قبل ثماني و عشرون عامًا ...لا تزال الخصومة قائمة بينهما، رغم إنه قضى معها بضعة أيام بعد محاولة إنتحارها غرقًا حاول خلالهم إرضائها بشتّى الطرق و التعويض عليها قسوته و اساءته في حقها، جرح مشاعرها الذي لا يُغتفر، أضطر أن يعود إلى منزله في الأخير، لكنه لم يستطع البقاء دون أن يفكر بها !!
لم يهدأ باله لحظةً واحدة، لم يمر يومان إلا و قد اعتزم العودة إليها، و الحجة التي سوف يخرج بها حاضرة في ذهنه بالفعل، ينتظر اللحظة المناسبة فحسب ...
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
أوشكت ساعة عودة زوجها من العمل، و قد تأخرت حقًا عن موعدها لزيارة منزل آل"الألفي" في محاولة أخيرة منها للسعي من أجل للصلح بين شقيق زوجها و زوجته، صديقتها المقرّبة "رضوى الألفي".. إنها تعتبرها أختًا لها كما ترى "رفعت" كذلك أيضًا
كانت تتجهز بغرفتها الآن، تضبط حمرة فمها المتقنة، الباب موارب، بينما يمر "رفعت" مصادفةً لتلمحها عيناه و يتوقف رغمًا عنه مأخوذًا بسحرها الذي لا ينضب عليه، بقى بمكانه بلا حراكٍ، يستند إلى باب الغرفة دون إحداث أيّ جلبةٍ ...
حتى انتهت و استدارت ممسكة بحقيبة يدها الصغيرة تأهبًا للرحيل، جمدت للحظة حين رأت "رفعت" بالجوار، و لكن سرعان ما ابتسمت له بجاذبيتها المعهودة هاتفة :
-أنا قلت كده بردو.. قلت أكيد رضوى مش هاتهون عليك و هاتيجي معايا نجيبها سوا.. أنا خلاص جهزت يا رفعت !
نظر "رفعت" صوبها مقطبًا و قال بانزعاجٍ واضح :
-أنا مش جاي معاكي عند رضوى يا فريال. مش هقدر أمنعك تروحي لها لو انتي حابة ده.. لكن لازم أقولك إنك بتتعبي نفسك على الفاضي.. قراري نهائي.. أنا و رضوى هانتطلّق.
عبست بشدة و لوهلةٍ عجزت عن الرد عليه لشدة غضبها من كلماته، لكنها تجاوزت مشاعرها السلبية و ندت عنها نهدة عميقة، تركت حقيبتها من يدها و مضت إلى الخارج تجاهه، تبعها "رفعت" بنظراته حتى و هي تتخطّاه قائلة بحزمٍ لا يخلو من الرقة :
-تعالى ورايا يا رفعت !
بدون أن يسأل أو يفه بكلمةٍ، سار خلفها وصولًا للأسفل، اصطحبته إلى الترّاث الرئيسي ذي الإطلالة المتميزة على واجهتيّ القصر و الحديقة الممتدة أمامهما غنّاء و ساحرة
طلبت "فريال" القهوة لكليهما.. ثم ابتدأت حديثًا جادًا مع شقيق زوجها العنيد ...
-بص يا رفعت.. أنا من اول ما دخلت البيت ده لاقيت فيه أخ و أخت. انت و رضوى بالنسبة لي اخواتي. و يعز عليا إن أخويا يزعل أختي. خصوصًا لو هي كمان بتحبه و ماتقدرش تزعله.. انت بتظلم رضوى معاك و فوق ظلمك ليها بتظلم صالح و هالة.
رد "رفعت" بصوتٍ أجش بعد أن سحق سيجارته الثالثة :
-من فضلك يا فريال سيبي أسطوانة صالح و هالة دي على جنب. ولادي أنا عارف مصلحتهم كويس. و بالعكس إنفصالي أنا و أمهم هايكون مفيد ليهم اكتر مننا احنا الاتنين.. على الأقل مش هايعيشوا مشاحنات أكتر من كده بين أبوهم و أمهم و انتي شوفتي بنفسك. رضوى مابقتش في حالتها الطبيعية مؤخرًا.. لو القصة دي مانتهتش الولاد هايكرهوها صدقيني من اهمالها و عصبيتها.
أنت تقرأ
وما أدراكِ بالعشق
Romansa"لا يوجد مكانٌ للكراهية في عينيكِ تجاهي ؛ أنظري إلى وجهي جيدًا، أقرّي بانتمائك إلى سيدك.. أنتِ ملك يميني.. أنتِ طوع إشارةً منّي... هل تريدين إثبات !" _ عثمان البحيري