، و الأهم.. أعدّت له نفسها كما يحب بالضبط ...
-بجد أنا عمري ما دوقت أكل أحلى من اللي بتعمليه. تسلم إيدك ! .. قالها "يحيى" مبديًا إعجابه و هو يلتقم شوكته مجددًا و يتذوّق باستمتاعٍ
تسند "رحمة" مرفقيها فوق المائدة مريحة ذقنها إليهما، ترمقه بنظراتٍ والهة و هي تقول مبتسمة :
-على أساس إنك بتاكل الأكل كله.. انت بتخلّص طبقك بالعافية. أنا كنت بشوف بابا يبفرم السفرة كلها كده !!
رفع "يحيى" رأسه و قهقه بانطلاقٍ، فابتهجت و هي تراقبه يضحك من قلبه بهذا الشكل، بينما يهدأ تدريجيًا لينظر لها قائلًا بذات المرح :
-طيب بذمتك ينفع تقارنيني بجابر ؟ الجسم إللي قدامك ده زي جسم المرحوم !؟
أحمرّ خدّيها و هي ترنو إليه بانجذابٍ مرددة برقةٍ :
-لأ طبعًا.. انت مافيش حد زيك.. أنا عمري ما شفت راجل في وسامتك و أناقتك.. ذوقك كمان حلو في كل حاجة... انت كلّك حلو !
لم تتحمّل اعترافاتها و أخفضت رأسها من شدة الخجل، فتساقط شعرها الحريري فوق وجهها، بينما أُخذ "يحيى" بكلامها، رغم إنه سمع مغازالات كثيرًا و من أجمل النساء خلال سنوات حياته، لكن سماع الإطراء عليه منها هي يختلف تمامًا.. تلك الفتاة الصغيرة لا تملك أدنى فكرة عمّا تفعله به ...
أنت تقرأ
وما أدراكِ بالعشق
Romance"لا يوجد مكانٌ للكراهية في عينيكِ تجاهي ؛ أنظري إلى وجهي جيدًا، أقرّي بانتمائك إلى سيدك.. أنتِ ملك يميني.. أنتِ طوع إشارةً منّي... هل تريدين إثبات !" _ عثمان البحيري