قبل ثماني و عشرون عامًا ...مرّت الأشهر التالية من الحمل سهلة، بالرغم من عدم الوئام التام بينها و بين زوجها، كان يأتي كل يومان ليزورها و يطمئن على أحوالها، لا يظهر لها معاملة سيئة على الإطلاق و يقوم بواجبه تجاهها على أكمل وجه
لكنها ليست متبلّدة الحس، تعلم يقينًا بأنه يكره حقيقة إنها بلغت مرادها و لو بدون قصدٍ و حملت بطفلٍ منه، و تعرف أيضًا بأنه يتمنى لو لم يلتقي بها، و هذا غريب، لأنها بالكاد لمست منه مشاعر تختلف تمامًا عن تلك التي صرّح بطريقة غير مباشرة أنها السبب الوحيد لزواجه منها، هذه المشاعر اختفت فور أن أخبرته عن حملها، بوغت.. و كأنه هُزم بالفعل ...
-بس الدكتورة قالت إني أقدر أولد طبيعي ! .. قالتها "رحمة" كأنما تطرح جدالٍ
ضبط "يحيى" الوسائد خلف ظهرها و أطمأن على استقرارها فوق الفراش، ثم جاء ليجلس قبالتها، أخذ يحدق لبرهةٍ في بطنها المرتفع مثل جبلٍ و هو يقول بهدوءٍ :
-تقدري تولدي طبيعي.. بس ليه أخليكي تعاني و تتألمي ؟ أنا مش عايز أغامر بيكي تحت أي ظرف. انتي أمانة في رقبتي. انتي مراتي و هاتبقي أم ابني أو بنتي. يعني في كل الأحوال مهمة جدًا بالنسبة لي.
ابتسمت رغمًا عنها عندما قال ذلك، بينما يمد يده إلى الطاولة المحاذية و يمسك بطبقٍ يحتوي على قطع فاكهة، تقرّب إليها أكثر و هو يدفع بقطعة من التفاح بفمها، طاوعته و راحت تاكل من يده و هي تمسّد على بطنها متمتمة من خلال مضغها :
-أنا حاسة إنها بنت.. ده احساسي من فترة.
رفع حاجبه معلّقًا بابتسامة :
-فعلًا ؟ و إيه يا ترى إللي خلّاكي تحسي الإحساس ده !؟
-عشان شقيّة.. شقيّة و بترفس جامد.
-بس دي كده مواصفات الولد مش البنت !
ابتلعت "رحمة" ما تبقّى بفمها، و قالت و هي تتنهد بأريحية :
-لأ. دي مواصفاتي أنا.. أنا طول عمري كنت شقيّة. حتى لما كنت طفلة. أمي كانت بتعرف تسايسني. بس ياما أخدت علق من أبويا. أنا قلت لك كان قاسي عليا أد إيه.
رمقها بنظرة متعاطفة، مد يده متلمسًا بطنها و هو يقول برفقٍ :
-الولد عندي زي البنت. كل إللي يجيبه ربنا حلو.. و بعدين انا بعتبر نفسي أب لاربعة.. عثمان صفية. و رحمة و البيبي إللي هاتجيبه.
مسّت كلماته فؤادها و ألحت عليها رغبة قوية في البكاء، لكنها تمالكت نفسها و هي تقول دامعة العينين :
-انت بجد فرحان إني هاجيبلك بنت أو ابن تاني !؟؟
جاوبها بلا أدنى ترددٍ :
-طبعًا. مش معنى إني ماكنتش عايز أخلّف تاني بعد ولادي الاتنين يبقى أكره طفل جاي من صلبي حتى لو جه غلطة.. بكرة هاتشوفي هاعمل إيه عشان ابني إللي في بطنك. مهما حصل أبوه يبقى يحيى البحيري. مش هايكون أقل من اخواته في أي حاجة.
أنت تقرأ
وما أدراكِ بالعشق
Romansa"لا يوجد مكانٌ للكراهية في عينيكِ تجاهي ؛ أنظري إلى وجهي جيدًا، أقرّي بانتمائك إلى سيدك.. أنتِ ملك يميني.. أنتِ طوع إشارةً منّي... هل تريدين إثبات !" _ عثمان البحيري