الفصل الحادي عشر _ هذا حب _ :

10K 513 50
                                    

قبل ثماني و عشرون عامًا ...

تلك الليلة العصيبة ليس لديه أدنى فكرة كيف مرّت عليها، بعد أن أذاقها ويلات القهر و الإذلال و قد نجح في هذا بجدارةٍ مدفوعًا بحمائيته و بغضبه من جرأتها بالخروج من المنزل دون علمه، و من ثم المجيئ إلى مكانٍ تتواجد به زوجته أم ولديّه، لقد خاطرت بكشف كل شيء بالفعل و لوهلةٍ شعر بأنه أسرته و زواجه صار على المحكّ

لم يرى أمامه إنها مجرد فتاة صغيرة و بلا خبرة و هو رجلٌ ناضج، لم يسمع صوت ضميره الذي ظل كامنًا بنقطةٍ ما بداخله يحثه على التراجع عن جرمه بحقّها، كان مثل بركانٍ انفجر ليدمر بحممه كل ما يعترض طريقه، و لقد دمرها بالفعل

لا يستطيع نسيان حالتها أثناء مغادرتهما للفندق بنهاية الليلة، تعبيرها الواجم، سيرها الآلي بجواره و هو يخرج بها خلسةً من بوابة بعيدة عن الأنظار، لم يتبادلا كلمةً واحدة خلال الطريق إلى البيت، بقيت صامتة و هادئة جدًا و هي تجلس في سيارته حيث أرادها بالقرب منه، حتى وصلا و لاحظ تقدّمها عليه فور أن صطف السيارة أمام البناية الراقية، حيث فتحت لنفسها الباب قبل أن يترجل هو من كرسي القيادة، و رآها و هو يغلق السيارة قد سبقته بالفعل نحو المصعد، عندما وصل عندها كانت مطرقة الرأس تتحاشى النظر إليه، فتخطّى ذلك و فتح لها الباب لتتقدمه داخل المصعد و هو ما فعلته فورًا قبل أن تمتد يده ليلمسها، أوصلها أخيرًا عند الشقة، و ما إن صارت بالداخل و أطمئن لهذا حتى أوصد عليها الباب من الخارج مرةً أخرى، لم يجرؤ على الدخول معها.. ليس الليلة على الأقل

و خلال نزوله عرج على الحارس، أيقظه غير مباليًا بتأخر الوقت ...

-انت منين يا حامد ؟

-أني من طنطا يا بيه.

-يعني مش من هنا و لا ليك سكن غير الأوضة دي صح ؟

جاوبه الحارس مرتابًا :

-إيوة يا بيه.. كان حدانا قيراط في البلد بيعته عشان أجي هنا بمراتي و عيالي ندوروا على لقمة عيش.

أومأ "يحيى" قائلًا بهدوء لا يخفي الغضب بعمق نظراته :

-عارف القصة دي. و ماعنديش مشكلة معاك من يوم ما سكنت هنا يا حامد. لكن شكلك انت إللي لسا ماتعرفنيش لدرجة إنك خالفت توصياتي و اتصرفت من دماغك إنهاردة مع مدام رحمة !!

اتسعت عينا الحارس و هو يقول :

-جنابك تقصد عشان طفّشت قفل الباب بتاع شقة حضرتك ؟ أني ماعملتش كده إلا لما الهانم كلّمتني و طلبت بنفسها. افتكرت سعاتك إللي آ ا ...

أخرسه "يحيى" بإشارة من يده، ثم أنذره بكلماتٍ شديدة اللهجة :

-وفر كلامك. مافيش كلام بعد كلامي يا حامد و أوامري كانت واضحة. أي حاجة تحصل مع مدام رحمة تبلّغني بيها فورًا. إللي حصل إنهاردة لو اتكرر تاني مش بس هاكتفي بقطع عيشك من العمارة. انت مش هاتلاقي شغل في الإسكندرية  كلها. إن كنت بواب أو غيره.. فاهمني ؟

وما أدراكِ بالعشقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن