أول وجهة - مصر -

376 21 6
                                    

بداية الرحلة

هبطت من الطائرة تكاد تنفجر غيظا، جلست تستنشق الهواء في مقاعد الانتظار ولو كان الهواء بالميزان لاستنفذته كله واختنق باقي الناس،
راحت تخاطب نفسها بصوت مرتفع دون أن تشعر لشدة غضبها : هذا إهمال، إهمال تام، هل أنا الوحيدة التي شعرت بهذا الحر ..كيف يحدث هذا لي وأنا التي أمتلك طائرة خاصة ثم...

توقفت عن الحديث حين شعرت بعيون تحملق فيها فنظرت يسارها لتجد شابا يجلس على الكرسي بجوارها يبدو في أواخر العشرينات، ذا شعر بني يميل للون البرتقالي وعيون عسلية ساحرة وبشرة صافية قامته وبنيته معتدلة يرتدي سروال جينز وسترة طويل زرقاء يضع ساقا فوق الثانية ويحمل بين يديه كتابا مفتوحا لكنه لا يطالعه بل يطالعها هي بنظرات لا تدل على شيء فتعجبت من وقاحته هذه في التحديق بها رغم نظرها له، وبدى أنه لن يشيح نظره عنها فوقفت من مكانها لتجلب شيئا تشربه وهي تتمتم بغيظ : يكاد يلتهمني بعينيه.. من الواضح أنه متحرش ما.. كل الأماكن خلفي تعج بالرجال لكنه يجلس بجانب الفتاة الوحيدة هناك

عادت بعد أن ابتاعت علبة عصير وقد تمالكت أعصابها أخيرا، فتبين لها مكان جلوسها من بعيد ولم يكن الشاب موجودا فشعرت بالارتياح واتجهت لتأخذ حقيبتها ثم جرتها مغادرة، اختارت أفخم فندق في مصر وأتمت معظم الإجراءات فسألتها الموظفة أخيرا عن طريقة الدفع التي تريدها، رفعت جونا يدها بغرور وردت : أمهليني لحظة.. سأخرج بطاقتي..

وكانت تضعها في الجيب الخارجي للحقيبة الوردية، مرت لحظات استعجلتها خلالها الموظفة لكثرة النزلاء خلفها، لكن جونا اعتدلت مغتاظة تقول : ألا يعلمونك الصبر.. أمهليني دقيقة.

جثت على ركبتيها بعد ذلك لتفتح الحقيبة لربما أخطأت ووضعت محفظة يدها بالداخل لكنها صرخت فجأة صرخة مدوية، أسرع أقرب الموظفين ليدنو منها فزعا لكنها راحت تتلمس الأغراض الرجالية أمامها وهي تردد بصدمة : أين أغراضي..؟ كأسي ..فرشاتي.. منامتي.. والأهم.. محفظتي؟؟؟

اختفت النظرات القلقة من وجه الموظف الذي اقترب منها وقام قائلا بصرامة : آنستي هذا الفندق هو الأكبر في البلاد، لا وقت لدينا لألاعيبك.. إذا لم تملكي المال فتفضلي للخارج.؟

وقفت غاضبة تقول : هل أبدو محتالة لكم؟؟

رد : لا يملك المحتالون شكلا معينا..

هاجت وماجت لكن دون جدوى.. وجدت نفسها ملقاة في الشارع مع حقيبتها، وظلت تتهدد وتتوعد بأنها ستغلق فندقهم وتدمر سمعتهم، ثم لملمت نفسها وسارت مبتعدة لا تدري أين تذهب، حتى أرهقها السير، فجلست على مقعد الحديقة وانتزعت حذاءها ذو الكعب العالي لتدلك قدمها التي تورمت من السير، إنها لا تعرف أحدا هنا، ولا تملك أي غرض فماذا تفعل؟ وبينما تتمتم بغيظ صاحت فجأة : على أي حال أين هي أغراضي؟؟ كيف استبدلت؟؟ مهلا لحظة

ستة قلوب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن