الفصل الواحد والثلاثون

961 39 0
                                    

اماليا  
مصدومة بعد ان تطلعت الي سلوي  الملقاة علي الارض وشيرين تحاول ان تساعدها علي النهوض تجاهلت فعلتها ورحلت من امامهم بغضب حتي دخلت القصر
توقفت في بهو القصر وهي تغمض عينيها لاوية شفتيها بسخرية من صراخ عمتها التمثيلي
سلوي وهي تستند علي شيرين المستسلمة  تصرخ باستجداء : تعالي  يا فريدة شوفي بنتك وتربيتك المزيفة ظهرت علي حقيقتها  لتصرخ بصوت اعلي الحقني يا بابا شوف حصل في بنتك ايه وانت عايش
كانت اماليا واقفه تتابعها ببرود وتبلد قاسي تقرأ ما يدور في رأسها لتقول بسخرية وصوت عالي يحمل الازدراء الواضح : ممثلة بارعة يا عمتي بس بشكل يدعو للشفقة
نزل الجميع علي صوت صراخ سلوي التي ما ان رأتهم مثلت انها فقدت الوعي لتحاول شرين أفاقتها : ياماما فوقي ياماما ارجوكي بلاش اللي انتي بتعمليه ده
نزلت فريدة وعدالة وفرح ونانسي يتساؤلون بفزع ما سبب الصراخ لتشهق فريده وهي تري الدماء علي وجهها
اماليا وهي تبتسم بسخريه : محدش يسألني حصل ايه عندكوا عمتي بنفسها اسألوها عن السبب
في نفس الوقت ظهر منير وعاصم خارجين من المكتب مسرعين
سلوي بصراخ : تعالي يا منير شوف  المجرمة  بنت اخوك عملت فيا ايه
منير وهو يقترب من سلوي يري الدماء علي وجهها  ليصرخ في وجهها مستحيل اصدق ان اماليا تعمل فيكي كده انتي اتجننتي
سلوي بنفس الصراخ وقد ظهرت نبرة الكره واضحه في صوتها : أنا ابقي مجنونة فعلا لو سمحتلها تفضل هنا في القصر ثانية واحدة
وقف عاصم يطالعها باعين الشك وينظر الي ابنته شيرين التي تبكي بصمت وملامح التشتت واضحة عليها لاول مرة يري شيرين ابنته القوية بذلك الضعف
تجهمت ملامحه وهو يتابع صراخ سلوي الذي بدي له انه صراخ غير طبيعي للوصول للهدف الرئيسي وقد أصاب ظنه ها هو سالم ينزل من جناحه
سلوي بصوت الافعي خاصتها وهي تبكي بدموع مزيفة  : الحقني يا بابا شوف بنت فريدة عملت فيا ايه كانت عاوزه تقتلني مش مكفيها انها خطفت خطيب بنتي لا عاوزه تموتني كمان علشان توصل للقصر هي هتجيبه من بره طالعه لامها
اماليا بصوت عالي دون مراعاة لوجود احد : اخرسي  امي اشرف منك ومن اللي .......
ليسحق سالم جدار السلم الخشبي الذي يستند عليه في قبضته صارخا بكل قوته
آمالياااااااااااااا
لم تهتم اماليا لصراخ جدها الذي رج القصر لتنظر له ببرود وقد ظهرت القوة بداخلها وخرجت للنور اخيرا ابتسمت له بتحدي : أنا مش ندمانه علي ردي لها يا سالم بيه ومش هسكت لاي حد يحاول يهين امي بكلمة واحدة حتي لو كان مين
ضرب سالم بيده علي جدار السلم : اخرسي يا وقحة وأعرفي اني جدك وتأدبي في الكلام مع الكبار
لم تختفي الابتسامه من علي وجهها بل ازدادت لتقول بنفس التحدي : طبعا لازم اتأدب في الكلام مع الكبار وبالأخص انت يا جدي الرجل اللي عطفت علي حفيدتك وسمحت انها  تعيش معاك في القصر وتكبر هنا

منير بصوت هادئ وهو يقترب من اماليا يربط علي كتفيها : اهدي يا اماليا وقولي الحقيقه
نظرت له اماليا بأعين متسعه : اقول الحقيقه  حتي انت كمان ياعمي  لتشير الي عمتها الجالسه  وتقول : الحقيقه واضحه وضوح الشمس يا عمي انت عارف تربيتك ليا السنين دي كلها مينفعش تيجي دلوقتي وتشك فيها
منير بحكمة يحاول ان يسيطر علي النيران التي ستشتعل في اي لحظة : أنا مش بشك فيكي يا حبيبتي أنا واثق من تربيتي ليكي لكن أنا عاوز افهم  الحقيقه  الموضوع مش سهل عمتك سلوي بتقول انك حاولتي تقتليها
ابتسمت اماليا وقلبها بدأ ينزف ولكنها أبدا لن تنهار امامهم  نظرت الي شيرين الواقفه تنظر في الارض وحالة الصدمة مسيطرة عليها ثم تنظر لعمها منير وهي تقول له : لو قولت ان عمتي كدابه هتصدقني
منير بدون تفكير : طبعا هصدقك وهقف معاكي وهنوصل للحقيقه سوا
أماليا بحب : وانا مقدرة كل اللي عملته علشاني يا عمو
ليقاطعهم صوت  جدها القاسي : وانتي مقدرتيش ليه اللي عملته أنا ليكي بالعكس طلعتي كدابة وانتي السبب في كل الخراب اللي مر علينا والانقلاب اللي حصل بسببك وبعد حفيدي ادهم عني وخروجه من تحت طوعي انتي السبب في كل كارثه حلت علي القصر
ليكمل بصراخ وهو يقول لها : كل الثروة اللي عملتها في حياتي انتي ضيعتيها في ايام بتهورك وطيشك وغباءك
لترد عليه بصوت عالي أذهله: منتا رضيت بالظلم يا سالم بيه
فرقت بين الأحفاد في المعاملة والمناصب
أنا صحيح كبرت هنا لكن كل لحظة عشتها هنا كنت بندم اني ماخدتش قرار اني امشي من القصر  متفكرش اني كنت عايشه أنا وامي في جنة السيوفي احنا كنا عايشين في الجحيم بعينه
سالم وما زال محتفظ بقوته وقسوته : وانا بحققلك  رغبتك  آخر يوم ليكي في الجحيم هيكون اليوم وصله صوت شهقات الجميع اتسعت أعين منير هو متأكد ان القادم لا يبشر بالخير أبدا  ليقول : لا يا بابا اكيد انت متقصدش
أجابت اماليا بدلا عن سالم : لا يقصد يا عمي سالم باشا بيطردني من القصر وبشكل واضح وصريح مالهاش اي تفسير تاني
نظر منير والجميع الي سالم وهو في حالة صدمة : لا يا بابا اكيد انت بتهدد صح أنا اوعدك انها مش هتكرر اللي حصل ده
رفع سالم نظراته من علي حفيدته التي لم تتأثر بحديثه بل قابلته بشجاعه كبيره ثم نظر الي سلوي الجالسه علي الأريكة تنظر له بنظره خبيثه ليلمح تلك الزجاجه الصغيره المتعلقه في سلسال حول رقبتها  التي تتلاعب بها
ليكمل بصوت أراد ان يكون اقوي ليحسم الجدال : اللي قولته واضح زي الشمس  مالكيش مكان هنا في القصر
صدمة وعدم تصديق لما سمعوه
منير الواقف بصدمة كبيره كيف لوالده ان يعيش بذالك الحجر الذي ينبض بداخله
اقتربت اماليا من جدها وهي تقول بابتسامة ظهرت حزينة علي الرغم من محاولاتها الفاشله في ادعاء القوة : عمري ما اعتبرتك جدي مش هنكر اني دايما كنت مستنيه اليوم اللي تحن عليا وتعترف بيا اني بنت مراد ابنك اللي ضحي بحياته علشان انت تعيش اللي طردته من القصر عشر سنين لمجرد انه حب واتجوز بعيد عن رغبتك موته بالحيا واختار انه يموت ويسيبنا وانت تعيش فكرت كتير اوي انك ممكن تتراجع وتحاول تعوضني عن حنان الأب كنت محتاجه لعطف منك واحتواء يا جدي كنت محتاجه الجأ لك وقت ما حفيدك قرر يعقد صفقة جوازه مني لكن انت كنت دايما مصدر رعب ليا هنا في القصر
انت السبب في موت ابنك وهتكو انت السبب في موت حفيدتك وامي مش هتعرف تعيش من بعدي دمرت أسرة كاملة  بقسوتك وظلمك ياريتك كنت انت اللي موت وبابا اللي عاش علي الاقل لا كنت هقابلك ولا كنت هقابل  حفيدك اللي ميختلفش عنك كتير
صدقني اليوم انت حررتني من الخوف أنا ارتاحت لاني هبعد عن الظلم والقسوة والمرض النفسي ولو ليا عمر باقي هيبقي بعيد عن القصر وهتمني انك تموت اللي زيك يا سالم بيه عمره مش طويل وانا عمري ما هترحم عليك
كانت النظرات بينهم تحكي الكثير الكره واضح في عيناها
قاطع سيل النظرات منير الذي تقدم من والده : يابابا ارجوك دي خطوة موت أنا مش هسمح ان بنت اخويا يحصلها حاجه
رفع سالم يده في وجه منير : مش عاوز كلام كتير قرار واخذته انتهي
منير بجنون : دي مرات ابني وادهم لو عرف ده هيهد القصر لو اللي قولت عليه ده اتنفذ ممكن تحصل حرب هنا  أنا مش هنفذ الجنان ده
سالم بصوت عالي : اللي قولت عليه يتنفذ مش معني ان نمت كام يوم تفكروني خلاص راحت عليا لا أنا سالم السيوفي ومش هتغير وكلمتي فرمان يتنفذ ومش معني اننا في حالة طوارئ هيبقي القصر في فوضي لا القوانين زي ماهي في القصر
استدار سالم يعطيه ظهره ويصعد الدرج  حتي وصل جناحه ليغلق الباب وهو يستند عليه وضع يده علي الجانب لأيسر من صدره الصلب القاسي ليتألم بشدة لقد أصابته كلماتها في مقتل كيف عليه ان يترك حفيدته في مواجهه الموت لو ظلت هنا فهي معرضه للقتل بالتأكيد ليصمم علي خروجها فعندما يصل لادهم ما حدث سيأتي علي الفور ويحميها عليه ان يحمي كل أفراد أسرته من خطر ابنته المريضة نعم مريضه فهو متأكد ان ذلك  أعراض الهوس  المرضي

وقفت اماليا خلف باب الحمام تطرق الباب علي والدتها المنهارة بالداخل لتقول اماليا ببكاء : ياماما ارجوكي افتحي الباب صدقيني اني امشي من هنا ده القرار الصح ياماما أنا مش قادرة أتحمل صوتك وحالتك دي اخرجي هنتكلم بعقل اوعدك والله اني هرجعلك وانا بخير وكمان اهل الحارة منتظريني وانا اتاخرت عليهم لتقف عدالة بجانبها وهي تقول بصوت يحمل الكثير : كلنا هنا هنحمي بنتك من اي خطر صدقيني منير مش هيسمح لها تمشي حتي لو اضطرينا نمشي كلنا من القصر ظلت فرح ونانسي واقفات يتابعن بصمت ينظرون الي بعضهم بملامح ميؤس منها تحولت اخيرا الي ابتسامة واسعه عندما استمعوا لصوت الباب يفتح
جرت اماليا تحتضن والدتها ليبكوا بصوت عالي
اماليا وهي تمسح الدموع من عيناها ثم تمسك برأس والدتها بكفيها : بصيلي يا ماما
لترفع فريدة نظراتها الي ابنتها تنفذ ما طلبته
اماليا بقوة وشجاعه : أنا اماليا مراد السيوفي
مراد السيوفي اللي فضلتي تحكيلي عنه قد ايه هو شجاع وقوي وقد المسؤليه ومستحيل يرجع في وعد اخده علي نفسه أنا لازم اكمل مسيرة مراد السيوفي أنا اقوي من اي حد ولازم انهي اللي بدأته لازم احرر البلد من الملك وأعوانه الخونة  الحارة محتجاني والحمد لله ان ده حصل علشان ارجع الأمن والامان لحياتنا
اوعدك اني هكون بخير وهرجعلك بعد ما ارجع حق بابا
اغمضت فريدة عيناها من شدة ألم الزكريات القاسية التي طافت بقلبها وجع قوي داهمها وهي تعود بذاكرتها الي الايام السعيده التي جمعتها مع حب عمرها الفرح والحزن الذي تشاركته معه دموعهما اختلطت معا متمسكان بأيدي بعضهما حتي جاء امر  المصير المحتم ليترك يدها ويرحل
اخرجها من ذكرياتها سؤال عدالة : ناوية علي ايه يا اماليا
اماليا بغموض : هرجع للحارة وطبعا مش لازم اي حد غيرنا هنا يعرف اي حاجه
شعرت فريدة بغصة تكاد تقضي عليها لتقول بصوت متحشرج : أنا هاجي معاكي مستحيل أسيبك تروحي للموت برجلك
بذلت اماليا جهدا خرافيا لتتماسك امامها وهي تقول بصلابة : مينفعش ياماما مش لازم يكون ليا نقطة ضعف أنا لازم اكون لوحدي هعرف اتصرف وجودك هيبقي خطر عليا قبل ما يكون خطر عليكي
اخذت فرح نفسا مرتجفا وهي تقول : انتي نسيتي ادهم ده لو الخبر وصله هيقلب القصر علينا
اماليا بتصميم : أدهم مالوش علاقة بيا في الوقت ده هو اختار وانا اختارت وكل واحد فينا طريقه عكس التاني
ظلت عدالة تنظر لها طويلا وهو تقول : بخروجك من هنا يعني انتي كده بتطلبي النهاية بينك وبينه
نظرت اماليا لها ثم لفرح ونانسي الباكيات والي والدتها الساكنة في مكانها لتقول اخيرا بصوت اجوف : أنا اخذت قراري ومش هرجع فيه لازم اكون جاهزة ومستعدة لتتركهم اماليا وتدخل الحمام وتغلق الباب خلفها لتنهار قواها وهي تجلس علي الارض تكتم شهقاتها كانت تحتاج حقا ان تختلي بنفسها دقائق لتعيد ترتيب افكارها  لتمسح دموعها وهي تخرج الهاتف من ملابسها ثم من السلسال حول رقبتها فتحته لتخرج منه ورقه صغير بيضاء اللون مكتوب عليها رقم اتصلت عليه أتاها صوت المتحدث
اماليا بابتسامة غامضه : لسه عند وعدك ليا يا رحيل
........
اماليا : تمام
لتغلق  الهاتف وتعيد تلك الورقة البيضاء داخل السلسال وهي تنظر الي الفراغ بنفس الغموض

يتبع #######

حفيدة الملك (آماليا)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن