قبل ثماني و عشرون عامًا ...لقد كان من السهل حقًا خِداع زوجته، و تزييف الحقائق، من أجل الابتعاد عن المنزل عدة أيامٍ، بحجة السفر خارج البلاد لأجل التمهيد لافتتاح فرعًا جديدًا من شركته الأم، و إن كان يمقت نفسه على أفعاله المستجدّة، بل و يكاد يحتقر ذاته
و لكن مجرد التفكير بتلك الفتاة، و حقيقة إنها زوجته الآن، هي إثارة لا يقدر على مقاومتها أو صدّها، لأول مرة بحياته يتوق لشيء كما هو الآن، لقد فعلت "رحمة جابر" إبنة السائق البسيطة، ما لم تستطع امرأة فعله منذ سنوات، و حتى زوجته أم ولديّه.. حث الرجل البدائي الكامن بداخله و إيقاظه من سباته !
فمنذ زواجه بـ"فريال المهدي" إبنة الحسب و النسب في عمر يافع جدًا، لم يستمر هذا الشعور معه إلا لأيام قليلة فقط، قبل أن تبدي زوجته إنزاعاجًا من معاملة أنوثتها بوضاعة لا تليق بها، ثم تفرض عليه شروط، و هو ما لم يعارضه لأنه ظن بأنه يحبها و هذا يكفي
لكن لا، مع مرور الوقت اكتشف بأنه أبدًا لا يكفي، لا أحد يعرف ما قضى حياته الزوجية السابقة مصرًا على كتمانه حتى لا يُفسد استقرار أسرته، و كان راضيًا لو أكمل البقيّة من عمره هكذا لنفس الهدف
و لكن ظهور "رحمة" غيّر كل حساباته، و أغراه وضعها بعد وفاة والدها، إنها صيد لن يجد أسهل منه مطلقًا، علاوةً على إنها تعجبه كثيرًا، و إنه واثقًا من خضوعها الحتمي إليه، من نظرة عينها تمكن من رؤية الرغبة به و المماثلة لرغبته بها، بقليل من الضغط ستسلمه نفسها و هي راضية كل الرضا
إلا أنه قد وعدها، لن يقترب منها او يمسّها حتى يلتمس منها دعوةً صريحة، أو على الأقل تلميحًا واضح ...
يعود "يحيى البحيري" إلى شقته السريّة و التي أمتلكها في زمنٍ خلى ليلوذ بها هربًا من ضغوطات الحياة، و لكن بمفرده، لم تعرف امرأة أخرى غير "رحمة" طريق هذه الشقة و لم يزرها أحد على الإطلاق قبلها هي، حتى "فريال" لا تملك فكرة عنها
أشارت ساعة الحائط المذهبة بالصالة المركزية إلى العاشرة و النصف مساءً، عندما ولج "يحيى" إلى داخل الشقة جارًا خلفه حقيبة الملابس المتوسطة، كانت الإضاءة الخافتة تمهد له طريقه و هو يتحرّك بحثًا عنها بأرجاء المكان، لكنه لم يجدها بأيّ من الصالون أو غرفة المعيشة أو حتى بالمطبخ
لم يتبقّ سوى غرفة النوم إذن !
سحب "يحيى" نفسًا عميقًا و حسم قراره بالذهاب إليها، وضعًا بالاعتبار بأنه في جميع الأحوال سيعرج بالقرب من مخدعها لكي يصل إلى مضجعه هو، إلا إن الفضول ينتابه بشدة ليرى ماذا تصنع في هذه اللحظة !؟
و عرف !
بمجرد أن دفع باب الغرفة الموارب، لم يدخل على الفور، بل جمد تمامًا كتمثالٍ، عندما رآها ممدة بمنتصف الفراش، لم تكن مفاجأة كبيرة أن يراها نائمة، و صحيح أنه لم يتبيّن منها شيء واضح، لكن التفكير فقط أنها تنام في بيته، فوق سريره، و على مبعدة ذراعين منه جعل أعصابه تتوّقد ...
![](https://img.wattpad.com/cover/279355387-288-k641339.jpg)
أنت تقرأ
وما أدراكِ بالعشق
Romansa"لا يوجد مكانٌ للكراهية في عينيكِ تجاهي ؛ أنظري إلى وجهي جيدًا، أقرّي بانتمائك إلى سيدك.. أنتِ ملك يميني.. أنتِ طوع إشارةً منّي... هل تريدين إثبات !" _ عثمان البحيري