رصاصة في العراق

124 17 11
                                    

جلست في مقاعد الانتظار في المطار بجانبها رفيقتها " الحقيبة الزهرية " وقد عزمت على العودة إلى منزلها بعد هذه الرحلة الخطيرة.. لقد أدركت أولوياتها جيدا ولا تريد في تلك اللحظة سوى رؤية والدها وبينما تنتظر الطائرة التي تعيدها إلى موطنها حملت هاتفها لتتفقد الأحوال قبل العودة.. بعد بضع كبسات قربت الهاتف من أذنها فصدر صوت من الطرف الآخر هادئ بح يقول: منزل السيد زياد عبد الرحمن..

شعرت بالكثير من الحنين ونطقت تمسكه بصعوبة: كيف حالك خالة سناء

ـ جونا ؟ هذه أنت ؟ كيف حالك يا بنيتي ألم تفكري في الاتصال طوال الأشهر الثلاث أيتها الشقية ؟

ـ عليك أن تعترفي بأنك ارتحت خلالها

ـ بشكل لا تتخيلينه

تبسمت جونا وقالت : أرى أن أبي لم يعد بعد لذا أفكر في العودة قبل أن يكتشف غيابي..

هتفت السيدة من خلف الهاتف قائلة: أوه لا لقد عاد والدك قبل يومين وغادر مباشرة في اليوم التالي

دفعت جونا الحروف خارج حلقها بصعوبة لتقول: ألم.. يكتشف غيابي؟

ـ تعرفينه دائم الانشغال، لم يجد الوقت حتى ليأكل جيدا.. ثم لا تقلقي إنني أتستر عليك فلن يشك في كلامي

ـ ألم ..يطلب رؤيتي ؟

ـ كما قلت، لقد كان شديد الانشغال

صدر صوت بعض الخدم من خلف الهاتف ثم صوتها توجه لهم التعليمات فتمتمت جونا بصوت خال من أي عبث: يبدو أنك شديدة الانشغال أيضا..

أقفلت الهاتف ثم همست لنفسها " لا أفهم فيما الانشغال والمنزل خال من أهله

ثم وقفت تصطنع البهجة مرددة : حسن.. بما أنه لم يكتشف أمري فلا داعي للعودة

وجرت حقيبتها لتحجز رحلة ثانية غير أن الابتسامة سرعان ما اختفت، لم تفهم لما أثر فيها ما حدث.. يغيب والدها عادة أكثر من هذا، ثم حتى لو كان حاضرا، فإنهما نادرا ما يجتمعان فلماذا آلمها عدم سؤاله عنها، لم تفكر أكثر من هذا بل هتفت " إلى العراق إذا "

لم تحط في العاصمة هذه المرة بل في محافظة ذي قار، ثم انطلقت نحو محافظة المثنى من أجل زيارة بحيرة ساوه هناك، لقد سمعت بأنها لؤلؤة الصحراء وموطن الطيور النادرة والأسماك المتنوعة يجب أن تراها بعينها .. حطت السيارة التي استقلتها في موقف السيارات فنزلت تجر حقيبتها تدور في المكان باحثة عن سيارة أخرى لتأخذها إلى البحيرة.
سارت قليلا فوقع بصرها على شاب يجلس على أحد أسوار حديقة قريبة، يطالع كتابا بين يديه بجانبه كوب شاي ضخم يكاد يكون طستا ،طويل القامة فاتح البشرة شعره بني يميل للشقرة وعيونه بنية غامقة فوقها نظارة جميلة ملامحه الجميلة توحي باللطف والطيبة فشجعها ذلك على الاقتراب منه لتسأله " احم.. معذرة ،هل يمكنك أن تدلني على طريقة للوصول إلى بحيرة ساوه ؟

ستة قلوب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن