قبل ثلاثة و عشرون عامًا ...لم تمكث طويلًا بالمشفى.. و لكنها حالما خرجت أقلّها مصطحبًا معهما طفلتهما التي لم يفارقها لحظة واحدة طوال مدة غياب أمها عن المنزل.. تبيّنت "رحمة" بأنه يأخذهم إلى المطار !
ألا و قد حرصت على عدم تبادل كلمة واحدة معه منذ خروجها برفقته.. لكنها لم تستطع إمساك لسانها أكثر خاصةً و هو يمر بها و بابنته عبر أكشاك التفتيش ...
-انت واخدنا على فين ؟
إلتفت "يحيى" ناحيتها نصف إلتفاتة.. و جاوبها و هو يدفع بجوازات السفر إلى المفوّض :
-طالعين على لندن.
و انحنى ليحمل "شمس" و أمسك بيد "رحمة" مارًا بها إلى صالة الانتظار ..
مشت "رحمة" خلفه مشدوهة.. لبرهةٍ لم تجد الكلمات التي تخوّلها الرد عليه.. إلى أن جلسوا و قد غفت الصغيرة بحضن أبيها.. ضمّها "يحيى" إلى صدره بإحكامٍ متطلّعًا بهاتفه.. لم ترمش "رحمة" و هي تنظر إليه بصمتٍ.. ثم قالت عادت لتقول بلهجتها الجافة :
-واخدنا على لندن ليه يا يحيى ؟ قولّي ناوي على إيه تاني و واخدنا حتى منغير شنط هدومنا !!
عبس "يحيى" قبل أن يرفع بصره عن هاتفه لينظر إليها.. أقفل الهاتف تمامًا و وضعه بجيب سترته.. ثم قال محدقًا إلى عينيها مباشرةً :
-هاكون ناوي على إيه يا رحمة ؟ إيه إللي وصلك أول ما قلت إننا مسافرين ؟ احنا أول مرة نسافر !؟
رحمة بغضب : أنا بقيت أتوقع منك أي حاجة.. و ماعنديش ثقة فيك.. واخدني أنا و بنتي على فين يا يحيى ؟ أنا مش هاخطي معك خطوة واحدة قبل ما أفهم و أعرف كل حاجة !!!
رفع حاجبه مرددًا بحدة :
-أنا لحد اللحظة دي مقدّر وضعك.. لكن بحذرك يا رحمة.. إلزمي حدودك و انتي بتكلميني دي أول حاجة.. تاني حاجة أنا لو في دماغي شيء عايز أعمله مش هايفرق معايا المكان سواء هنا أو في لندن.. و انتي عارفاني كويس.
زمت شفتيها و قالت بصوتٍ مكتوم :
-فهمني يا يحيى.. حرام عليك إللي بتعمله فيا ده.. ريّحني و لو مرة واحدة !!
تنهد "يحيى" قائلًا :
-انتي إللي تاعبة نفسك يا رحمة.. و زي ما قواتي مابقاش عندك ثقة فيا.. بس حاضر.. هاريحك.. أنا قررت أخدك انتي و شمس و أنقل اقامتكوا في لندن.
حملقت فيه بصدمة و قالت :
-انت عايز تنفينا ؟
امتقع وجهه و هو يرد عليها باستنكارٍ :
-أنفيكوا إيه بس.. إيه إللي بتقوليه ده.. أنا بنيت ليكوا حياة تانية هناك.. حياة متكاملة.. بيت كبير كتبتوا باسم شمس.. و أحسن مدرسة اخترتها عشان بنتنا تدرس فيها و تعيش طفولتها زيها زي اخواتها و زي أي طفلة في سنها.
أنت تقرأ
وما أدراكِ بالعشق
Romance"لا يوجد مكانٌ للكراهية في عينيكِ تجاهي ؛ أنظري إلى وجهي جيدًا، أقرّي بانتمائك إلى سيدك.. أنتِ ملك يميني.. أنتِ طوع إشارةً منّي... هل تريدين إثبات !" _ عثمان البحيري