قبل إثنان و عشرون عامًا ...
لندن / المملكة المتحدة
بأرقى أحياء المدينة "بلو مزبري".. حيث تنتشر المنازل الصغيرة و الأنيقة ذات العمارة الجورجية في ساحتيّ "راسِل" و "بيدفورد" الغنيتين بالأشجار".. تحديدًا في بيتٍ مميز بحديقة مُزهرة و أسوار آمنة ..
تباشر أمها إعداد العشاء.. أبيها يجلس بغرفة المعيشة أمام التلفاز.. يتجاهل مباراة كرة القدم الحصرية كليًا و يراقبها و هي تلهو بألعابها بالقرب منه.. بابتسامته الملائكية يشعر بمحبة متعاظمة تجاه صغيرته.. و العطف الذي يتوق لإغداقه عليها بكل لحظة يدفعه لملازماتها ..
-شمـس !
رفعت الصغيرة رأسها متطلّعة لأبيها.. ابتسم لها "يحيى" و هو يقول بإيماءة واحدة :
-تعالي لبابي يا حبيبتي.
تركت "شمس" الألعاب من يديها و قامت مهرولة نحو أبيها الذي فتح لها ذراعاه.. استقرّت "شمس" بين أحضانه و أخذ يضمّها بحنانٍ لبرهةٍ.. ثم أجلسها في حِجره و قبّلها على خدّها قائلًا :
-إيه يا روحي.. ماقولتليش عجبك بيتنا الجديد ؟
أومأت "شمس" بقوة و قالت بصوتها الطفولي :
-آها.. عجبني أوووي.. و الجنينة و البول حبيتهم أكتر حاجة.. بس البول صغير !
إلتمعت عيناه و هو يرمقها بنظراتٍ متعطّشة لحفظ ملامحها.. و قال :
-انتي حبيتي البول بس زعلانة عشان صغير ؟
أومأت مرةً أخرى.. ليردف ماسحًا على شعرها بلطفٍ :
-أوعدك لما أجي المرة الجاية هاشيله خالص و أعملّك واحد جديد أكبر منه مرتين.. ها مبسوطة ؟
أومأت للمرة الثالثة و هي تبتسم بإتساعٍ هاتفة :
-مبسوطة أوي.. أوووي ..
و مالت صوبه لتطبع قبلة على ذقنه أقصى نقطة طالتها ..
مد "يحيى" يده ليحضر محفظته من الطاولة المجاورة.. فتحها و أستلّ من جيبٍ داخلي بضعة من الكروت الصغيرة.. و استقطب إنتباه فتاته و هو يعرض عليها أول كارت قائلًا :
-بصي يا شمس.. أنا عاوز أعرفك على العيلة.. هاعرفك عليهم واحد واحد في الصور دي.. بصي دول أجدادك.. أبويا و أمي صالح البحيري و صفية الشواربي.. دي صورتهم يوم فرحهم ..
نظرت الصغيرة إلى صورة الثنائي بالأبيض و الأسود معقّبة :
-ده جدو و دي تيتة.. حلوين أوي.. هما فين يا بابي أنا مش شوفتهم خالص !
-للأسف يا حبيبتي و لا عمرك تقدري تشوفيهم.. لأنهم ماتوا من زمان أوي.. بس ماتزعليش أنا المرة الجاية هاجيب معايا ألبومات الصور بتاعتهم عشان تشوفيهم و تعرفيهم أكتر.. اتفقنا ؟
أنت تقرأ
وما أدراكِ بالعشق
Romance"لا يوجد مكانٌ للكراهية في عينيكِ تجاهي ؛ أنظري إلى وجهي جيدًا، أقرّي بانتمائك إلى سيدك.. أنتِ ملك يميني.. أنتِ طوع إشارةً منّي... هل تريدين إثبات !" _ عثمان البحيري