عودة المتسلطة

89 17 8
                                    

بعد وقت طويل من العملية كان الدكتور يزن يسير برفقة مساعده نحو غرفتها ليتفقداها.. كان الأخير يقول : لا أعتقد أن هذا موعد استيقاظها..

وتجاوزا الباب وهو يردد : فالجرعة التي أخذتها تستغرق...

لكنه توقف عندما شاهد سريرها خاليا، نظر حوله في صدمة., " أين اختفت" لكن الدكتور يزن خرج مسرعا يأمره بأن يبحث عنها من ذاك الاتجاه وانطلق هو في اتجاه آخر.

بينما كانت جونا تجلس القرفصاء في زاوية إحدى ممرات المستشفى أمام طفل صغير يقف هناك، حملقت فيه حتى أقلقته ثم قالت أخيرا بصوت عطوف : أوه ما أجملك من طفل.. لماذا تقف هنا وحدك؟ أين أمك ؟

رد عليها بحروف متقطعة : أنا أنتظر أمي..

اشتد إعجابها حين تكلم فقالت بعيون مليئة بالحب : ولماذا تركتك هنا ؟

ـ ستجلب حقيبتها وتعود ..

وقفت لتقترب منه أكثر وهي تقول : لأنك ولد جميل جدا دعني أبتاع لك بعض الحلويات..

لكن صوتا قاطعها قبل أن تمسكه ينادي عليها بحدة " جونا "

التفتت لتجد خلفها الدكتور يزن يرمقها بنظرات قلقة ثم اقترب معاتبا : ما هذا التصرف الطائش؟؟ جرحك لم يلتئم بعد سوف تتسببين بفتحه

لم تبالي بالغضب البادي على وجهه بل قالت بهدوء : كنت أخاطب هذا الصغير.. أظنه ضاع عن أمه

ـ صغير ؟؟؟

حملق يزن في وعاء القمامة الذي كانت تضع يدها عليه متبسمة واستغرق يستوعب ما يراه طويلا، غير أنه أسرع ليجذبها حين راحت تعانقه وهي تردد بحب" أنا لا أحب الأطفال عادة لكن هذا الطفل جميل.. جميل "

اختفى غضبه وقلقه وهو يجذبها بصعوبة بينما يتمتم " لم أكن أعلم أن المخدر يسبب الجنون "

وأبعدها أخيرا فراحت تلوح له وهي مغادرة، توقف عن سحبها حين ابتعدا فنظرت إليه لتقول وهي تستند على ذراعه : لماذا أبعدتني عنه.. لقد كنت..

توقفت عن الكلام فجأة وحدقت في وجهه ثم تلألأت عيناها فارتاب من نظراتها لكنه لم يتوقع أن تمسك وجهه بدون مقدمات وقالت : أنت جميل حقا.. هل أخبرتك بهذا من قبل ؟

ابتلع ريقه ثم تسارعت ضربات قلبه، واشتد ارتباكه أكثر حين راحت تقترب منه وهي تقول : لديك عيون جميلة حقا..

ولامست خصلاتها وجهه فانقطع الهواء عن رئتيه لكنها أفزعته حين صاحت فجأة : إنه ذلك الطفل الصغير..

ستة قلوب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن