قبل ثلاثة و عشرون عامًا ...خليط من المشاعر اجتاحه.. دهشة.. اضطراب.. غضب !
فور أن أبلغته سكيرتيرة مكتبه بمكالمة واردة من طفلة تدّعي بأنها ابنته.. طلب إليها تحويلها على خطه في الحال و رد بصوتٍ محايد :
-آلو.. شمس.. بابي معاكي.. انتي اتصلتي إزاي يا حبيبتي !؟
أتاه صوت الصغيرة مهزوزًا بانفعال :
-بابي.. بليز تعالى دلوقتي.. أنا خايفة أوي !!
انقبضت ملامحه و تحفز جسده و هو يرد عليها بصوتٍ أجش لا يخفي قلقه :
-إيه إللي حصل يا شمس ؟ و فين مامتك ؟؟
-مامي قافلة على نفسها الأوضة من ساعة ما مشيت.. مش عاوزة تفتح لي.. مش بترد عليا ..
و رافقت نبرة بكاء كلماتها الأخيرة ...
احتدت لهجته رغمًا عنه و هو يقول باقتضابٍ متأهبًا للقيام عن مكتبه :
-طيب إهدي يا حبيبتي.. و ماتخافيش أنا جاي حالًا.. اقعدي استنيني و اشغلي نفسك بألعابك و عرايسك الحلوة.. أنا مش هتأخر عليكي ربع ساعة بالظبط و أكون عندك.. أوكي يا روحي ؟
-أوكي بابي !
و أغلق معها و قام ليرتدي سترته على عجالةً.. ثم غادر مكتبه على الفور ...
**
قطع "يحيى" الطريق بين مقر شركته و منزل الزوجية السرّي في أقل من خمسة عشر دقيقة.. ما إن فتح باب الشقة حتى اندفعت صغيرته تجاهه.. إذ بدا إنها كانت تنتظر لحظة وصوله ...
-بابي ! .. هتفت "شمس" باكية و هي ترتمي بين أحضانه
تلقّفها "يحيى" حاملًا إيّاها على ذراعه ...
-روح بابي ! .. تمتم لها و هو يضمها بحنانٍ إلى صدره :
-أنا هنا يا حبيبتي.. ماتخافيش.. دلوقتي هاشوف مامي و هاخلّيها تجيلك بنفسها.. بس دلوقتي عايز منك إنك تدخلي أوضتك و ماتخرجيش منها إلا لو ندهت لك.. اتفقنا ؟
أومأت له و هي لا تزال بحضنه.. فقّبل رأسها.. ثم أنزلها دافعًا بها بلطفٍ تجاه غرفتها.. بينما يتجه هو نحو غرفة النوم الرئيسية ...
قرع على الباب ثلاثًا هاتفًا :
-رحمــة.. افتحي البـاب.. رحمـــة.. افتحي و ماتخلّيش حسابك يتقل معايا رعبتي البنت.. لو مافتحتيش الباب ده خلال 3 ثواني هاكسره و مش هاكتفي بكده لو دخلتلك بالطريقة دي.. أنا حذرتك !!
و منحها أكثر من ثلاث ثوانٍ.. احتقن وجهه بالدماء و هو يتراجع خطوتين للوراء.. ثم يندفع مصطدمًا بكتفه بالباب بقوة ...
مرة
مرتان
ثم تحطّم القفل ...
خطى "يحيى" داخل الغرفة و الشرر يتطاير من عينيه.. لكنه لم يجدها.. قطب و هو يجول بناظريه أرجاء الغرفة.. لا أثر لها ..

أنت تقرأ
وما أدراكِ بالعشق
Romance"لا يوجد مكانٌ للكراهية في عينيكِ تجاهي ؛ أنظري إلى وجهي جيدًا، أقرّي بانتمائك إلى سيدك.. أنتِ ملك يميني.. أنتِ طوع إشارةً منّي... هل تريدين إثبات !" _ عثمان البحيري